تَطْبيقُ أسَاليبِ إدارَةِ المخيَّمات على التَّهجيرِ الحضريّ في أفغانستان

يمكن أن يُحسِّنَ تطبيقُ العناصرِ الرَّئيسَةِ لمقاربة إدارة المخيّمات التقليديّة التواصلَ والمشاركةَ المجتمعيّة والتنسيقَ في السياقات الحضريّة خارجَ المخيّمات.

نشأَت إدارة المخيّمات، من حيث هي قطاع قائمٌ بنفسهِ، من قِبَلِ الحاجة إلى تعيين المسؤوليّة لضمانِ مقاربةٍ مجتمعيّة، مُنسَّقة، شاملة لقطاعات عِدّة، في مستوى مخيّمٍ واحد. ولكنْ يُقدّرُ أنّ أغلبَ المهجَّرينَ يقيمون اليومَ خارجَ المخيّمات الرسميّة، وكثيرٌ منهم يسكنونَ في المناطق الحضريّة، إمّا في المجتمع المحليّ الذي يُضيِّفُهم وإمّا في أماكن جماعيّة تجمع المتوطِّنين تلقائياً داخلَ المدن والبلدات أو في ضواحيها.[1] وتنبري الجهات الفاعلة في ميداني العمل الإنسانيّ والإنمائيّ لكيفيّة تكيُّفيها هي وتحدّيات التوسُّع الحضريّ عموماً، غير أنّ التحوُّلَ إلى التَّهجير الحضريّ خارجَ المخيّمات يُبرزُ تحدّياً خاصّاً يقع على الهيئات العاملة في قطاع إدارة المخيّمات.

على أنّ الخبرة وأساليب إدارة المخيّمات يمكنها أن تُعِينَ على معالجة بعضِ التحدّيات، التي هي من صُلْبِ الاستجابة للتَّهجير الحضريّ خارجَ المخيّمات. وهذا كان على رأس نتائجِ مُرَاجعةٍ أجرَتْها مجموعة تنسيق المخيّمات وإدارتها في سنة 2014، ووجدت أنّ منهجيّات وأدوات مجموعة تنسيق المخيّمات وإدارتها، الدائرة حول المجتمع المحليّ -ولا سيّما الخاصّة بالمشاركة المجتمعيّة والتنسيق-كانت مفيدةً جدّاً في الاستجابة لحاجات المُهجَّرين المقيمين خارجَ المخيّمات.[2]

وبدأت بعض الهيئات في تجربة مقارباتٍ تعتمد على مجموعة مهارات في إدارة المخيّمات استجابةً للتحدّيات الواقعة على التَّهجير الحضريّ. وكان المجلس النرويجي للاجئين من أوّل الهيئات التي أنشأت وطوّرت مقارباتٍ كهذه، ومن بين الأماكن التي طبّقتها عليها: أفغانستان، حيث رمت بتطبيقها إلى الأحياء الحضريّة داخلَ المدن الشرقيّة أو حولها، كجلال آباد، وأسد آباد، ومهترلام.

وكان الذي حثَّ على التدخُّل أوّلَ الأمر عَوْدةُ أكثر من مليون لاجئٍ أفغانيّ من باكستانَ بين سنة 2016 وسنة 2017. وكان كثيرٌ من هؤلاء العائدين يعيش في باكستان مذ وُلِدُوا، ولذلك لم يكن لهم من المعرفة بأرضهم الأصليّة شيءٌ أو كان لهم بها معرفةٌ قليلة، ولم يستطع أكثرهم العودةَ إلى مناطقهم الأصليّة بسبب عدم الأمن فيها أو قِلّة سُبُل المعاش والخدمات. ولمّا لم يكن هناكَ مخيّمات ينزلونَ فيها، استقرّ عدد عظيم من الأسر داخلَ البلدات والمدن أو في ضواحيها، آملينَ أن يجدوا لأنفسهم فيها المعونةَ والوظائفَ والخدمات. فاكترى العائدون غُرَفاً أو سكنوا مع أسرتهم الممتدة في مآوٍ مكتظّةٍ غايةَ الاكتظاظ أو أقاموا مآوٍ مؤقّتة في أراضٍ خاصّة. وقد ازدادَ مشهدُ التَّهجير تعقيداً بسبب وقوع نزوحٍ داخليّ جديد طالَت مُدّته، وبسبب التخلُّفِ العميق بين المجتمعات المُضيّفة، فزادت هذه الحالُ الهجرةَ من الريف إلى المدينة.

