Skip to content
المهاجرون والمهاجرات المفقودون.. من الالتزامات إلى الأفعال: دور الدبلوماسية الإنسانية
  • أنجيلا كوترونيو وفلوريان فون كونيغ
  • May 2025
اللجنة الدولية للصليب الأحمر تشارك في منتدى استعراض الهجرة الدولية لعام 2022. حقوق الصورة: فلوريان فون كونيغ

تشكل الدبلوماسية الإنسانية متعددة الأطراف على المستويين العالمي والإقليمي، بما في ذلك الحوارات عبر الإقليمية، عنصرًا أساسيًا في حشد جهود الدول لمعالجة حالات المهاجرين والمهاجرات المفقودين.

ينص الهدف الثامن من أهداف الاتفاق العالمي من أجل الهجرة الآمنة والمنظمة والنظامية (GCM) لعام 2018 على التزام بـ”إنقاذ الأرواح البشرية وبذل جهود منسقة على الصعيد الدولي بشأن المهاجرين المفقودين”. وأدت إضافة هذا الهدف إلى إدراج مسألة الأشخاص المهاجرين المفقودين على جدول الأعمال العالمي من خلال إرساء مجموعة من الالتزامات السياسية بشأن كيفية معالجة محنتهم. لكن بمجرد انتقال الاتفاق إلى مرحلة التنفيذ، تحول هذا الإنجاز إلى تحدٍ: فكيف يمكن وضع هذه الالتزامات العالمية موضع التنفيذ على أرض الواقع للحيلولة دون وقوع وفيات وحالات اختفاء ولتحسين جهود البحث على طول طرقات الهجرة؟

أظهرت جولة الاستعراض الأولى للاتفاق، والتي عُقدت بين عامي 2020 و2021، تنفيذًا محدودًا بشكل لافت في تطبيق الهدف الثامن، إذ لم يبلغ عن إحراز أي تقدم فيه سوى عدد قليل فحسب من الدول[1]. وأصبح من الواضح أيضًا وجود خطر إساءة تفسير الدول لالتزاماتها على خلفية النهج السائد الذي يركز على الأمن في التعامل مع الهجرة (في مقابل النهج الذي يركز على الحماية ويستند إلى الحقوق)، حيث يمكنها الادعاء بأن منع رحلات المهاجرين والمهاجرات (الخطيرة) ما هو إلا وسيلة بديهية لإنقاذ حياتهم.

ولم يكن إحجام الدول عن الانخراط بشكل ملموس في قضية المهاجرين المفقودين أمرًا مفاجئًا. فكثيرًا ما ارتبطت حالات وفاة المهاجرين والمهاجرات واختفائهم بسياسات وممارسات تقييدية (بشكل مباشر أو غير مباشر) متعلقة بالهجرة، وبالتالي فهي قضية حساسة تخضع للتسييس في كثير من الأحيان. علاوة على ذلك، تُشكّل التعقيدات المرتبطة بعمليات البحث وتحديد الهوية عبر الحدود الوطنية، والافتقار إلى الخبرة الفنية المُعتمدة في هذا المجال، عقبات أيضًا. وأخيرًا، أدى غياب وكالة قيادية فعّالة، تجمع بين النفوذ السياسي والحضور العملي، والافتقار إلى مسار عمل مُخصص لشبكة الأمم المتحدة للهجرة، إلى ظهور المزيد من العوائق أمام التنفيذ خلال السنوات الأولى التي أعقبت اعتماد الاتفاق العالمي من أجل الهجرة الآمنة والمنظمة والنظامية.

يتناول هذا المقال كيف استطاعت جهود الدبلوماسية الإنسانية متعددة الأطراف ومتعددة الجوانب المبذولة منذ عام ٢٠٢٢ عكس هذا التوجه. فقد مكّن العمل الذي قام به تحالف متنامٍ يضم اللجنة الدولية للصليب الأحمر، والمنظمة الدولية للهجرة، والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، والاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر، بدعم من جهات فاعلة أخرى، من إحراز تقدم ملموس في تعزيز الجهود المنسقة للدول من أجل معالجة قضايا المهاجرين والمهاجرات المفقودين، وهو مثال على مخطط واعدٍ للمضي قدمًا.

