الهَمَليّةُ وقُوّةُ الانْتِشارِ في الاستجابَةِ الإيوائيّة الحضريّة

ينبغي لاستجابات الإيواء الإنسانيّة أن تُقدِّمَ اللّينَ في الأولويّة لتستوعبَ الحاجات المختلفة والقدرات المتباينة، ولا سيّما في البيئة الحَضَريّة.

لا يخفى على كثيرٍ من الناس -لا كلِّهم- في قطاع الإيواء أنّ من المستبعد أن يكونَ أحسن خِيَارٍ لأكثر الأُسَر حلاً واحداً يناسب جميع المحتاجين إلى الإيواء. ففي استعراضٍ حديث أُجرِيَ على 144 دراسةَ حالةٍ من حالات الإيواء، عُيِّنَتْ إحدى أكثر مواطن القوة تكراراً فكانت قُدْرةَ الحلول والاستجابات على التكيُّف.[i] على أنّنا نقترح أن يُخرَجَ مفهوم القدرة على التكيُّف من نطاق مصطلح ’التكيُّفيّة‘ ويُدخَل في نطاق ’اللِّين‘. فالتكيُّفيّةُ مفهومٌ يمكن تطبيقه تطبيقاً رجعيّاً على إعداد البرامج التي تكون جامدةً ابتداءً، وأمّا اللِّينُ فيجب أن يوجدَ في مشروعِ إيواءٍ منذ يُبدَأ بهِ.

ويُحْتاجُ إلى اللِّين أساساً لأنّ لفرادى الأُسَرِ خصائص سكانيّة مختلفة وحاجات مختلفة. فالأحوالُ المحليّة التي أتت منها متنوّعة، والتأثيراتُ التي خبرتها وجرّبتها متباينة، وآليّاتُ تصّديها لصعوبة عَيْشها، ومهارَتُها وقدُراتُها وموَارِدُها متعدّدة. ويُكْثُرُ أن يكون هذا التنوّع أعرض في البيئات الحضريّة منه في البيئة الريفيّة، ففي الحضر يزيد نطاق طبقات الدّخل، وضروب المساكن، ووجوه المعاش. ويلقي هذا التنوّعُ الأساسيُّ في الحاجة والقدرة الضوءَ على ما تقتضيه هيئات العمل الإنسانيّ لإيجاد حلول إيوائيّة أشدّ ليناً بكثير عند العمل على استجابة حضريّة. ومع ذلك، فلقياس لين عمل التصميم والاستجابة، نُعيُّن وجهَين أساسَين ولكنّهما إلى الآن مُهملَين، فأمّا الوجه الذي في لينِ برامج الإعانة الإيوائيّة فهو: الهَمَليّة (invisibility)، والهَمَليّة هي كون الشيء مهملاً لا يُنظَرُ فيه، وأمّا الوجه الذي في لينِ الاستجابة فهو: قوّة الانتشار (virality)، وقوّة الانتشار هنا تعني قَدْرَ سرعة انتشار الأخبار والمعلومات بين الناس.

