عملية قرطاجنة: 30 عامًا من الابتكار والتضامن

تتيح الذكرى الثلاثين لإعلان قرطاجنة عام 1984 الفرصة لتفحص إنجازات عملية قرطاجنة وخصائصها المميزة  التي تجعلها رائدة.

إعلان قرطاجنة بشأن اللاجئين لعام 1984 صك تاريخي إقليمي معني باللاجئين وقد ساهم في توسيع تعريف اللاجئ في أمريكا اللاتينية واقتراح مناهج جديدة لتلبية الاحتياجات الإنسانية للاجئين والمهجرين بروح من التضامن والتعاون.

المادة الثالثة (3): ... يتضمن تعريف أو مفهوم اللاجئ الموصى باستخدامه في المنطقة – إلى جانب عناصر اتفاقية عام 1951 وبروتوكول 1976 - اللاجئين الذين فروا من بلادهم بسبب تعرض حياتهم أو سلامتهم أو حريتهم للتهديد بسبب العنف المعمم أو العدوان الأجنبي أو النزاعات الداخلية أو الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان أو أي ظروف أخرى تحدث اضطرابًا في النظام العام.

وفي الذكرى الثلاثين لإعلان قرطاجنة، اجتمعت حكومتا أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي في البرازيل من 2-3 ديسمبر/كانون الأول 2014. وانتهى الاجتماع بتصديق 28 دولة وثلاثة أقاليم في أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي على إعلان البرازيل (إطار التعاون والتضامن الإقليمي لتعزيز الحماية الدولية للاجئين والمهجرين ومنعدمي الجنسية في أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي) وخطة العمل (خارطة طريق مشتركة لتعزيز إجراءات الحماية وتعزيز الحلول المستدامة لشؤون اللاجئين والمهجرين ومنعدمي الجنسية في أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي في إطار من التعاون والتضامن).

إعلان قرطاجنة بشأن اللاجئين لعام 1984، 22 نوفمبر/تشرين الثاني 1984، www.unhcr.org/45dc19084.html

 

قبل عشر سنوات، كنت أكتب عن عملية قرطاجنة +20، وطالما فكرت مليًا في مسيرة أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي في مجال حماية اللاجئين منذ إعلان قرطاجنة عام 1984.[i] وكنت أبحث عن العناصر المشتركة بين جميع عمليات قرطاجنة التذكارية التي أنتجت إعلانات إقليمية مهمة[ii] بالإضافة إلى أهم العناصر الفريدة في كل منهما. وجاء هذا التفكير في الوقت المناسب عند ختام الذكرى الثلاثين التي انتهت باعتماد إعلان البرازيل وخطة عمله[iii] من قبل 28 دولة و3 أقاليم في أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي.

ومن العناصر المشتركة استمرار تأكيد الدول المشاركة منذ 1984 على ضرورة تعزيز نظام الحماية الدولية للاجئين والمهجرين ومنعدمي الجنسية عن طريق الاهتمام بثلاثة محاور: أولًا، مركزية مبدأ "مناصرة حقوق الإنسان"،[iv] وثانيًا، موثوقية الصكوك الدولية المعنية باللاجئين ومنعدمي الجنسية، وثالثًا، التقارب بين القانون الدولي لحقوق الإنسان وقانون اللاجئين الدولي والقانون الدولي الإنساني والتكامل بينهم.  والأهم من ذلك أن أصبح لهذا الدفاع عن مبدأ الحماية الدولية مكان ملموس في أكثر البيئات العالمية تزمتًا على الإطلاق.

وعلاوة على ذلك، تؤكد جميع الإعلانات الإقليمية على ضرورة إيجاد حلول دائمة أو مستدامة بأن صدقت على مناهج واقعية ومرنة مع التشديد على أنَّ الحلول المستدامة لا تتأنى إلا في إطار من السلام واحترام حقوق الإنسان. وكنتيجة طبيعية، تؤكد جميع الإعلانات صراحة أو ضمنًا على أنَّ اللاجئين والمهجرين أطراف أساسية في إرساء أسس السلام.

وتدرك جميع الإعلانات أيضاً أهمية تعاون المجتمع الدولي وتشدد على مبادئ التضامن والتعاون وتقاسم المسؤولية على المستوى الإقليمي. وفي هذا الإطار الذي يُحمل المنطقة المسؤولية الأولى، تنشأ مساعي التعاون الدولي وتلقى ترحيبًا.

ومن المثير للاهتمام أننا نلاحظ عنصرين مشتركين آخرين. الأول، الطبيعة المفتوحة والحصرية والشاملة التي تتسم بها الحوارات بين الحكومات والمجتمع المدني (بما فيها، الأوساط الأكاديمية) والمنظمات الدولية والإقليمية المعنية. والثاني، قدرة المنطقة على توليد أفكار مبتكرة ومقترحات فعَّالة تساهم في إيجاد حلول للاجئين والمهجرين في أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي مساهمة ملموسة وجعلها أيضاً مجالاً للدراسة في المناطق الأخرى بالعالم وأدوات يمكن استخدامها هناك.

