Skip to content
صحراء سونورا، جزءٌ من الرحلة الغادرة شمالًا. حقوق الصورة: Wonderlane, CC BY 2.0

تواجه النساء الكاميرونيات المهاجرات عبر أمريكا اللاتينية نحو الولايات المتحدة تحدياتٍ عدة. وعلى الرغم من وجود الدعم المتبادل ومساعدة المجتمع المحلي، يواجهن كونهن نساءً أشكالًا خاصةً من العنف، ويضطررن إلى وضع استراتيجيات للحفاظ على سلامتهن.

في ظلّ التدعيم المتزايد للحدود الأوروبية، نشأ مسارٌ جديد للهجرة غير النظامية لدى مواطني ومواطنات البلدان الأفريقية جنوب الصحراء. فبدلًا من الانطلاق في الطريق التقليدي المتجه شمالًا عبر الصحراء وعبر البحر المتوسط وصولًا إلى أوروبا، يختار عدد كبير من الأشخاص الاتجاه غربًا. فيعبرون المحيط الأطلسي جوًا نحو نقاط الدخول التي يسهل الحصول على تأشيراتٍ إليها في أمريكا اللاتينية، لينطلقوا بعدها في رحلةٍ بريةٍ خطيرة إلى الولايات المتحدة.

وأفادت هيئة الجمارك وحماية الحدود بالولايات المتحدة بوصول 58 ألف مواطن(ة) أفريقي(ة) إلى الحدود الفاصلة بين المكسيك والولايات المتحدة في عام 2023[1]. وبيد أنّ طرقات الهجرة في أمريكا اللاتينية مجرّبة ومدروسة جيدًا، لا يتم الإبلاغ عن تجارب المهاجرين والمهاجرات الأفريقيين على هذه المسارات بما فيه الكفاية. وعليه، يتناول هذا المقال تجارب النساء الكاميرونيات اللواتي يسلكن هذه الطرقات عالية الخطر ويسلّط الضوء على المخاطر التي يواجهنها والدعم الذي يتلقينه (أو غيابه) من المجتمعات المحلية، فضلًا عن استراتيجيات السلامة المراعية للجندر التي يطوّرنها على طول الطريق.

تواجه الكاميرون عدة أزماتٍ إنسانية متداخلة أشدّها تلك الممتدة على مدى السنوات التسع الأخيرة في شمال غرب البلاد وجنوب غربها. وقد أدت هذه التحديات، التي تفاقمت نتيجة النزاع المستمر في جمهورية أفريقيا الوسطى المجاورة، إلى النزوح الداخلي والتدفق الملحوظ للاجئين واللاجئات. ونتيجةً لذلك، تشير التقديرات إلى أن 3.4 ملايين شخص من أصل سكان الكاميرون البالغ عددهم 29 مليون نسمة يحتاجون إلى المساعدة الإنسانية الطارئة اليوم[2].

ويخوض عددٌ متنامٍ من المواطنين والمواطنات الكاميرونيين طريق الهجرة الناشئ هذا هربًا من النزاع والاضطهاد وغياب الفرص الاقتصادية. وتبدأ الرحلة في الكثير من الحالات في نيجيريا أو أحد البلدان الأخرى في غرب أفريقيا، حيث يركب المهاجرون والمهاجرات على متن طائرة تجارية أو مستأجرة (بمساعدة وكالات السفر غير الرسمية) متّجهة إلى البيرو أو الإكوادور أو كولومبيا. وينطلقون بعدها في رحلةٍ نحو الشمال عبر بنما وكوستاريكا ونيكاراغوا وهندوراس وغواتيمالا وصولًا إلى حدود المكسيك مع الولايات المتحدة. وينطوي هذا المسار التقليدي على رحلة طويلة ومُرهقة عبر بلدانٍ عدة. ويشمل ذلك لا محالة عبور منطقة دارين التي تمتد على 60 ميلًا وتتألف من غاباتٍ استوائية وأنهر وجبال ومستنقعات، فضلًا عن أنها تقع بين كولومبيا وبنما ويكثر فيها تجّار المخدرات وقطّاع الطرق المسلّحون والحيوانات البرية السامّة. ولدى الوصول إلى الحدود الفاصلة بين المكسيك والولايات المتحدة، يعاني معظم المهاجرين والمهاجرات من قسوة صحراء سونورا وصحراء شيواوية اللتين تمتدان على جانبٍ وآخر من الحدود (وهما من المناطق الأكثر فتكًا للهجرة غير النظامية في العالم) قبل أن يخضعوا للاحتجاز المطوّل في مراكز اللجوء في الولايات المتحدة.

