مقارَبةُ إعدادِ برامجَ تشمل المدينة كُلّها في حَضَرِ بنغلاديش

طبّقت منظمة الرؤية العالميّة مقاربةً تشمل المدينة كُلّها لتقلِّلَ من عمل الأطفال ولتحمي حقوقَ الأطفال العاملين في أربع مدن ببنغلاديش. وفي هذه المقاربة دروسٌ لكلِّ المشاركين في إعداد البرامج الحضريّة.

يُقدّرُ أنّ من الأطفال النَّازحين داخليّاً نحوٌ من ثلاثة ملايين وخمس المليون (3.2) يعملون في بنغلاديش. وفي أغلب الحالات، تضطر الأسر النازحة داخليّاً إلى إخراج أطفالها من المدرسة وإرسالهم إلى العمل، لأنها غير قادرة على القيام بكلفة تعليمهم، أو لأنها محتاجةٌ إلى المال حتّى تعيش. ويمكن أن يعمل الأطفال قانونيّاً في بنغلاديش ابتداءً من سنّ 14، وتحظر السياسة الوطنيّة للقضاء على عمل الأطفال، الصادرة سنة 2010، توظيفَ الأطفال الذين هم دون السنّ القانونيّة وتوظيف الأطفال في الأعمال الخطرة، ولكنّ تنفيذ هذه السياسة ما يزال قليلاً ضيّقَ النطاق. ولذلك، يَكْثُرُ أن يعمل الأطفال في أعمال خطرة، ومنها صناعة الملابس، والنّقل، وتحطيم السفن، وصيد الأسماك، والعمل المنزلي، وأعمال البناء، والبيع في الشوارع، ونبش النفايات.

وفي هذه الظروف، استهدفت منظمة الرؤية العالمية في بنغلاديش 88853 طفلٍ نازحٍ داخليّاً (57% منهم بناتٌ و43% منهم بنين) في أربع مدن (وهي دكّا، وشيتاغونغ، سيلهيت، وخولنا) من سنة 2016 إلى سنة 2018. وكان الغرض إبعاد الأطفال عن الأعمال الخطرة، ومحاولة ضمان تمتعهم بحقوقهم الأساسيّة، وذلك بتطبيق المقاربة القياسيّة التي عند منظمة الرؤية العالميّة على كل البرامج الحضريّة؛ وهي مقاربة تشمل المدينة كُلّها تُمَدُّ في مستويات مختلفة من إدارة المدينة لتضمنَ أثراً مستداماً. وتُرسِي هذه المقاربة، استناداً إلى مشاركاتٍ وتعاونٍ، أليّات دَعْم المجتمع المحليّ، ثم تعتمد على المعرفة وعلى وما يرد عليها من تقويم الأداء من الأنشطة في هذه الأحياء، لكي تُقِيمَ المناصرةَ في مستوى سياسات المقاطعات والسياسات الوطنيّة.

في مستوى الحيّ

استُهِدفَ في هذا المستوى الأطفال والآباء والأمهات وأصحاب العمل. فأمّا الأطفال الذين تقع سنّهم بين 5 و14 فقد فُتِحَ لهم سبيل الوصول إلى ما هو بالمجّان من تعليمٍ غير الرسميّ وتعليمٍ أساسيّ قائم على الكفاءة، وإلى أمكنة رياضة الأجسام وغير ذلك من ضروب الترفيه. ولقد اشتُمِلَ على الأطفال المُعوّقين في برامج التعليم غير الرسميّ، وقد رُوعُوا على حسب حاجتهم. وأمّا الشباب الذي تقع سنّهم بين 15 و18، فقد كان لهم التدريب على المهارات المهنيّة، حتّى يستطيعوا أن يجدوا عملاً -غير خطيرٍ- يليق بهم. ولإعانة الأطفال على الاتصال بأصحاب العمل، أُشرِكَ أصحاب العمل المحتمل أن يوظّفوهم، ووُعُّوا في الوقت نفسه بما في اتفاقية حقوق الطفل والقوانين المعنيّة بعمل الأطفالوفد أنشِئَت قاعدَةُ معطياتٍ تُعِينُ على ضمانِ إيصال الخدمات المناسبة إلى الأطفال على حسب حاجاتهم المُعيّنة.