السياق مختلفٌ والحاجَاتُ هيَ هيَ

عزَمَ المجلِسُ النرويجيّ للاجئين على تطبيق أساليبه في إدارة المخيّمات على الأماكن الحضريّة خارجَ المخيّمات، مُستعمِلاً مقاربةً مُخصّصةً لكلِّ منطقةٍ على حِدَتِها؛ أي تَرْكُزُ همّها في منطقة جغرافية حضريّة محدّدة بدلاً من رَكزِهِ في مُخيَّم. وتعالج مقاربة إدارة المخيّمات من الحاجات ما صلتها الوثيقة بالأماكن خارجَ المخيّمات تستوي هي والحاجات التي صلتها وثيقة بالمخيّمات: فالحصول على المعلومات، وآليات تقويم الأداءِ، وبنى المشاركة المجتمعيّة والإدارة الذاتيّة، والتنسيق بين عِدّةٍ من أصحاب المصلحة المعنيّين، وكلُّ ذلك لضمان إيصال الخدمات إيصالاً ناجعاً تَحْصُلُ به الكفاية. بل يَكْثُرُ في الواقع أن تكون هذه الحاجات أوثقَ صلةً بالبيئة الحضريّة منها بالمخيّمات، كما يتّضحُ من مثال أفغانستان.

ووجدَ المجلِسُ النرويجيّ للاجئين أنّ الحصولَ على معلوماتٍ في الخدمات الإنسانيّة مُفْتقرٌ إليهِ افتقاراً شديداً؛ إذ لم يعلم 79% من المهجَّراتِ و52% من المهجَّرينَ شيئاً من أسماءِ أو عناوين مزوِّدي الخدمات الإنسانيّة. وكان السبب في ذلك قِلّةُ حضورِ موظفي ميدان العمل الإنسانيّ (ولا سيّما الإناث منهم)، وبُعْدُ شُعَب الهيئات من المناطق التي يسكنها المستضعفون، وقِلّةُ معرفة الناس بالهيئات العاملة في المناطق أو قِلّةُ التوعية المجتمعيّة بها. وفوق ذلك، أُجْرِيَ على المهجَّرين من إجراءات الحصول على المعونة الإنسانيّة ما هو معقّدٌ مبهمٌ؛ إذ كان 68% منهم لا يعرفون كيفَ تَخْتارُ المنظّمات مَن تُعِينُهم، ولم يعرف 90% منهم كيفيّة رفع شكوى، أو طرح سؤال، أو تقويم أداء إيصال الخدمات عموماً. وبالموازنة بين ذلك وبين ما في المخيّمات، يُرَى في أكثر المخيّمات الرسميّة، حُضُورُ الهيئات الإنسانيّة، فإما أنّها تأتي المخيّمات كلَّ يوم، وإما أنّها تستقر فيها، وتَجِدُ موظّفيها ظاهرينَ يسهل تعرُّفهُم، أُقِيمَتْ شُعَبُهم داخلَ المخيّمات أو بقربها. ثم تُوزّع حُزَمُ المعونة هناكَ على كلّ ساكني المخيّم، فلا يحتاجون إلى أن يخطو خطواتٍ احترازيّة ليسجّلوا في قوائم الحصول على المعونة.