ينظر هذا المقال في كيفية تأثير التقاطُع بين النزوح الناجم عن النزاع والعوامل البيئية والسياسات الحدودية التقييدية والديناميات الاجتماعية في المجتمعات المحلية على طول رحلة الهجرة على تجارب هؤلاء المهاجرين والمهاجرات. ويستند إلى مقابلات شبه مُنظمة تم إجراؤها عن بُعد بين تشرين الثاني/نوفمبر 2024 وكانون الثاني/يناير 2025 مع سبع نساء كاميرونيات ووكيل سفر وقريبة أحد الأشخاص المهاجرين الذين لقوا حتفهم. وقم تم تعديل أسماء المشاركين والمشارِكات حفاظًا على سرية هويتهم، وتشمل هذه المجموعة ماتثا (32 عامًا) وإيليز (42 عامًا وأم لطفلين) وباميلا (39 عامًا) وإيبوسي (32 عامًا) وجاما (32 عامًا) ونغوم (27 عامًا) وأتيمكنغ (27 عامًا) وبول (وكيل سفر، 49 عامًا) وروزالين (قريبة أحد الأشخاص المهاجرين، 34 عامًا). تم اختيار الأشخاص المذكورين من خلال مزيجٍ من الشبكات الشخصية والإحالات من جانب وكلاء ووكيلات السفر، فضلًا عن أسلوب عينة “كرة الثلج” – حيث يقوم الأشخاص المشاركون بترشيح أشخاص مشاركين آخرين[3].

رحلةٌ من العنف والموت والاحتجاز والترحيل

يشكّل الأثر العنيف الذي تحمله الهجرة أحد المواضيع المتكررة في النقاشات التي تم عقدها في إطار المقابلات، إذ تلحق الرحلة الأذى الجسدي كما العقلي بالأشخاص المهاجرين. وقد أخبرتنا ماتثا عن تجربتها في هذا الصدد وقالت:

“بدأت مسيرتي برحلةٍ جوية من نيجيريا إلى الإكوادور، تلتها رحلة برية بمعظمها [عبر بلدانٍ عدة] … قبل أن أصل إلى تاليسمان في المكسيك. استمرت الرحلة الكاملة طوال شهرين … وكانت مُرهقة جسديًا”.

فقد أدى عبور هذه الأراضي القاسية من أنهر وجبال ومستنقعات لفتراتٍ طويلة إلى تعرُّض المهاجرين والمهاجرات إلى إصاباتٍ جسدية. وأضافت ماتثا: “مشينا لساعاتٍ عدة كل يوم؛ فتورّمت قدمَي … ظننتُ أنني سأفقد أصابع رجلَي … وشعرتُ بألمٍ شديد في ساقَي”. وإلى جانب المعاناة الجسدية، طبع شبح الموت الرحلة بأكملها. فرأت ماتثا بأمّ عينها “امرأةً انهارت من الإرهاق ولم تقُم أبدًا”. فقد استسلم عددٌ من الأشخاص للإرهاق أو الجفاف أو الإصابات من دون أن تتوفر لهم أي مساعدة، لتصبح أجسادهم شهاداتٍ صامتةً على وحشية الرحلة. وعادت نغوم بذكرياتها الأليمة قائلةً: “رأيت أشخاصًا كثيرين لم يتمكنوا من الاستمرار […] تُركوا على الطريق ليموتوا أو كانوا قد لقوا حتفهم في الأساس”.