الهَمَليّة

فلننظر أوّلاً في تنميةٍ بالضاحية ناجحةٍ في سياقٍ غير طارئ. تندمج هذه التنميّة السكنيّة الناجحة في المجتمع المحليّ، فتلائمُ حاجات مجموعة المساكن التي في الشوارع المحيطة بمنطقتهِ، مثل حاجات الميزانية والأُسَر واللوائح والمُنَاخ. والمجتمَعُ المحليُّ الذي ينشأ ويتطوّر طبيعيّاً على العموم مشتملٌ على نطاقٍ واسعٍ من خيارات السكن. فمن الناس مَن يختار العيشَ مع أسرته الممتدّة أو مع أصدقائه؛ ومنهم مَن يكتري غرفةٍ أو شقّة. وقد يختار غيرهم شراءَ مسكن أو بناءَه أو تملُّكَهُ بالإيجار، أو قد يختار أن يسكنَ مكاناً بالمجّان بموافقة صاحبة أو بغير موافقته. ومن الناس من يعمل من البيت فيحتاجون إلى مساحة أوسع، ومنهم من يحتاج إلى مزيد من التهوية أو الإضاءة أو المساحة الخارجيّة، ليستوعب مسكنه الحيوانات الأليفة أو الأطفال أو لمراعاة الحساسيّة. ويُنشِئُ هذا التنوُّع مجتمعاً محليّاً كُلّيّاً، لا يسيطر فيه وجود عامل في التنمية أو التصميم على المشهد العامّ، بل يصبح المشهد الحضريّ تحت سلطان المعايير الثقافيّة المشتركة والحلول المتنوّعة عند فرادى الأسر. فينشأ المجتمع المحليّ وينمو على مرّ الزمان، وفي آخر المطاف، قد تُتْرَكُ هذه المشاريع السكنيّة ’هَوَامِلَ‘ في المشهد الحضريّ، فلا يظهر علي كلِّ مشروعٍ منها أنّه كان يوماً مشروعاً بُنِيَ منفصلاً من غيره من مساكن المجتمع المحليّ. ومع ذلك، وفي الوقت نفسه، أصبحت هويّةُ فرادى الأسر وحاجاتُهم أكثر وُضُوحاً. فبإعمالِ اللّين، تُحقِّقُ برامج الإيواءٍ الحسنة التنوُّع نفسه الذي في بيئة الحاضرة، ومع مرور الزمن، ينبغي ألاّ يُرى أنّ برامج الإيواءِ قد أجريت أصلاً.

هذا، وتميل مشاريع الإيواء الشديدة الوضوح للعيان إلى وَسْمِ المجتمع المحليّ بنسقٍ واحدٍ مُتكرِّر. ومهما عَلَتْ جودة التصميم، يُلزِمُهُ الواسِمُونَ رأياً وتصوُّراً لمُصمِّمٍ واحدٍ أو تصميم واحد. ومن خلال العمل على إرساءِ نموذج عالميّ، تُخفِقُ مثل هذه البرامج عالميّاً في معالجة الحاجات المتنوّعة لفرادى الأسر، حتّى أصبح المُتعارَفُ عالميّاً أنّها غير مناسبة. وكثيراً ما اختارت الهيئات شِدّةَ الوضوح للعيان هذه ليُدرِكَ البناءَ اليُسْرُ والسرعةُ، أو لأنها فَهِمَت أنّ المساواة تعني التطابق، والحقُّ أنّ المساواةَ تعني معالجة الحاجات المختلفة بالسّواء. وعلى حين أنّ كثيراً من مديري البرامج والجهات المانحة قد يحكمون في العادة بنجاح برنامج من عدمه من خلال قَدْرِ كونه بارزاً للعيان، نحن نقترح أنّ العكس ربما يكون هو المقياس الصحيح الذي يُقاسُ به النجاح. فإذا كان برنامج الإيواء واضحاً للعيان، كانت الحالُ أنّه بدلاً من تهيئة برنامج الإيواء لقضاء حاجات المجتمع المحليّ، ترى المجتمعات المحليّة المتضرّرة مقسورةً على أن تتكيّف هي لتُناسِبَ برنامج الإيواء. إذن، ينبغي أن يكونَ الوضوح الحقيقيّ للعيان في برنامج الإيواء مركوزاً في إنشاءِ مجتمعاتٍ محليّةٍ متنوّعةٍ، أكثر صحّةً وأماناً، وأسرع انتعاشاً، لا أنْ تكونَ المآوي على غرارٍ واحدٍ وعلى صفٍّ واحد، ولسان حالها يقول ’تعالوا انظروا ما أحلاني، صوّروني وضعوا صورتي في شَباكِ التواصل الاجتماعي‘. 