والأمر الثاني الذي وجده المجلِسُ النرويجيّ للاجئين، من حيث المشاركة المجتمعيّة في السياقات خارجَ المخيّمات، هو أنّ المستجيبين في ميدان العمل الإنسانيّ يتميّزون باعتمادهم على قادة المجتمع المحليّ الذكور، الذين يقودن المجتمع المحليّ ولكنْ لا يُمثّلونه، وغَرَضُ هذا الاعتماد الحصُولُ على معلومات في حاجات الناس، وتَحدِيدُ مُتلقّي المعونة واختيارهم. ويَكْثُرُ أن يُبْعَدَ المهجَّرونَ، ولا سيّما النساء وأكثر المهجَّرين مَواطِنَ ضَعْفٍ، عن تمثيل أنفسهم. وأمّا المخيّمات الرسميّة، فأمرها يُبايِنُ ذلك، إذ تُؤمَرُ هيئات إدارتها بضمان إنشاءِ ودَعْمِ آليّات تحكم التمثيل المجتمعي. ولمّا لم تكن الهيئات خارجَ المخيّمات مأمورةً رسميّاً كما هي الحال داخل المخيّمات، كان من الممكن أن يُفْضِيَ ذلك إلى انعدام مقاربة المشاركة المجتمعيّة أو إنْ وُجِدَت تُوجَدُ مُشوّشةً. وفي هذا خَطرُ تعزيزِ بِنْية السلطة الضارّة، يمكن أن يُضعِفَ محاولة الاستجابة استجابةً إنسانيّة قائمة على المساءلة والقواعد والضوابط.

أخيراً، وجد المجلِسُ النرويجيّ للاجئين، من حيث التنسيق، افتقاراً إلى معلومات مواضع المهجَّرين وحاجاتهم، ولا سيّما أكثرهم مواطِنَ ضَعْفٍ، وكان ذلك الافتقار تحدّياً شديداً في سياق الاستجابة للعائدين الأفغانيّين. فكان تتبُّعُ حال التَّهجير قليلاً، لأنه اعتمد على الوجهة النهائيّة التي يقصدها العائدون والتي كانت تُسجّل عند مداخل البلد، ولكنْ لم تُتَتَبّع بانتظام. فكان من ذلك أنْ اعتمدت الهيئات الإنسانيّة على شيوخ المجتمع المحليّ المُضيِّف لتحدد مكان العائدين والأسر النَّازحة داخليّاً، وهو اعتمادٌ أضعفه الاستغلال والفساد. وقد تعرّض جهد التنسيق إلى مزيدِ تَعْويقٍ بسبب قِلّة خدمة التخطيط وعدم كفاية التنسيق، في المستوى المحليّ، بين كَثْرَةٍ من أصحاب المصلحة المعنيّين في التفويض والمصلحة.

ومع أنّ المقاربة خارجَ المخيّمات معمول بها في الأحياء الحضريّة، بدلاً من المخيّمات الرسميّة، حُوفِظَ على رَكْزِ همّها في البنى التنمويّة والآليّات، وذلك لضمان التواصل مع المجتمعات المحليّة، والإسهام المجتمعيّ والمشاركة المجتمعيّة، ودَعْمِ التنسيق. وكان هناكَ ثلاثة مكوّنات مترابطة: ففِرَقُ التوعية المجتمعيّة، والمراكِزُ المجتمعيّة، ولِجَانُ الأحياء. فأمّا فِرَقُ التوعية المجتمعيّة، فقد جمعت معلومات الحاجات، ونشرت معلومات الخدمات، وأجرت الإحالة، ويَسَّرت التنسيق المحليّ. وألّفت أيضاً لجاناً في الأحياء مُدرّبةً ومدعومةً لتفعل كما تفعل هي. وأمّا المراكز المجتمعيّة، فقد كانت مكاناً يسهل الوصول إليه على أفراد المجتمع المحليّ (المهجَّرين وغير المهجَّرين)، فيحصلون منه على المعلومات ويحالون على حسب حاجاتهم، وكانت أيضاً مكاناً تُقَامُ فيه الاجتماعات التنسيقيّة والمجتمعيّة.

