التحويلات النقدية: التعلم من برنامج الاتحاد الأوروبي في تركيا

لاحقا للمخاوف التي نتجت عن طرق الاستهداف التي اتبعت في تركيا، فقد تم اختبار طرق أخرى محتملة في عمليات اختيار الأشخاص الذين يجب أن يتلقوا المساعدة المالية.

لقد أنشئ برنامج شبكة الأمان الاجتماعي للطوارئESSN)) التابع للاتحاد الأوروبي في تركيا في تشرين الثاني من عام 2016 ليقوم بعمليات توفير الحوالات النقدية، وبهدف تحسين مستويات معيشة اللاجئين الذين لا يقطنون في المخيمات، فأصبحت الشبكة تدعم حوالي 1.8 مليون لاجئ بمتوسط مخصص شهري يبلغ 155 ليرة تركية (حاليًا حوالي 10.5 يورو) لكل فرد من أفراد الأسرة بالإضافة إلى مكملات أخرى تقدم فصليا حسب حجم الأسرة. ويعد برنامج ESSN أكبر برنامج إنساني في تاريخ الاتحاد الأوروبي، ومن المقرر له حاليًا أن يستمر حتى أوائل عام 2023. [1]  

تُستخدم آليات اختيار مختلفة لتقديم المساعدة النقدية للاجئين على مستوى العالم، بما في ذلك الاستهداف الشامل (أي ذلك المقدم للجميع)، والاستهداف الجغرافي، والاستهداف القائم على مجتمع بعينه، والاستهداف الذاتي (أي البرنامج الذي صمم بحيث يستطيع المشاركة فيه فقط أولئك الذين يحتاجون إلى المساعدة)، واستهداف "البديل يعني الاختبار" (أي باستخدام سمات يمكن مراقبتها للأسرة أو أفرادها لتقدير دخلهم عندما تكون بيانات الدخل الأخرى غير متوفرة أو غير موثوقة)، والاستهداف الفئوي (أي اختيار الأفراد الذين ينتمون إلى فئة معينة من الناس) وأخيرا استخدام منهج "بطاقة تجميع النقاط". ومن بين برامج التحويلات النقدية الإنسانية الممولة من الاتحاد الأوروبي، نجد أن منهج "البديل يعني الاختبار" مستخدما في برامج المساعدة النقدية في العراق ولبنان، بينما يستخدم "الاستهداف الفئوي" في تركيا ، ويستخدم منهج يشابه منهج "الاستهداف الشامل" في اليونان.

وقد استخدم برنامج ESSN- منذ إطلاقه في عام 2016- الاستهداف الفئوي بناءً على المعايير الديموغرافية. وليستطيع أفراد الأسرة الواحدة الحصول على مساعدة ESSN، يتوجب عليهم أن يكونوا مسجلين في حالة حماية دولية أو مؤقتة، كما يتوجب أن يكون عنوانهم مسجلاً في مديرية شؤون السكان والمواطنة. ولكن ابتداء من حزيران 2017، أصبح لزاما على الأسرة - لكي تكون مؤهلة للحصول على المساعدة - أن تفي - على الأقل – بواحدة من المعايير الديموغرافية التالية: (1) أن يكون لديها على الأقل أربعة أطفال (2) أن يكون لديها نسبة إعالة لا تقل عن 1.5 (3) أن يكون لديها على الأقل فرد واحد معاق (4) أن يكون لديها والد وحيد أو رب أسرة مسن (5) أن تكون الأسرة مكونة من شابة عزباء وحيدة. وعندما تفي الأسرة - على الأقل – بواحدة من هذه المعايير، فإن جميع أفراد الأسرة يحصلون على مخصصات لكل فرد فيهم، ويتم تحميلها جميعا على بطاقة بنكية واحدة للأسرة. ومع ذلك، عندما تم تطبيق هذه المعايير الديموغرافية على أرض الواقع، ظلت تغطية ESSN أقل من 50٪ من اللاجئين المتقدمين للبرنامج.