المشاركة على المستوى العالمي

اتُبع من البداية نهجٌ من شقين: الشق الأول عبارة عن بذل جهدٍ لتنشيط وتعزيز إطار الالتزامات الهام الذي ينصُّ عليه الاتفاق العالمي من أجل الهجرة الآمنة والمنظمة والنظامية؛ أما الثاني فيتمحور حول التركيز (وفقًا لمنطقٍ قائمٍ على الطريق) على المنظمات والهيئات الإقليمية ودون الإقليمية كعوامل لحشد الدول. وقد استفاد هذا النهج استفادةً بالغةً من التفاعل الداعم المتبادل مع عمل هيئات حقوق الإنسان العالمية والإقليمية، بما فيها اللجنة المعنية بحالات الاختفاء القسري [2] التابعة للأمم المتحدة واللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب[3].

ونظرًا للواقع المقلق الذي تكشف عن التنفيذ المبكر للهدف الثامن، سعت اللجنة الدولية للصليب الأحمر والمنظمة الدولية للهجرة إلى الاستفادة من منتدى استعراض الهجرة الدولية الأول (الذي يرصد التقدم المحرز في تنفيذ الاتفاق العالمي من أجل الهجرة الآمنة والمنظمة والنظامية) المنعقد في عام 2022 للدفع نحو زيادة التركيز على الهدف الثامن وإعادة التأكيد على أهمية المهاجرين والمهاجرات المفقودين وعائلاتهم. ومنذ البداية، كان التعاون بين اللجنة الدولية للصليب الأحمر والمنظمة الدولية للهجرة ركيزة أساسية، وذلك بفضل بيانات المنظمة وتحليلاتها ومدى انتشارها وتأثيرها، إلى جانب الخبرة الفنية للجنة الدولية للصليب الأحمر ووجودها على الأرض وخبرتها الطويلة في العمل من أجل الأشخاص المفقودين وعائلاتهم في حالات النزاع المسلح والعنف. وقد أدى توسيع هذا التحالف من خلال البيان المشترك الذي صدر عن كل من شبكة الأمم المتحدة للهجرة، واللجنة الدولية للصليب الأحمر، والاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر، بشأن المهاجرين والمهاجرات المفقودين في أوائل عام 2022 إلى زيادة قدرة التحالف على إفادة نتائج إجراءات منتدى استعراض الهجرة الدولية وعلى المرحلة التالية من تنفيذ الاتفاق العالمي من أجل الهجرة، والتأثير عليهما[4].

وبعد بذل جهود منسقة لكسب الدعم، طلبت الجمعية العامة للأمم المتحدة من الأمين العام للأمم المتحدة في الفقرة 76 من إعلان التقدم المحرز الصادر عن منتدى استعراض الهجرة الدولية أن يدرج “توصيات قابلة للتنفيذ بشأن تعزيز التعاون فيما يتعلق بالمهاجرين المفقودين وتقديم المساعدة الإنسانية للمهاجرين المنكوبين … بهدف منع وقوع خسائر في الأرواح أثناء العبور”. واستجابة لهذا التفويض، وُضِع مسار عمل مخصص لشبكة الأمم المتحدة للهجرة، وفي الوقت نفسه تولت المنظمة الدولية للهجرة واللجنة الدولية للصليب الأحمر قيادة العمل بشأن المهاجرين والمهاجرات المفقودين، بينما عملت كل من المنظمة الدولية للهجرة والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين والاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر على الجانب المعنى بالمساعدة الإنسانية للأشخاص المهاجرين المنكوبين. وعلى مدى 18 شهرًا، جمع مسار العمل مشاركين آخرين من الأمم المتحدة والمجتمع المدني، وأجرى مشاورات متعددة الأطراف، وجمع أفضل الممارسات[5] والدروس المستفادة والمبادئ التوجيهية والأدوات القائمة للوقاية وحل القضايا.

