التَّهجير المجمد: البانديت الكشميريون في الهند

في عِقد التسعينيات هُجّر حوالي 250 ألف شخص قسرياً معظمهم من "البانديت الكشميريين" في ولاية جامو وكشمير في الهند. السؤال الآن بعد مرور أكثر من عشرين عاماً هو ما إذا كانت الاستجابة لتهجيرهم حتى الآن يمكن أن تشكل الأساس لإيجاد حلول طويلة الأجل لتهجيرهم الذي طال مداه.

وبصورة عامة، أصبح مصطلحا "اللاجئ" و"النازح داخلياً" معترف بهما ضمنياً كبديل عن الاستضعاف، وبينما تمضي سنوات التهجير ببطء، ومع عدم رغبة الناس أو انعدام قدرتهم على العودة إلى بلادهم، فالضروري ليس مجرد إيجاد تسمية للاستضعاف، بل لابد من تحليل الوضع، لمعرفة ما يريده حقاً النازحون داخلياً، ولتحديد من ما زال مستضعف بينهم.

فمشكلات كالبطالة وشح الوظائف وتدهور الدخل تظل مستمرة لفترات طويلة بعد التهجير، بالإضافة إلى انعزال الناس بسبب افتقادهم لخصوصيتهم الثقافية ومنازلهم الخاصة، وما يعانوه من التدمير النفسي وفقدان الثقة وتدني المكانة الاجتماعية، كما يفتقدون أيضاً عند التهجير إلى الشبكات غير الرسمية للعون المتبادل، والمؤسسات المحلية وترتيبات الخدمات، وكل هذه الأمور المهمة للبقاء والاستمرار. وبسبب قلة المعلومات الموثوق بها والتحليلات عن وضع الذين عادوا إلى بلادهم بعد فترات من التهجير، من المهم معرفة ما إذا كانت العودة للبلاد تمثل حقاً نقطة النهاية للاستضعاف الناجم عن التهجير، أم إنّ طول فترة التهجير تولِّد أنماطاً من الاستضعاف طويلة الأمد. ويخفق برنامج الإغاثة وإعادة التأهيل الحكومي في التمييز بين فئات المستفيدين، أو التفرقة فيما بينهم في التعامل، رغم أنّه ليس كل من يحتاج إلى الإغاثة يحتاج إلى إعادة التأهيل، والعكس صحيح، بالإضافة إلى عدم تقديم تقييم لتأثير هذه البرامج.

والحاجة ملحة لإعادة التنميط، فبعض الأشخاص غير المسجلين بعد قد يكونون بحاجة إلى المساعدة. وبعد ثلاثة وعشرين عاماً، أصبح من المطلوب إيجاد حلول أكثر ثباتاً وأطول أمداً تؤدي إلى الانسحاب النهائي من تقديم المساعدات، ومع ذلك فالانسحاب من المساعدات لا يجب أن يحدث فجأةً.  فينبغي للسلطات المحلية تهيئة الظروف المواتية لعودة كريمة آمنة، أو للاستيطان في مكان آخر. ولكي تكون الحلول مستدامة، يجب أن تأخذ بعين الاعتبار تحقيق الأمن والأمان على المدى الطويل، والتعويض عن الممتلكات المفقودة، وعودة الظروف الاقتصادية-الاجتماعية العادية، والوضع القانوني والسياسي-الاجتماعي الآمن.

ويمكن تقسيم الآثار الناتجة عن التَّهجير إلى أربعة أقسام عامة: تدمير الممتلكات، والحرمان من الوصول إلى الممتلكات، والبعد عن البيئة الاجتماعية-الاقتصادية المعتادة، والتأثيرات النفسية والمادية الناجمة عن العيش في عزلة. وما يجب وضعه في الاعتبار مدة التَّهجير ليس من ناحية الوقت الزمني فحسب بل من ناحية عدد الأجيال المتعاقبة أيضاً. 

وتنشأ حالة الاستضعاف المستمرة للمهجرين من مجموعة محددة من العوامل تتضمن: لدونة رأس المال الاجتماعي والاقتصادي بسبب تأثيرات التهجير، وتأثير السياسات والإجراءات الخاصة بالحكومات المضيفة وهيئات المساعدات الدولية. ونظراً لأنّ المسوحات والتقييمات الحالية إلى حد كبير عامة جداً، فهي لا تساعد في إبراز الحالات الفرعية المختلفة بوضوح، ولتحديد ما إذا تحقق الحل المستدام وإلى أي درجة تحقق، من الضروري دراسة كل من العمليات المتبعة للوصول إلى الحلول، والظروف الفعلية للعائدين والأشخاص الذين أدمجوا محلياً أو استوطنوا في أماكن أخرى في البلاد.

فالحقيقة أنّ هذه التجمعات السكانية عاشت في وضع غير محدد لمدة طويلة، وبينما يمكن للنزاعات أن تبقى مجمدة، فلن يكون الأمر كذلك بالنسبة لهؤلاء الأشخاص. وهناك افتراض مستمر بأنّ الاستثمار في الحلول المستدامة لاعتماد المُهجَّرين على أنفسهم يقوّض إلى حد ما من الأهداف الوطنية لتسهيل العودة النهائية إلى البلاد، لكنَّ العودة النهائية قد لا تكون الحل الأفضل والأخير، فإجبارهم على العودة انتهاك صريح لحقوقهم الإنسانية، ولا يصب في مصلحتهم ولا في مصلحة السلطات.

 

ماهيما ثاسوar.mahima@gmail.com أستاذ مساعد في كلية الهندسة، جامعة مانيبال، كارناتاكا، الهند.www.manipal.edu/mit.html

إخلاء مسؤولية

جميع الآراء الواردة في نشرة الهجرة القسرية لا تعكس بالضرورة آراء المحررين ولا آراء مركز دراسات اللاجئين أو جامعة أكسفورد.