إضفاء الطابع الطبي على تشويه الأعضاء التناسلية للأنثى

يجب استنكار ""إضفاء الطابع الطبي" على تشويه الأعضاء التناسلية للأنثى لسببين هما: أولهما أنَّ ذلك يتسبب تلقائياً بالضرر وثانياً أنه يخالف الأساس الأخلاقي للمهنة الطبية.

يُعنى بإضفاء الطابع الطبي على تشويه الأعضاء التناسلية للأنثى المعروف بالختان العمل الطبي الذي يؤديه الأطباء أو غيرهم من كوادر المهنة الطبية. وهذه ظاهرة ليست جديدة ولا تخفى على أحد. فقد درجت العادة في التقاليد على أداء الأطباء أو كوادر الرعاية الصحية لتشويه الأعضاء التناسلية للأنثى في مختلف البلدان في شرق أفريقيا خاصة في مصر والسودان وأريتيريا والصومال. ومؤخراً، بدأت الظاهرة تظهر في غرب أفريقيا حيث تتزايد أعداد أعضاء سلك التمريض والقابلات القانونيات والولّادات والأطباء والجراحين في ساحل العاج ومالي وبقية دول المنطقة الجنوبية في أفريقيا ممن يزاولون تلك الممارسة. وتحدد وجود عدد من العيادات التي تمارس تشويه الأعضاء التناسلية للأنثى في كل من كينيا وغينيا.

ومثل هذه الممارسات عادة ما تكون مدفوعة الأجر بل قد تكون مكلفة في بعض الأحيان على ذريعة توفير "جودة عالية" أو اتباع أساليب تراعي السلامة. بل حتى في أوروبا، هناك بعض الممارسين ممن عرضوا نماذج "تراعي السلامة" لتشويه الأعضاء التناسلية للأنثى وممارسة قطع الحد الأدنى من الأعضاء التناسلية وذلك امتثالاً للتقاليد.

وتتلازم هذه الظاهرة بازدياد مع اجراءات اللجوء التي تتضمن نظرة الخبراء غير الطبيين (كمسؤولي اللجوء) لمنح إضفاء الطابع الطبي على أنها إجراء بسيط ما يعني بالنسبة لهم أن تشويه الأعضاء التناسلية للأنثى لا يمثل اضطهاداً (خلافاً لتشويه الأعضاء التناسلية للأنثى "الأشد" المتبع تقليدياً). ومع ذلك، تشير خبرتنا التي امتدت 25 عاماً من علاج تشويه الأعضاء التناسلية للأنثى وتطبيبه والتدخلات الجراحية المقصود منها إصلاح الضرر الذي يخلفه تشويه الأعضاء التناسلية للأنثى إلى تحقق فهم مفصل حول واقع وأثر "إضفاء الطابع الطبي" ولا يوجد شيء يدفعنا للتردد في استنكار هذه الممارسات.

ممارسة تسبب الضرر تلقائياً

لقد أجرينا جراحة ترميمية على النساء اللواتي خضعن في السابق إلى تشويه الأعضاء التناسلية للأنثى وتمكنا من مقارنة تبعات ما يسمى بالممارسات الموافق عليها طبياً التي يؤديها المزاولون التقليديون.[1] وتبين في الخلاصة المباشرة والحتمية من أنَّ إضفاء الطابع الطبي كان عاملاً فظيعاً ومؤثراً في حالة تشويه الأعضاء التناسلية للأنثى بالنسبة للغالبية العظمى من الحالات.