النتائج: ما الذي نفع؟

وبعد كلّ ذلك ظهرت بعض النتائج المُبشِّرةِ بخَير. أولها: أنّ المقاربة أتت بمِنصّةٍ تؤخذ منها المعلومات. فقد اتصل أكثر من 57% من سكان الحي بواحدٍ في الأقلِّ من مكوّنات المشروع سواء بفِرَق التوعية المجتمعيّة أو بالمراكز المجتمعيّة أو بلجان الأحياء أو بها جميعاًوقال 82% من هؤلاء أنّ حصولهم على المعلومات قد تحسَّن. وكان أكثر الناس الذين يأتونَ المراكز المجتمعيّة (ونسبتهم 88%) أتَوْها من أجل المعلومات -وهذا يشير إلى قَدْرِ أهميّة هذه الحاجة عند الناس- واستحسنَ زائرو المراكز على الخصوص أنّها مصدرُ معلوماتٍ غيرُ مُعتَمدٍ على قادة المجتمع المحليّ (اللذين يَكْثُرُ ألّا يَثِقُوا بهم) وأنّها فسحت لهم لِقاءَ الهيئات وجهاً لوجه. وكانت لجان الأحياء ذات قَدْرٍ أيضاً في الوصول إلى أفراد المجتمع المحليّ المهجَّرين، وفي أنّ عدداً كثيراً من الناس (عدداً كثيراً من النساء خاصةً) يعرفونها أكثر مما يعرفون المراكز المجتمعيّة. ويُضافُ إلى ذلك، أنّ لجان الأحياء المؤلّفة من أعضاءٍ من المهجَّرين ومن المجتمع المحليّ المُضيِّفعبّدت طريقاً للمجتمعات المحليّة لكي تشارك في تعيين الحاجات وتنفيذ الحلول. فكان 50% ممّن شاركَ منها في تعيين المشكلات قد ساعد على حلّ المشكلة التي عيّنها أو أكثر من مشكلة، ولا سيّما المشكلات التي لها صلة بالإمداد بالمياه، والتعليم، والبنية التحتيّة، والمرافق الصحيّة.

وأمّا من حيث التنسيق، فقد قدرت المقاربة على التوفيق بين المستفيدين من المعونة المستضعفين وبين ما هو موجود من خدمات وحماية، وعلى حَشْدِ مزيدٍ من الخدمات للأفراد والمجتمعات المحليّة التي لو لم تحشد لها مزيداً من الخدمات لكانت أُهمِلَت. وقد جرى ذلك من خلال اجتماعات تنسيقيّة في المستوى المحليّ، شاركت فيها لجان الأحياء، ومجموعة من المنظمات المحليّة، والسلطات المحليّة، وقادة مجتمعيُّون غير رسميّون، ومنظمات غير حكومة. ولقد كان الوجُودُ المنتظم لفرق التوعية المجتمعيّة في الأحياء التي تعمل فيها، مع المراكز المجتمعيّة، مدخلاً لأفراد المجتمع المحليّ إلى مزوّدي الخدمات، والعكس صحيح. فقد ذكر 80% من مزوّدي الخدمات المشاركون في المشروع أنّ ذلك وسّعَ معرفتهم الحاجاتِ الإنسانيّة، وشعر 62% منهم أن سبيلهم إلى السكّان المحتاجين قد وُسِّعَ، وخصَّ 40% منهم بالذكر أنّ مشاركتهم أعانتهم على أن يُصوِّبوا معونتهم تصويباً مناسباً وأن يتجنّبوا التكرار. ثم إنّ المقاربة استطاعت وَصْلَ لجان الأحياء بما اقتُرِحَ من المبادرات التنمويّة، لضمان أن يُدْرَجَ أفراد المجتمع المحليّ المهجَّرون في التخطيط لهذه المشاريع وفي تنفيذها.

