الهجرة القسرية للمواطنين المُعولَمين

تعني التدفقات المستمرة للأشخاص والمعلومات عبر الحدود في وقتنا الحاضر أن المجتمع الدولي يشعر بوجوب تدخّله عند حدوث حالة للطوارئ، ليس بدافع التضامن فحسب، بل بسبب إمكانيّة تعرّض مواطنيه للخطر.

ومع ذلك،بينما تظهر فكرة رعاية الدول لمواطنيها على أنّها من الواجبات البديهية، فهل من الممكن أن تزيد أفعال هذه الدول الطين بِلّة؟ فالأزمات – التي لا تميّز بين الجنسيّات –تميل إلى جعل الدول الأجنبيّة تتّخذ إجراءات إغاثية خاصة لمواطنيها في الخارج، لكن من غير الواضح إذا ما كانت الدول الأجنبية قادرةً على إيصال ما تنوي أو ما يجب عليها فعله، كما أنّ كون الشخص مهاجر لا يكون بالضرورة عاملاً من عوامل الاستضعاف، كما لا يكون المهاجرون في العادة أكثر الفئات السكانية عرضةً للخطر.

في شهر آذار/مارس من عام 2012، واجهت مدينة سِنداي اليابانية أزمة ثلاثية: فتعرّضت لزلزالٍ وتسونامي وخطر إشعاعيّ. وبما أنها ليست مقصداً أساسياً للسياح أو بوتقة تجارية دولية، فلا يوجد فيها بعثات دبلوماسية كثيرة. وزار المدينةَ تسعة عشر فريقاً قنصليّاً على الأقل من طوكيو، ومن الواضح أن سبب تلك الزيارة كان تقييم حاجات أبناء بلادتلك الفرق. وحيث إنّ تلك المدينة لم تتأثّر كثيراً كما الحال في المناطق الساحليّة، لم تكن التقييمات هي السبب الفعلي لعمليات الإخلاء المتعدّدة التي أُجرِيَت في المدينة خلال الفترة الممتدة بين 13 و20 آذار/مارس، حيث بلغ عدد الأشخاص عدّة آلاف –أُخلِيَ المواطنون المتجنِّسون والأزواج اليابانيّون في بعض الحالات، بينما رُفِضوا في حالاتٍ أخرى.

وتبِع أوّل إخلاء رسمي موجة تهجيرٍ رسيمةٍ وغير رسميّة للأفراد والجماعات، بالإضافة إلى حركاتٍ غطّتها وسائل الإعلام المحليّة والعالميّة على نحوٍ ملحوظ. هناك أمران لا بد من التركيز عليهما. فمن بينالنتائج غير المقصودة لعمليات الإخلاء الرسميةحدوث فوضى بسبب الذعر عندما أتاحت الفرق القنصليّة الفرصة لمغادرة المدينة. والأمر الثاني أن تعبير "أجنبي" مصطلح فضفاض جداً لا يسمح بإضفاء صفة عدم التمييز على الإجراءات المتخذة، مثلما كان هناك تقاريرٌ تفيد بوجود حالاتٍ أُرغِم فيها الناس على المغادرة لأن حكوماتهم كانت تأمرهم بذلك على اعتبار أنَّهم"أجانب".

وأخيراً، تسبب عمليات الإخلاء التي تجريها الفرق القنصلية إرباكاً للبروتوكولات الموضوعة للأعمال الإنسانية بطرقٍ مختلفةٍ كثيرة. فالعمليات التي تنفذها البلدان الأجنبية حيال رعاياها في دول أخرى لا تعني بالضرورة استهدافها لأكثر الأشخاص استضعافاً من مواطنيها أو من غير مواطنيها، كما أن هذه العمليّات تضغط على الموارد النادرة. وغالباً ما يتّجه التركيز على الأجانب خلال الأزمات نحو التعامل مع الرأي العام واللوجستيّات في بلادهم الأصليّة، وليس نحو الأمن الفعليّ للأشخاص الموجودين في المنطقة التي توجد فيها الأزمات.

لا يوجد حلولٌ بسيطة لهذا النوع من الهجرة القسرية على نحوٍ طوعيّ. ويكمن أحد الجذور المهمّة لهذه المشكلة في الفكرة المبالغ بها حول مسؤولية الدولة وفي ضآلةالاهتمام الذي تلقّته فكرة "الانتماء"، بمعنىإمكانيّة أن ينظر المرء لنفسه على أنه فرد من أبناء المجتمع المحلي حتى لو لم يكن مواطناً وأنه بذلك يستحق الحماية في أوقات الأزمات. وفي سياق الحديث عن عالمٍ مُعَولَم، يجب علينا أن نعترفأنَّ حجمالتحرك البشري يجعل الاستجابات التقليديّة للأزمات غير مناسبة في بعض الأحيان.

 

أوسكار أ. غوميز Gomez.Oscar@jica.go.jp باحثٌ في الهيئة اليابانية للتعاون الدولي– معهد البحوث في طوكيو – اليابان. http://jica-ri.jica.go.jp/index.html

إخلاء مسؤولية

جميع الآراء الواردة في نشرة الهجرة القسرية لا تعكس بالضرورة آراء المحررين ولا آراء مركز دراسات اللاجئين أو جامعة أكسفورد.