إيواء الحيوانات في مخيمات اللاجئين

تمثل الحيوانات دوراً مهما في حياة كثير من الناس في وضع التهجير، وعلى المخططين للمخيمات ومديريها أن يراعوا حاجات الحيوانات ليضمنوا استمرار استفادة المهجرين منها.

تتمثل إحدى أهم التحديات التي تواجه الاستجابة في حالات الطوارئ بالتخطيط للدعم بعيد الأمد. لكنَّ الحيوانات في مخيمات اللاجئين لا تعاني من ضعف هذا الدعم فحسب، بل قد تلقى في بعض الأحيان الإهمال التام خلال الاستجابة الأولية. وليس ذلك مستغرباً، فلا شك أنَّ رفاه  الإنسان له الأولوية على رفاه الحيوان، لكننا لا نستطيع أن ننكر أن الحيوانات أيضاً تساهم برفاه الإنسان.

وفي معظم حالات الطوارئ، يُحضِرُ اللاجئون حيواناتهم معهم إلى المخيمات، أو يبدؤون بشراء الحيوانات والتجارة بها بعد فترة وجيزة من وصولهم إلى المآوي الجديدة.[1] وفي المراحل الأولوية لحالات الطوارئ، قد يركن اللاجئون إلى الاعتماد كلياً على منظمات الدعم، ثم يسعون في الوقت نفسه للبحث عن طرق كسب أقواتهم. وتوفر الحيوانات مساهمةً مهمةً  لسبل كسب رزق الإنسان، سواءً أكان ذلك لأهداف الرعي أم لمن يبيع الحيوانات ويشتري منتجاتها، ويتاجر بها، أو من يوفر العلف والخدمات الأخرى لها، أو من يستخدم الحيوانات للتنقل إضافة إلى نشاطات الأمن والثقافة، أو ربما تحتاج إليها العائلات التي تعتمد على الحيوانات كمصدر للغذاء والدخل. بل يُستَخدم الاستثمار بالحيوانات أيضاً كوسيلة لتوفير رأس المال المادي في غياب الوصول إلى المصارف والبنوك. ومن هنا، تتبين الأهمية القصوى للتعاون بين اللاجئين والمجتمع المضيف، والحكومة المضيفة، ومنظمات الدعم، وذلك من أجل توفير الرعاية اللازمة  للحيوانات. ولا بد أيضاً من النظر في عدد من الجوانب المرتبطة بالمخيمات أو التجمعات البشرية من أجل  ضمان ملاءمتها لإيواء الحيوانات، ويجب أن تضم تلك الجوانب على سبيل المثال الوصول إلى نقاط الشرب وأراضي الرعي والدعم البيطري وكلها من ضرورات صحة الإنسان والحيوان على حد سواء.

أهم الاعتبارات

يفهم اللاجئون أهمية الحيوانات في تأسيس حياتهم الجديدة في المخيمات ومن أمثلة تضحية اللاجئين بالمواد التي تمنح إليهم لبناء مأويهم أنهم يستخدمون تلك المواد في بناء مآوي الحيوانات من أجل أن يوفروا الحماية لها من الطقس المتقلب، ومن الحيوانات المفترسة الأخرى، أو السرقة، وتتضمن تلك الأمثلة اللاجئين المقيمين في مخيم داداب في كينيا، والعائدين الأفغان في عام 2009 إضافة إلى البنجلاديشيين المهاجرين في عام 2009 بسبب نوء آيلة.

لكنَّ حقوق الأرضي مصدر دائم للقلق، لأنَّ اللاجئين، وكذلك النازحين داخلياً، لم تعد لديهم السيطرة على الأرض التي تشغلها حيواناتهم. ولذلك لابد من التخطيط المسبق، وحسن الإدارة، وتوفير سبل التعاون الجيد مع كل أصحاب المصلحة المعنيين لأنها كلها عناصر مهمةٌ في ضمان الوصول إلى الحلول العملية.

وهناك جانب آخر يرتبط بالتقاليد الثقافية المتعلقة بين تفاعلات الناس وحيواناتهم. فبعض الناس يفضلون إبقاء حيواناتهم داخل مناطقهم السكنية، بينما لا يحبذ غيرهم ذلك. كما أنّ لبعض الجاليات قواعدها الثقافية الخاصة ومحظوراتها في التعامل مع أنواع معينة من الحيوانات. وهذه المعلومات مهمة جداً إذا ما أريد بناء تجمعات بشرية ناجحة مع اعتبار تفضيلات المالكين لمواقع حيواناتهم.

ومن المهم جداً أيضاً عدم إغفال جوانب الجندر، والعمر، والوضع الصحي لأفراد العائلة الذين سيتولون رعاية حيواناتهم. فلو كان أفراد الأسرة هؤلاء ممن ينظر إليهم على أنهم مستضعفون، فعندها يجب أن تكون مآوي الحيوانات قريبة إلي مآوي البشر لتسهيل وصولهم إلى الحيوانات. وينبغي موازنة ذلك مع المخاطر المحتملة التي قد تقع على صحة الحيوانات بسبب قرب الحيوانات من مآوي البشر. ومن تلك المخاطر انتقال الأمراض من الحيوان إلى الإنسان.