وفي حين أن معظم التنقل كان سيرًا على الأقدم، اعتمدت جميع النساء تقريبًا على وسائل نقل غير آمنة يديرها المهربون لأجزاءٍ من الرحلة. إلا أن هذه الوسائل غالبًا ما كانت محفوفةً بالمخاطر المهددة للحياة. فعلى سبيل المثال، دخلت إيليز مع طفليها منطقة دارين عبر بلدة كابورغانا الساحلية. وللوصول إلى تلك الوجهة، قامت هي وأشخاص آخرون بدفع مبلغ للعبور على متن قاربٍ متداعٍ. وتأمّلت إيليز في تلك الرحلة الخطيرة وتذكّرت كيف “كان القارب يهتزّ بقوة لدرجة أنني ظننتُ أنه سينقلب بنا في أي لحظة. تمسّكت بطفلَيّ جيدًا ورحتُ أصلّي لألا نغرق”. هذا وكان مصير أشخاصٍ آخرين استعانوا بوسائل نقل غير آمنة كهذه أسوأ بعد. ففي عام 2023، لقي ثلاثة أشخاص من الجنسية الكاميرونية حتفهم في حين فُقد 13 شخصًا آخرين بعد غرق إحدى السفن المسروقة أمام شاطئ سانت كيتس ونيفيس[4]. وعن هذه الحادثة روت لنا روزالين ما يلي: “اتصل بي شقيقي قبل أن يركب بالسفينة مباشرةً. وقال لي إن محرّك السفينة لم يكُن شغالًا…وكانت تلك المرة الأخيرة التي سمعتُ فيها عنه شيئًا”.

وأفادت النساء بأنهن صادفن العديد من تجار المخدرات وقطّاع الطرق المسلحين والمهربين لدى سيرهن على الأقدام كما لدى استعانتهم بإحدى وسائل النقل المتاحة. وفي حين عرض بعض هؤلاء المجرمين السماح لهن بالعبور مقابل مبلغٍ معين، أقدم عددٌ كبير منهم على أعمال عنفٍ مروّعة شملت السرقة والتحرش والاغتصاب وحتى القتل. فقد أخبرتنا باميلا بأنه “لدى وصولنا إلى كابورغانا، فرض أعضاء إحدى العصابات علينا دفع مبلغ 125 دولارًا لأخذنا عبر الغابة…ولكنهم تخلّوا عنا في الطريق”. وجدت تلك النساء صعوبةً في إيجاد الطريق الصحيح، واعترضتهن عندها مجموعةٌ من قطّاع الطرق المسلحين الذين عمدوا إلى سرقتهن والتحرش بهن جنسيًا. فأشارت إلى أنهم “أخذوا كل ما كان بحوزتنا…وارتكبوا في حق النساء أفعالًا لا يسعني وصفها حتى”. وأدت هذه اللقاءات العنيفة أحيانًا إلى وفاة المهاجرات. واستذكرت أتيمكنغ كيف أن “إحدى النساء السنغاليات كانت تقاوم عددًا من قطّاع الطرق كانوا يعتدون عليها جنسيًا فعمدوا لقتلها باستخدام منجل ماشيتي”.