التحدِّيات التي ينبغي التصدّي لها والدروس التي يُستفَادُ منها

كثيرٌ من التحديات الرّئيسةِ والدروس المستفادة من تنفيذ المقاربة في أفغانستان منطبقةٌ على سياقات حضريّة أخرى خارجَ المخيّمات. ويُلْقَى هاهنا الضّوءُ على ثلاثةٍ منها.

أوّلها: أنّ بنية المعونة الإنسانيّة كانت قليلة الوُضُوح، من حيث التنسيق في الاستجابة للتَّهجير خارجَ المخيّمات، وهذا أفضى بهيئاتٍ عِدّة إلى عملٍ المسؤوليّة فيه متداخلةٌ والتفويض فيه مبهم، وأفضى أيضاً إلى تفكُّكِ إجراءات المعونة الإنسانيّة. فشدَّدَ ذلك من التحدِّي الواقع على المجلس النرويجيّ للاجئين في إيصال معلومات واضحةٍ مفيدةٍ إلى أفراد المجتمع المحليّ، لضمان أن تُعْرفَ لجان الأحياء وأن تُجعَلَ شرعيّةً، وأن يُحاسبَ المكلّفونَ المسؤوليّةَ على حسب أعمالهم. وهذه المسؤوليّة وما يشابهها أصْرَحُ عند التنفيذ في المخيّم الرسميّ منها عند التنفيذ خارجَه، إذ يكون التفويض في هيئة إدارة المخيّم أوضح ونطاق عِرْفانهِ وقبوله أوسع.

وثانيها: أنّ تنفيذَ المقاربة في أفغانستان بيَّنَ بالمثالِ أنّ نجاحَ المقاربات المُخصّصة لكلِّ منطقةٍ على حِدَتِها مُحْتاجٌ إلى أن يُضيَّقَ نطاق مسؤوليّتها الجغرافيّة، وهذا يُنشِئُ تحدّياً يقع على إمكان التوسُّع. ففي أوّل الأمر، كانت المراكز المجتمعيّة أماكن تجمُّعٍ لعشرات آلاف، بل مئات آلاف الناس. ولمّا ثبتَ أنّ هذا العدد عظيمٌ وأنْ ليسَ للمقاربة المُخصّصة لكلِّ منطقةٍ على حِدَتِها المركوزة في المجتمع المحليّ طاقةٌ به، كان لا بدّ من أن تُرْكَزَ عناصر المقاربة؛ أي التوعية المتنقّلة والمشاركة المجتمعيّة، في أحياءٍ أصغر داخلَ الأماكن التي يكون تجمُّع الناس فيها أوسع. وبذلك يمكن أن يكون كلُّ مركزٍ مجتمعيّ مركزاً رئيساً للتنسيق داخلَ أحياء عِدّة في المناطق المجاورة أو بينها. على أنّ فِرَق التوعية المجتمعيّة مُدَّتْ لتصل إلى عددٍ من الأحياءِ كثيرٍ، ولم تستطع ضمان أن تُناسِبَ جودة الاستجابة الحالَ. وفوقَ ذلك، بقيت بعضُ الأحياء المستضعفة من دون معونة، فكان من هذا أنِ انعدمت المساواة بين الأحياء.

وثالثها: أنّ تجربة أفغانستان بيّنت التحدي الواقع على التعامل مع السلطات المحليّة والوطنيّة. إذ جعل تعقُّدُ ديناميّات القوة بين مختلف السلطات وداخلها، وتدخُّل هذه السلطات العَرَضِيُّ في ما يُبذَلُ في الاستجابة الإنسانيّة من جهد، جعَلَا من التنسيق الجديّ المفيد بينها أمراً عسيراً، وكلُّ ذلك يُدْنِي من المستحيلِ إقامةَ بنيانٍ لمقاربةٍ يكون فيها تأثيرُ السلطات (أو حتّى إمساكها زمام الأمر) في آليّات التنسيق المحليّ مؤسّسيٌّ ومستدام. فيقتضي التعامل مع السلطات أن يكون عند موظّفي ميدان العمل الإنسانيّ خبرةٌ مخصوصة وشيءٌ من الحنكةِ والعُلوِّ في سُلّم الدرجات الوظيفيّة.[3] ويقتضي أيضاً إجماعاً أوسعَ بين الجهات الفاعلة في ميدان العمل الإنسانيّ والإنمائيّ في كيفيّة التنسيق والتعاون بينها وبين السلطات المحليّة والوطنيّة في الحَضَر.

