تشويه الأعضاء التناسلية للأنثى: حالة من قضايا اللجوء في أوروبا

تشير التقديرات إلى أن ما يقارب 71% من الإناث المتقدمات بطلب اللجوء في الاتحاد الأوروبي من البلدان التي تمارس تشويه الأعضاء التناسلية للأنثى هن من الناجيات من هذه الممارسة التقليدية المؤذية وقد حان الوقت لقبول أن يخضع ذلك الأمر يخضع لمزيد من التمحيص والتدقيق كما يتطلب استجابة أكثر اهتماماً.

قدرت مفوضية الأمم المتحدة السامية للاجئين أنَّ 18500 من أصل 25855 امرأة وفتاة من طالبي اللجوء في الاتحاد الأوروبي من بلدان تمارس تشويه الأعضاء التناسلية للأنثى في الأرباع الثلاثة الأولى من عام 2014 قد يكنّ من الناجيات من تشويه الأعضاء التناسلية للأنثى المعروف بختان الإناث أي ما يمثل 71% تقريباً من معدل انتشار ممارسة تشويه الأعضاء التناسلية للأنثى في منظومات اللجوء في الاتحاد الأوروبي. وتتضمن أهم البلدان التي تنتمي إليها تلك النسوة والفتيات كل من أريتيريا ونيجيريا والصومال وغينيا وإثيوبيا ومعظمها تشهد انتشاراً كبيراً جداً لمعدلات تشويه الأعضاء التناسلية للأنثى.[i] وتفضح هذه الأرقام زيف النظرة الشائعة جداً حول أن الممارسة ليست ذات أهمية إطلاقاً في منظومة اللجوء ولا تؤهل طالبة اللجوء للحصول على استجابة ورعاية خاصتين.

هناك عدد من التصورات المغلوطة بشأن تشويه الأعضاء التناسلية للأنثى التي قد تمثل عوائق أمام تلبية حاجات الحماية الخاصة ونقاط الاستضعاف التي تلازم النساء والفتيات. فكثير من العامين في منظومات اللجوء الأوروبية ليسوا على دراية بالممارسة المذكورة ومن الشائع أن نسمع أو نقرأ آراء تفيد أنَّ تشويه الأعضاء التناسلية للأنثى ليس مشكلة للنساء لأنه جزء من ثقافاتهن وأنَّ الآباء والأمهات المتعلمين ينبغي أن يكونوا قادرين على حماية بناتهن من تلك الممارسة وأن الفتيات المراهقات والشابات  اللواتي لم يتعرضن لذلك أكبر سناً من أن يتعرضن للخطر وأنّ الممارسة التي يزداد إضفاء الطابع الطبي لها إنما هي إجراء بسيط لا يترتب عليه أي عواقب وخيمة[ii] وأنَّ النساء ينبغي ببساطة أن يرفضن ممارسة عمل "القطع" وأن يمارسن تلك المهنة كما مارستها أمهاتهن من قبل. 

 وتستمد كثير من هذه التصورات المغلوطة أصولها من غياب الوعي اللازم حول البعد الجندري عامةً ودوره في هذه الممارسة التقليدية الضارة وكذلك لها أصول في محدودية أو انعدام معرفة الممارسة واختلافاتها من إقليم لآخر وتبعاتها التي تستمر مدى الحياة. وغالباً ما يقود ذلك إلى ظهور افتراضات غير صحيحة بشأن أشكال الاضطهاد التي تسبب خوفاً لتلك النساء والفتيات والمخاطر التي قد واجهنها في حالة العودة إلى الوطن، وكذلك تظهر افتراضات غير صحيحة بشأن الحماية التي تستحقها تلك الفئة والتدخلات المحددة التي تحتجنها خلال إجراءات اللجوء (وبعد ذلك في حالة التوطين في أوروبا) ومنع الممارسة من مجتمعات المنفى في أوروبا.

