على السياسية العامة أن تتصدى للنُّزوح في المكسيك

خلال جلسات استماع  لجنة حقوق الإنسان في الأمريكيتين حول وضع حقوق الإنسان في المكسيك في نوفمبر/تشرين الثاني٢٠١٣، استرعت قضية النازحين داخلياً انتباهي خاصةً، وذلك نظراً لوضعها الراهن الخطير، ولتأثيرها  المحتمل في المستقبل غير البعيد.

تستضيف دولتنا ما يقدر بحوالي ١٦٠ ألف نازحٍ داخلياً. وحتى عام ٢٠٠٧، كانت هذه الظاهرة نتيجة لكلٍ من: منازعات الأراضي والنزاعات المحلية والتعصب الديني ومشاريع البناء واسعة النطاق ومشاريع التطوير الحضري القسري وبناء السدود والكوارث الطبيعية ونزاع زاباتيستا. ومنذ ذلك الحين، تمحورت الأسباب الرئيسية لهذه الظاهرة حول: العنف الإجرامي ونشاطات بعض عناصر الأمن والفساد. ومن الواضح استضعاف معظم العائلات والأفراد الذين أُجبروا قسراً على ترك منازلهم. ولا ينتهي الأمر عند هذا الحد، بل يتعداه غالباً إلى التعرض إلى إساءات بالغة بالإضافة إلى أعمال الفساد بسبب عدم امتلاك النازحين لمستندات تثبت هوياتهم، وبالتالي عدم حصولهم على الخدمات الأساسية أو حتى على الحد الأدنى من المتطلبات المعيشية. ويبدو التأثير واضحاً على النساء والأطفال والسكان الأصليين للبلاد خاصةً.

وأول ما يجدر ذكره عدم إيلاء المجتمع المكسيكي الاهتمام الكافي لهذه القضية، فواقعياً ما زال الأمر في مرحلة الإنكار. وقد مُنحت هذه القضية بعض التغطية القانونية المحدودة المتمثلة في قانون منع النُّزوح الداخلي والانتباه له في ولاية تشياباس (فبراير/شباط ٢٠١٢، أول دولة تُشرع قانوناً بهذا الخصوص)، بالإضافة إلى تقديم مبادرة إلى مجلس الشيوخ لتشريع القانون العام حول منع النَّزوح الداخلي والتعامل معه في ديسمبر/كانون الأول ٢٠١٢، الذي في طريقه إلى الصدور من خلال المجلس[1].  وبالمثل، وافق مجلس الشيوخ على عدة اقتراحات بالمطالبة بتقديم رئيس الجمهورية لتقرير حول وضع النازحين داخلياً بجانب سنِّ السياسات العامة لتقديم المساعدة الواجبة لهم.

وجدير بالذكر أيضاً التعقيد الكامن في الأسباب المؤدية إلى النزوح الداخلي القسري. فعلى سبيل المثال، الإقامة في تشيباس ووجود نزاع و كونك أماً أو حتّى مجرد كونك امرأة، كل هذه الظروف مجتمعةً قد تدفع الأفراد للنزوح من منازلهم. وهناك روابط أخرى مماثلة قد نجدها، فمثلاً، الإقامة في سونورا و ميتشواكان أو أواكساكا والحرب على المخدرات وبناء السدود والانتماء لجماعة عرقية، كل هذه العوامل قد تدفع الأفراد أيضاً للنزوح. وبدون الدخول في حيثيات وتفاصيل خطية مباشرة، فبالإمكان التحذير من مجموعة الظروف التي قد تعرض الفرد لخطر النُّزوح الداخلي.  وبناءً على على هذا الاستنتاج، هناك على ما يبدو نوعان من الإجراءات القانونية التي يتعين اتخاذها من خلال المسارات القانونية المختصة.

ويتمثل أول هذه الإجراءات، وهو ذو طابع وقائي، في ضرورة تحديد العوامل العامة المؤدية إلى النُّزوح. وقد تكون هذه العوامل متفاقمة، ولذلك يجب اتخاذ إجراءات عامة لحلها، أما إذا كانت العوامل المؤدية للهجرة القسرية طارئة، فسيكون الإجراء المناسب التصدي لأحد العوامل أو لمجموعة منها لتجنب سير قطاعات أكبر من السكان في هذا الطريق.

أما النوع الثاني من الإجراءات العامة فهو نوع علاجي. وبالنظر إلى أنَّ النُّزوح القسري في حد ذاته انتهاك لحقوق الإنسان، فمن الضروري تصحيح أوضاع أولئك الذين أجبروا على النزوح والذين يعانون من آثاره، بما في ذلك وصمهم بالعار واقتلاعهم من جذورهم والشعور بالإحباط والتفكك الأسري والآمال المحدودة في الإصلاح والتعويض أو الوصول إلى العدالة.

ولذلك يجب علينا أن نبدأ بالاعتراف بأنّ قضية النُّزوح الداخلي إنّما هي قضية خطيرة في المكسيك اليوم، ونظراً للطريقة التي يدير بها القطاع الجنائي عملياته في البلاد، والطريقة التي تُحارَب بها عملياته، فمن المحتمل زيادة أعداد النَّازحين إلى درجة قد تكون كبيرة لا يُستهان بها. ومن هنا، علينا أن نقترح حلولاً بحيث تكون نابعةً من المشاركة الوجدانية للأشخاص بيننا الذين فقدوا كل شيء تقريباً. وتستحق هذه القضية أن تُولى الاهتمام العام من جانب مختلف المتخصصين، وإصدار اللوائح وتنفيذ السياسات العامة الواعية المستمرة، سواءً أكان ذلك لإصلاح ما حدث بالفعل أم للتخفيف من تأثير ما قد يأتي بعد، فهي ظاهرة بطيئة وهادئة وتراكمية، ما يجعلها في أمس الحاجة إلى حل عاجل وواضح الرؤية.

 

حوسيه رامون كوسيو دياز  jramoncd@scjn.gob.mx وزير المحكمة العليا في الدولة (المكسيك). www.scjn.gob.mx/Paginas/Inicio.aspx



[1]  يتضمن القانون أُمور الحماية والرعاية وتنفيذ الحلول المستدامة والتأكيد على التزام الدولة بضمان الحماية الإنسانية و ضمان تمتع المكسيكيين بحقوقهم الإنسانية طبقاً للمعايير الدولية.

 

 

إخلاء مسؤولية

جميع الآراء الواردة في نشرة الهجرة القسرية لا تعكس بالضرورة آراء المحررين ولا آراء مركز دراسات اللاجئين أو جامعة أكسفورد.