تصدير: الذكرى العشرون للمبادئ العامة- بناء التضامن والالتزام

يصادف عام 2018 الذكرى السنوية العشرين للمبادئ التَّوجيهية بشأن النُّزوح الداخلي وقد تحقق كثير من التقدم خلال السنوات العشرين الماضية، إلَّا أنَّ الوضع الذي يعيش فيه ما يفوق أربعين مليون نازح داخلياً نتيجة النزاع والعنف وعدم وجود أي إشارة إلى انخفاض الأعداد تجعلنا نطرح سؤالاً مهماً على أنفسنا: إلى أين سنذهب بعد ذلك؟

المرور بتجربة النزوح الداخلي تعني الصدمة لمن خاضها، فهي تجربة تُغَيِّر حياة الناس وتهددها. وفي وضع النُّزوح، يفقد النازح حق الوصول ليس إلى بيته الذي يؤويه فحسب بل إلى قدرته في الحصول على الأمان والكرامة والممتلكات وسبل كسب الرزق والذكريات وشعوره بالانتماء إلى مجتمعه ودياره.

أمَّا للأطفال، فقد تكون هذه التجربة على وجه الخصوص ذات وطأة نفسية شديدة وصادمة ومربكة وغالباً قد تقود إلى ظهور مشكلات نفسية واجتماعية لا تمحى ندبها وصعوبات قد تبقى دون علاج، ويحرمون من التعليم والاستقرار لأشهر أو لسنوات، فلا مبالغة إذ قلنا إن جيل الضياع هو جيل اليافعين الذين يظهر إبَّان النزوح. وفي كثير من الأحيان، تواجه النساء والفتيات المُهجَّرات مزيداً من المعاناة المريرة بسبب تعرضهن للعنف الجنسي والاستغلال تحت تهديد العنف. وهناك أدلة متزايدة بأنَّ العنف الجنسي تجاه الرجال والأولاد المُهَجَّرين أيضاً قد يكون منتشراً لدرجة تفوق استيعابنا وفهمنا.

وكبار السن الذين بنوا روابط قوية وثيقة مع بيوتهم والذين غالباً ما تضعف عندهم آليات المسايرة مما لدى الشباب الأصغر سناً، فقد تكون تلك التجربة في النزوح أكثر صدمة وإرباكاً. ولا يستطيع ذوو الإعاقة النأي عن تبعات النزوح الذي قد يجلب لهم مشكلات كبيرة بل قد يعاقون في بعض الأحيان من التنقل أو الوصول إلى المساعدة والخدمات الأساسية. وهناك من يواجه التمييز في حياته اليومية على وجه العموم مثل الأقليات العرقية والدينية والشعوب الأصلية، أو أفراد الـ (إل جي بي تي)، فيأتي النزوح والتَّهجير وتتفاقم بهم التحديات والمخاطر التي يواجهونها والتي قد تجد هذه الفئات بها نفسها مهددة أو مهمشة أو مُقَصَّاة من الحماية والمساعدة.

إزاء هذا الواقع، تمثل المبادئ التوجيهية المعيار الدولي الرئيسي حول النزوح الداخلي، فهي تقدم تعريفاً للشخص النازح داخلياً، وتحدد حقوقه التي يجب حمايتها وتقديم المساعدة له قبل النزوح وخلاله وفي أثناء سعيه نحو الحصول على حلول دائمة بعد النزوح. كما أنها تمنح السلطات الوطنية المسؤولية الرئيسية في حماية النَّازحين داخلياً وتوضح المبادئ الرئيسية المرتبطة بالمساعدات الإنسانية التي تقدمها الجهات الدولية وغير الحكومية.

وما زالت الحاجة قائمة إلى العمل على هذه العناصر من المبادئ التوجيهية التي لقيت نوعاً من الإهمال. فملايين الناس، على سبيل المثال، يتأثرون كل عام بالنزوح المرتبط بالتنمية، لكنَّ حمايتهم غالباً ما لا ترقى إلى المعايير المتفق عليها. وبالمثل، كان هناك رفض في بعض السياقات الأخرى بالاعتراف بالأوضاع التي تتسم بحالات النزوح المتفرقة التي تؤثر في الأفراد أو الأسر بدلاً من حصر النزوح بالتحركات الجماعية، عندما يُجبَر الناس على الفرار نتيجة العنف المعمم وانتهاكات حقوق الإنسان.