قُوّةُ الانتشار

لمشروع الإيواءِ الذي تديره منظمة غير حكومية، في سياق الكوارث الواسعة النطاق، تأثيرٌ صغيرٌ جدّاً بالقياس إلى سعة نطاق الكارثة. ثم إنّ تزايد سعة نطاق الكوارث ومعدّلها، وانخفاض ميل الجهات المانحة إلى تمويل الإيواء، يعنيان أنّ المنظمات غير الحكومية ليست قادرةً إلا على استيعاب نسبة متناقصة من المجتمعات المحليّة المتضرّرة في المعونة الإيوائيّة. ومن ثمَّ، كان أكثر التزوّد الإيوائيّ بعد الكوارث، ولا سيّما في المدن والبلدات، تقوم به المجتمعات المحليّة المتضرّرة نفسها مع المجتمعات المحليّة التي تجاورها. وهكذا، يمكن عَدُّ الكوارث مشكلةً اجتماعيّة، لا مشكلةً طبيعيّة. هذا، ولا تصير الأحداث الخطرة، طبيعيّةَ المَنْشأ كانت أو بشريّة المَنْشأ، كارثةً إلّا إذا لم يكن المجتمع المحليّ مستعداً استعداداً كافياً لتخفيف خطرها أو التغلُّب عليها أو الاستجابة لآثارها. ويقتضي نَجَاحُ معالجة الأسباب الأصليّة لما يلحق المساكن من ضررٍ بعد الكارثة، كعدم كفاية التصدّي للكارثة، مقاربةً اجتماعيّة، بدلاً من المقاربة التِّقْنيّة التي اعتيدَ استعمالها. فالمقاربة الاجتماعية تعالج المسائل الأساسيّة، كسبب بناء المساكن أصلاً في منطقة معرّضة للكوارث، أو سبب عدم الكفاية في جودة البناءِ لصدّ الأخطار التي وقوعها عليها محتملٌ. وينبغي أن تكون الحلول مناسبةً ثقافيّاً، ورخيصة الكلفة، ومستدامة بيئيّاً، وينبغي أن تضمن التزاماً مستمرّاً بتقليل الأخطار. ولقد يكون إيجاد مثل هذه الحلول مقتضياً مزيداً من الاستثمار في التحليل الاجتماعي، ولكنّ البرامجَ المناسبةَ ستنتشر وتُذِيعُ خبرها بنفسها، على حين أنّ الحلول التي هي غير ملائمة ثقافيّاً، ولا تطاق كلفتها، وغير مستدامة، ولا واقعيّة، لن يؤتى بها إلا إذا استمرّ التمويل.

ولكي تكون الهيئات أكثر فعّاليّةً في هذا المشهد المتناقص المعونة، ينبغي لها رَكْزُ همّها في التأثير في نتائج الإيواء وتحسينها لكلِّ المحتاجين، لا أنْ تُتِيحَ مآوٍ جيّدةٍ لقلّة من الناس. فبدلاً من التركيز على هندسة تدخُّلات إسكانيّة جيّدة عالية المستوى لعددٍ قليلٍ من الأسر، ينبغي للهيئات أن تركّزَ على التدخُّلات التي هي أضيق نطاقاً وأقلُّ تدخُّلاً، فهي أفضل من غيرها في معالجة المشكلات الاجتماعيّة الأساسيّة التي نجمت عنها الكارثة. إذ يمكن للحلول البسيطة التي لها تأثيرٌ عريضٌ ويمكن تكرارها بيُسْرٍ أنْ تُقوّي المجتمعات المحليّة على إعانة أنفسها، وهذا يَضْمَنُ حاصلاً في العمل الإنسانيّ شاملاً أفضل لعدد أكثر من السكّان المتضرّرين، ويُفْضِي إلى زيادة انخفاض الأخطار في مستقبل الزمان. ولذلك، فأحد مقاييس النجاح في هذا المشهد المتناقص المعونة هو ’قُوّة انتشار‘ المساعدة المُتاحَة؛ أي ميلها إلى التّناتُجِ مرّة بعد مرة. فقد تَكُونُ دراسَةُ المدى الذي يقطعه انتشار أفكار البرنامج الأساسيّة، قُوّةً وسُرْعةً، مقياسَ نجاحٍ أفضلَ من دراسة مدى جودة إسكانِ برنامجٍ ما أسرةً ما. ويمكن المرءَ، على سبيل المثال، أن يَنْظُرَ ليُقدِّرَ هل حصلَ تجهِيزُ مسكنٍ تجهيزاً تحسينيّاً بحيث يكون ملائماً ثقافيّاً وبيئيّاً، رخيص الثمن، مقنعاً في تحسين سلامته لدرجة أخذ الجيران فيها هذا التحسين وأعادوا تطبيقه في مساكنهم، ومن ثمّ زاد تأثير البرنامج؟

