وضع إجراءات الحماية المؤقتة في أفريقيا

قد تحسن ترتيبات الحماية المؤقتة الرسمية في أفريقيا على نحو ملموس وصول المهجَّرين العابرين للحدود بسبب الكوارث إلى الأراضي والتمتع بحقوق الإنسان. ويجب أن تجري هذه الترتيبات في ضوء التزامات الحماية القائمة في الدول.

يحق لبعض المهجَّرين العابرين للحدود بسبب الكوارث وآثار تغير المناخ في أفريقيا الحصول على الحماية بوصفهم لاجئين إما بموجب اتفاقية اللاجئين لعام 1951 أو بموجب اتفاقية اللاجئين في إفريقيا لعام 1969. إلاَّ أنَّ الأطر السياسية والقانونية القائمة في إفريقيا غير كافية لضمان تمتع جميع المهجَّرين بسبب الكوارث، بما فيهم المهجَّرون بسبب الجفاف والفيضانات والبراكين والتصحر، بالحماية خارج بلدانهم الأصلية. وقد خلصت الجولة التشاورية لمبادرة نانسن الإقليمية التي عقدت في القرن الأفريقي بتاريخ مايو/أيار 2014 إلى ضرورة مراعاة الدول الإفريقية "وضع إجراءات الحماية المؤقتة وتفعيلها في سياقات الكوارث مع المُهجَّرين العابرين للحدود الذين لا تنطبق عليهم اتفاقية اللاجئين في إفريقيا لعام 1969 ولكنهم بحاجة للحماية والمساعدة الدولية".[i]

والسماح باللجوء المؤقت للجيران الذين يمرون بمحنة، مثل: سياقات الكوارث، تقليد مهم في أفريقيا. وفي 2002، سُمح للفارين من ثوران بركان نيراجونجو في جمهورية الكونغو الديمقراطية بالبقاء في أوغندا حتى أصبحت الأجواء آمنة للعودة إلى وطنهم بالرغم من عدم منحهم وضع اللاجئين. وفتحت بوتسوانا وتنزانيا كذلك ذراعيهما للفارين من الفيضانات في الدول المجاورة. بيد أن تلك الترتيبات عامة كانت وقتية وغير رسمية إذ اعتمد المهجَّرون العابرون للحدود على عطف المجتمعات المضيفة والمنظمات غير الحكومية لضمان سلامتهم ونجاتهم.

ووفقًا لمبادئ مفوضية الأمم المتحدة السامية للاجئين التوجيهية الجديدة بشأن ترتيبات الحماية المؤقتة أو البقاء، الحماية المؤقتة "أداة واقعية" الغرض منها "توفير الملتجأ للفارين من الأزمات الإنسانية".[ii] ومن الناحية العملية، انتقدت ترتيبات الحماية أحيانًا بسبب طبيعتها التَقْدِيرِيّة والمؤقتة وبسبب استخدام الدول لها كذريعة للتحايل على التزاماتها الأكثر شمولية بتوفير الحماية بموجب القانون الدولي للاجئين وقانون حقوق الإنسان.

البناء على الترتيبات القائمة

على ضوء هذه الخلفية، أوصت الجولة التشاورية لمبادرة نانسن الإقليمية في القرن الأفريقي بأن "تُبنى" إجراءات الحماية المؤقتة "على القوانين والسياسات والممارسات القائمة في المنطقة". وبهذا، ستعزز هذه المنهجية إجراءات الحماية المؤقتة في الدول الإفريقية وستساعد أيضاً في ضمان اتساق هذه الإجراءات مع التزامات الدول القائمة تجاه توفير الحماية بموجب الصكوك الدولية والإقليمية وكذلك القانون العرفي.

