التعاون الإنساني بين الأديان: من منظور لوثري

تشير تجربة الاتحاد اللوثري العالمي إلى أنَّ التعاون الوثيق بين المنظمات القائمة على العقيدة من مختلف العقائد هو أمر محتمل ومفيد.

بالتوازي مع المشاركة بحماس في حوار مفوضية الأمم المتحدة السامية للاجئين حول العقيدة والحماية في عام ٢٠١٢، بدأ الاتحاد اللوثري العالمي بتكوين الروابط مع منظمات أخرى قائمة على العقيدة لمواجهة الانقسامات بين المجتمعات الدينية من خلال تعزيز التعاون الإنساني وتبديد الشكوك بين الأديان. فالعمل جنباً إلى جنب مع منظمات قائمة على عقائد أخرى يمكن أن يدعم خطاباً دينياً ودوداً يحترم الغير، وأن يرسل رسالة قوية بأنّ الناس من مختلف الأديان يمكن أن تتوحد حول هدف مشترك وهو خدمة المحتاجين والعمل معاً من أجل السلام.

ولهذا الغرض، عقد الاتحاد اللوثري العالمي والمنتدى الإنساني[i] في أكتوبر/ تشرين الأول عام ٢٠١٣ ورشة عمل بعنوان "العمل معاً: الشراكات الإنسانية بين الإسلام والمسيحية" في عماَّن، الأردن. واجتمع مشاركون من الاتحاد اللوثري العالمي وتحالف آكت و عدد من المنظمات الإنسانية الإسلامية بما فيها منظمة الإغاثة الإسلامية العالمية ومنظمة المعونة الإسلامية، لمناقشة المسائل العملية التي تواجه الشراكات الإنسانية بين الأديان. وحُددت مشروعات تجريبية للعمل المشترك لكل من: الأردن وكينيا وميانمار، وصدر بيان مشترك للإقرار ببعض الاختلافات والتحديات المحتملة للتعاون بين الأديان، وأيضا لإعادة التأكيد على الاعتقاد المشترك بأن المنظمات القائمة على العقيدة يمكن أن تكون دافعاً لتحقيق السلام والخير في العالم.

ويوجد كثير من التحديات الحقيقية التي تواجه إقامة شراكات جديدة، لا سيما أنَّ العلاقات بين الأديان غالباً ما تكون مسألة حساسة، وقد حدد المشاركون في ورشة العمل "العمل معاً" سلسلة من التحديات لمواجهتها من خلال التعاون العملي، فيمكن لسوء الفهم والجهل العام بأوجه التشابه والاختلاف بين الثقافات والأديان أن يؤدي إلى الخوف من الآخر، الذى يؤدي بدوره إلى فقدان الثقة في المنظمات القائمة على العقيدة والخشية منها، سواء فيما بين المجتمعات المحلية من مختلف العقائد أم بين المؤسسين للمنظمات المشاركة في العمل بين الأديان. وبالمقابل، يمكن لإظهار القيم المشتركة من خلال العمل جنباً إلى جنب على المساعدة الإنسانية أن يساعد في الحد من التصورات السلبية وتعزيز الثقة. 

وكنتيجة مباشرة لورشة العمل، يعمل كل من الاتحاد العالمي اللوثري ومنظمة الإغاثة الإسلامية العالمية على تطوير الشراكة على المستويين العالمي والمحلي، ووُقعت بالفعل مذكرة تفاهم في أغسطس/آب عام ٢٠١٤. وتشتمل مجالات التعاون المخطط لها على مشروع ريادي مشترك في مخيمات داداب في كينيا للأطفال اللاجئين الصوماليين ذوي الإعاقة العقلية، ووضع برنامج مشترك في الأردن لمشروع ريادي لبناء السلام بين اللاجئين السوريين والمجتمعات المضيفة الأردنية الذي سيشتمل على وضع الموازنات والأدوار والمسؤوليات المتشاركة. وأثار التعاون على الصعيد الدولي بعض المسائل والتحديات كالتأخير الناجم عن الصعوبات الفنية لجعل الأنظمة التنظيمية تعمل بانسجام. ومع ذلك، فالعمل المشترك لمواجهة التحديات تحديداً هو الذي يساعد في تطوير وتقوية أواصر الشراكة.

ممارسة جيدة

ساهمت الشفافية بشأن دوافع الاتحاد اللوثري العالمي وهويته في تبديد الشكوك القائمة حول احتمالية أنها تنخرط بالتبشير ومكنت الاتحاد اللوثري العالمي من العمل بفعالية أكبر في البيئات متعددة الأديان. وبالمثل، ساعد التعاون بين الاتحاد اللوثري العالمي ومنظمة الإغاثة الإسلامية بالأردن أفراد الاتحاد العالمي اللوثري بالأردن على معرفة قيم الإغاثة الإسلامية ومعاييرها وتكاليفها، والعكس صحيح. وأكد ذلك على أن كلتا المنظمتين متشابهتان بالتفكير في القيم وملتزمتان بالعمل على تحقيق الأهداف الإنسانية نفسها.

ويخدم الاتحاد اللوثري العالمي المجتمعات المستضعفة والمهمِّشة في جميع أنحاء العالم منذ سبعين عاماً، مانحاً الأفضلية للاجئين والأفراد النازحين داخلياً والمجتمعات المحلية، وهو حالياً أكبر شريك منفذ لمفوضية الأمم المتحدة السامية للاجئين قائم على أساس عقدي بدافع من القيم المسيحية واسترشاداً بالمبادئ والمعايير المهنية الإنسانية والإنمائية. ومع العلم بأنّ منظمات العقائد الأخرى على نفس الشاكلة، فتجربة الاتحاد اللوثري العالمي تبين أنّه من الممكن دمج الجهود لتخطي الفكرة المتحيزة عن الدين بأنه مصدر للنزاع فقط، ومن خلال العمل المشترك، يمكن إظهار الدين كدافع نحو الرفاه والسلام.

وبيّن الدكتور هاني البّنا، رئيس المنتدى الإنساني في البيان المشترك لورشة "العمل معاً" قائلاً: "أصبحت الشراكة واجباً ملزماً على كل منّا، فلا تستطيع أي منظمة العمل منفردةً". "لا ينبغي لنا أن نخاف من بناء الشراكات" وأضاف صاحب النيافة إبرهارد هيتسلر، ثم مدير إدارة الاتحاد اللوثري العالمي للخدمة العالمية قائلاً: "إننا نؤمن بشدَّة أنّ التعاون الوثيق على الصعيدين المحلي والعالمي يمكن أن يعود بالنفع المتبادل، والأهم من ذلك، يمكن أن يسهم في تحسين خدماتنا الإنسانية للأشخاص المتأثرين من الكوارث".

 

إليزابيث غانو  Elizabeth.gano@lutheranworld.orgمساعدة البرامج في برنامج التعاون بين الأديان، الاتحاد اللوثري العالمي. www.lutheranworld.org



[i] منتدى مقره المملكة المتحدة للحوار والتفاهم بين المنظمات الإسلامية ونظيراتها الغربية ومتعددة الأطراف. www.humanitarianforum.org

 

إخلاء مسؤولية

جميع الآراء الواردة في نشرة الهجرة القسرية لا تعكس بالضرورة آراء المحررين ولا آراء مركز دراسات اللاجئين أو جامعة أكسفورد.