مشاكل الاستهداف في بيئة إنسانية

بادئ ذي بدء، كان مجتمع اللاجئين في تركيا من الفقراء بشكل عام، بمستويات موحدة - إلى حد ما - من الأصول المالية والمعيشة الكريمة. وقد أظهرت البيانات الأساسية على مستوى الدولة - التي جمعت في مايو 2017 - بأن 80٪ من السكان اللاجئين المتقدمين لـ ESSN لديهم مستويات إنفاق للفرد أقل من سلة الإنفاق الدنيا (وهو خط فقر يحدده منفذو البرنامج) [2]. كما كانت مستويات رفاهية الأسر - بمرور الوقت - هشة وغير مستقرة.

لقد شكل هذا المعدل المرتفع للفقر، مع المستويات الرفاهية الأولية المماثلة ومع ودرجة تدفق (من اللاجئين) عالية تحديات كبيرة للاستهداف (المنشود). كما أظهرت المراجعة النصفية لـ ESSN [3] في مايو 2017 أنه في حين أن استهداف ESSN كان يعطي أولوية يسيرة للأسر الأفقر (فكان مؤيدا للفقراء)، وذلك بوصول ربع الفوائد إلى المجموعة الأدنى من السكان اللاجئين المتقدمين، أصبح الاستهداف بحلول ديسمبر 2018 يكاد يكون موحدًا عبر كل المجموعات (الخمسة). كما أشار التقييم إلى انتقادات من قبل اللاجئين، بما في ذلك المستفيدين من برنامج شبكة الأمان الاجتماعي للطوارئ(ESSN) بشأن معايير الاستهداف. فقد أوضح 52 لاجئا من بين 63 لاجئًا حضروا مناقشات مجموعة التركيز التي أجريت للتقييم بأن الحوالات ضرورية لتغطية جميع اللاجئين السوريين بغض النظر عن معايير الأهلية لذلك. وقد استمر الإحباط عند اللاجئين من معايير الاستهداف المعمول بها خلال السنوات التالية، كما يتضح ذلك من التعليقات العامة مثل تلك الموجودة في عامي 2019 و 2020، على صفحة ESSN على الفيسبوك:

متى تقبل عائلا تمكونة من أربعة أفراد؟ يحصل الآخرون على المساعدة، ونحن لا نحصل عليها. إنجاب طفلين لا يعني أنه ليس لدينا إيجار وفواتير لندفعها. نحن غير قادرين على تغطية هذه النفقات.فهذا ليس عادلا.

يجب أن تكون جميع العائلات مستفيدة بغض النظر عن عدد الأطفال. فهذه المعايير يجب أن تلغى.

خيارات الاستهداف البديلة

تبين مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين (UNHCR) وبرنامج الأغذية العالمي (WFP) أن الاستهداف قد لا يكون مناسبًا في بعض الحالات[4]، مثل (1) في أعقاب أزمة تؤثر مباشرة على معظم السكان، حيث تكون الاحتياجات عالية جدًا ويكون السكان أكثر تجانساً (أي عندما قد يؤدي الاستهداف إلى حصول توترات إضافية)، (2) في حالة أن يكون الاستهداف غير ممكن إما عمليًا أو منهجيًا بسبب قيود القدرة على الاستيعاب أو قيود الوقت، أو عندما يكون هناك نقص في البيانات المتاحة أو وجود قيود على الوصول إلى الحالة، أو (3) في حالة أن تكون تكلفة الاستهداف أعلى من تقديم المساعدة للجميع.