إستراتيجيّاتُ إيواءٍ ليّنةٌ في بالو وتاكلوبان

في السنين الأخيرة، جاءَ اللّين في الإرشادات التوجيهيّة في الانتعاش الإيوائيّ في عدّة مشاريع بالمناطق الحضريّة في جنوبيّ شرقيّ آسيا، ومنها تاكلوبان في الفلبّين وبالو في جزيرة سولاوسي الأندونيسيّة. ففي وثائق معايير الإيواءِ في هاتَين الاستجابتَين، أُتِيحَ للهيئات خيارات متنوّعة لمعالجة حاجات الإيواء. فأمّا الإرشادات التوجيهيّة في الانتعاش الإيوائيّ بالاستجابة الفليبّينيّة لإعصار هايان، فقد عملت على إرساءِ مقاربةٍ قائمةٍ على الحقوق، فتُحدّد حقوقَ الأُسَرِ في "أن يكون بين أيديهم من خيارات السكن ما يناسب حاجاتهم ورغباتهم أحسن مناسبة".[ii] وفي وثائق الحالتَين إرشاداتٌ في الحدّ الأدنى من معايير الأداء، وإمكان تطبيق الخيارات المختلفة على المناطق المعرّضة لضروبٍ من الخطر مختلفةٍ. وكان أحد أهداف هذه المقاربة تشجيعَ الهيئات على إيجاد مجموعة متنوّعة من الحلول لمعالجة الحاجات المختلفة. ومن هذه الحلول: المآوي المؤقّتة، وتقاسم أماكن الإقامة، ودَعْمُ الإيجار، ومباني نوم العمّال، والإصلاح والتجهيز التحسينيّ، والمساكن الأساسيّة (المصمّمة لكي تُستعملَ مساكنَ دائمة في المستقبل)، والإرشادات التوجيهيّة في الإسكان الدائم. وتشتمل الإرشادات التوجيهيّة أيضاً على طرق لإعانة صناعة القرارات التي لها صلة بالحلول الإيوائيّة، التي أُكِّدَ فيها الحاجة إلى اللّينِ من أوّل الأمر.

ولسوء الحظّ، مالت الهيئات في الواقع إلى العودة إلى العمل الذي اعتادَتْهُ في هاتَين الاستجابتَين، فاختارت أكثر الخيارات راحةً لها، وهو في الأكثر خيارٌ مُصمَّمٌ قَبْلاً، يُطلَق عليه اسم المآوي المؤقّتة (أو المآوي الانتقاليّة كما يقال). ولكنْ يبرز من هذه الحالة استثناءٌ، هو منظمة خدمات الإغاثة الكاثوليكية (Catholic Relief Services). ففي تاكلوبان، نجحت منظمة خدمات الإغاثة الكاثوليكية في إنشاءِ قائمةِ حاجاتٍللنماذج الإيوائيّة التي وافقت المعايير المنصوص عليها، وضَمِنَتِ المنظمة في استجابة بالو، التي هي أحدث من استجابة تاكلوبان، اللّينَ بالمِنَحِ النقديّة والمعونة التِّقْنيّة لمعالجة الحاجات الإيوائيّة، وذلك بنطاقٍ من الخيارات المتنوّعة. ولكنّ قِلّة استيعاب اللِّينِ في أماكن أخرى يشير إلى أنّ وراءَ إنشاءِ الإرشادات التوجيهيّة المحسّنة حاجةً إلى تحوّلٍ أعظم في طريقة تفكير مَن في القطاع.