تتألف ممارسة القطع الشعائرية من قطع القسم الأكبر أو الأصغر من حشفة البظر بإجراء قطع نظيف نوعاً ما يمتد إلى درجة معين نحو رأس جسم البظر. ويدرك ممارسو تشويه الأعضاء التناسلية للأنثى التقليديون تماماً الحد الأقصى الذي يمكنهم قطعه خاصة من ناحية النزيف ويفهمون أنَّ الطفلة التي يجرون عليها تشويه الأعضاء التناسلية للأنثى إن ماتت أثناء الممارسة لن تفيد سمعتهم ولن تساعد في استقطاب زبائن جدد. ونتيجة لذلك، تكمن المفارقة في أنهم بذلك يتجنبون المساس بجذع الأعصاب لحمايتها على أساس أن الإضرار بها سوف يؤدي إلى فتح الأوعية الدموية ما يؤدي في نهاية المطاف إلى نزف خارج عن السيطرة. وينطبق الأمر ذاته على الشفرين الصغرين والنسيج المهبلي الذين يصعب الوصول إليهما في حالة الفتاة المروَّعة الخاضعة للممارسة.

ومع ذلك، يتمكن المزاولون من خلال تطبيق التخدير الموضعي أو العام من إجراء القطع دون عائق على جسد مفتوح في وضع الراحة. والأسوء من ذلك أن الطبيب أو الجراح أو مزاول مهنة الرعاية الصحية يعلم كيفية منع النزف وهذا ما يتغلب على عوائق وجود الأوعية الدموية الرئيسية ويمكنه بذلك المبالغة بالقطع كما لاحظنا. وبالإضافة إلى ذلك، تزداد قدرة الممارسة في قطع المزيد من العضو إذا كان الممارس جراحا أو طبيب نسائية دون أي مخاطرة نظراً لمعرفته بذلك العضو في الجسد. وبذلك، كانت الحالات المضفى عليها الطابع الطبي المؤداة من قبل المتخصصين هي الأكثر استعصاءً على الإصلاح.

مخالفة قواعد الأخلاق

لا ينبغي استخدام الطب لأغراض مؤذية ضارة بل تمثل ممارسات العمل الطبي إزاء الشخص دون موافقته ورغماً عنه جريمة يعاقب عليها القانون. وإضفاء الطابع الطبي على تشويه الأعضاء التناسلية للأنثى ما هو إلا مخالفة صارخة لقواعد الأخلاق وتؤثر على مجتمع الرعاية الصحية بالكامل وتشوهه. وتاريخياً، نتج عن أي موقف آخر ممارسة مروعة مثل التجارب المعمولة خلال الهولوكوست أو خلال جلسات التعذيب المطولة. والأمر ذاته ينطبق على الدعم الطبي للممارسات المؤذية كتشويه الأعضاء التناسلية للأنثى.

وعلى مدار 25 عاماً الماضية، ساعدنا الطب في فهم حقيقة تشويه الأعضاء التناسلية للأنثى وتبعات تلك الممارسة. ويجب أن يساعد هذا الفهم الجديد في خدمة حاجات النساء. ويجب تجريم الطبيب أو مقدم الرعاية الذي يمارس تشويه الأعضاء التناسلية للأنثى على أنها جريمة بحق النساء اللواتي يضعن ثقتهن فيهم بل تلك ممارسة تضرب عرض الحائط أخلاقيات المهنة الطبية وتضر بمصالح المجتمع.

بيير فولدزpifoldes@gmail.comوفريدريك مارتس frederique.martz@gmail.com يعملان في معهد سانت جينيسك، سانت جيرمين أن لاي، فرنسا. www.institutensantegenesique.org



[1] جمعنا البيانات من دراسة ما يزيد على 250 حالة من حالات تشويه الأعضاء التناسلية للأنثى المضفى عليها الطابع الطبي (المنفذة في فرنسا). وبالإضافة إلى ذلك، تمكنا من خلال إجراء المقابلات مع مزاولي تشويه الأعضاء التناسلية للأنثى التقليديين من الحصول على فهم واضح لممارساتهم وتمكنا من دراسة الحالات الجراحية لـ 4500 حالة (جميعها خضعت لتشويه الأعضاء التناسلية للأنثى) من فهم الطبيعة الفيزيولوجية العلاجية لتشويه الأعضاء التناسلية للأنثى.

 

إخلاء مسؤولية

جميع الآراء الواردة في نشرة الهجرة القسرية لا تعكس بالضرورة آراء المحررين ولا آراء مركز دراسات اللاجئين أو جامعة أكسفورد.