وقد ترتب على ذلك وضع مجموعة من 26 توصية ملموسة قُدمت إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة في تقرير للأمين العام للأمم المتحدة في كانون الأول/ديسمبر 2024[6]. والأهم من ذلك، أن هذه التوصيات وُضعت صراحة بحيث تسري على اللاجئين واللاجئات وغيرهم من الأشخاص المحتاجين إلى الحماية الدولية أيضًا، مما يعزز التكامل بين الاتفاقين العالميين المعنيين بالهجرة واللاجئين، ولا سيما في سياق التحركات المختلطة. إن هذا التكامل، الذي خُصص له قسم بعينه للتشديد عليه بصفة عامة في تقرير الأمين العام، يحمل أهمية بالغة إذ لا ينص الاتفاق العالمي بشأن اللاجئين على التزامات مناظرة للهدف الثامن الذي ينص عليه الاتفاق العالمي من أجل الهجرة الآمنة والمنظمة والنظامية. ويشكل تطبيق التزامات الهدف الثامن على جميع الأشخاص الذين ينتقلون عبر الحدود الدولية في بيئات التحركات المختلطة، بغض النظر عن وضع هؤلاء الأشخاص، تقدمًا كبيرًا لأنه يتجنب الخلافات حول التعريفات التي كانت تشوب المناقشات السابقة وتضرها.

ومع ذلك، لم تكن المشاركة على المستوى العالمي كافية في حد ذاتها لتعزيز التقدم الملموس في استجابات الدول للمهاجرين والمهاجرات المفقودين، لأن ذلك يستدعي إعطاء الأولوية لجهود الوقاية والبحث وتحديد الهوية المنسقة على طول طرقات الهجرة، عبر بلدان المنشأ والعبور والوجهة، وتشمل تلك البلدان دولًا لم تعتمد الاتفاق العالمي من أجل الهجرة الآمنة والمنظمة والنظامية.

المشاركة على المستوى الإقليمي

أثبتت الهيئات الإقليمية ودون الإقليمية، بل والأهم، الحوارات عن الهجرة عبر الإقليمية، أهميتها القصوى في توفير منصات للدول لمناقشة التحديات المتعلقة بالمهاجرين والمهاجرات المفقودين والتعاون في معالجة تلك التحديات. ويمكن لهذه الهيئات والعمليات أن تساعد في تحويل الالتزامات العالمية إلى سياسات أو توصيات عملية تتكيف مع الواقع الإقليمي. وقد أقر بذلك الأمين العام للأمم المتحدة الذي أوصى في عام ٢٠٢٤ الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بـ”الاستفادة من الهيئات الإقليمية ودون الإقليمية لتسهيل التعاون بين الدول والجهات الفاعلة الأخرى في جهود البحث وتحديد الهوية على طول الطرقات، من خلال السياسات المشتركة وتبادل المعلومات والممارسات على سبيل المثال”[7]. ومنذ العام ٢٠١٩، وبفضل المناصرة المستمرة للجنة الدولية للصليب الأحمر والمنظمة الدولية للهجرة وغيرهما، سواء على المستوى متعدد الأطراف أو على مستوى الدول الفردية، تزايد عدد الهيئات الإقليمية حول العالم التي تبنت قضية المهاجرين والمهاجرات المفقودين.

