اللاجئون في المدن: تجارب الاندماج

عدد المدن التي تستوعب اللاجئين في بلدان اللجوء الأولى وبلدان العبور والوجهات النهائية في ازدياد مستمر. وعلينا أن ننظر إلى ما يحدث على المستوى المحلي من أجل فهم أفضل للدمج في المناطق الحضرية، كعملية مشتركة بين اللاجئين والمجتمعات المضيفة على حد سواء.

المدن، وعلى الأخص منها المدن الحدودية في بلدان اللجوء الأول، هي الحدود الأمامية لتهجير اللاجئين، وغالباً ما يستقر فيها اللاجئون أو يقضون فيها فترات طويلة من الزمن. وعندما ينتقل اللاجئون إلى بلدة معينة، يغيرون نسيج العلاقات الاجتماعية والسياسية والثقافية والاقتصادية، الأمر الذي يؤثر بدوره على تجارب اللاجئين الخاصة. إزاء ذلك الواقع، جاء مشروع اللاجئين في المدن في مركز فاينشتاين الدولي، في جامعة تافتس، كمبادرة جديدة تسعى إلى تعميق فهم دمج اللاجئين في المناطق الحضرية من خلال تسليط الضوء على التجربة المزدوجة للاجئين والمدن التي استقروا فيها. وتميل البحوث الأكاديمية والسياسية إلى التركيز على المستوى الوطني أو العالمي، ونادراً ما تجلب عدسة محلية إلى القصة ويستكشف هذا المشروع الاندماج كما يحدث في المدن، وهو بعد مهم مفقود من فهمنا لكل من اندماج اللاجئين والتنمية الحضرية.

كما يستند هذا المشروع إلى مجموعة من الطرق لتطوير دراسة الحالات في المدن التي استقبلت اللاجئين.[1]ويركز المشروع على تجربة ’البدء من الصفر‘ في البلدات المضيفة وأحياء اللاجئين داخل المدن الكبيرة، مستخدماً نهج البحث النوعي. وقد أجرى البحوث الناس الذين يعيشون أو يعملون هناك، وكل دراسة حالة تقدم زاوية مختلفة اعتماداً على وجهة نظر الباحث واهتماماته. وتوثق دراسات الحالات تجارب كل من اللاجئين والمضيفين، وتأثير سكان اللاجئين الحضريين على الخدمات المحلية، وعلى إدارة المدن، وعلى التماسك الاجتماعي. أما من ناحية نطاق المشروع فهو عالمي، وعملية دراسة الحالات جارية بالفعل في مدن أمريكا الشمالية، حيث أُعيد توطين اللاجئين كما أنها قيد التنفيذ في بلدان العبور (المكسيك واليونان)، ودول اللجوء الأول (بما في ذلك جنوب أفريقيا ولبنان وتركيا).

ومن الناحية الأكاديمية، ستعزز النتائج المستمدة من دراسة الحالات بناء النظرية بشأن دمج اللاجئين، من خلال توثيق وتحليل الطرق التي تتطور بها المجتمعات الحضرية والمجتمعات المضيفة جنباً إلى جنب. ومن الناحية العملية، يدعم المشروع السياسة الحضرية على المستوى المحلي، من خلال توفير التوجيه والمعلومات لقادة المجتمعات والمنظمات غير الحكومية ومسؤولي المدن، وهدفنا هو المساعدة في تشكيل المدن كمناطق حضرية صديقة للاجئين والمهاجرين، التي تستفيد استفادة كاملة من الفوائد التي يجلبها اللاجئون، وتحديد الممارسات الناجحة في التصدي لتحديات الاندماج.

لماذا هذا المشروع الآن؟

في يناير/كانون الثاني من عام 2017، بدأت إدارة ترامب الجديدة في محاولة لتحويل سياسة الولايات المتحدة الأمريكية للاجئين، من خلال فرض حظر على السفر وتعليق أجزاء من برنامج اللاجئين. واستجابت المدن في جميع أنحاء الولايات المتحدة بطرق مختلفة؛ فالبعض أعلنت نفسها على أنها ’مدن الملاذ‘، تقدم من خلالها أشكالا أخرى من اللدونة، بينما أيد آخرون جهود ترامب. ومن شأن هذه التطورات السياسية على المستويين الاتحادي والمحلي أن تؤثر على تجربة اندماج اللاجئين وطالبي اللجوء الذين وصلوا حديثاً أو طال أمدهم. وعلى الصعيد العالمي، نجد الديناميات السياسية نفسها. وفي بلدان اللجوء الأول مثل الأردن وليبيا، وفي بلدان العبور مثل اليونان والمكسيك، وفي بلدان الوجهة النهائية مثل ألمانيا والسويد، نجد أنَّ البلدان الصغيرة والمدن هي التي تستوعب اللاجئين والمهاجرين. ومن المهم أن نفهم هذه التجربة وأن نجد السبل لدعم البلدات التي سيمكث فيها اللاجئون في حالات كثيرة لفترات طويلة. وبهذا السياق، ستعكف دراسات الحالة على ما يلي:

