مساهمة القطاع الخاص في حلول التَّهجير

يدرس تحالف الحلول طرقاً أفضل لإشراك القطاع الخاص، مثل: المشاريع المحلية الصغيرة والمتوسطة وكذلك الشركات العالمية، من أجل تسخير طاقاته لتحويل تحديات التَّهجير إلى فرص إنمائية.

على مدار السنوات الأخيرة، ازداد تحول الشركات ذات الضمير الاجتماعي من التركيز على مجال الأعمال الخيرية والترويج للممارسات التجارية المسؤولة إلى نماذج الشراكات التجارية. ويعني ذلك اتساع دور الشركات وتحولها من مجرد كونها جهات مانحة أو مزودي خدمات لتصبح ضمن الفاعلين التجاريين ورائدي الأعمال عند الاستجابة للكوارث والأزمات الإنسانية على الرُّغم من أنَّها حتى الآن قد صبَّت اهتمامها على احتياجات إنقاذ الحياة قريبة الأمد.

ويوفر حجم الاحتياجات الناشئة عن التدفقات الكبيرة من المهاجرين إلى المجتمعات المضيفة وتعقدها فرصاً لتحديد الضروريات من الأسواق وفتحها وتحسين البنية التحتية وإيجاد فرص عمل وتحقيق الأرباح. بيد أنَّ مواطن الضعف في السياسة والأطر التنظيمية والقيود المفروضة على عمل اللاجئين وأسواق العمل المحلية شديدة التشبع بالعمالة غير الماهرة وارتفاع مستويات عدم التنظيم وعدم موثوقية مصادر المعلومات والافتقار للمعلومات كانت جميعها أسباب أدت لعدم انتهاز الشركات لهذه الفرص. ولذلك، فمن الأهمية بمكان تحديد المنافع التي ستعود على الشركات باشتراكها في وضع حلول لمسألة التَّهجير وتسليط الضوء على المنافع التي ستعود على كل من المهاجرين والمجتمعات المضيفة من اشتراك الشركات في وضع حلول لمسألة التَّهجير قبل النظر في مواءمة احتياجات المُهجَّرين مع الفرص الاقتصادية.

منافع إشراك الشركات

بجانب التعهد بالعناصر الخارجية الخاصة بالاستجابة الإنسانية، يُعدُّ دور القطاع الخاص في احتمالية رفع النمو وزيادة الثروة وتوفير فرص العمل السبب الرئيسي وراء إشراك الشركات في البحث عن حلول للمهجَّرين ولمجتمعاتهم المُضيفة. ومثال على ذلك، تُوظِّف شركة نفط صومالية أوغندية في منطقة كمبالا في أوغندا نحو 60 لاجئاً صومالياً بوصفهم أصحاب محلَّات وصرَّافين وحُرّاس أمن وكُتَّاب في واحدة فقط من فروعها الكثيرة.[i] وللتأثير التحولي للهاتف النَّقال على سبيل المثال ومجموعات نقل الأموال إمكانات كبيرة إذا ما وظِّفَت لإيجاد حلول لمسألة التَّهجير.

ويُعظِّم تفعيل أنظمة السوق على وجه خاص من إمكانية الوصول إلى المنتجات والخدمات القادرة على تحسين كل من نوعية حياة السكان المهجَّرين والمجتمعات المضيفة على حد سواء. وستلبي ترقية المهارات من خلال الدورات التدريبية والتدريب الميداني والتدريب في مكان العمل التي تُقدَّم سواء مباشرة أم عن طريق التعاون الوثيق مع الشركات طلب السوق تلبية أفضل وستتيح للمهجَّرين على نحو فعَّال إيجاد فرص عمل. 

وتُساعِد فرص ربط المشروعات المحلية الصغيرة والمتوسطة التي يمتلكها أشخاص مهجَّرون بسلاسل القيمة في الشركات الأكثر رسوخاً على تمكين الشركات السابقة ذات مقومات بقاء أعلى من الوصول إلى الأسواق المتخصصة الجديدة وزيادة حجم معاملاتها إذ يُعدُّ العمل مع الشركات الأكبر والأكثر رسوخاً في الوقت الراهن من أكثر الأساليب الواعدة لترقية المشروعات الصغيرة والمتوسطة في السياقات الهشَّة والإنمائية. فلتلك المناهج القائمة على احتياجات السوق القدرة على "بلوغ الحد الاقتصادي المطلوب" والحفاظ على تأثير التدخلات. وأخيراً، يمكن إحداث تحول كبير من خلال إيجاد  مناطق اقتصادية تعطي مزايا التجارة التفضيلية للبضائع التي يصنعها اللاجئون وحيث يمكن للمستثمرين المحليين والأجانب نقل سلاسل التوريد.[ii]

المنافع التي ستعود على الشركات

ستجد الشركات مكاسبها في الوصول إلى مُنتِجين ومُستهلِكين وأسواق جديدة في سياقات التَّهجير، أي إنَّها ستُولِّد إيرادات وتُساهِم في الوقت عينه في مُعالَجة تحديات التَّهجير. فقد تُهيئ أوضاع التَّهجير فرصاً للابتكار واختيار منتجات جديدة ودخول أسواق جديدة ما سيرفع قيمة الشركة ومساهميها وسيزيد فرصها بما في ذلك فرصة زيادة التفاضل التنافسي. وبالإضافة إلى ذلك، يُؤدي الالتزام الصريح بالمسؤولية الاجتماعية للشركات إلى إيجاد صورة عامة إيجابية ورفع قيمة العلامة التجارية.