وتؤثر الظروف المناخية في قرارات التصميم المتبعة بشأن إيواء الحيوانات. ففي المناخات الحارة لابد من توفير التهوية والظل الملائمين للحيوانات، أما البنى والهياكل محكمة الإغلاق فينبغي استخدامها في المناخات الباردة. وتتأثر السلامة الحيوانات أيضاً بموقع الهياكل التي تؤويها، ولذلك قد يكون من المناسب توفير أبواب قابلة للغلق لتلك المآوي في المناطق التي تمثل بها سلامة الحيوانات محوراً مهماً ومصدراً للقلق.

ومن بعض أمثلة مآوي الحيوانات ما توفرها المنظمات الخارجية ضمن الاستجابة الباكستانية لحالة الطوارئ على أعقاب زلزال 2005 فقد وضعت الماشية التي نجت من الزلزال في المآوي المجتمعية بعد تطعيمها من أجل منع انتشار الأمراض، وأسس برنامج جديدٌ أيضاً لإقامة حظيرة مصنوعة من الطين والرمل، والقش، وذلك من الأساليب المتبعة في الإنشاءات المقاومة للزلازل.

ويقدم مخيم الزعتري في الأردن مثالاً مؤخراً حول إحضار اللاجئين لمختلف أنواع الحيوانات إلى مكان سكنهم. فبالنسبة لكثير من القاطنين، تمثل الطيور الداجنة التي اشتروها من سوق المخيم مصدراً للإحساس بالوطن لأن كثيراً من المقيمين اعتادوا على تربية تلك الدواجن في سوريا. حيث يحتفظ الناس بالدجاج كمصدر للغذاء والدخل، وقد يحتفظون بها أيضاً لتوليد إحساس من الألفة والرفقة. وتستخدم الحمير، والخيول لنقل الناس والبضائع. وبنى المقيمون أيضاً مآوي للحيوانات بقرب مأويهم باستخدام الورق المقوى وألواح القماش وهما من المواد المتاحة والمقدور عليها مالياً.

 وقد تغيرت البنية الهيكلية لمخيم الزعتري، كما تغير تصميمه عبر الزمن مع نمو المخيم، وذلك ما يتيح للمقيمين الاحتفاظ بحيواناتهم، وبناء مآوي لهم. أمَّا في مخيم الأزرق الذي بني لأغراض خاصة، وهو ثاني أكبر مخيم للاجئين السوريين في الأردن فلا يسمح للمقيمين فيه بتشييد أي بناء إضافي، ولهذا السبب لا يمكن الاحتفاظ بأي حيوانات سوى الطيور لأنها لا تتطلب أي مساحات إضافية ضمن المآوي المتاحة.

التوصيات

نشر دليل المعايير والإرشادات في الطوارئ الخاصة بالماشية (LEGS) في أوضاع الطوارئ معاييراً وأسساً توجيهية لتصميم التدخلات المعنية بالثروة الحيوانية وتنفيذها وتقييمها.[2] لكنَّ هذه المعايير لسوء الحظ لم تنفذ على أرض الواقع في حالات الطوارئ إما بسبب عدم وجود معرفة بها أو لعدم وجود التمويل اللازم أو لعدم وجود الوقت أو لمجموعة من هذه العوامل. لذلك، لابد من بذل جهود منسقة من أجل توعية المنظمات وعمال المساعدات وأصحاب العلاقة المعنيين وتعريفهم بهذه الأدلة وتقديم الاستشارات في الوقت نفسه للمستخدمين النهائيين حول كيفية تعزيز التطبيق العملي لهذه المبادئ التوجيهية.

وأفضل طريقة لتوفير المساعدة الملائمة للبشر والحيوانات بعد الكوارث هي من خلال تقديم المشورة للناس أنفسهم فهم في النهاية المستخدمون للمساحة والمالكون للحيوانات. ويعرفون تماماً المواد المطلوبة والضرورية لبناء المآوي المناسبة لحيواناتهم كما يعرفون التصميم المفضل لها، بل حتى أنَّ بعضهم قد يتمتع أصلاً بمهارات الأعمال الإنشائية والبناء.

ولا شك في أنَّ بناء مآوي الحيوانات المناسبة سيخفف من احتمالية حدوث المشكلات الصحية ضمن التجمعات. أما عن مستوى التخطيط المُسبَّق الذي يمكن فعله كمتطلبِ من متطلبات مآوي الحيوانات في التهجير، فسوف يعتمد على طبيعة حالة الطوارئ والتعاون مع المجتمع المضيف. ومع ذلك، لابد من التركيز على رفع الوعي بين المالكين تجاه جميع القضايا المرتبطة بصحة حيواناتهم وحاجات مآويهم لأنَّ ذلك سيساعد المُهجَّرين في مخيمات اللاجئين على التعايش مع الحيوانات بطريقة مأمونة وسليمة والاستمرار في الاستفادة من التعامل مع تلك الحيوانات.

 

لارا الشواورة l.alshawawreh@napier.ac.uk

مرشحة لنيل درجة الدكتوراه، كلية الهندسة والبيئة المبنية، جامعة أدنبره نابير www.napier.ac.uk

 

[1] يركز بحث المؤلفة أساساً على المآوي البشرية، ومع ذلك، ظهرت أدلة تفيد إلى أنَّ الحاجة لتأمين مآوٍ للحيوانات لا يقل أهمية عن الحاجات البشرية.

[2] www.livestock-emergency.net/download/1788/

 

إخلاء مسؤولية

جميع الآراء الواردة في نشرة الهجرة القسرية لا تعكس بالضرورة آراء المحررين ولا آراء مركز دراسات اللاجئين أو جامعة أكسفورد.