الإسلام وحقوق الطفل

لقد حان الوقت لبدء الحوار مع المفكرين الإسلاميين من أجل دفع وتطوير النقاش الدائر حول حقوق الطفل سواء في المجتمعات الإسلامية أو في بقية العالم.

إن تأويل وتطبيق «اتفاقية حقوق الطفل»1 أمرٌ معقد. ورغم تواجد منظمات دولية يتمثل دورها وولايتها في تفسير معنى حقوق الأطفال ومراقبة تطبيق الاتفاقية في كل دولة على حدة إلا أن القواعد والمعايير التي وضعتها الهيئات الدولية هي أيضاً موضع جدل من قِبل مسؤولي الحكومات وناشطي ومثقفي المجتمع المدني. 

ويلعب رجال الدين في العادة دوراً محورياً في هذه العملية حيث يتمتعون بتأثير قوي ونفوذ واسع في مجتمعات عديدة كما أنهم يوجهون أفكار وأفعال الملايين من معتنقي الدين فهُم يملكون السلطة المعنوية والروحية للتأثير على الآراء والسلوكيات الاجتماعية وخاصة فيما يتعلق بالزواج والحياة الأسرية والتعليم. ولا يصدق هذا فقط على الدول التي أصبح فيها الدين هو الأساس السياسي للدولة منذ عام 1979، وإنما أيضاً على المجتمعات التي تفصل الدولة عن الدين.

لذا تشكل عملية تشجيع فهم أعمق لحقوق الأطفال والإسلام من الأمور الهامة لتطبيق حقوق الأطفال على مستوى العالم.  وقد دخلت منظمة «اليونيسيف» في حوار مع علماء الدين الإسلامي بإبراز أوجه التوافق بين الإسلام والمعايير الدولية. وكانت بداية هذا الحوار قبل اعتماد اتفاقية حقوق الطفل في عام 1989. وأجرت جامعة الأزهر في القاهرة عام 1985 دراسة حول رعاية الأطفال في الإسلام، بينما ركز تقرير مشترك صادر عن منظمة المؤتمر الإسلامي، والمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة ومنظمة اليونيسيف عام 2005 على الأهداف المشتركة في تحقيق حقوق الأطفال. وكان التركيز الرئيسي لهذه الدراسات على الحقوق الاجتماعية، ولكنها نحت جانباً المسائل الخلافية التي تتعلق بالحقوق المدنية والسياسية.

وفي إيران تعاونت منظمة اليونيسيف مع جامعة مفيد في مدينة قم في مشروع بحثي شامل: تحليل المواد المختلفة في اتفاقية حقوق الطفل من منظور إسلامي. واستند ذلك البحث إلى القرآن والأحاديث والفتاوى ذات الصلة ومصادر دينية وعلمية أخرى وهدَف إلى المساهمة في إنشاء مجموعة شاملة من التوجيه والتفسير الديني للباحثين والأكاديميين الإسلاميين حول حقوق الطفل.  

وليس المهم فقط أن يحرص رجال الدين الأسلامي على زيادة فهمهم لمعايير حقوق الطفل الدولية، بل ينبغي أن يستفيد العالم غير الإسلامي من الفكر الإسلامي حول هذه المسألة. لذلك ينبغي أن نحقق أقصى استفادة من الفرص المتاحة لإقامة حوار دولي بين المفكرين الإسلاميين وغير الإسلاميين، والمفكرين الدينيين وغير الدينيين، والباحثين والمتخصصين حول قضية حقوق الطفل وكذلك حول القضية الأصعب وهي حقوق المرأة.

وقد تأخرت مشاركة المفكرين والباحثين الإسلاميين في قضية حقوق الطفل بعدما كان الخبراء والأكاديميين القانونيين في الغرب يستحوذون بشكل كبير على التفسيرات الدولية لمعايير حقوق الإنسان. وهناك أيضاً فكر إسلامي ثري في مسائل تتعلق بحقوق الطفل والعدالة الاجتماعية من الممكن أن يساعد في تحقيق الحقوق الاجتماعية للأطفال في العديد من دول العالم. لذلك يجب على مؤسسات حقوق الإنسان تعظيم الاستفادة من الفرص المتاحة لإقامة حوار حول حقوق الأطفال وحقوق المرأة. ومن خلال تجربتي، أرى أن هناك مساحة لإقامة مثل هذا الحوار بين أنصار حقوق الطفل ورجال الدين الإسلامي. إذ أن الأرضية المشتركة لتحسين أوضاع الأطفال هي أكبر بكثير من مجالات الخلاف.

كريستيان سالازار فولكمان (csalazar@unicef.org) كان ممثل اليونيسيف في إيران وقت كتابة هذا المقال.

دعمت اليونسيف في إيران إنتاج الإصدار الأول لهذا الملحق الخاص بنشرة الهجرة القسرية حول الإسلام وحقوق الإنسان مساهمة منها في رفع الوعي الدولي وإقامة حوار عالمي حول حقوق الطفل والإسلام.

1. وقعت الدول العربية إضافة إلى إيران وتركيا وبنغلاديش وإندونيسيا والباكستان إلى هذه الاتفاقية. انظر الصفحة 10 من هذا الملحق

إخلاء مسؤولية

جميع الآراء الواردة في نشرة الهجرة القسرية لا تعكس بالضرورة آراء المحررين ولا آراء مركز دراسات اللاجئين أو جامعة أكسفورد.