ولتطبيق ذلك على أرض الواقع، سيتعين على الشركات اكتساب المعرفة بشأن الاحتياجات بعيدة الأمد للمهجَّرين والمجتمعات المضيفة بوصفهم مستهلكين وعملاء محتملين بجانب العمل على خفض مخاطر العمل في سياقات التَّهجير وتقليص تكاليفه. وعلى المدى البعيد، سيتمثل الهدف في رؤية المنظمات الدولية والحكومات المحلية تعمل على تأمين إدامة الشركات من خلال إيجاد ظروف مواتية لبيئة تمكينية من شأنها تحفيز الاستثمارات الجديدة وجذبها.

 فقد قررَّت شركة سرايا المتخصصة في مجال النَّظافة على سبيل المثال أن تُوسِّع نِطاق صناعة منتجاتِها وخدماتها الصحية وتوزيعها لتشتمل على أوغندا ما ضَمَنَ لها منافع بعيدة الأمد لأنشطتها في كل من أوغندا ورفع حِصَّتها في السوق. وقد تكون فرص توسيع مجال أعمالهم لتصل إلى مناطق المُهجَّرين المتأثرة في أوغندا مساهمة ملموسة في جهود المجموعة الأوغندية الوطنية لتحالف الحلول من أجل العثور على حلول للمُهجَّرين ومجتمعاتهم المضيفة.

"لا يجب خَصْ المُهجَّرين وخاصة اللاجئين بتدخلات الأعمال بل ينبغي النظر إليهم كشريحة أوسع من الأيدي العاملة ورواد الأعمال والمُستهلِكين المحتملين".

تشاورات تحالف حلول الأعمال 2015

 

الطريق قُدُماً: منبر للتفاعل

يتطلب التحول تجاه بناء اللدونة في سياقات التَّهجير قيادة أصيلة للشركات وتبني فكر جديد بشأن ما قد يُولِّد قيمة بجانب إيجاد طرق مبتكرة للتواصل مع المجتمعات. والسؤال الذي يطرح نفسه هو ما الشيء المختلف الذي يجب على الفاعلين العاملين على مسائل التَّهجير والشركات المهتمة بالمساهمة في وضع الحلول فعله لضمان "الوفاء بطلب السوق؟" وتُشير المُحادثات بين المُجتَمَعَين دائماً إلى الحاجة لاستكشاف برامج جديدة للتفاعل حيث يمكن إيجاد فرص" مُلائمة" في سياقات التَّهجير ودعم التزامات الأعمال ونشرها على نطاق واسع. 

وقد يكون برنامجاً افتراضياً يشتمل على أصحاب مصلحة متعددين وقد يتجسد أحياناً في شكل "حلول لمَعَارِض تجارية للمُهجرّين" وضرب من التعاون الملموس على أرض الواقع. وقد يأتي أيضاً بمنزلة "بند التَّهجير" ضمن مبادرة ربط الأعمال التي طُرحَت في القمة العالمية للعمل الإنساني ف مايو/أيار 2016. ويجب أن يتفاعل مع آلية العمل التي وضعها المنتدى العالمي للهجرة والتنمية[iv] وأن يتضمن تحقيق الترابط البيني مع الاتفاق العالمي للأمم المتحدة[v] ومع منابر دعوة المؤسسات التجارية إلى العمل[vi]. وينبغي أن يدعم برنامج التفاعل هذا مجموعة القطاع الخاص لتحالف الحلول من أجل العمل مع المجموعات الوطنية على ربطها مع الشركات بجميع الأحجام. وأخيراً، يجب أن يكون سهل الاستخدام بالنسبة للشركات وأن يُجسِّد "النظام البيئي" لدعم الشركات من أجل المساهمة في إيجاد حلول للتَّهجير.

ومع أنَّ هذا البرنامج سيُعالِج التَّحديات العملية مثل النقص في المعلومات بشأن الاحتياجات والفرص، فهناك عدد من العوائق ذات الصلة التي يتعين التغلب عليها، والتي لها مضمونات تتجاوز دور القطاع الخاص. ومن بين تلك العوائق التعامل مع أسواق العمل المحلية شديدة التشبع بالعمالة غير الماهرة والعثور على طرق مبتكرة للتغلب على العقبات التي تعترض حق اللاجئين في العمل.

 

غلوشا بوير glaucia.boyer@undp.org

متخصصة في وضع السياسات وحلول التنمية لمسألة التَّهجير، برنامج الأمم المتحدة الإنمائي.

 

يانيك دوبونت   y.du.pont@spark-online.org

مدير شركة سبارك www.spark-online.org

 

الكاتبان مشاركان رئيسان في المجموعة الموضوعية لتحالف الحلول بشأن إشراك القطاع الخاص وقدَّما هذه المقالة نيابة عن أعضاء المجموعة لعرض أفضل الطرق لإشراك القطاع الخاص وتفعيل نقاط قوته في تحويل تحديات التَّهجير إلى فرص إنمائية.

 

لمعلومات أوفر حول أعضاء المجموعة الموضوعية، انظر:

 www.solutionsalliance.org/thematic-groups/engaging-the-private-sector-in-finding-solutions-for-displacement



[i]بيتس أ.، وبلوم إل.، وكابلان ج.، وأوماتا ن.، (2014) اقتصادات اللاجئين: إعادة النظر في الافتراضات الشائعة، مشروع الإبداع الإنساني، مركز دراسات اللاجئين

www.oxhip.org/resources/refugee-economies-rethinking-popular-assumptions/

(Refugee Economies: Rethinking Popular Assumptions, Humanitarian Innovation Project)

راجع مقال ألكسندر بيتس، صفحة 74-75

 

إخلاء مسؤولية

جميع الآراء الواردة في نشرة الهجرة القسرية لا تعكس بالضرورة آراء المحررين ولا آراء مركز دراسات اللاجئين أو جامعة أكسفورد.