وفي العام 2022، وبعد عامين من المشاورات، اعتمدت الدول الأعضاء الإحدى عشرة في المؤتمر الإقليمي للهجرة في الأمريكيتين مجموعة شاملة من ’التوصيات بشأن آليات التنسيق الإقليمي وتبادل المعلومات في البحث عن الأشخاص المفقودين في سياق الهجرة.‘

وفي العام نفسه، بدأت عملية الرباط (الحوار الأوروبي الأفريقي حول الهجرة) بالتركيز على هذه القضية من خلال مناقشات موضوعية متخصصة، مما دفع الدول الأعضاء الخمس والأربعين إلى إدراج موضوع المهاجرين والمهاجرات المفقودين في خطة عملها المشتركة في العام التالي. ومنذ ذلك الحين، أثمرت القيادة القوية بيد غامبيا وسويسرا في هذا المنتدى، بدعم من اللجنة الدولية للصليب الأحمر والمنظمة الدولية للهجرة والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، نتائج رائدة تمثلت في إنشاء شبكة مكونة من مراكز التنسيق الوطنية[8].

وفي أفريقيا، تعاونت اللجنة الدولية للصليب الأحمر مع مفوضية الاتحاد الأفريقي في تنظيم عدة اجتماعات رفيعة المستوى بشأن المهاجرين والمهاجرات المفقودين. وتعتزم مفوضية الاتحاد الأفريقي حاليًا، بدعم من المنظمة الدولية للهجرة، وضع مجموعة من المبادئ التوجيهية على مستوى القارة بشأن هذه المسألة. وبالمثل، عُقدت عدة مناقشات بين عامي 2022 و2024 في إطار المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا للعمل على وضع خطة استراتيجية للأشخاص المهاجرين المفقودين[9].

أما في أوروبا، فكانت المناقشات الحكومية الدولية (باستثناء عملية الرباط) غائبة بشكل مؤسف، ناهيك عن الأطر والسياسات، على الرغم من أن أكبر عدد من حالات المهاجرين المفقودين المبلغ عنها في العالم موجود في أوروبا، على شواطئها وعلى أعتابها، ولا سيما الهجرة عبر طريقي البحر الأبيض المتوسط ​​​​والمحيط الأطلسي. لكن وقع تطوران حديثان يبعثان على التفاؤل. حدث الأول على مستوى الاتحاد الأوروبي في آذار/مارس 2024، حيث بدأت الرئاسة البلجيكية أول مناقشة فنية على الإطلاق لقضية المهاجرين والمهاجرات المفقودين في مجلس الاتحاد الأوروبي[10]. أما الثاني فكان على مستوى الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا في تشرين الأول/أكتوبر 2024، إذ اعتمد برلمانيون يمثلون 46 دولة عضوًا قرارًا بشأن ’الأشخاص المهاجرين واللاجئين وطالبي اللجوء المفقودين – دعوة لتوضيح المصير‘.[11]

وفي آسيا، التي تُشكل نسبةً كبيرةً من إجمالي حالات الأشخاص المهاجرين المفقودين في العالم، كانت المبادرات غائبةً إلى حدٍّ كبير. لكن تغيّر هذا الوضع في أواخر عام ٢٠٢٤ بانعقاد اجتماع مائدة مستديرة للسياسات هدف إلى تحسين الاستجابة لحالات اختفاء الأشخاص على الطرقات الخطرة في آسيا. وهذا الاجتماع، الذي عُقد بدعوة كل من مكتب الدعم الإقليمي لعملية بالي والمنظمة الدولية للهجرة والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين واللجنة الدولية للصليب الأحمر، جمع العديد من الدول الأعضاء الخمس والأربعين في هذا الحوار الإقليمي حول الهجرة. ومع ذلك، لا يزال العمل الحكومي المتضافر بشأن المهاجرين والمهاجرات المفقودين في آسيا غاية طموحة بعيدة المدى.

ورغم أهمية المبادرات الإقليمية المذكورة أعلاه، إلا أنها تختلف اختلافًا كبيرًا من حيث العمق، وإنما يدل ذلك على واقع معقد للإرادة والاهتمام السياسيين، والقدرات أو غياب القدرات، ومدى النظرة السلبية إلى الهجرة غير النظامية وقضية المهاجرين والمهاجرات المفقودين في مختلف المجتمعات. ومع ذلك، وبفضل سنوات من العمل على هذه القضية، أصبح من الممكن تحديد عدة عوامل ساهمت بوضوح في نجاح الجهود الدبلوماسية الإنسانية.

