طالبو اللجوء من الأطفال غير المرافقين ببالغين: عمليات مَعيبَة وثغرات حمائية في المملكة المتحدة

 من واقع خبرتي بصفتي محامية مختصة بالهجرة ووكيلة للترافع عن طالبي اللجوء من الأطفال، رأيت عيوباً كبيرة في العمليات ، ومن شأن تلك العيوب أن تُؤثِّر على مستقبل هؤلاء الأطفال.

في كل عام، تدخل أعداد غير معروفة من الأطفال المهاجرين غير المصحوبين ببالغين إلى المملكة المتحدة. [1]  وفي بعض الحالات، تعرَّض هؤلاء الأطفال إلى الاتجار بهم، أو العمالة، أو الاستغلال الجنسي.  وفي حالات أخرى، غادر الأطفال بلدانهم برغبة منهم أو برغبات من ذويهم أو أولياء أمورهم إمَّا توخياً لحمايتهم من الاضطهاد أو نظراً للظروف الاقتصادية الصعبة التي يمرُّون بها.  وكان بعضهم من ضحايا العنف الأسري أو من المتَّهمين بممارستهم السحر والشعوذة. 

وتمنح المملكة المتحدة كغيرها من البلدان الأوروبية "طالبي اللجوء غير المصحوبين ببالغين"[2] أولوية تفضيلية على غيرهم من طالبي اللجوء من حيث خدمات الاستقبال و إجراءات معالجة طلباتهم.

خدمات الاستقبال: تقع مسؤولية طالبي اللجوء من الأطفال غير المصحوبين ببالغين على مديرية الخدمات الاجتماعية التابعة للسلطة المحلية في المنطقة التي يوجد فيها هؤلاء الأطفال.  وعادةً ما يوضع هؤلاء الأطفال ممن هم دون سن السادسة عشرة إمّا في بيوت أسر تتبناهم أو في مراكز للرعاية.  أمّا بالنِّسبة لمن هم أكبر من ذلك السن، فهناك ترتيبات أخرى لسكنهم منها، على سبيل المثال، شقق السكن المشترك أو السكن الخاضع للإشراف.  وفور حصول الطفل على السكن، سيترتب على السلطة المحلية بعض الواجبات المستمرة لحماية رعاية الطفل وتعزيز رفاهه وتوفير حزمة مناسبة من الدعم وإجراء المقابلات معهم بانتظام لضمان تلبية حاجات الطفل.  وعموماً، لا ينبغي معاملة طالبي اللجوء من الأطفال غير المصحوبين ببالغين بصورة مختلفة عن التعامل مع الأطفال البريطانيين ممن يُرسَلون إلى دور الرعاية.

إجراءات اللجوء:  يخضع طالبو اللجوء من الأطفال غير المصحوبين ببالغين إلى إجراء لتحديد حالة لجوئهم، وقد صمم هذا الإجراء بحيث يكون أكثر ملائمة من الإجراء الاعتيادي المتبع مع الفئات الأخرى من طالبي اللجوء نظراً لأنّ طالبي اللجوء في حالتنا هذه هم من الأطفال.  ويُمنح هؤلاء الأطفال حق الحصول على العون القانوني لتحضير دعاواهم، ويحق لهم أن يصَاحبوا للمقابلات وأن يحصوا على تمثيل قانوني لهم في محاكم الاستئناف، وأن تُقيَّم دعواهم من قبل وحدة مختصة بشؤون الأطفال.  وبالإضافة إلى ذلك، يجب أن يكونوا بمنأى عن الاحتجاز الأمني على خلفية الهجرة.  وفي حالة صدور قرار لا ينصب في مصلحتهم (كرفض طلب اللجوء) فمثل هذا القرار دائماً ما يكون أقل حدة على المدى القصير من القرار الذي قد يتخذ في حالة البالغين، فالأطفال يُمنحون إذناً تقديرياً للمكوث إلى أن يصلوا سن السابعة عشرة والنصف في حالة لم تكن هناك أي ترتيبات جاهزة لاستقبالهم في بلادهم. [3] ويعني ذلك منح هؤلاء الأطفال حق العيش والدراسة والعمل في المملكة المتحدة إلى حين بلوغ السن المذكورة.