وعلى سبيل المثال، بدأ المؤتمر الدولي المعني باللاجئين في أمريكا الوسطى[v] في 1989 نتيجة  لعملية قرطاجنة ما فتح الطريق أمام طرح مبادرات ريادية، مثل: حوارات المنتدى الإقليمي المعني باللاجئات والعائدات والمهجرات التي مكنت آراء النساء في عمليات البحث عن حلول دائمة.[vi] ومهد ذلك أيضاً السبيل للاعتراف بحقوق النساء في الحصول على الوثائق الشخصية وامتلاك الأراضي وتمكينهن من تنظيم حركاتهن لتعزيز العودة الطوعية إلى الوطن.

العناصر المميزة في عملية قرطاجنة

يتميز إعلان قرطاجنة لعام 1984 خصوصًا  بتعريفه الموسع للاجئين [انظر المربع النصي] الذي كان صكًا مهمًا في حماية لاجئي أمريكا الوسطى في الثمانينيات وما زال كذلك عند آلاف اللاجئين في المنطقة والقارات الأخرى.

ولعل إعلان سان خوسيه (قرطاجنة +10) أقل الإعلانات الإقليمية شهرة وتوثيقًا بالرغم من رؤيته النافذة في وضع مجموعة مبادئ بشأن النُّزوح الداخلي قبل سنوات من صياغة المبادئ التوجيهية المتعلقة بالنزوح الداخلي. 

ويعد إعلان مكسيكو لعام 2004 (قرطاجنة +20) فريدًا لثلاثة أسباب. أولاً، رافق هذا الإعلان خطة عمل، ثانيًا، اشتملت خطة العمل على ثلاثة برامج مبتكرة لوضع حلول مستدامة أدت إلى الاحتفاء الشديد بمبادئ التضامن والمسؤولية المشتركة من خلال برامجها "مدن التضامن" و"إعادة توطين التضامن" و"حدود التضامن"، وثالثًا، توسيع نطاق المشاورات ليضم ثلاثة اجتماعات دون إقليمية أضفت مزيدا من الشرعية على العملية.

والآن، يسير إعلان البرازيل لعام 2014 على الطريق الذي رسم له في إعلان مكسيكو لاشتماله على خطة عمل طموحة للمدة ما بين 2015-2024. ويغطي عمل أحد برامجه دول منطقة البحر الكاريبي الإحدى عشرة بوصفها أعضاء كاملي العضوية  في العملية لأول مرة. ومن بين العناصر الأخرى الجديرة بالذكر التي تميز قرطاجنة +30 الدعوة للقضاء على انعدام الجنسية بحلول 2024، ووضع برنامج لانتقال الأيدي العاملة (يُسمى أيضاً "الحل الرابع")، والاتفاق على تحسين فهم العواقب الإنسانية، مثل: التَّهجير، للعنف الناتج عن الجريمة الدولية المنظمة والاستجابة لها.

وامتازت قرطاجنة +30 بأكبر عملية استشارية على الإطلاق منذ 1984 بأن عقدت أربعة اجتماعات دون إقليمية وحدث ختامي وزاري في البرازيل حظى بمشاركة جميع حكومات أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي تقريبًا والحكومات المراقبة الأخرى واللاجئين والنَّازحين داخليًا ومنعدمي الجنسية والهيئات الدولية والإقليمية وأكثر من 150 منظمة غير حكومية وممثلين للأوساط الأكاديمية. 

وقرطاجنة تلخيص لقدرة شبة القارة بأسرها الاستيعابية ورغبتها في إجراء تحليل دوري للتحديات الإنسانية التي تنتظرنا في المستقبل ولأزمة اللاجئين والنَّازحين داخليًا ومنعدمي الجنسية الحالية في المنطقة لتسلح نفسها بصك سياسي مشترك ومبادئ توجيهية (من خلال الإعلان) وبآليات التنسيق والتعاون والاستجابة (من خلال خطة العمل) لتلبية احتياجات الحماية والاحتياجات الإنسانية التي حُددت على نحو تعاوني.  ولا يوجد مثل هذا المنتدى في أي قارة أخرى.   

كارلوس مالدونادو كاستيلو maldonca@unhcr.org أحد موظفي مفوضية الأمم المتحدة السامية للاجئين الذين شاركوا في عام 1994 في الذكرى العاشرة لإعلان قرطاجنة بشأن اللاجئين والذي نسق دور المفوضية في عمليات قرطاجنة +20  وقرطاجنة +30. www.unhcr.org


[ii]  إعلان سان خوسيه بشأن اللاجئين والمهجرين، 7 ديسمبر/كانون الأول 1994: www.refworld.org/docid/4a54bc3fd.html، وإعلان مكسيكو وخطة العمل لتعزيز الحماية الدولية للاجئين  في أمريكا اللاتينية، 16 نوفمبر/تشرين الثاني 2004 : www.refworld.org/docid/424bf6914.html، وإعلان برازيليا بشأن حماية اللاجئين ومنعدمي الجنسية في الأمريكيتين، 11 نوفمبر/تشرين الثاني 2010 www.refworld.org/docid/4cdd44582.html

[iii]  إعلان البرازيل وخطة العمل، 3 ديسمبر/كانون الأول 2014 www.refworld.org/docid/5487065b4.html

[iv]  مبدأ أن تُفسر القوانين وتُطبق بأفضل الأساليب التي تحترم حقوق الإنسان للفرد.

 


 

إخلاء مسؤولية

جميع الآراء الواردة في نشرة الهجرة القسرية لا تعكس بالضرورة آراء المحررين ولا آراء مركز دراسات اللاجئين أو جامعة أكسفورد.