طلبات اللجوء المعقدة

في الأرباع الثلاثة الأولى من عام 2014، تمثلت أهم الدول التي تلقت طلبات اللجوء من النساء والفتيات القادمات من بلدان تمارس تشويه الأعضاء التناسلية للأنثى في كل من ألمانيا والسويد وفرنسا وسويسرا والمملكة المتحدة وهولندا وإيطاليا وبلجيكا والنرويج بالإضافة إلى الدانمارك التي دخلت القائمة تلك مؤخراً.

والحقيقة أن عدداً قليلاً من الدول تجمع المعلومات بناء على الأسس التي تقدم فيها طلبات اللجوء يحد من قدرتها على تحقيق فهم أفضل لدرجة تأثير تلك الظاهرة. فيجب إذن أن تضع منظومات اللجوء الأوروبية من ضمن أولوياتها ضرورة جمع البيانات الإحصائية الأفضل حول تشويه الأعضاء التناسلية للأنثى ولا بد من أن تتضمن تلك البيانات أعداد الناجيات من تشويه الأعضاء التناسلية للأنثى اللواتي تلقين المساعدة في مراكز اللجوء الأوروبية بالإضافة إلى عدد طلبات اللجوء التي تتضمن قضايا تشويه الأعضاء التناسلية للأنثى. لكن التقديرات تشير إلى أنَّ منظومات اللجوء في الاتحاد الأوروبي تتلقى بضعة آلاف من الطلبات في العام الواحد المبنية مباشرة على أساس تشويه الأعضاء التناسلية للأنثى ما يشير مجدداً إلى أنَ هذا الأساس لا يمكن إهماله عند النظر في طلبات اللجوء. وبالإضافة إلى ذلك، تتسم طلبات اللجوء تلك بالتعقيد وتتضمن مختلف نواحي المخاطر.

"هربت من بلدي نظراً للاضطهاد الذي خضعت له بسبب نشاطي ضد ممارسة الاستئصال[iii] ولمشاركتي السياسية للترويج لحقوق المرأة." حليماتو باري[iv]

وبالإضافة إلى الناشطات والنشطاء المضطهدين بسبب آرائهم والتزامهم للقضاء على ممارسة تشويه الأعضاء التناسلية للأنثى في بلدانهم الأصلية و/أو التهديد المتصور إزاء المعتقدات الدينية، تلقت الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي لطلبات اللجوء من:

  • النساء والفتيات (غير المصحوبات ببالغين أو المنفصلات عن ذويهن) ممن يسعين إلى الحماية من التعرض لتشويه الأعضاء التناسلية للأنثى سواء أكن قادمات مباشرة من بلدان تمارس تشويه الأعضاء التناسلية للأنثى أم يعشن في أوروبا تحت خطر التعرض لتشويه الأعضاء التناسلية للأنثى عند عودتهن لبلدانهن الأصلية.
  • النِّساء والفتيات اللواتي خضعن لتشويه الأعضاء التناسلية للأنثى ويسعين للحماية من التعرض مجدداً للاستئصال أو الختان الفرعوني أو ترميم البظر[v] عند الزواج (بما في ذلك زواج الأطفال[vi]) أو عند الولادة.
  • الآباء والأمهات الذين يطالبون بالحماية الدولة لحماية بناتهن من التعرض لتشويه أعضائهن التناسلية.
  • النساء الخاضعات لضغوط من العائلة والمجتمع لكنهن يرفضن أن يصبحن "خاتنات" في بلدانهن الأصلية.
  • النساء اللواتي خضعن لتشويه الأعضاء التناسلية للأنثى (غالبا أثناء وجودهن في أوروبا) ويخشين من التعرض لاستئصال أعضائهن التناسلية فور العودة إلى بلادهن.