 

المشكلات لتي تعتري الممارسات الحالية

من أكثر القضايا التي تُثار بشأن طالبي اللجوء من الأطفال غير المصحوبين ببالغين تحديد ما إذا كان هؤلاء أطفال فعلاً أم لا.  وفي الحالات التي يُشك فيها في عمر طالب اللجوء من الأطفال، قد يعامل الطفل على أنّه بالغ.  وتبقى كثير من المشكلات الخاصة بالعمر دون حل.  ولذلك، ترى وزارة الداخلية أنّ المشكلة الرئيسية تكمن في البالغين الذين يدّعون أنّهم أطفال ليتمكنوا من الحصول على الخدمات والدعم التي لا يحق لهم الحصول عليها كبالغين.  ومع ذلك، ترى السلطات المحلية أنّه من مصلحتها الاقتصادي والعملية على حد سواء عدم قبول طالبي اللجوء اليافعين ضمن برنامج الرعاية طويل الأمد.  والسلطات المحلية هي التي تجري التقييمات قبل إرسالها إلى وزارة الداخلية التي ستعتمد عليها في تحديد مصير طلب اللجوء المقدم.

لكنَّ صلاحية السلطات المحلية في إجراء تخمينات السن تثير تضارباً كبيراً في المصالح.  ومن المآخذ المسجلة على هذا الأسلوب أنه يعتمد على التقدير الذاتي غير القائم على أسس موضوعية وبذلك فهو عرضة للخطأ لعدة أسباب منها الشك في أغلب الأحيان في الوثائق المحددة للعمر، وصعوبة الحصول على إفادات متّسقة من الأطفال ممن يتحدثون من خلال المترجمين، وممن يتّبعون نظاماً تقويمياً غريباً أو ممن يفتقرون إلى التعليم.  كما أنّ الباحثين الاجتماعيين يفتقرون إلى المهارات الرئيسية والخبرة اللازمة لإجراء التخمينات اللازمة فيعتمدون في تقييم السن اعتماداً كبيراً على المظهر الجسدي أو على ما يعّده المجتمع مناسباً لسلوك فئة عمرية ما.  ومن المآخذ الأخرى أيضاً تُعرِّض الأطفال في بعض الأحيان للذعر ما يمنعهم من وضع ثقتهم في البالغين فيستمرون في تكرار ما أملاه عليهم المهرّبون أو ذووهم.

وهناك أيضاً عيوب في عملية صنع القرار حول طلب اللجوء فهي لا تضع بالحسبان عند تقرير مدى صدق رواية الأطفال طالبي اللجوء، أنّ هؤلاء هم مجرد أطفال.  وبهذا السياق، تشير المفوضية العليا للاجئين (المملكة المتحدة) في تقريرها السادس حول بادرة الجودة إلى أنّه:

في بعض الدعاوى، يلاحظ أنّ القائمين عليها يعمدون على الخصوص إلى إيجاد بيئة مثالية لإجراء مقابلة الطفل واستجوابه بطريقة مناسبة لتسهيل تعبير الطفل عن نفسه والإفصاح عن البيِّنات.  ومع ذلك، فقد وجدت المفوضية العليا للاجئين من خلال تقييمها للمقابلات الإحدى والعشرين عدداً من الممارسات التي لا تنسجم مع مصالح الأطفال، بل تحرم الطفل من حرية التعبير عن الأسباب التي دعته لطلب اللجوء، وقد تخفق تلك الممارسات أيضاً في ضمان الانتباه إلى أي نقاط للتعرض للطفل أو حاجاته الخاصة. [4]

ولغاية وقت قريب، كانت الممارسة الشائعة لمحامي الهجرة أثناء التقاض الحصول على تقارير من اختصاصيي طب الأطفال لتخمين السن.  ومع ذلك، يُراعى في هذه التقارير احتمال وجود هامش للخطأ بمقدار سنتين أكبر أو أقل من السن الحقيقي، فهي بذلك لا يمكن أن تُعدّ دليلاً قاطعاً على السن ولا ينبغي أن تُؤخذ بالاعتبار إلاّ جنباً إلى جنب مع الأدلة الأخرى المقدمة.

وقد يترتب على نتائج تخمين السن تبعات خَطِرَة على عدد كبير من طالبي اللجوء من الأطفال غير المصحوبين ببالغين، فالتخمين يحدد المدة التي يمكن لطالب اللجوء أن يتمتع خلالها بالدعم وحق البقاء في المملكة المتحدة.  وفي عام 2008، مُنح حق اللجوء لما نسبته 8% من طالبي اللجوء من الأطفال غير المصحوبين ببالغين، في حين مُنح 53% إذناً تقديرياً بالبقاء في القرارات المبدئية. [5]  وفضلاً على ذلك، في حالة رفض طلب اللجوء ومنح الإذن بالبقاء لمدة تقل عن سنة، لن يكون للطفل طالب اللجوء حق الاستئناف. 