إنشاء خريطة لتعداد اللاجئين: من خلال القياس الكمي لتوزيع وحجم فئات اللاجئين المختلفة حسب الجنسية في البلدة الواحدة، ستنشئ كل دراسة حالة خريطة تبين ما إذا كان اللاجئون يتجمعون في مناطق معينة أم لا، وكيف يتغير هذا التوزيع مع مرور الوقت. كما أنها ستظهر، على سبيل المثال، أين انتقل اللاجئون من أجزاء أخرى من البلاد للانضمام إلى ’مجتمع الاندماج‘، كما الحال مع الصوماليين القادمين من أماكن أخرى في الولايات المتحدة، للانضمام إلى المجتمع الراسخ في ليويستون في ماين.

توثيق تجارب اللاجئين: ستوثق دراسة الحالات الجوانب الاقتصادية والمالية لكيفية حصول اللاجئين على سبل كسب الرزق، ومصادر دخلهم ودعمهم (المحلي وعبر الوطني)، والتزاماتهم المالية (مثل الديون المترتبة إزاء المهربين وتسديد قروض السفر التي تقدمها المنظمة الدولية للهجرة). وعلاوة على ذلك، ستبحث الدراسات ما إذا كان اللاجئون قد أصبحوا ناشطين سياسياً، وما إذا كانوا يستكشفون أشكال الحشد والتعبئة الاجتماعية، وأنواع الشبكات الاجتماعية والسياسية المحلية وعبر الوطنية التي قد ظهرت. وستستكشف مدى فهم اللاجئين الذاتي للدمج ومواقف اللاجئين تجاه المستقبل.

استكشاف الأثر الحضري: ستستكشف كل دراسة حالة الآثار الاقتصادية للاجئين على البلدة، بما في ذلك العمالة، وإيجاد الأعمال التجارية، والروابط التجارية ، وسوق الإسكان/الإيجارات، بالإضافة إلى تأثيرها على الخدمات مثل الصحة والتعليم، والبنية التحتية، بما في ذلك النقل والمياه. وستدرس مدى اهتمام المقيمين والسلطات الحضرية بتجربة هذه التأثيرات وتفسيرها، وكيفية استجابة اللاجئين لها اجتماعياً وسياسياً. وسيحدد المشروع أيضاً استجابة السلطات البلدية ورؤساء البلديات للاجئين الوافدين، وسعيها إلى إدارة العلاقات مع الحكومة الوطنية أو حكومة الولاية.

وبالرغم من أن مجالات التحقيق الثلاثة الواسعة هذه تهدف إلى أن تكون بمنزلة توجيه لدراسة الحالات، نشجع موضوعات أو طرق أخرى للتحقيق.

المساهمة في دراسة الحالات:

إذا كنت لاجئاً، أو عامل إغاثةٍ، أو مقيماً في مدينة تستضيف لاجئين، نشجعك على كتابة دراسة حالة. وحيثما كان ذلك مناسباً، يمكننا جمعك مع طالب دراسات عليا من جامعة تافتس، أو من أي جامعة أخرى، لكي يساعدك في مختلف الجوانب. ونرحب أيضاً بتقديم الدراسات التي أجريت بصورة مستقلة. هدفنا سماع آراء مختلفة ووجهات نظر محلية حول كيفية حدوث الاندماج الحضري، كما نشجع دراسة الحالات التي تعكس وجهات النظر والآراء السياسية المختلفة.

وستُراجَع دراسة الحالات وستُضاف إلى قاعدة بيانات المشروع، وستكون متاحة للجمهور من خلال الموقع الإلكتروني للمشروع. وستكون لكل بلدة صفحة خاصة بها ’يملكها‘ في بداية الأمر الباحث الأصلي، الذي يمكنه دعوة الآخرين لإضافة مواد دراسة الحالة، ونحن نسعى إلى استخدام مجموعة متنوعة من الأساليب البحثية، بما في ذلك وسائل الإعلام المرئي مثل الأفلام الوثائقية والمسرح والرقص، كما نشجع الأساليب الإبداعية من الفنانين على اختلاف أنواعهم.

كارين جاكوبسين Karen.jacobsen@tufts.edu

بروفيسورة كرسي هنري جي لير للهجرة العالمية، كلية فليتشر للقانون والدبلوماسية، جامعة تافتس.

http://fic.tufts.edu/research-item/refugees-in-towns

لمزيد من المعلومات، اتصل بالمؤلف، أو بقائد مشروع اللاجئين في المدن أو مديرهCharles.simpson@tufts.edu

 



[1] لمزيد من الشروحات المفصلة حول منهجيات بحثنا، زر الرابط التالي:

 http://fic.tufts.edu/research-item/refugees-in-towns/

 

إخلاء مسؤولية

جميع الآراء الواردة في نشرة الهجرة القسرية لا تعكس بالضرورة آراء المحررين ولا آراء مركز دراسات اللاجئين أو جامعة أكسفورد.