وكانت عمليات مراقبة الحدود متكررة. وشملت هذه العمليات في معظم البلدان وجوب قيام المهاجرين والمهاجرات بالتسجيل والحصول على إذن بالعبور في غضون فترة محددة. إلا أن عمليات المراقبة هذه أصبحت أكثر تشددًا بكثير وعنيفةً بصورةٍ خاصة لدى الوصول إلى حدود المكسيك الجنوبية. فعلق عدد كبير من المهاجرين والمهاجرات في جنوب المكسيك نتيجة التغييرات في سياسة الهجرة المكسيكية، وخصوصًا تعليق العبور الإنساني للمهاجرين والمهجرات غير النظاميين. فعندما وصلت إيبوسي إلى تاباتشولا مثلًا، تعرضت للاعتقال والاحتجاز في مرفق احتجاز المهاجرين والمهاجرات المحلي. وقد أخبرتنا بما يلي:

“تم احتجازنا هناك طوال ثلاثة أسابيع. ولم يكن بإمكاننا الاتصال بأيٍ كان. وكنا نرى الحافلات كل يوم تصل وتمتلئ بالركاب والراكبات ومن ثمّ تختفي. وسمعنا أنه كان يتم ترحيل هؤلاء الأشخاص إلى غواتيمالا”.

هذا وأعرب المهاجرون والمهاجرات عن مخاوفهم إزاء عمليات الإخفاء القسري خلال عملية الاعتقال والترحيل. وتشهد نغوم على هذه الحقيقة المرّة: “لم نسمع أبدًا أي خبر من أي شخص من الأشخاص الكاميرونيين الذين تم اعتقالهم في تاباتشولا”.

الدعم المجتمعي: بين الضيافة والعداوة

تلقت النساء الكاميرونيات دعمًا ملحوظًا خلال هذه الرحلة. وشكّلت المساعدة المتبادلة مصدر الدعم الأول بين المهاجرات عبر مشاركة الموارد الشخصية بشكلٍ أساسي، كما تحكي لنا جاما: “كنا نتشارك كل شيء، من الطعام إلى المياه والملابس. وكانت كل امرأةٍ تتقاسم ما لديها مع اللواتي لم يملكن شيئًا”. كما أنهن قدّمن الدعم العاطفي لبعضهن البعض. وتذكّرت أتيمكنغ في هذا السياق أنه “عندما كانت تنهار إحدانا بالبكاء وتشعر بأنها عاجزة عن المضي قدمًا، كنا نشجعها. أصبحنا كالأخوات”. وامتدّ هذا الدعم المتبادل ليشمل رعاية الأطفال، إذ تذكّرت نغوم أنه “إذا كانت إحدى الأمهات مرهقةً، كنّ يعتنين بأطفالها بينما تأخذ قسطًا من الراحة”.

وقد تلقّين في الموازاة أعمالًا من اللطف والتضامن من جانب السكان المحليين والمجتمع المحلي أيضًا. ولعل الدعم الأسرع والأكثر أساسًا جاء على شكل توفير موارد البقاء الأساسية. وحكت لنا جاما عن لحظةٍ من الراحة العميقة في إحدى القرى المكسيكية حيث قالت:

“كنا نمشي ونشعر بالجوع والعطش. ورأينا امرأةً تبيع الفواكه على جانب الطريق. لم يكن في حوزتنا إلا مبلغًا بسيطًا من المال. فقدّمت لنا المنغا والموز وزجاجة ماءٍ كبيرة ورفضت أن تأخذ منا أي مبلغ من المال”.

إلى جانب هذه اللقاءات الخاطفة، قدّم بعض المجتمعات المحلية مساكن واستراحاتٍ أكثر دوامًا، ولو كانت غير رسمية. وتصف لنا ماتثا كيف أنه في إحدى القري الريفية، “كنّا متعباتٍ للغاية ولم يكن لدينا أي مكانٍ آمنٍ ننام فيه. وعرضت علينا إحدى المجموعات المحلية مساحةً للنوم وقدّمت لنا البطانيات بعد أن رأت شدّتنا”. فشكّل أعضاء وعضوات المجتمع المحلي مصادر محورية للمعلومات حول الخطر المحتمل من المجموعات الإجرامية والأشخاص المسؤولين الفاسدين. وروَت لنا باميلا كيف أن أحد أصحاب المحلات حذّرهم وطلب منهم “الانتباه في القرية المقبلة إذ تضم بعض أعضاء العصابات الذين كانوا يطلبون الأموال من المهاجرين والمهاجرات”.