وفي حالة تقرر أنّ طالب اللجوء بالغ فقد يتعرض للاعتقال، والأسهل من ذلك للترحيل إلى بلد آخر من بلدان الاتحاد الأوروبي بموجب أحكام لوائح دبلن-2[6]  أمّا في حالة رفض منح اللجوء، فقد يغادرون إلى بلدانهم أو يُتركون في وضع مستضعف ومدقع في المملكة المتحدة.

ويعاني كثيرٌ من طالبي اللجوء من الأطفال غير المصحوبين ببالغين من عدد من المشكلات بخصوص وعيهم بحقوقهم ونفاذهم الملائم للرعاية والدعم، وتتفاقم هذه الصعوبات مع حقيقة أنَّ هؤلاء الأطفال بمن فيهم الذين مُنحوا إذناً تقديرياً لا يتلقّون الوصاية القانونية (أي تعيين شخص من قبل المحكمة ليمثّل مصالح الطفل)، على النقيض مما هو متبع في البلدان الأوروبية الأخرى.[7]

ومع وصول الطفل طالب اللجوء لسن السابعة عشر وستة أشهر، يمكنه أن يقدم التماساً بالمكوث لفترة أطول، لكنّ مثل هذا الطلب عادة ما يلقى الرفض من قبل وزارة الداخلية إلاّ إذا ثبت أنّ ترحيل صاحب الطلب إلى خارج المملكة المتحدة سيكون فيه انتهاك للمعاهدة الأوروبية حول حقوق الإنسان، خاصة منها حق الخصوصية في الحياة والحياة العائلية بموجب المادة 8 من الاتفاقية.  وهناك عدة أسباب لرفض اللجوء منها أنّ صاحب الطلب قد أصبح الآن بالغاً ولم يعد بحكم ذلك بحاجة إلى رعاية، أو أنّه لم يؤسس حياة خاصة أو حياة عائلية (بحكم قصر الفترة التي قضاها في هذه البلاد)، أو عدم وجود أفراد من أسرته يعيشون في المملكة المتحدة.  كما تقدم وزارة الداخلية المعلومات حول العودة الطوعية، بالتعاون مع منظمة الهجرة الدولية.  وهناك كثيرٌ منهم إن لم يكن معظمهم من طالبي اللجوء الأطفال غير المصحوبين ببالغين السابقين ممن رُفض أيضاً طلب بقائهم في البلاد، وبذلك فهم يقيمون في المملكة المتحدة دون حصولهم على أي دعم كان، محرومين من القدرة على الاستمرار في التعليم، وعادة ما لا يكون الاتصال قائماً بينهم وبين السلطة المحلية أو محاميهم.

 

التوصيات:

يُعدّ الأطفال واليافعين الخاضعين إلى ضوابط الهجرة من الفئات الضعيفة على وجه الخصوص لاعتماد نفاذهم إلى الخدمات الاجتماعية اعتماداً كاملاً على حصولهم على الصفة القانونية والمحافظة على هذه الصفة.  ومع ذلك، رغم الأحكام الخاصة واجبة التطبيق في حالة طالبي اللجوء من الأطفال غير المصحوبين ببالغين، ما زالت المنهجية المعتمدة في التعامل معهم مبنية على النظر إليهم بصفتهم مهاجرين قبل النظر إليهم باعتبارهم أطفال.  ولإقامة نظام حماية فعّال يستفيد منه طالبوا اللجوء من الأطفال غير المصحوبين ببالغين وكذلك اليافعين البالغين على حد سواء، فلا بد من إتباع الخطوات التَّالية:

  • إجراءات تخمين السن

مما ينبغي فعله عند تخمين السن، على سبيل المثال، متابعة سلوك الطفل أو اليافع لبضعة أيّام وعلاقاته.  ولهذه الغاية، لا بد من إتاحة الإرشاد اللازم، والتدريب، والدعم للباحثين الاجتماعيين المعنيين في عملية تخمين السن التي يجب أيضاً أن تتيح المشاركة من قبل جميع من لهم دور في حياة الطفل، ومنهم على سبيل المثال المختصون الصحيون، والمختصون النفسيون، والمعلمون، والعمال الشباب وغيرهم.  كما ينبغي أيضاً الاستناد عند تخمين السن إلى جميع المعلومات التي قد تكون مهمة في اتخاذ القرار، ويتضمن ذلك بيِّنات طب الأطفال، والبيِّنات الطبية عند توافرها.  ومن المفيد أيضاً وجود هيئة مستقلة لتحديد العمر لأنّ وجود مثل هذه الهيئات سيساعد مراكز تخمين السن الإقليمية على تقديم خدمة موحّدة موثوق بها لا تقبل الطعن من قبل الجهات الأخرى؟