ومع مرور الذكرى العشرين، أطلقنا خطة العمل GP20 لتحفيز عمل أصحاب المصلحة المعنيين ودعمهم في تحقيق الهدف العام المنشود لخفض النُّزوح الداخلي بما ينسجم مع المبادئ التوجيهية. وفي هذا العدد الخاص من نشرة الهجرة القسرية، تتحدث المقالات عن خطة العمل وتنظر من كثب إلى العناصر المختلفة التي ينطوي عليها هذا الالتزام تجاه الإجراء الإستراتيجي الملموس التشاركي، بما في ذلك إدخال المبادئ التوجيهية إلى القوانين والسياسات الوطنية وتحسين قاعدة الأدلة والإثباتات والموارد الإحصائية ورفع الوعي بحقوق الإنسان والمبادئ التوجيهية وجعلها قابلة للوصول أمام أكبر عدد من المستفيدين وتعزيز الأطر العامة الإقليمية لدعم الدول المتأثرة بالنزوح الداخلي والعمل تجاه تحقيق النواتج الجماعية من خلال الطريق الجديد نحو العمل وبناء التضامن والتعاضد بين الدول.

وقد أصبح من الأمور الحتمية أن نفهم جميعاً معنى النزوح الداخلي ليس على اعتبار أنه تحد خاص يواجه قلة من الدول التي تأثرت بالنزاع والعنف أو الكوارث، ولا على أنه مجرد قضية لا تهم إلاَّ الشؤون الداخلية لدولة ما، بل إنَّه قضية إقليمية سرعان ما تصبح عالمية لها مضموناتها على جميع الدول الأخرى. والمهمة الأساسية للمقرر الخاص المعني بحقوق الإنسان للنَّازحين داخلياً إنما هي مساعدة أصحاب المصلحة المعنيين في استجاباتهم للنُّزوح الداخلي وتنفيذهم للمبادئ التوجيهية. وإنني لأحث الدول على زيادة استخدامها لمهمتي هذه وللموارد المتاحة لي. ونحن جاهزون على أهبة الاستعداد لتوفير المساعدة الفنية والخدمات الاستشارية بما فيها الاستشارات حول القانون والسياسة وتوفير التوجيهات اللازمة.

وكما الحال مع من جاء من قبلي ممن ساهموا بمقالاتهم في نشرة الهجرة القسرية عندما أطلقت المبادئ التوجيهية حول النزوح الداخلي للمرة الأولى في عام 1998 ثم عندما احتفى العالم بالذكرى العاشرة لإطلاقها، أرحب بهذا العدد الذي يحتفي بالذكرى العشرين للمبادئ التوجيهية وأحثكم على استخدامه ونشره. فهذه الذكرى العشرون للمبادئ التوجيهية تقدم لنا فرصة فريدة من نوعها لنعود ونؤكد مراراً وتكراراً على تضامننا ومؤازرتنا للأشخاص النَّازحين داخلياً بإنشاء التزام أقوى نحو منع النزوح الداخلي وتعزيز حماية النَّازحين داخلياً ودعم الحلول الدائمة لهم.

سيسيلا جيمينيس دامريcejjimenez @

المقررة الخاصة المعنية بحقوق الإنسان للنَّازحين داخلياً

www.ohchr.org/en/issues/idpersons/pages/idpersonsindex.aspx

 

لمزيد من المعلومات، يرجى الاتصال بكاترين غيرتس شلندت، الخبير المشارك المقدم للدعم للمقررة الخاصة idp@ohchr.org

إخلاء مسؤولية

جميع الآراء الواردة في نشرة الهجرة القسرية لا تعكس بالضرورة آراء المحررين ولا آراء مركز دراسات اللاجئين أو جامعة أكسفورد.