وأخيرًا، ولعل الأمر الموجع الأكبر هو أن بعض أعضاء وعضوات المجتمع المحلي عرضوا من تلقاء ذاتهم تقديم الحماية والسلامة للمهاجرين والمهاجرات. فقد تذكّرت ماتثا وعيناها قد اغرورقت بالدموع عندما كانت المهاجرات يتعرضن للمضايقة من قبل بعض الرجال في إحدى القرى عندما “هرعت مجموعة من النساء من السوق ووبّخنهم… وطردنهم”. وتعكس أعمال اللطف هذه من جانب المجتمع المحلي مفهوم المجتمعات المحلية للضيافة وشعورها بالواجب المعنوي تجاه المهاجرين والمهاجرات.

إلا أن الضيافة المجتمعية التي تلقاها المهاجرون والمهاجرات في البداية سرعان ما تحوّلت إلى توتّر وعدائية. وقد وصفت لنا إيبوسي هذا التحول قائلةً:

“في البداية عندما وصلنا، كان السكان المحليون لطيفين ورحبوا بنا وقدّموا لنا الطعام والماء وحتى المأوى. ولكن مع وصول المزيد من المهاجرين والمهاجرات، تبدّلت مواقفهم تجاهنا. فتحوّل الدفء الذي اختبرناه في البداية إلى نظراتٍ باردة وملاحظاتٍ عدائية. وبدا وكأن لترحيبهم حدود، وكأننا قد وصلنا إليها”.

وقد شدد بول على هذا “التعب” من التضامن في وجه النمو المتواصل في أعداد المهاجرين والمهاجرات، وصرّح بما يلي:

“الحقيقة أن شعب أمريكا اللاتينية أظهر التفهّم والتسامح تجاه المهاجرين والمهاجرات اعترافًا منه بالمصاعب التي يفرون منها. إلا أنه ومنذ وصول مركباتٍ كبيرة من المهاجرين والمهاجرات، بدأ الكرم الأولي يتبدد في العديد من المجتمعات المحلية”.

وبالإضافة إلى هذا التعقيد، أشارت ماتثا إلى أنه “تسود العنصرية تجاه الأشخاص ذوي البشرة السوداء وخصوصًا في المكسيك. فيتعامل معنا الناس هناك بطريقةٍ مختلفة بالمقارنة مع البلدان الأخرى في أمريكا اللاتينية”.

استراتيجيات السلامة المراعية للجندر

وضعت النساء الكاميرونيات المهاجرات مجموعةً من الاستراتيجيات المراعية للجندر لضمان سلامتهن خلال هذه الرحلات الخطيرة. وشكّل الوصول إلى المعلومات الأساسية إحدى المخاوف المحورية لديهن. وفي هذا السياق، أفادت باميلا بما يلي:

“كان من المهم أن ندرك مواقع المخاطر المحددة … ولذلك شكّلت المعلومات الفعلية حول المسارات التي يجدر تجنّبها والمدن غير الآمنة للنساء الخطوةَ الأولى نحو حماية أنفسنا”.