 

  • تزويد السلطات المحلية بالتمويلات اللازمة لتقديم مجموعة مناسبة من خدمات الدعم والرعاية.
  • تعزيز التعاون بين مسؤولة الهجرة والمحامين الممثلين لطالبي اللجوء من الأطفال غير المصحوبين ببالغين.
  • التصدي للفجوة التشريعية المتعلقة بكيفية حماية اليافعين عند استنفادهم لجميع حقوقهم في الاستئناف وانعدام قدرتهم على الحصول على الصفة القانونية.
  • منح الحماية الدائمة لطالبي اللجوء من الأطفال غير المصحوبين ببالغين ممن وقعوا ضحايا للاتجار.
  • إقامة نظام رسمي لاحتضان طالبي اللجوء من الأطفال غير المصحوبين ببالغين وذلك من قبل هيئة تشريعية بهدف رعاية المصالح الفضلى للطفل وتعزيز العلاقة بين جميع مزوّدي الخدمات والدعم.  وينبغي أن يُتوقّع من ولي الأمر الوصي على الطفل التدخل في حالة مخالفة الجهات الرسمية لواجباتها القانونية تجاه الطفل. 

 

كاتيا بيانشيني (kb726@york.ac.uk) محامية مختصة بشؤون الهجرة لدى مكتب توربين آند ميلر للخدمات القانونية، أكسفورد، المملكة المتحدة، وهي باحثة في مستوى الدراسات العليا في كلية القانون في جامعة يورك، المملكة المتحدة.



[1] لا يمكن توفير الإحصاءات إلاّ للمتقدمين بطلبات اللجوء (يقدر عددهم بـ 4,285 عام 2008).  يضاف إلى هذا العدد 1400 آخرين ممن شُكّك في أعمارهم فعوملو على أنّهم بالغين.

[2] الأطفال دون سن الثامنة عشرة ممن يصلون إلى المملكة المتحدة، ويطلبون اللجوء دون أن يكون أي فرد بالغ من أفراد عائلتهم بصحبتهم أو موجود في المملكة المتحدة ويمكن الانضمام إليه.

[3]   Heaven Crawley, When is a child not a child? Asylum, age disputes and

the process of age assessment, (متى لا يكون الطفل طفلاً؟ اللجوء، والنزاعات حول السن، وعملية تحديد السن.)Immigration Law Practitioners’ Association 2007, p152. http://www.ilpa.org.uk/publications/ILPA%20Age%20Dispute%20Report.pdf

 

UNHCR Quality Initiative project. Key observations and recommendations April 2008 – March 2009[4] (مشروع مبادرة الجودة للمفوضية العليا للاجئين. الملحوظات والتوصيات الرئيسية للفترة نيسان 2008-آذار 2009)

http://www.unhcr.org.uk/fileadmin/user_upload/pdf/6_QI_Key_Observations_Recommendations6.pdf

[5]  المركز القانوني للأطفال، ورقة الحقائق.

http://www.childrenslegalcentre.com/Migrant+Childrens+Project/Advice/Factsheet

[6]  تنص لوائح دبلن-2 على أنّ الدَّولة العضو في الاتحاد الأوروبي مسؤولية فحص طلب اللجوء.

http://europa.eu/legislation_summaries/justice_freedom_security/free_movement_of_persons_asylum_immigration/l33153_en.htm   http://tinyurl.com/DublinIIRegulation

 

[7] European Migration Network Synthesis Report: Policies on the Reception, Return, and Integration Arrangements for, and Numbers of, Unaccompanied Minors: An EU Comparative Study. (التقرير الجامع: السياسات المتعلقة باستقبال القاصرين غير المصحوبين ببالغين وإعادتهم وإعداد الترتيبات الدامجة لأجلهم وحصر أعدادهم)May 2010. p53

http://emn.intrasoft-intl.com/Downloads/prepareShowFiles.do%3b?directoryID=115

إخلاء مسؤولية

جميع الآراء الواردة في نشرة الهجرة القسرية لا تعكس بالضرورة آراء المحررين ولا آراء مركز دراسات اللاجئين أو جامعة أكسفورد.