 

أجرى التقييم النصفي لبرنامج شبكة الأمان الاجتماعي (ESSN) التابع للاتحاد الأوروبي الذي أعده برنامج الأغذية العالمي (WFP) محاكاة للتغيرات في معدلات الفقر في ظل سيناريوهات استهداف مختلفة. وقد دللت هذه المحاكاة إلى أن اتباع نهج أكثر عالمية للاستهداف يمكن أن يحسن بشكل هامشي عدد اللاجئين الفقراء (أي النسبة المئوية لأولئك الذين يعيشون تحت خط الفقر) في الوقت الذي يكون أسهل عند التنفيذ –وبذلك من الممكن أن يعد أكثر إنصافًا. وقد حسب معدل الفقر بين إجمالي السكان اللاجئين في بيانات المحاكاة - قبل تلقي المساعدة النقدية- بنسبة 76٪. فاعتُمدت محاكاة توزيع الحوالات المالية على الأسر باستخدام معايير الاستهداف الديموغرافي لـ ESSN الأولي، وذلك من أجل تقليل معدل الفقر إلى 69٪. كما أدى توزيع الحوالات على جميع اللاجئين المتقدمين، مع الحفاظ على التكلفة الإجمالية كما هي (أي عن طريق تقليل المبلغ النقدي المحول)، إلى محاكاة معدل الفقر بنسبة 70٪، في حين تبين أن توزيع الحوالات على جميع اللاجئين قد أدى إلى معدل فقر 71٪.

وقد أجرى التقييم النصفي لمرافق اللاجئين في تركيا باختبار لسيناريوهات استهداف بديلة، بناءً على استهداف الحوالات النقدية عالميًا، فأجرى ذلك على (1) جميع الأطفال (2) المسنين (3) النساء اللائي يعشن بمفردهن (4) ذوي الإعاقة الذين بحوزتهم تقرير طبي. فوجد التقرير أن تأثير مثل هذا التحويل الشامل (من حيث تقليل عدد الفقراء) كان من الممكن أن يتحسن كثيرًا. وقد أدى التغيير المحاكي للتغطية - بناءً على مراجعة بسيطة لمعايير الأهلية- إلى زيادة هائلة في التغطية، فارتفعت من 48٪ من اللاجئين الذين يعيشون في أسرة تتلقى حوالات مالية إلى 91٪[5]، كما ارتفع إجمالي تكلفة التحويل النقدي بنسبة 14٪ في هذا السيناريو، وكان هذا على افتراض أن جميع العائلات المؤهلة ستتقدم بطلب للحصول على المنحة. ولكن عند استبعاد الخُمس الأعلى (20٪) من المتقدمين بطلبات من اللاجئين من البرنامج في هذه المحاكاة، تبين أن هذا النهج قد أصبح محايدًا تمامًا من حيث التكلفة عند مقارنته بالإصدار الحالي من معايير الاستهداف. وسيؤدي هذا النهج "شبه العالمي" - باستثناء شريحة الخمس الأعلى فقط وإدراج جميع الأطفال وكبار السن والمعوقين في البرنامج - إلى انخفاض معدل عدد الفقراء إلى نسبة 47٪، مقارنة بالنهج الأصلي الذي أدى إلى معدل تعداد فقراء بنسبة 50٪، بينما ارتفعت التغطية من 48٪ إلى 78٪.

يقدم برنامج ESSN دروسًا مهمة للمانحين ولمنفذي البرنامج. فالذي تعلمناه من تجربة الاستهداف الخاصة بـ ESSN هو أن النهج الشامل الذي يغطي غالبية أسر اللاجئين مع منح نصيب الفرد من المعالين (أي الأطفال، وكبار السن، والمعوقين) ربما كان من الممكن أن يكون أداؤه أفضل كاستراتيجية استهداف. فكان من الممكن أن تكون تغطية اللاجئين أعلى، وكان من الممكن أن تنخفض نسبة عدد الفقراء أكثر من مستواها في النسخة الحالية من الاستهداف، فقط بتكلفة مماثلة (أو أعلى قليلاً). فمن المنطقي أن جهود الاستهداف التي تستخدم نتائج اختبار PMT يجب أن تركز على "استهداف" الجزء العلوي من التوزيع، ويجب أن تقدم منحة شبه عالمية لأفراد الأسرة المعالين فيما تبقى من التوزيع، بدلاً من محاولة استهداف أسر اللاجئين الأشد فقرًا فقط.