التغلُّب على القيود

كثيراً ما يُقيَّدُ اللّينُ في برامج المعونة الإيوائيّة بالطموح إلى هندسة حلولٍ إيوائيّة مثاليّة وبسوءِ إدراكِ الإنصاف، ومن جرّاء الأمرين يمكن أنّ يقلّ عدد الأسر المُعانَة. ففي التحوّل إلى نَمُوذجِ تدخُّلٍ مُختصَرٍ، مُنْصبٍّ على حدٍّ أدنى من مدخلات الناس الأقلّ هَمَلاً والمقاربات الأسرع انتشاراً، القدرة على إعانة ناسٍ أكثر وتَرْكِ أثرٍ أطول أمداً. إذ يمكن أن تُحدِثَ التدخُّلات البسيطة أثراً عظيماً، كإرسال فِرَق لتقدير ما وقع، ولماذا وقع، وتصوير الفرق بينهما وتوثيقه، تصويراً وتوثيقاً واضحَين، ثمّ باستعمال هذه الفِرَق ما يُتحصَلُ من معلوماتٍ، تنصح المجتمعات المدنيّة في ما يمكن أن تفعله هي نفسها. فبعد إعصار سِدر في بنغلاديش، زار فريقٌ صغير من المهندسين والمهندسين المعماريّين قريةً فنظر ليرى أيّ المباني ما تزال واقفةً وأيّها سقط؟ فلم يستطع الفريق إعانةَ المجتمع المحليّ مباشرةً ولكنْ في خلال الزيارة أعلمَ مترجمُ الفريق المجتمعَ المحليّ النتائج التي أتت بها تقديرات المباني. وبعد ستة شهور، وُجِدَ بزيارةٍ أخرى إلى القرية نفسها أنّ المجتمع المحليّ أتمّ إعادة بناءِ القرية، ووَجَدَ حلولاً لكلّ المشكلات التي نُوقِشَت من قَبْلُ. وقد حقّقت القرية ذلك من غير معونة من الهيئة، فجمعت الأموال والموارد واتّبعت نصيحة الفريق الذي زارها. وكانت في جهة أخرى بالقُرب من القرية، في الوقت نفسه، برامج لم تكد تبدأ.

