المليشيات في جمهورية الكونغو الديمقراطية تتحدث عن العنف الجنسي

سعت إحدى الدراسات الحديثة إلى اكتشاف الديناميكيات الداخلية لمليشيا الماي ماي في شرقي جمهورية الكونغو الديمقراطية ومراعاة العوامل ذات التأثير على كبح جماح العنف.

تورطت الجماعات المسلحة غير التابعة للدولة في الكونغو في ارتكاب انتهاكات حقوق الإنسان السافرة، خاصة العنف الجنسي، وذلك ضد المدنيين لأكثر من عقدين من الزمن. وتختلف هذه الجماعات ما بين الوحدات العسكرية الكونغولية المنظمة إلى الجماعات الصغيرة للمليشيا المسلحة من رواندا وبوروندي إلى مليشيا ما يماي المنظمة محلياً. وتبرز المعلومات القادمة من المنطقة الدور المحوري الذي تلعبه هذه الجماعات في اقتراف العنف ضد المدنيين والتعجيل بالنزوح الجماعي.

ويؤكد أحد الأبحاث المُجراة مؤخراً ارتفاع أعداد جرائم الاغتصاب التي تقوم بها الجماعات المسلحة، مع الاستشهاد أنه ما بين 54% إلى 88% من جميع هذه الهجمات التي تبلغ عنها النساء يرتكبها مقاتلين من الجماعات المسلحة غير التابعة للدولة[1]. ويرتبط عدد الجماعات المسلحة والمستويات الصادمة للعنف بالتساؤل حول ما إذا كان في إمكاننا فهم كيفية رؤية الجماعات المسلحة غير التابعة للدولة للعنف وبواعثها للقتال ونقاط الدعم الممكنة لتحسين معاملتها للمدنيين.

ويكشف عمل إليزابيث وود أنه في إمكان الجماعات المسلحة غير التابعة للدولة أن تكون منظمة وخاضعة لعدد كبير من المعايير والبواعث، مما يدلل على أن ارتكاب العنف وإعاقة استخدامه يختلف من جماعة لأخرى ومن صراع لآخر[2].

التوجهات نحو النساء والعنف الجنسي

تعد مليشيا الماي ماي قوة مؤثرة في المناطق الشرقية من الكونغو، وقد تورطت في أعمال السلب والاغتصاب والاختطاف والنزوح الجماعي للمدنيين. وتقوم دراستنا على جماعتين فرعيتين ومختلفتين لمليشيا الماي ماي وهما: شيكيتو كيفوافوا[3].

وتوضح المناقشات التي أُجريت مع مقاتلي الماي ماي أن الجنود بشكل عام يعتنقون آراءً نمطية ونافرة حول النساء، فالجنود الذين تمت مقابلتهم للمشروع يحصرون دور النساء في الطهي أو التنظيف أو تربية الأطفال أو تولي الأنشطة التجارية الصغيرة أو الزراعة، وذلك من أجل إعالة الأسرة. وبالمقارنة، يُعهد إلى الرجال حماية الأسرة واتخاذ القرارات. وعلى الرغم من الآراء الصارمة حول الجنسانية ودور النساء، يبدو أن الجماعات الفرعية للماي ماي مختلفة في توجهاتها حول العنف الجنسي.

كما أنكر من تمت مقابلتهم من الشيكيتو اغتصابهم للنساء، وتحدث الجنود عن الأيديولوجية التي يصفون بها أنفسهم كحماة للسكان والأسباب العملية لهذا المنع. من جانبه، قال أحد جنود الشيكيتو: "الاغتصاب ممنوع لأننا نعلم أننا موجودون هنا لحماية وأمن السكان." وقال آخر: "... [إذا] قرر أحد أفراد الجماعة أن يقوم باغتصاب، أو اغتصب أحد زملائنا من الجنود بالفعل أحد النساء، فسيقول الناس أن جماعة الماي ماي هي من تغتصب النساء، وستصبح مشكلة للجماعة بأكملها." وعلى الجانب العملي، لاحظ عدد من الجنود أن الاغتصاب سيقوّض من دعمهم النامي من الجماعات المضيفة. ووصف الجنود مدى أهمية الدعم المجتمعي لجماعة الشيكيتو. "هناك عدد من النساء هناك واللاتي يزرعن المحاصيل الزراعية في حقولهن في القرى المحيطة ويدعمننا بالطعام."

وبالمقارنة، كان الذين أجريت معهم المقابلة من جماعة كيفوافوا أكثر قابلية لوصف اغتصاب النساء وخطفهن للمواقعة من قبلهم أو من قبل قادتهم أو القيام بالاغتصاب لأسباب فردية. وتحدث هؤلاء أيضاً عن اختطاف النساء وتقديمهن إلى "قادتهم" كغنائم حرب، مع ملاحظة كيفية توزيع النساء حسب رتب القادة العسكرية. "سيحصل [القائد] على [فتاته] أولا ً قبل أن يطلب مني الحصول على فتاتي... وإذا رفضت، فسينتهي ذلك إلى صراع مفتوح."