وقد أعربت بالفعل الدول الإفريقية عن التزامها بمعالجة قضية التَّهجير بسبب الكوارث. ويتناول إطار سياسات الهجرة في أفريقيا الذي اعتمدته الدول الأعضاء في الاتحاد الأفريقي في 2006 الكوارث والعوامل البيئية الأخرى بوصفها مصادر رئيسية للتَّهجير ويوصي بمعالجة هذه الحقيقة عن طريق سياسات الهجرة الوطنية والإقليمية. وبالرغم من أن اتفاقية الاتحاد الأفريقي لحماية المهجرين ومساعدة النازحين داخلياً في أفريقيا (تعرف أيضًا باسم اتفاقية كمبالا) لا تعالج التَّهجير العابر للحدود، فقد صاغت إدراك الدول لاحتياجات الحماية لدى المهجَّرين بسبب الكوارث بإدراجها في تعريفها للنازحين داخليًا الأشخاص الذين أجبروا على الفرار من ديارهم بسبب آثار "الكوارث الطبيعية أو التي من صنع الإنسان" أو رغبة في تجنب عواقبها.[iii]

وحتى تعزز إجراءات الحماية المؤقتة الحماية في المنطقة بدلًا من أن تقوضها، يجب أن تتسق -كحد أدنى - مع الالتزامات القائمة للدول الأفريقية بموجب القانون الدولي والإقليمي. وقد تُمثل الأطر السياسية والقانونية الإقليمية القائمة أيضاً أساسًا مفيدًا للتفاوض بشأن ترتيبات الحماية المؤقتة في أفريقيا وآليات وضعها من خلال صياغة مبادئ تتفق عليها الدول فعليًا ويمكن أن تمتد لتغطي المهجَّرين بسبب الكوارث.

وكحد أدنى، يجب أن توضع إجراءات الحماية المؤقتة في إفريقيا على نحو يحترم التزامات الدول بمبدأ عدم الإعادة القسرية بموجب صكوك حقوق الإنسان الدولية والإقليمية بحيث يُحظر على الدول بموجبه إعادة الأشخاص إلى أراضيهم حيث يهددهم خطر التعرض لأنواع معينة من الأضرار. وقد يشمل هذا الحظر أيضًا الظروف في بعض المناطق المتضررة بسبب الكوارث في الحالات التي يكون فيها الضرر الذي ينتظر العائدين وشيك وخطير للغاية.

وبالإضافة إلى ذلك، يفترض اتساع نطاق تقديم الدول الإفريقية للجوء المؤقت للسكان المتضررين من الكوارث القادمين من الدول المجاورة أهمية وضع قاعدة عرفية إقليمية لتوفير الحماية، بالرغم من أن الدول الإفريقية ترى السماح باللجوء المؤقت عامة في ظل هذه الظروف من مبادئ الضيافة الإفريقية وحُسن الجوار وليست التزامًا قانونيًا.

وعلى الدول الأعضاء في الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب لعام 1981 (ميثاق بانجول) أن تكفل مجموعة من الحقوق، مثل: حق الشخص في الحياة والكرامة وحرية التنقل داخل الدولة والحق في مغادرة الدولة والعودة إلى موطنه وحقوق الملكية والصحة البدنية والعقلية لكل فرد داخل أراضيها بما فيهم غير المواطنين. والأهم من ذلك، وعلى النقيض من معظم صكوك حقوق الإنسان الدولية، لا يشتمل الميثاق الإفريقي على مادة استثنائية ما يعني عدم إمكانية تبرير تحديدات الحقوق التي ينص عليها الميثاق لحالات الطوارئ أو الظروف الخاصة الأخرى. وحتى تتماشى إجراءات الحماية المؤقتة مع التزامات الدول تجاه حقوق الإنسان يجب ضمان هذه الحقوق للمستفيدين من الحماية المؤقتة.

حماية اللاجئين

ومثلما ذكرنا سابقًا، بعض الناس - على الأقل – مُهجَّرون بسبب الكوارث والآثار السلبية لتغير المناخ ويستحقون الحماية بموجب قانون اللجوء الدولي والإقليمي. وتقر الوثيقة الختامية  التي أفرزتها الجولة التشاورية لمبادرة نانسن الإقليمية في القرن الأفريقي بإمكانية تطبيق اتفاقية عام 1969 - وخاصة عبارة "أحداث تزعزع استقرار النظام العام على نحو خطير" - في أوقات الكوارث وعلى الأقل في حالات تعسر توفير الحماية والمساعدة للمجتمعات المتضررة بسبب النزاع. وكان هذا هو الحال في 2011 عندما فر عشرات الآلاف من الجفاف والمجاعة في جنوب الصومال ومُنحوا وضع اللاجئين فور دخولهم أراضي كينيا.

