هل يمكن اعتبار إنهاء اللجوء مؤشراً على نهاية هشاشة الدولة؟

ينتج إنهاء وضع اللجوء عن الحكم بأنَّ تغييراً كافياً قد حدث في بلد اللاجئين الأصلية إلى درجة تنتفي معها ضرورة توفير الحماية الدولية للاجئين الفارين من تلك البلاد. وفي حين أنَّ ذلك قد يضع فرادى اللاجئين في وضع خطر، فالأمر يختلف بالنسبة للدول التي تأمل في أن تزيل صورتها أمام الآخرين على أنها "هشة" اقتصادياً أو سياسياً أو اجتماعياً، فما من شك بأنَّ مثل ذلك الحكم سوف يكون ذا فائدة كبيرة لها.

غالباً ما يُفسِّر المجتمع الدولي العودة الطوعية للاجئين إلى بلادهم على أنها مؤشر على قدرة الدولة على استئناف تحملها المسؤولية تجاه مواطنيها، ثم ما يلبث أن يصبح هذا التفسير حكماً رسمياً استناداً إلى بنود إيقاف وضع اللجوء المتعلق "بتوقف الظروف"    المنصوص عليها في الاتفاقية الخاصة بوضع اللاجئين لعام 1951.

ويرقى هذا التفسير الرسمي إلى اعتراف قانوني تحدده الاتفاقيات الثلاثية بين كل من البلدان الأصلية وبلدان اللجوء ومفوضية الأمم المتحدة السامية للاجئين بأنَّ "تغيرات محورية" قد طرأت في بلد الأصل إلى الدرجة التي "تنفي مسوغات رفض اللاجئ للاستفادة من حماية البلد الذي يحمل جنسيته."[i] وهكذا يُفهم من بند إنهاء وضع اللجوء على أنه دليل على أنَّ تغيرات عميقة ومستقرة ودائمة قد طرأت منذ خروج اللاجئين من بلادهم الأصلية إلى درجة أعادت إلى تلك البلاد القدرة على حماية حقوق مواطنيها.

ومن هنا، يكتسب إعلان حالة إنهاء وضع اللجوء أهمية رمزية كبيرة من وجهة نظر الدول الهشة. فالدول التي تتعافى من النزاع أو الصراع المدني يمكنها أن تستخدم الاعتراف بالاستقرار الذي يشير إليه ضمنياً الاستناد إلى بند إنهاء وضع اللجوء في تأييد عدم مزاعم من بينها على سبيل المثال دعوى أنَّ المهجرين لم يعد لديهم أي حاجة للحماية داخل البلاد أو خارجها.

حالة اللاجئين الروانديين

شهدت رواندا حرب إبادة عرقية في عام 1994 بين قبيلتي التوتسي والهوتو المعتدلة وتبع ذلك نزاعاً عابراً للحدود بين المجتمعات المحلية، وانتهت الحرب في ظاهر الأمر عام 1998 بعد أن هجِّرت أكثر من 3.2 مليون لاجئ فروا من البلاد.

وفي كثير من الجوانب، بقيت رواندا دولة هشة جداً منذ ذلك النزاع رغم كل التحسينات الملحوظة وفقاً للمؤشرات السياسية والاقتصادية الرئيسية منذ عام 1994. ومع ذلك، تواجه الحكومة نقداً مستمراً لأسلوب حكمها الذي يزداد تسلطاً وشموليةً. وتركز المخاوف بانتظام على القيود التي تفرضها الحكومة الرواندية على الحرية المحلية للتعبير عن الرأي وإنشاء الكيانات السياسية و مضايقتها وقمعها للأحزاب المعارضة ناهيك عن السلوك العسكري العدواني والاستغلالي ضمن جمهورية الكونغو الديمقراطية.