وقد أعربت النساء أيضًا عن حاجةٍ ماسة إلى مساحاتٍ وملاجئ آمنة على طول الرحلة. وأشارت إيبوسي إلى أن “النساء بحاجة إلى مساحة تسمح لهن بالنوم من دون الشعور بالخوف وتحوي نساءً أخريات وتضم حماماتٍ آمنة وأشخاصًا يستمعون لمخاوفهن”. وقد شددن على أهمية توافر آليات الاستجابة لحالات العنف القائم على الجندر وخدمات الرعاية الصحية الجنسية والإنجابية. وعليه، قالت باميلا ما يلي: “نحتاج إلى أماكن تسمح لنا بالإبلاغ عن حالات الإساءة من دون التعرض للأحكام أو الاعتقال … وتسمح للنساء بالتماس المساعدة في الحمل”. وتعتبر النساء أيضًا أن المشاركة الاستباقية للمجتمعات المحلية كجهاتٍ حامية لهن تكتسي أهميةً موازية. وتوضح رواية ماتثا لقصة تدخُّل النساء في السوق هذه النقطة على أكمل وجه، إذ تقول: “عندما رأينا هؤلاء النساء في السوق يقفن إلى جانبنا … زرع ذلك فينا أملًا كبيرًا جدًا. ولو كان المزيد من المجتمعات المحلية يتصرف بهذه الطريقة لكان تبدّل كل شيء”. وقد أشار بعضهن إلى أنه يتعين على الحكومات ذات السياسات الحدودية التقييدية أن تنفّذ آلية عبور مصممة خصيصًا للنساء المهاجرات. فغالبًا ما يجبر عدم تطبيق الممرات أو التدخلات الإنسانية النساء إلى اللجوء إلى الخدمات التي يديرها المهربون، ما يعزز مخاطر تعرضهن للعنف القائم على الجندر بشكلٍ كبير. وكما أفادت إيليز، عندما “كانوا يغلقون البوابات عند الحدود … كنا نضطر لأن نسلك الطرقات التي يديرها رجالٌ يروننا كأجسادٍ يمكنهم استغلالها”.

الخطوات المستقبلية

تتعرض النساء الكاميرونيات اللواتي يسلكن طريق الهجرة هذه لعددٍ من المخاطر المترابطة النابعة من البيئة الفعلية والأنشطة الجرمية ووسائل النقل الخطيرة والسياسات الحكومية التي تجرّم التنقل. وتتفاقم مكامن الضعف لدى هؤلاء النساء بشكلٍ أكبر بفعل جندرهن. إلا أنه وعلى الرغم من هذه التحديات، هنّ يبرهن عن قدرةٍ كبيرة على الصمود ويستعنّ بالمساعدة المتبادلة ودعم المجتمعات المحلية للبقاء على قيد الحياة. وتعبّر تجاربهن مع المجتمعات المحلية وبقوّة عن قدرة المجتمع المحلي على إنشاء مساراتٍ أكثر أمانًا لهن، وخصوصًا في المناطق التي تفتقر إلى آليات الحماية الحكومية الرسمية. إلا أن خطورة أنظمة الدعم الخاصة المماثلة وتقلّبها تبرهن عن التحدي الكبير الذي ينطوي عليه تحقيق الضيافة الدائمة في ظل النزوح البشري واسع النطاق، إذ يمكن لأعمال اللطف الإنسانية العميقة التي تظهر في البداية أن تقترن بالكره والعدائية المحفوفة بالعنصرية أو أن تتحول إليها. وعليه، تستدعي احتياجات هؤلاء النساء الكاميرونيات تحقيق تغيير أساسي في التدخلات المنفذة، سواء جاءت على شكل سياساتٍ أو برامج، وتحويلها من النُهُج العامة نحو إطارٍ مراعٍ للجندر يعترف بالمخاطر الفريدة التي تواجهها النساء اللواتي يخضن رحلاتٍ خطيرة ويخفف من هذه المخاطر بصورةٍ فعالة.

 

نغانغ فرو دلفس (Ngang Fru Delvis)
طالب ماجستير علوم
جامعة أكسفورد
frudelvisngang@gmail.com; ngang.frudelvis@qeh.ox.ac.uk.

 

[1]African asylum seekers afraid ahead of US election’, BBC News,  30th October 2024.

[2] bit.ly/cameroon-plan

[3] في حين تقدّم هذه الأساليب بعض المنافع المنهجية، مثل الوصول إلى المشاركين والمشارِكات الذين يصعب الوصول إليهم، تطرح في الموازاة مخاطر الانحياز في الاختيار والاحتكار والقدرة المحدودة على التعميم.

[4]13 Cameroonians still missing after boat sinks off Antigua’, Africa News, 29th March 2023

تنزيل الصفحة
تبرعاشترك