ويمكن أن تُقيَّد الهَمَليّة أيضاً بجداول أعمالٍ عالميّة، وبترتيب برامج الإيواء لتتواءَمَ هي وما تطلبُهُ الجهات المانحة، والأفكَارُ الهندسيّة والمعماريّة المُتصوَّرةُ قَبْلاً في الصحيح من العمل، وتَفْوِيضُ المنظّمات المنفّذة، وغيرُ ذلك من أولويّات المستجيبين. ومع أنّ المراجعات العالميّة مستمرّةٌ في حديثها عن الانتعاش الذاتيّ والمقاربات التي يقودها صاحبها، ما يزالُ القطاع راكزاً همّهُ في تصميم أماكن شديدة البروز والظهور، بدلاً من الأعمال الخفيضة البروز والظهور. وتعني الطريقة التي يُسارُ بها في إعداد النظام اليومَ أنّ مشاريع الإيواء تُصمّمُ أوّلَ تصميمها في الأغلب داخلَ حدود معيّنة يحددها فريق إدارة الكوارث في كلِّ هيئةٍ من الهيئات. وفي هذا المجال التشغيليّ مديرُ إيواءٍ وفريق من المهندسين المعماريّين والمهندسين، يحدّدون بعدُ مجموعةً أخرى من الحدود بناءً على مفاهيمهم المسبقة للمشكلة الماديّة التي يواجهونها. وبالجملة، فلا يُطلبُ إلى المجتمع المدنيّ المشاركةَ إلا بعدَ أن تُحدّدَ كل هذه الحدود. ونَقْترِحُ بدلاً من ذلكَ أنّه يجب إزالة هذه المجالات التشغيليّة المحصورة، وينبغي إجراءُ تحليلٍ اجتماعيّ أنثروبولوجيّ أكثر تفصيلاً على المشكلات الأساسيّة التي أدّت إلى خَيْبَةِ مسعى الإسكان. وينبغي أن تكون المعونةُ، حيث يُجابُ بها، مباشرةً شديدةَ اللّين، لتَرفعَ من قدرات الأسر وتُعالِجَ حاجاتهم الفرديّة. هذا، وينبغي مناقشة ميزانيّات الإعانة مع الأسر المتضرّرة مباشرةً، فيُفسَحَ لهم مجالٌ لتحديد ما يرغبون فيهِ أو يحتاجون إليهِ في السياق الإيوائيّ. وهذا في المناطق الحضريّة أكثر أهميّةً، ولا سيّما في الأماكن التي قد يكون غير ممكنٍ فيها بناءُ مآوٍ جديدة. وينبغي أن تُقرِّرَ الأُسَرُ ما تريد، لا غيرها، سواء كان القرار إصلاحَ مسكنٍ، أو اكتراءَ مسكنٍ، أو العيش مع أسرةٍ أخرى، أو إقامةَ مأوىً مؤقّت في فناءٍ خلفيّ.

وبعدُ، ففي قَلْبِ اقتراحِنا هذا إعادَةُ التفكير في الوصف الوظيفيّ لمدير مشروع الإيواء. فبدلاً من أن يكون مهندسٌ معماريّ أو مهندسٌ هو القيُّم على تَصْميمِ مأوىً مثاليّ، ينبغي أن يحلّ محلّه فريقٌ من أفرادٍ متنوّعي الخبرة والتجربة، يركزون همّهم في ضمان أن يعيش أكثر عددٍ من المتضرّرين عيشةً آمنة مريحة كريمة، قادرين على الاعتماد على أنفسهم في الانتعاش الذاتيّ وإيجاد سَكَنٍ دائمٍ آمن.

 

جِنِفر وُرد جورج jwg39@cam.ac.uk

كليّة الهندسة، بجامعة كامبردج

www.eng.cam.ac.uk/profiles/jwg39

 

 دافيد هَجكِن dave.hodgkin@gmail.com

مُختَصٌّ تِقْنيٌّ في الإيواء، ومُديرٌ إداريٌّ، في منظّمة مقياس العمل الإنسانيّ الاستشاريّة (Humanitarian Benchmark Consulting)

www.humanitarianbenchmark.com

 

[i] George J (2018) Shelter Projects in Displacement: What Factors Affect Success?, University of Cambridge

(مشاريع الإيواء في حالات التَّهجير: ما العوامل التي تؤثّر في النجاح؟)

[ii] Hodgkin D, Dodds R, and Dewast C (2013) ‘Recovery Shelter Guidelines’, Humanitarian Shelter Working Group

(الإرشادات التوجيهيّة في الانتعاش الإيوائيّ)

 www.sheltercluster.org/typhoon-haiyan-2013/documents/recovery-shelter-guidelines

إخلاء مسؤولية

جميع الآراء الواردة في نشرة الهجرة القسرية لا تعكس بالضرورة آراء المحررين ولا آراء مركز دراسات اللاجئين أو جامعة أكسفورد.