إذن، فتَكييفُ مقاربة إدارة المخيّمات لاستعمالها في السياقات الحضريّة خارج المخيّمات عَمَلٌ جارٍ لم يُنجَز بعدُ، ولكنّ ما خُبِرَ في أفغانستان يُبيِّنُ أنّ أساليبها العمليّة، المسلوكة لتحسين التَواصُلِ بالاتّجاهَين، والمُشَاركةِ المجتمعيّة، والتّنسِيقِ المحليّ المتعدد القطاعات، يمكن أن تصوغَ مِفْتاحَ التصدّي لأكثر التحدّيات الواقعة على المدن والبلدات شِدّةً.

 

آنَا هِرش هُولَنْد anna.hirschholland@gmail.com

مُسْتشارةٌ مُسْتقلّة في الشؤون الإنسانيّة

هذه المقالة مبنيّةٌ على خبرة مؤلِّفتِها التي اكتسبتها بالعمل في المجلس النرويجيّ للاجئين في أفغانستان بين سنة 2017 وسنة 2019. على أنّ كلَّ ما ورد من آراءٍ في هذه المقالة هي آراء مؤلِّفتِها وقد لا تستوي هذه الآراء وآراء المجلس النرويجيّ للاجئين.[4]

 

[1] لا معطياتٍ موثوقاً بها اليومَ في نسبة المُهجَّرين خارجَ المخيّمات أو المهجَّرين في الحَضَر. ويغلب على المصادر ذِكرُها أنّ النسبة تقع بين 60% و80%. مثال ذلك أنّ المفوضيّة السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أوردت في تقريرها في الاتّجاهات العالميّة سنة 2018 نسبة 60%، ولكّن هذه النسبة لا تشتمل إلا على مَن عُلِمَ مكان إقامته منهم:

https://www.unhcr.org/uk/statistics/unhcrstats/5d08d7ee7/unhcr-global-trends-2018.html

ثم جاءَ مركز رصد النُّزوح الداخليّ فذَكَرَ في تقريره العالميّ في النُّزوح الداخليّ سنة 2019 أن النسبة تقع بين 60% و80%، ولكنّه وجّه النظرَ إلى عدم وجود أدلّة قويّة تَسْنِدُ هذه النسبة:

https://www.internal-displacement.org/sites/default/files/2019-IDMC-GRID-spotlight-urban-displacement.pdf

ولمزيدٍ من المعلومات يرجى الاتصال بالمؤلِّفة.

[2] Global CCCM Cluster (2014) Desk Review: Urban Displacement & Outside of Camp

(مراجعة: التَّهجير الحضريّ والمهجَّرين المقيمين خارج المخيّمات)

bit.ly/CCCM-DeskReview-2014

[3] لمزيدٍ من المعلومات في كفاءة الموظّفين العاملين في البيئات الحضريّة، انظر:

Ely A et al (2019) Urban Competency Framework, Global Alliance for Urban Crises

(إطار الكفاءة الحضريّة)

www.alnap.org/help-library/urban-competency-framework-research-report

[4]موَّل مشروعَ خارجِ المخيّماتِ الذي أجْرَاهُ المجلس النرويجي للاجئين في أفغانستان وِزارةُ الخارجيّة النرويجيّة، والمنظّمةُ الدوليّة للهجرة، ومكتبُ السكّان واللاجئين والهجرة بوزارة الخارجية الأمريكية.

إخلاء مسؤولية

جميع الآراء الواردة في نشرة الهجرة القسرية لا تعكس بالضرورة آراء المحررين ولا آراء مركز دراسات اللاجئين أو جامعة أكسفورد.