قد يتبين عند النظر مليّا في التجربة في تركيا بأن تبني مثل هذا النهج شبه العالمي للاستهداف في بلدان أخرى ربما يكون أقل تكلفة من الناحية التشغيلية وأكثر قبولًا من الناحية الاجتماعية داخل مجتمع اللاجئين. فمن شأن هذا النهج أن يقلل من المخاطر الكبيرة المرتبطة بالبرنامج، ومن شأنه أن يقلل كذلك من التوترات الاجتماعية بين الفئات المستفيدة وغير المستفيدة. فمن المحتمل ايضا - نظرًا لأن مستوى الإعانة لكل أسرة لاجئة سيكون أقل، (وسيتم استبعاد أفراد الأسرة في سن العمل من المنحة)، ومن المحتمل تجنب التوترات الاجتماعية مع أولئك الموجودين في المجتمع المضيف الذين يستفيدون من المساعدة الاجتماعية.

 

ملتم عرانmeltem.aran@developmentanalytics.org

مدير قسم تحليلات التنمية

 

نازلي اكتاكيnazli.aktakke@developmentanalytics.org

باحث أول في السياسات الاجتماعية، قسم تحليلات التنمية

 

هذال كولاكhazal.colak@developmentanalytics.org

عالم بيانات للسياسة الاجتماعية، قسم تحليلات التنمية

 

جوكتشي بايكالgokce.baykal@developmentanalytics.org

باحث مستقل

 

[1] كان برنامج الغذاء العالمي (WFP) هو من يدير شبكة الأمان الاجتماعي للطوارئESSN)) حتى عام 2020، ثم انتقلت إدراة الشبكة إلى IFRC بدعم من وزارة الأسرة والخدمات الاجتماعية (MoFSS) والهلال الأحمر التركي، وبنك هالك (Halkbank).انظر المرجع  DG ECHO ” شبكة الأمان الاجتماعي في حالات الطوارئ (ESSN): تقدم شريان حياة للاجئين المعرضين للخطر في تركيا"https://ec.europa.eu/echo/essn_en.. واستحوذت في الآونة الأخيرة "C-ESSN" على حصة من عدد القضايا في تموز 2021. وقد بلغت عدد حالات ESSNاعتبارًا من ديسمبر 2021 حوالي 1.5 مليون فرد، بينما غطت C-ESSN 363464 فردًا

[2] برنامج الأغذية العالمي (2018) "تقييم شبكة الأمان الاجتماعي في حالات الطوارئ(ESSN) في تركيا التي تمولها  DG ECHO، تشرين ثاني 2016 –كانون ثاني 2018 المجلد 1: تقرير التقييم النهائي - تركيا"

https://reliefweb.int/report/turkey/evaluation-dg-echo-funded-emergency-social-safety-net-essn-turkey-november-2016

[3] برنامج الغذاء العالمي (2020). المراجعة النصفية لـ ESSN. شباط 2020 – تركيا.

https://reliefweb.int/report/turkey/essn-mid-term-review-20182019-february-2020

[4] التوجيه المشترك لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئينUNHCR وبرنامج الأغذية العالميWFP (2020): توجيه المساعدة لتلبية الاحتياجات الأساسية

www.unhcr.org/uk/protection/operations/5ef9ba0d4/joint-guidance-targeting-assistance-meet-basic-needs.html

[5] المديرية العامة للاتحاد الأوروبي لمفاوضات الجوار والتوسيع (2021) "التقييم الاستراتيجي النصفي لمرافق اللاجئين في تركيا (2016-2019 / 20)"

https://ec.europa.eu/neighbourhood-enlargement/strategic-mid-term-evaluation-facility-refugees-turkey-2016-201920_en

إخلاء مسؤولية

جميع الآراء الواردة في نشرة الهجرة القسرية لا تعكس بالضرورة آراء المحررين ولا آراء مركز دراسات اللاجئين أو جامعة أكسفورد.