التركيز على النُّزوح المرتبط بالمناخ

ينبغي للانتباه العالمي أن يضع التركيز الأكبر على تطبيق الممارسة المثلى وبناء المبادرات الإبداعية لحل مشكلة النُّزوح المرتبط بالمناخ بدلاً من التصارع مع التحركات الأكثر ندرة للأشخاص عبر الحدود.

تحتاج الدول والمجتمعات التي تواجه للتو مشكلة النُّزوح المرتبط بالمناخ ضمن حدودها إلى رفع مستوى الخبرات الفنية والمالية لديها لدرجة كبيرة كما ينبغي لها رفع مستوى الدعم لإيجاد الحلول لهذا التحدي الجديد. وتظهر الخبرات أنّ غالبية حالات النزوح المرتبطة بالمناخ لن تتعلق بقرارات الهجرة الفردية بل بالمخاطر التي تواجهها مجتمعات بأكملها. وتبين الخبرات أيضاً أنَّ المجتمعات غالباً ما ترغب في البقاء لكن الضرورة أحياناً قد تدفعها للانتقال جماعياً للبحث عن أرض أكثر أماناً تقدم لهم الدعم الاجتماعي-الاقتصادي بما في ذلك المدارس والمستشفيات وسبل كسب الرزق.

وربما يعود السبب في عدم إيلاء الاهتمام الكافي لهذه القضايا إلى أنَّ إعادة نقل المجتمعات قضية أكثر صعوبة من الناحية المفهومية والعملية من التركيز على قرارات الهجرة الفردية. وفي حالات نقل المجتمعات، تتبين ضرورة الحصول على تقديم الاستشارات المجتمعية الحقيقية وضرورة الاختيار الفعال لمواقع الانتقال والإعداد لها والدعم المستمر في مرحلة الانتقال. وكل ذلك ينطوي على تحديات عدا عن أنه يستهلك وقتاً كبيراً.

وهناك أيضاً عدم الرغبة الواضحة أو عدم القدرة على قبول فكرة ارتباط أحداث النُّزوح التي تقع الآن مع التغير المناخي، وربما سبب ذلك الصعوبة المتصورة في تحديد الرابط السببي الدقيق بين التغير المناخي ونزوح الفرد "معضلة السببية".

وبمقدور المانحين وغيرهم ممن يهتمون بقضية النزوح المرتبط بالمناخ دوراً محورياً في بناء الحلول الخلاَّقة وتطبيقها من خلال المساعدات السياسية والمالية والفنية والدعم المصمم لحل ذلك النزوح في أفضل طريقة ممكنة. ويتضمن ذلك حتمية تركيز الاهتمام على على النقل المخطط له للمجتمعات من المناطق المعرضة للأخطار الكبيرة بحيث تكون المجتمعات نفسها هي التي تقود العملية منذ بدئها. ولضمان تسلم النازحين إثر التغير المناخي ضمن الدول للدعم الكافي، يجب تحقيق نقلة استحقت منذ زمن في عقلية المجتمع الدولي.

تقدم مبادئ أشباه الجزر حول النزوح الداخلي المرتبط بالمناخ (المتفق عليها في أغسطس/آب 2013) إطاراً معيارياً وعملياً مفيداً لتحقيق هذا التغيير وتقديم الدعم.[i] وتقدم هذه المبادئ إطاراً متماسكاً قائماً على الحقوق للإعداد للنُّزوح الداخلي والاستجابة له بما في ذلك التدابير اللازمة لخفض مخاطر الكوارث والتكيف على المستوى المجتمعي ونقل المجتمعات المخطط له والتدابير التي يجب اتباعها خلال عملية تنفيذ الحلول المستدامة القائمة على الحقوق. وبُنيت المبادئ على قواعد قوامها المعايير القانونية الدولية والقانون العرفي والممارسات المثلى والخبرات في جميع أنحاء العالم.

وما زال الطريق طويلاً أمام الحكومات المنفردة والمجتمع الدولي للمضي قدماً في سبيل ضمان احترام وتحقيق حقوق كل نازح من النازحين نتيجة التغير المناخي خاصة الحقوق الأكثر استخطاراً وضعفاً مثل سبل كسب الرزق والسكن وحقوق الأراضي والممتلكات. وينبغي للدول أن لا تكتفي بمنع وقوع الانتهاكات على حقوق الأشخاص النازحين بسبب التغير المناخي بل يجب أيضاً أن تتخذ تدابير استباقية لإيجاد الأطر المؤسسية الشاملة (مع القوانين والسياسات والمؤسسات والبرامج المتخصصة) لمساعدة الدولة في الاستعداد استعداداً كافياً للنُّزوح المناخي والاستجابة الفعالة عند وقوع النزوح.

سكوت ليكيscott@displacementsolutions.orgمدير ومؤسس وإيزيكيال سيمبرنغام msimperingham@gmail.comمستشار قانوني دولي لدى مؤسسة حلول النُّزوح www.displacementsolutions.org.



[i] http://displacementsolutions.org/ds-initiatives/the-peninsula-principles. مجلد آخر: إصلاح النزوح المرتبط بالمناخ: مبادئ أشباه الجزر، ويضم المجلد تعليقاً قانونياً حول مبادئ أشباه الجزر وسوف تنشره دار روتليدج للنشر في 2015.

(Repairing domestic climate displacement: the Peninsula Principles)

 

إخلاء مسؤولية

جميع الآراء الواردة في نشرة الهجرة القسرية لا تعكس بالضرورة آراء المحررين ولا آراء مركز دراسات اللاجئين أو جامعة أكسفورد.