الشبكات و’الحق في المدينة‘ في ميديلين، كولومبيا

اتسم العمل الجماعي للنازحين الداخليين في ميدلين بالتنوع والاستراتيجية.

خلال السنوات العشر الماضية، استقبلت مدينة ميدلين في كولومبيا ما يزيد على 300 ألف نازح بسبب العنف.  وعندما لا تُتَاح أمامهم أي خيارات أخرى سوى الاستسلام للفشل، تصبح عملية الاستقرار في أي مكان آخر عندئذ في حد ذاتها في المقام الأول نوعاً من العمل الجماعي في المدينة.  فوجود كثير من المنازل والأسر يُوجِدُ مجتمعاً محلياً ولكنه يتطلب بذل مزيد من الجهود للحصول على الخدمات والمرافق الجماعية الأساسية مما أدّى بالتالي إلى ظهور أشكال اجتماعية ومجتمعية محلية من العمل الجماعي في ميديلين.

وتجسِّد هذه الأنشطة تعبيراً عن ‘الحق لالمدينة’[1] وذلك في الأماكن التي انتهى إليها الناس. فقد تحولت الاستيطانات الجماعية إلى مقاطعات ضمن الأحياء القائمة بالفعل والمعترف بها على أنها كيانات إدارية داخل نطاق البلدية. وما زالت بعض هذه القطاعات الجديدة تُقبَل في القائمة الرسمية للمقاطعات في حين أن بعض القطاعات الأخرى تواجه المعارضة الشديدة وينتهي بها الحال إلى أن تُستَأصل عن بكرة أبيها. وأصبح النضال من أجل الحصول على الاعتراف الرسمي جزءاً من الذاكرة الجماعية للنازحين وكذلك أصبح الاسم الذي يطلقه النازحون على المستوطنات هو الاسم للمقاطعة الرسمية وأحياناً يكون هذا الاسم هو اسم موطنهم الأصلي وأحياناً أخرى يكون اسماً جديداً يعكس بداية جديدة للمجتمع المحلي.

وفي أثناء عملية اتخاذ مدينة ميديلين وطناً جديداً لهم، وجد النازحون الداخليون سبلاً لتشكيل البُنَى التنظيمية أو المشاركة في المنظمات المجتمعية القائمة.  وتعد تلبية حاجات النازحين هدفاً مشتركاً بما يتضمن تعاملاتهم مع الدولة إذ إنهم أسسوا منظمات تُركِّز على المطالبة بضمانات حقوقهم في النزوح أو حماية تلك الضمانات إن كانت موجودة.

وأدّى العمل الجماعي للنازحين أيضاً إلى مشاركتهم في الحياة السياسية كما كان له تأثيره على جوانب الإدارة في المدينة. وربما تكون هناك فرص أخرى لفعل ذلك في مجموعة متنوعة من الظروف، نذكر منها على سبيل المثال مقاومة أوامر الإخلاء، وفي أثناء إبداء مطالباتهم التي تتجسد في شغل الكنائس والمباني العامة، أو من خلال تقديم التماسات رسمية وما شابه ذلك وكذلك من خلال إقامة المسيرات والاعتصامات الاحتجاجية أو الاحتفالية، ومن خلال إقامة العلاقات مع المنظمات غير الحكومية الأخرى، ونقابات العمال، وجمعيات المزارعين. وفي عام 2005، شُكِّل تحالف بين المنظمات الحكومية وغير الحكومية بما فيها التحالفات التي أقامها النازحون مما أدى بالنتيجة إلى إعداد اجتماع طاولة مستديرة، وتشكيل لجنة ووحدة فنية للتعامل مع ‘ضحايا’ النازحين داخلياً في ميديلين.

وبطريقة أو بأخرى، أسس النازحون داخلياً علاقات مع عدد كبير من الفاعلين الاجتماعيين والمؤسسين مثل جامعة أنتيوكيا التي ساعدت النازحين داخلياً في الوصول إلى المساعدة الطبية والنفسية والحصول على المشورة السياسية والقانونية. وكان طلاب وأساتذة الكليات والجامعات على رأس من تولوا قيادة هذا العمل واضعين جُلّ اهتمامهم على المجتمعات المستضعفة والضحايا. فعلى سبيل المثال، عملت وزارة الطب الوقائي والصحة العامة التي أجرت عدداً من الدراسات التغذوية على سكان هذه المجتمعات المحلية، في حين أدت تفاعلات المجتمع المحلي مع طلاب وأساتذة كليات العلوم السياسية والحقوق إلى تشجيع النازحين الداخليين على رفع مجموعة من الدعاوى القضائية ضد الدولة يطالبونها بتوفير مياه صالحة للشرب لمجتمع فيريدا جرانيزال في بلدية بيلو ويطالبونها أيضاً ببناء وإدارة خطة لتنمية المجتمع المحلي للأشخاص هناك الذين يمثل النازحون الداخليون الأغلبية منهم.  

 

جوناثان أليخاندرو ميرسيا Jonathan.murcia@udea.edu.co

باحث، معهد الدراسات السياسية، جامعة أنتيوكيا

جيمس جيلبرتو غرانادا فاهوس James.granada@udea.edu.co

محاضر وباحث، معهد الدراسات السياسية، جامعة أنتيوكيا

www.udea.edu.co



[1] مصطلح استحدثه هينري ليفي بفري في كتابه المنشور عام 1968 بعنوان الحق لالمدينة (Le Droit à la ville).

 

إخلاء مسؤولية

جميع الآراء الواردة في نشرة الهجرة القسرية لا تعكس بالضرورة آراء المحررين ولا آراء مركز دراسات اللاجئين أو جامعة أكسفورد.