وعندما يفر أفراد المجتمعات من بلادهم فهم يحضرون معهم تقاليدهم وعاداتهم التي قد تتضمن الممارسات التقليدية المؤذية ومنها تشويه الأعضاء التناسلية للأنثى. ووراء منظومة اللجوء، علينا أن نتعلم كيفية العمل مع المجتمعات المنفية في أوروبا الممارسة لتشويه الأعضاء التناسلية للأنثى لمنع تلك الممارسة في أوروبا. ويمكن الحصول على دروس مستفادة من التقدم المحرز في البلدان الأصلية خاصة فيما يخص كيفية تغيير ممارسة تشويه الأعضاء التناسلية للأنثى للمعايير الاجتماعية للمجتمعات الممارسة لها ومشاركة المجتمعات وتمكين النساء والفتيات والرجال أيضاً، شيبهم وشبابهم، للسعي نحو حث المجتمعات المعنية للتخلي عن تلك الممارسة.

"إنها مريعة ومؤلمة نفسياً وعاطفياً وجسدياً. أتمنى لو أن ذلك لم يحدث لي. فما حدث لي لا يمكن تغييره ولا يمكن له أن يختفي. وسيبقى الألم يصاحبني مدى الحياة." (أفراح أحمد)[vii]

 

فيديلا نوفاك-أيرونز novakfa@unhcr.org مسؤولة رئيسية للإنماء (الحماية) في مركز التعلم العالمي التابع لمفوضية الأمم المتحدة السامية للاجئينwww.unhcr.org مع جزيل الشكر لكل من زوا كامبيليا وجيسيكا دافيلا، مقيمتان في مكتب مفوضية الأمم المتحدة السامية للاجئين لأوروبا على مساعدتهما في جمع بيانات عام 2014.



[i] انظر مفوضية الأمم المتحدة السامية للاجئين (2014): ألم لا يحتمل: تشويه الأعضاء التناسلية للأنثى واللجوء في الاتحاد الأوروبي- تحديث إحصائي. www.refworld.org/pdfid/5316e6db4.pdf لمزيد من المعلومات حول عمل مفوضية الأمم المتحدة السامية للاجئين للقضاء على تشويه الأعضاء التناسلية للأنثى انظر www.unhcr.org/pages/5315def56.html

(Too Much Pain: Female Genital Mutilation & Asylum in the European Union - A Statistical Update)

[ii] انظر مقالة فولدز.

[iii] الاستئصال: نوع من أنواع تشويه الأعضاء التناسلية للأنثى (يُستخدم في فرنسا للإشارة إلى تشويه الأعضاء التناسلية للأنثى عموماً)

[iv] في مفوضية الأمم المتحدة السامية للاجئين (2014): ألم لا يحتمل- أصوات اللاجئات

(Too Much Pain – the Voices of Refugee Women)

www.youtube.com/watch?v=pW3TFcLIXiw

[v] الختان الفرعوني: يقصد به العمل الجراحي الذي يزيل الجزء الخارجي من الأعضاء التناسلية للأنثى وتخييط الفرج. ترميم البظر: هو الجراحة الترميمية للندبة الباقية بعد الختان الفرعوني.

[vi] يساء فهم زواج الأطفال في منظومة اللجوء إذ يُخلط في أغلب الأحيان بينه وبين الزواج "المخطط له دون موافقة المخطوبة" (وهذا النوع مقبول ثقافياً) بدلاً من فهمه على أنه إخضاع الفتاة لدور جندري استسلامي. وبهذا المعنى، يماثل غرض هذا الممارسة مع تشويه الأعضاء التناسلية للأنثى. وتنتشر ممارسات تزويج الأطفال عامة في بعض البلدان.

[vii] ناشطة مناهضة لتشويه الأعضاء التناسلية للأنثى، في مفوضية الأمم المتحدة السامية للاجئين (2014) ألم لا يحتمل-أصوات اللاجئات

(Too Much Pain – the Voices of Refugee Women)

 

إخلاء مسؤولية

جميع الآراء الواردة في نشرة الهجرة القسرية لا تعكس بالضرورة آراء المحررين ولا آراء مركز دراسات اللاجئين أو جامعة أكسفورد.