عوامل النجاح

  1. حشد الدول الداعمة

غالبًا ما يُهمَل مصير المهاجرين والمهاجرات المفقودين ويعتمد على مناصرة الجهات الإنسانية الفاعلة كما هو الحال في العديد من القضايا الإنسانية. ومع ذلك، كثيرًا ما نلاحظ أنه عندما تُقرر الدول الترويج لهذه القضية بفاعلية في المناقشات الحكومية الدولية، تتحسن النتائج غالبًا تحسنًا كبيرًا مقارنةً بالحالات التي تُعنى فيها الجهات الفاعلة الإنسانية وحدها بالقضية. وكما سبق وذكرنا، كان هذا هو الحال في حالة غامبيا وسويسرا في عملية الرباط، وبلجيكا خلال فترة رئاستها للاتحاد الأوروبي. إذ إن تبادل الخبرات بين الأقران أكثر فعالية في إلهام الدول لاتخاذ خطوات. لذلك، ينبغي أن يكون حشد دولة داعمة أو أكثر لتَحمِل لواء القضية أولوية حاسمة لأي جهد يُبذل بهدف التأثير في المحافل متعددة الأطراف التي تُقام بغرض تحفيز العمل على المستوى الوطني. بالإضافة إلى ذلك، يُعتبر حشد دول المنشأ لتكون جهة مناصرة فعالة لمواطنيها المفقودين أمرًا أساسيًا. ويعني ذلك في أغلب الأحيان التغلب على ثقافة الوصم التي تُلصقها العديد من الدول بالهجرة غير النظامية لمواطنيها.

  1. توسيع التحالف

كان للزيادة المستمرة في عدد الجهات الفاعلة التي تدعم الدبلوماسية الإنسانية بشأن المهاجرين والمهاجرات المفقودين أهمية بالغة. فالقوة الناتجة عن تعاون عدد كبير من الجهات توفر ضمانة ضرورية للغاية، لا سيما في ظل حالة الغموض غير المسبوقة التي تسود في سياق تمويل العمل الإنساني والمهام الموكلة إليه، بحيث لا يُلحق انسحاب جهة فاعلة واحدة ضررًا بالقضية. كما أن الجمع بين التفويض والخبرة والتأثير والامتداد الجغرافي للجهات الفاعلة، مثل المنظمة الدولية للهجرة، والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، والاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر، واللجنة الدولية للصليب الأحمر، يُمثل قوة فريدة، إذ يضمن التمثيل في مجموعة واسعة من المنتديات والمناقشات، والوصول إليها، إلى جانب صلتها وشرعيتها الأساسية للتعامل مع هذا الموضوع. وأخيرًا، يُعد تعزيز اللقاءات بين المجتمع المدني والحكومات بشأن هذه القضية الحساسة أمرًا أساسيًا لضمان وصول أصوات الأشخاص المتضررين مباشرةً إلى أولئك القادرين على إحداث التغيير.

  1. ترسيخ الدبلوماسية الإنسانية في البيانات والممارسات العملية

اعتمدت جهودنا في وضع توصيات السياسات بشكلٍ أساسي على ممارسات عملية مُثبتة وضعتها كل من اللجنة الدولية للصليب الأحمر، والحركة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر الأوسع نطاقًا، والعديد من الجهات الفاعلة الأخرى. وتشكل القدرة على إثبات نجاح دول أخرى في البحث عن المهاجرين والمهاجرات المفقودين وتحديد هويتهم حجة مقنعة للغاية. وبالمثل، تظل البيانات والتحليلات التي يُقدّمها مشروع المهاجرين المفقودين التابع للمنظمة الدولية للهجرة موردًا بالغ الأهمية لتنفيذ أي جهد مؤثر. وعليه، ينبغي أن يكون توسيع نطاق مجموعة الأدلة هذه عن طريق دعم الأنشطة العملية ونقل المعرفة بين المناطق أولويةً جماعيةً.