وحماية اللاجئين في حد ذاتها "مؤقتة"، أي أنَّها لا تكفل حق الإقامة الدائمة فضلاً عن أن مدتها محددة بمواد وقف تنهي وضع اللاجئين فور تغير الظروف في الموطن الأصلي للاجئين. ولكن طالما بقي الفرد لاجئاً بموجب قانون اللجوء، يحق له التمتع بمجموعة شاملة من الحقوق التي تكفلها أنظمة اللجوء الدولية والإقليمية. ويجب ألا يقوض وضع إجراءات الحماية المؤقتة في إفريقيا أو يعوق إعطاء الحقوق الخاصة باللاجئين للمؤهلين بالحصول على وضع اللاجئين.

ترتيبات حرية التنقل

أخيرًا، يمكن وضع تدابير الحماية المؤقتة في أفريقيا بناء على الأطر القائمة المعنية بحرية تنقل الأشخاص بين الدول في المنطقة. وقد أوصت الجولة التشاورية لمبادرة نانسن الإقليمية في القرن الأفريقي، على سبيل المثال، بتطبيق ترتيبات حرية التنقل القائمة حالياً في المجتمعات الاقتصادية الإفريقية دون الإقليمية، مثل: جماعة شرق أفريقيا والهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية، بطريقة تسهل دخول المهجَّرين في أوقات الكوارث.

ومن المهم ملاحظة أنَّ ترتيبات حرية التنقل غير معنية بالحماية ولكنها وضعت لتعزيز التنمية الإقليمية وتيسير حركة الأيدي العاملة بين الدول. ولهذا، لا تعالج هذه الترتيبات احتياجات الأشخاص المهجَّرين وأحيانًا تُعطل في أوقات الطوارئ، مثل: الكوارث، وقد يعتمد تفعيلها على من يتمكنون من الحصول على وثائق الهوية وإيجاد فرص عمل. ومع ذلك، قد ييسر تخفيف شروط الدخول بين الدول الإفريقية حرية تنقل المتضررين أو المحتمل تضررهم بسبب الكوارث وتغير المناخ. وعلى سبيل المثال، في فبراير/شباط 2014 وقعت حكومات كينيا وأوغندا ورواندا اتفاقية تسمح للمواطنين بالسفر بين الدول الثلاثة باستخدام بطاقات الهوية الوطنية. وعلى المستوى العملي، يمكن استخدام مثل هذه الترتيبات للمساعدة في دخول المهجَّرين وإدارة شؤونهم بموجب نظام الحماية المؤقت.

وعليه، قد يُحسّن وضع إجراءات الحماية المؤقتة الرسمية في إفريقيا للمهجرين في سياق الكوارث وتغير المناخ على نحو لا يُستهان به توفير الحماية للفارين العابرين للحدود قسرًا. وبإخراج الحماية من إطار الترتيبات الوقتية وغير الرسمية، يصبح نظام الحماية المؤقتة قادر أكثر على ضمان الوصول للأراضي المضيفة والتمتع بحقوق الإنسان وسيعزز تحقيق استقبال أكثر اتساقًا ومعاملة أفضل للمهجرين بسبب الكوارث خارج بلدانهم الأصلية. ولتحقيق ذلك، على إجراءات الحماية المؤقتة التماشي مع الالتزامات القائمة للدول الإفريقية تجاه الحماية بموجب صكوك حماية اللاجئين أو صكوك حقوق الإنسان الأخرى.

تمارا وود tamara.wood@unsw.edu.au مرشحة لنيل درجة الدكتوراه في جامعة نيو ساوث ويلز www.law.unsw.edu.au وكانت خبير قانوني استشاري للجولة التشاورية لمبادرة نانسن الإقليمية في القرن الأفريقي.

 

إخلاء مسؤولية

جميع الآراء الواردة في نشرة الهجرة القسرية لا تعكس بالضرورة آراء المحررين ولا آراء مركز دراسات اللاجئين أو جامعة أكسفورد.