ومع ذلك، تشهد احتمالية الاستناد إلى بند إنهاء وضع اللجوء وتطبيقه على اللاجئين الروانديين نقاشاً مكثفاً منذ عام 2000. ومع حلول عام 2012، كانت كثير من البلدان قد قررت على ضوء ما توصلت إليه مفوضية الأمم العليا السامية للاجئين والحكومية الرواندية وجوب إنهاء حالة اللاجئين الروانديين استناداً إلى البند العام لإنهاء وضع اللجوء. وبعد نقاش مستفيض مع الأطراف المعنية ومجموعة من المنظمات غير الحكومية المحتجة على ذلك القرار، تقرر تطبيق بند إنهاء وضع اللجوء في حزيران 2013. لكنَّ ذلك أيضاً لن ينطبق إلاَّ على اللاجئين الروانديين الذين هُجِّروا ما بين عامي 1959 والحادي عشر من ديسمبر/كانون الأول من عام 1998 والسبب في ذلك الشعور بأنَّ الظروف العامة للعنف التي أدت إلى تهجير اللاجئين الروانديين من البلاد إلى عام 1999 لم تعد تشكل أي خطر على أولئك الأفراد.

لكنَّ هذه الحدود المؤقتة يلاحظ غيابها في بيانات حكومة رواندا فيما يتعلق ببند إنهاء وضع اللجوء. فقد شددت الحكومة على أنها يجب أن تمتثل إلى بعض المعايير التقنينية لتوفير تقييم إيجابي حول استئناف دورها وقدرتها في مجال الحماية باستخدام بند وضع إنهاء اللجوء على أنه "دليل" على هذا التحسن، كما شدد رئيس رواندا باول كاجامي أكثر من مرة على أنَّه "لا يجب أن يبقى أي رواندي بمسمى لاجئ لانتفاء السبب الداعي لذلك."

ومن هنا، يبدو أن الروانديين في المنفى مقتنعون أنَّ بند إنهاء وضع اللجوء أصبح يُستخدم كأداة لدعم السمعة الدولية وأنه بذلك لا يعكس رغبة الدولة على إعادة إدماج اللاجئين الروانديين. وبما أنَّ الاستقرار الاقتصادي (والسياسي تبعاً لذلك) في رواندا يعتمد اعتماداً كبيراً على علاقات متذبذبة مع دول مانحة يزداد خيبة أملها يوماً بعد يوم ممن قدموا ما بين 50 إلى 75 من المائة من موازنة رواندا الوطنية من خلال المساعدات الخارجية خلال الأعوام الخمسة عشر الماضية، فلن يكون من المدهش أن تصوِّر حكومة رواندا إنهاء وضع اللجوء على أنه إشارة إلى التبني الدولي الكامل لسلوكها. ونتيجة لذلك، عانى اللاجئون الروانديون من معوقات متزايدة لتحقيق الاعتراف الدولي بأنَّ حاجاتهم للحماية ما زالت مستمرة بل ربما تسبب ذلك في مزيد من التهجير لبعض أولئك اللاجئين بما في ذلك عودة المهجرين إلى  أوضاع الاضطهاد المحتمل.

ومع أنَّ حكومة رواندا تؤكد عكس ذلك، ما زال هناك كثير من الراونديين يواجهون الاضطهاد وهذا ما يحتم عليهم الاستمرار في مقاومة العودة إلى دولة لا يثقون بقدرتها على توفير الحماية لهم. ولذلك، لا بد من توفير قدر أكبر من الجهود لمنع تسبب إنهاء وضع اللجوء في تقويض الحقوق والحاجات الحمائية المستمرة للاجئين الروانديين. ولا بد من تحقيق الاتصال الفعال اللازم لتوضيح التفاصيل الدقيقة التي يتضمنها بند إنهاء وضع اللجوء ولا بد من توفير الحلول البديلة المستدامة للاجئين الذين يشعرون أنهم غير قادرين على العودة إلى رواندا. فإذا ما تحقق ذلك، يمكن وقتها تقليل النتائج السلبية إلى حدها الأدنى عند تطبيق بند إنهاء وضع اللجوء.

 

جورجيا كول  georgia.cole@qeh.ox.ac.uk طالبة في مستوى الدكتوراه في جامعة أكسفورد.



[i] مفوضية الأمم المتحدة العليا للاجئين. "بنود إنهاء وضع اللجوء: إرشادات تطبيقية"

 (The Cessation Clauses: Guidelines on Their Application’) 1999www.unhcr.org/refworld/dovid/3c06138c4.html

 

 

إخلاء مسؤولية

جميع الآراء الواردة في نشرة الهجرة القسرية لا تعكس بالضرورة آراء المحررين ولا آراء مركز دراسات اللاجئين أو جامعة أكسفورد.