أسباب تدعو إلى التفاؤل

على الرغم من أننا بعيدون كل البعد عن المستوى المطلوب من حيث استجابات الدول الفعالة لمحنة المهاجرين والمهاجرات المفقودين وعائلاتهم، فقد أُحرز تقدم كبير منذ العام ٢٠١٨. ويدل على ذلك المبادرات والقرارات والاجتماعات المتعددة التي ذكرتها هذه المقالة، إلى جانب تزايد عدد الحالات التي اتخذت فيها الدول إجراءات ناجحة (كما في حالة غرق سفينة بيلوس)[12]. وبالنسبة لقضية حساسة ومعقدة كقضية المهاجرين والمهاجرات المفقودين، يشكل تبني منظور طويل الأمد والتفاؤل السبيل الوحيد للمضي قدمًا.

 

أنجيلا كوترونيو (Angela Cotroneo)
مستشارة عالمية سابقة حول النزوح الداخلي والهجرة، اللجنة الدولية للصليب الأحمر
acotroneo@icrc.org

فلوريان فون كونيغ (Florian von König)
قائد المناصرة العالمية، وكالة التتبُّع المركزية، اللجنة الدولية للصليب الأحمر
fvonkoenig@icrc.org

تعبّر جميع الآراء الواردة في هذه المقالة عن رأي المؤلفين فحسب ولا تعبّر بالضرورة عن آراء اللجنة الدولية للصليب الأحمر.

 

[1] انظر(ي) على سبيل المثال: IOM (2022) Missing Migrants, Missing Solutions? Reviewing Objective 8 of the Global Compact for Migration in West Africa, p5.

[2] انظر(ي) على وجه التحديد وثيقة اللجنة المعنية بحالات الاختفاء القسري رقم CED/C/GC/1: التعليق العام رقم 1 (2023) بشأن الاختفاء القسري في سياق الهجرة | مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان

[3] انظر(ي) على وجه التحديد: African Commission on Human and Peoples’ Rights Resolution on missing migrants and refugees in Africa and the impact on their families – ACHPR/Res. 486 (EXT.OS/XXXIII) 2021

[4] صدر هذا البيان بتاريخ 7 آذار/مارس 2022، ووقع عليه كل من رئيس اللجنة التنفيذية لشبكة الأمم المتحدة للهجرة ورئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر ورئيس الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر والمدير العام للجنة الدولية المعنية بالأشخاص المفقودين. وحث هذا البيان على اتخاذ المزيد من الخطوات الفعالة لإنقاذ الأرواح والحيلولة دون فقدان المهاجرين والمهاجرات، بما يتوافق مع القانون الدولي والتزامات الاتفاق العالمي من أجل الهجرة الآمنة والمنظمة والنظامية.

[5] للاطلاع على الممارسات مجمعة، انظر(ي): UNNM workstream homepage هنا.

[6] الجمعية العامة للأمم المتحدة، الاتفاق العالمي من أجل الهجرة الآمنة والمنظمة والنظامية:  تقرير الأمين العام، 14 تشرين الثاني/نوفمبر 2024، A/79/590

[7] United Nations Network on Migration Recommendations on saving migrants’ lives

[8] للاطلاع على التفاصيل، انظر(ي) روتليسبرغر وساهو وفون كونيغ في هذا العدد.

[9] انظر(ي) على سبيل المثال: ECOWAS – Statutory Meetings.

[10] انظر(ي): Kingdom of Belgium (2nd July 2024) ‘The Belgian Presidency comes to an end – Achievements of the FPS Foreign Affairs, Foreign Trade and Development Cooperation

[11]انظر(ي) بالك وبيسكو في هذا العدد.

[12] انظر(ي) لانزاروني وثيميليس وفون كونيغ في هذا العدد.

تنزيل الصفحة
تبرعاشترك