ولم يكن حديث المقابلين من كيفوافوا معتمداً على النية الحسنة للمدنيين للدعم، وفي حين عمدت كلتا الجماعتين إلى تصوير أنفسهما على أنهما "حماة" السكان، فقد تحدثت الشيكيتو وحدها عن ذلك من الناحية العملية، مع الاستشهاد بالنية الحسنة للمدنيين كشرط للحصول على الموارد الحيوية مثل الطعام والمأوى.

وقد تحدث الجنود في كلتا الجماعتين عن علمهم بالمعلومات حول العنف الجنسي من الإذاعة واقترحوا إمكانية وصول الجنود إلى بعض أشكال الإعلام الأكثر رواجاً. ويقول عدد من الجنود أنهم يعلمون بالمخاطر المرتبطة بالعنف الجنسي، وذلك من العدوى المحتملة والعقاب الممكن من القادة. ومع تقديم الجنود الصور المتحيزة أو المعدّلة لما يؤمنون به بالفعل. ويدل استمرارية المعلومات عبر المقابلات مستوى معين من الموثوقية ويقدم  الفهم المتعمق للنقاط الممكنة للتدخُّل.

تعزيز التغيير

تتناول هذه النتائج أهمية ملاحظة أن الجماعات المسلحة غير التابعة للدولة تختلف بصورة كبيرة في فلسفاتها وممارساتها واستخدامها للعنف ومواقفها تجاه معاملة المدنيين. وقد تؤدي ملاحظة هذه المواقف والبواعث المختلفة إلى توجهات أكثر فعالية لحماية المدنيين. ومن المهم أيضاً الاعتراف أنه في إمكان السلوكيات التغيُّر عبر الزمن والمكان، كما تتغير من وحدة لوحدة داخل نفس الهيكل الأوسع. على سبيل المثال، تلعب كافة مواقف القادة وتلقين القادة حول ما هو مقبول وما هو غير مقبول دوراً في خلق الثقافة الفرعية داخل وحدات القيادة.

وتبقى التساؤلات حول مدى مشاركة الجماعات التي، من حيث التعريف الواسع، تقع خارج الهياكل التقليدية للقانون والتأثير السياسي من أجل زيادة تعزيز حماية المدنيين. وفي الحالات التي تعتمد فيها الجماعات المسلحة غير التابعة للدولة على السكان المدنيين للحصول على الموارد، مثل الطعام والمأوى، فقد يمثل هذا الاعتماد حافزاً لمنع استخدام العنف ضد المدنيين. وتقترح نتائج بحثنا أن العنف الجنسي والصور الأخرى للعنف ضد المدنيين، والذي تقترفه مليشيا الماي ماي، يحدث لعدد من الأسباب وأن هذا العنف قد يكون انتهازياً أو إستراتيجياً.

ويمكن للتوعية بمخاطر اقتراف العنف الجنسي من خلال وسائل الإعلام، مثل الإذاعة، أن تصل إلى الجماعات التي يبدو من الصعب الوصول إليها. كذلك من الممكن دعم الرسائل حول مخاطر العنف، لكل من مرتكبيه والمجتمعات المتأثرة، نقطة دعم لتقليل العنف الجنسي.

ومن الوارد للجماعات أن تعتبر أنفسها "مدافعة" عن السكان، لكن لا يتحول ذلك إلى سلوك حمائي دون التغييرات الملموسة الأخرى في الموقف والسلوك. ومن اللازم إجراء المزيد من الأبحاث لفهم ماهية العوامل الأكثر تأثيرية على كبح العنف.

جوسلين كيلي ((jtdkelly@gmail.com هو منسق الأبحاث ومايكل فانروين (MVANROOYEN@partners.org) هو مدير مبادرة هارفارد للشؤون الإنسانية (http://www.hhi.harvard.edu).

 



[1]  مبادرة هارفارد للشؤون الإنسانية، 2009، تمييز العنف الجنسي في جمهورية الكونغو الديمقراطية، أوجه العنف، الاستجابات المجتمعية واستدلالات حماية النساء، بوسطن: http://www.hhi.harvard.edu/images/resources/reports/final%20report%20for%20the%20open%20society%20institute%20-%201.pdf

 ومبادرة هارفارد للشؤون الإنسانية ومنظمة أوكسفام الدولية، 2010. "الآن، العالم بدوني": تحقيق حول العنف الجنسي في المناطق الشرقية من الكونغو الديمقراطية.http://www.hhi.harvard.edu/images/resources/reports/final%20panzi%20hhi%20-%20oxfam%20report%20compressed_1.pdf

 http://tinyurl.com/HHIandOxfam2010DRC

[2]  إليزابيث جيه وود، "الجماعات المسلحة والعنف الجنسي: متى يكون الاغتصاب في أوقات الحرب نادراً؟" السياسة والمجتمع، العدد رقم 131(2009).

[3]  المقابلات المجراة في ثلاثة مواقع ميدانية في 208 و2009 من قبل العمال الاجتماعيين الكونغوليين المدربين على أساليب البحث النوعية.

إخلاء مسؤولية

جميع الآراء الواردة في نشرة الهجرة القسرية لا تعكس بالضرورة آراء المحررين ولا آراء مركز دراسات اللاجئين أو جامعة أكسفورد.