وفوق ذلك، أُتِيحَ بناء القدرات التي لها صلة بتوليد الدّخل، والإدّخار، وريادة الأعمال لأسرٍ عددها 12 ألفاً (كان أطفالها يعملون في أعمال خطرة، وكان دخل أسرهم أقلّ من 35 دولاراً أمريكيّاً في الشهر). وقد قُلِّلَ الدعم النقديّ الذي كان متاحاً لبعض الأسر التي فيها مَواطِنُ ضعفٍ معيّنة، تقليلاً تدريجيّاً، حين أصبحت مشاركةً في أعمالٍ موّلدةٍ للدخل. وفي الوقت نفسه، قصدت برامج توسيع المدارك إلى بناءِ مدارك الآباء والأمهات ليدركوا ما في عمل الأطفال من آثارٍ ضارّة. هذا، ودعمت منظّمة الرؤية العالميّة في بنغلاديش، لضمان المشاركة المجتمعيّة، تأليف المنظّمات الأهليّة التي أدارت خطط الادّخار وأقرضت أعضاءها. وقد أعان العمل مع المنظّمات الأهليّة أيضاً على ضمان مشاركة المجتمع المحليّ في رَصْدِ ما يُنْتَهكُ في عمل الأطفال والتبليغ عنه.

في مستوى المقاطعة

أقامت منظّمة الرؤية العالميّة في بنغلاديش، في هذا المستوى، مشاركات وتعاوناً بينها وبين مختلف أصحاب المصلحة المعنيّين، ومنهم من في القطاع الخاصّ، ومنظّمات المجتمع المدني، وغيرها من مؤسسات في مستوى المقاطعات، وذلك لكي تُناقِشَ المسائلَ الموصولة بالأطفال النازحين، ولكي تُقِيمَ المناصرة مع سلطاتٍ، كمديريةّ التربية والتعليم في المدينة. ومن فضل الجهد التعاونيّ، أن أُلِّفَت لجان حماية عمل الأطفال في المدن الأربع. ففي بنغلاديش، لا تعمل معظم اللجان المحليّة في مستوى الأقسام (وهي أخفض طبقة من طبقات الحكومة المحليّة) لأنها مفتقرةٌ إلى الموارد والاستقلال في اتّخاذ القرار، ولكنّ لجان حماية عمل الأطفال عزّزت قدرتَها من خلال دَعمها بأعمال أمانة السرّ وإعانتها بتيسير الاجتماعات. وقد أنشِئَت مكاتب استفهامٍ وتبليغ مراعيةٌ لحاجات الأطفال، وخطُّ مساعدة، في مراكز الشرطة المحليّة، وذلك لضمان ألا تُنتَهكَ حقوق الأطفال، ولفَسْحِ السبيل للتبليغ عن كلِّ انتهاك.

في المستوى الوطنيّ

ألّفت منظّمة الرؤية العالمّة في بنغلاديش ومنظّمات غير حكوميّة حِلْفاً يَنْصُرُ تغييرَ السياسات في المستوى الوطنيّ، فأدارَ الحِلْفُ عدداً من المناقشات بينه وبين وزارة التربية والتعليم، ووزارة شؤون المرأة والطفل. وكان الغرض من تلك المناقشات ضمان أن يتحسَّنَ تنفيذ السياسة الوطنيّة للقضاء على عمل الأطفال الصادرة سنة 2010، والسياسة الوطنيّة للتعليم الصادرة سنة 2010 أيضاً، وأن يُحَثَّ صانعو السياسات على تغييرها بحيث تُعَالِجُ حاجاتِ الأطفال النَّازحين. فنشأ من هذه المناقشات خطةُ عملٍ موصولة بهذه النقاط، واتفاقٌ على التأثير الذي يحتمل أن يكون لأصحاب المصلحة المعنيّين في الأمر.

التحدّيات وتقليلها

كان من هذه المقاربة التي تشمل المدينة كُلّها، أنّ 70 ألفَ طفلٍ على التقريب إمّا عادوا إلى المدرسة (وهم مَن سنّهم أقلّ مِن 14) أو استمرّوا في العمل ولكنْ في وظائف أفضل (وهم مَن سنّهم أكثر مِن 14). وفي الوقت نفسه، انتفعت أسرهم من التدريب المهنيّ وأنشطة توليد الدّخل. فزاد دَخْلُ أسرهم، في المتوسط، 15%. ومع ذلك، وعلى الرغم من أنّ هذه المبادرات أظهرت نتائج عظيمة، وقعت عدّة تحدّيات على امتداد طريق التنفيذ، وقد يكون لبعض هذه التحدّيات وكيفيّة معالجتها صلةٌ بالعاملين في إعداد البرامج الحضريّة في غير هذه الحالات.

وكانت إحدى التحدّيات البارزة هي طبيعة العيشة الحضريّة التنقُّليّة والديناميّة. إذ يعتمد إيصال الخدمات إلى من يحتاج إليها كَثِيرَ اعتمادٍ على استطاعة الوصول إليهم، ولكنْ قد لا يظلّ النَّازحون في مكان واحدٍ مدّةً طويلة. فأتى وَصْلُ الأُسَر النَّازحة بالمنظمات الأهليّة وحَثُّهم على المشاركة في خطط الادّخار، فجلبَ شيئاً من الأمن، حتّى لا يحتاج النَّازحون إلى الانتقال كما كانوا ينتقلون من قبلُ.

ثمّ كان هناكَ تحدٍّ بارز آخر، وهو تَفْضِيلُ الناس الأكثر استضعافاً من النَّازحين داخلياً، أن يُعطَوا الدعم النقديّ المباشر، لا أن تُبنَى قدرتهم ويُدرّبون على المهارات. ومن أجل ذلك، جاء مُمَثلُو الحكومة المحليّة والقادَةُ الدينيُّون وذوو النفوذ، فحفزوا النَّازحين داخلياً إلى ما في بناء القدرة والتدريب على المهارات من فوائدَ بعيدة الأمد.

على أنّ ما بُذِلَ من جهد في لجان حماية عمل الأطفال لمعالجة الانتهاك (أي انتهاك قانون عمل الأطفال، والإساءة للأطفال جسدياً وجنسيّاً) لم يكن ناجعاً بحيث تحصل الكفاية، في الحالات التي يكون فيها المُنْتَهِكُ صاحبَ نفوذٍ. ولذلك، أُعِيدَ تأليفُ اللجان لتشمل أعضاءً من هيئات إنفاذ القانون، والإعلام، والناس البارزين في المجتمع المدنيّ، حّتى يُستعمَل تأثير كلّ هذه وهؤلاء لبلوغ الغاية.

ونحن نوصي بما يلي لتحسين تطبيق هذه المقاربة:

تخصيص الزمن في مستوى الحيّ: ينبغي، على حسب المقاربة التي تشمل المدينة كُلّها، لهيئة الإعانة (وهي في هذه الحالة منظّمة الرؤية العالميّة في بنغلاديش) أولاً أن تركز همّها في جَمْعِ ما في القاعدة الشعبيّة من بصائرَ، في مستوى الحيّ، ثم إتاحَةِ الخبرة التِّقْنيّة. وينبغي أن تتعاقب البصائر من مستوى الحيّ على مستوى المقاطعة والمستوى الوطنيّ من خلال المشاركات ومبادرات المناصرة، لكي يُولّدَ أثرٌ أعرض. ومع ذلك، أنشأ بَدْءُ التدخُّلات في المستويات الثلاثة (أي مستوى الحيّ ومستوى المقاطعة والمستوى الوطنيّ) في آنٍ معاً بعضَ الإشكال، وقلَّلَ نجوعَ عملنا. فاستخلصنا من ذلك أنّه ينبغي تَخْصِيصُ مزيدٍ من الوقت في مستوى الحيّ، قبل الشروعِ في أعمالٍ في مستوى المقاطعة والمستوى الوطنيّ.

التوعية في التنمية الاجتماعيّة والمؤسّسيّة: التعاون مع سلطات المدينة أو ممثلي الحكومة هو أحدُ أركانِ المقاربة التي تشمل المدينة كُلّها. ومع ذلك، نَجِدُ أنّ رغبة ممثلي الحكومة في بنغلاديش، عموماً، في التعاون على التنمية المباشرة (أي الدعم النقديّ، وتنمية البنية التحتيّة، وغير ذلك) أكثر من رغبتهم في التعاون على التنمية الاجتماعيّة (مثل بناء القدرة وتوسيع المدارك في المجتمع المحليّ) أو التنمية المؤسّسيّة (كبناء قدرة الحكومة المحليّة). ومن ثمّ، كان هناك حاجةٌ لا تزال تُلِحُّ إلى توسيع المدارك بين ممثلي الحكومة وهيئات الخدمات ليدركوا أهميّة التنمية الاجتماعيّة والمؤسّسيّة.

المناصرة والمتابعة: رأى بعض ممثلي الحكومة أنّ معالجةَ حاجات ساكني الأحياء الفقيرة تُثْنيهم عن العودة إلى قراهم، فكان من ذلك أنْ قلّ اهتمامهم بمعالجة تلك الحاجات. فكان ينبغي وَضْعُ إطارِ عملٍ وخطة لمناصرةٍ، غَرَضُها إثارَةُ اهتمام أصحاب المصلحة المعنيّين الأكثر نفوذاً والأقلّ اهتماماً، وكان ينبغي أن يُشرَكَ ممثلو الحكومة من أوّل خطوةٍ في طريق إعداد المشروع. وبعدُ، فإن أُرِيدَ ضمان استدامة هذه المقاربة، ينبغي أن تُعِدَّ هيئات الإعانة والهيئات الحكوميّة إطارَ عملٍ تشترك فيه هذه الهيئات في الرّصد.

 

بِبَاشا دَتَا Bipasha_Dutta@wvi.org

مُنسّقةٌ وطنيّة، في إدارة الإستراتيجيّات والابتكار والمعرفة، بمنظّمة الرؤية العالميّة في بنغلاديش www.wvi.org/bangladesh 

إخلاء مسؤولية

جميع الآراء الواردة في نشرة الهجرة القسرية لا تعكس بالضرورة آراء المحررين ولا آراء مركز دراسات اللاجئين أو جامعة أكسفورد.