نحو اتفاقية إقليمية حول التَّهجير البيئي؟

ينبغي توسيع نطاق الجهود المبذولة بشأن التوصل إلى إبرام اتفاقية إقليمية حول الهجرة في أمريكا الجنوبية من أجل الاعتراف بصفة المهجرين المناخيين وحمايتهم.

يؤثر التغير المناخي على منوال الكوارث وشدتها كما يسبب عمليات التدهور البيئي بطيئة الحدوث، وتفاقم المخاطر وأوجه الاستضعاف الموجودة من قبل.[1]ففي الفترة ما بين عامي 2000 و2015 هُجِّرَ حوالي ثمانين مليون شخص أو أُخلُوا من منازلهم في سياق الكوارث الطبيعية في أمريكا الجنوبية.[2]ونظراً لما حققته المنتديات الإقليمية من نجاحٍ وتقدم في السنوات الأخيرة في مجال الهجرة، أصبحت تتمتع الآن بوضع يسمح لها بالمشاركة في حوارٍ بشأن التنقل البشري في سياق التغير المناخي والكوارث ما قد يؤدي إلى اتساق المبادرات الوطنية، وتحقيق فهمٍ أفضل، وإدارة طويلة الأجل للتَّهجير، والاعتراف بالأشخاص المهجَّرين لأسباب بيئية وحمايتهم في جميع أنحاء المنطقة.

المنتديات والمبادرات القائمة

تضم الكتلة دون الإقليمية للسوق المشتركة الجنوبية (ميركوسور) منتدى متخصصاً في الهجرة مسؤولاً عن دراسة آثار الهجرة ويهدف تطوير اللوائح التنظيمية والاتفاقيات. ولا تشير اتفاقية الإقامة للسوق المشتركة الجنوبية (ميركوسور) في عام 2002 بشأن حرية تنقل الأشخاص إلى الأشخاص المهجَّرين لأسباب بيئية على وجه التحديد ولكن يمكن تكييفها لتسهيل تنقلهم إلى البلدان الأخرى في المنطقة كما هو مقترح في استراتيجية الاتحاد الأوروبي بشأن التكيف مع التغيرات المناخية.[3]وقد أدرك أعضاء المنتدى المتخصص في الهجرة وجود ثغرات في توفير حلول للمهجَّرين بسبب الكوارث، وفي عام 2012 دُعِيَت الدول الأعضاء في السوق المشتركة الجنوبية (ميركوسور) واتحاد دول أمريكا الجنوبية (أوناسور) للاعتراف بظاهرة الهجرة بسبب المخاطر الطبيعية (الهجرة ’البيئية‘) ولاستحداث بروتوكول يستهدف الذين يهاجرون لأسباب بيئية.

ويتمثل أحد أهداف المنظمة الإقليمية العابرة للحكومات في اتحاد دول أمريكا الجنوبية (أوناسور) في التعاون لمنع الكوارث والتغيرات المناخية بالإضافة إلى منع الهجرة. كما تعمل هذه المنظمة على التمهيد لإقامة مواطنة في أمريكا الجنوبية التي بالإضافة إلى ضمانها الوصول إلى مجموعة كبيرة من الحقوق تسهل أيضاً إدارة التنقلات العابرة للحدود ضمن المنطقة في سياق التغيرات المناخية والكوارث.

وقد شارك ممثلون رفيعو المستوى من كلٍ من السوق المشتركة الجنوبية (ميركوسور) واتحاد دول أمريكا الجنوبية (أوناسور) عام 2016 في الحوارات الأقاليمية مثل حوار اتحاد دول أمريكا الجنوبية (أوناسور)-السوق المشتركة الجنوبية (ميركوسور) حول حقوق الإنسان للمهاجرين، والتعاون الإنساني وحوار السوق المشتركة الجنوبية (ميركوسور) حول حقوق الإنسان للمهاجرين: الأزمة الإنسانية وكارثة الأمن الغذائي في العام نفسه. ومما أثمرت عنه هذه الحوارات الوصول إلى اتفاق بضرورة وضع وتنفيذ صكوك لإدارة المخاطر وإقامة تعاون إنساني للمضي قدماً نحو حماية حقوق الإنسان للمهاجرين وذلك على المستوى الإقليمي.[4]

ويعمل مؤتمر أمريكا الجنوبية المعني بالهجرة على وضع سياسات بشأن الهجرة الدولية وعلاقتها بعمليتي الدمج والإنماء على الصعيد الإقليمي. وفي عام 2015، وسَّع مؤتمر أمريكا الجنوبية للهجرة نطاق عمله ليشمل ’الهجرة، والبيئة، والتغير المناخي‘. ومن هنا، يستطيع مؤتمر أمريكا الجنوبية للهجرة الآن إتاحة مساحة مهمة للتنسيق بين المنظمات الإقليمية ودون الإقليمية لتعزيز قضية الهجرة البيئية واعتماد اتفاقية بذلك في المنطقة بالإضافة إلى المواءمة بين المبادرات الوطنية القائمة. وفي عام 2016، وعلى ضوء النتائج التي توصل إليها تقرير قدمته شبكة عمل أمريكا الجنوبية حول أنواع الهجرة البيئية إلى السكرتير الفني،[5] وافق مؤتمر أمريكا الجنوبية للهجرة على إجراء دراسة بشأن العلاقة بين التغير المناخي، والبيئة، والهجرة كما وافق أيضاً على تنفيذ ورشات عمل تدريبية إقليمية مشتركة حول هذا الموضوع.[6]

وأخيراً، قدم برنامج إعادة التوطين التضامني الإقليمي واستراتيجيات أخرى طُرِحَتْ في خطة عمل المكسيك لعام 2004 حلولاً مستدامة للتهجير من خلال برنامج تأشيرات الدخول الإنسانية وحصص إعادة التوطين وكلها استراتيجيات يمكن تطبيقها أيضاً على الأزمات التي تسببها التغيرات المناخية والكوارث. وأوصت خطة عمل البرازيل لعام 2014 بإخضاع تدابير الحماية المنصوص عليها في تشريعات الهجرة واللجوء إلى التقييم على ضوء إفادتها للاستجابة للتنقلات العابرة للحدود التي تسببها التغيرات المناخية والكوارث الطبيعية.

ونظراً لوجود فراغ في القانون الدولي بشأن التَّهجير البيئي، من الضروري تأسيس معايير دنيا للحماية على المستويين الإقليمي والوطني. وسوف يؤدي التوصل إلى اتفاق إقليمي حول التَّهجير البيئي إلى تنسيقٍ أفضل بين الهجرة وخفض مخاطر الكوارث وسياسات التغير المناخي في المنطقة ما يسمح بالتنسيق بين المبادرات والصكوك المختلفة المتعلقة بنظام موحد للاعتراف والحماية. ومع ذلك، ينبغي إشراك جميع الأطراف المعنيين في إبرام هذه الاتفاقية وعلى وجه التحديد المجتمعات والأشخاص المهجَّرين أو المعرضين لخطر التَّهجير.

تحديات وفرص مستقبلية

هناك مؤشرات إيجابية بتناول قضية التَّهجير البيئي في المنطقة وفي منتدياتها من خلال كلٍ من المبادرات الوطنية المستمرة والمنتديات التي تُعقَد في المنطقة التي يمكنها إطلاق عملية التفاوض الإقليمي مثل مؤتمر أمريكا الجنوبية. ومع ذلك، ما زالت هناك بعض العقبات التي تعيق نجاح هذه المبادرات. وتشمل هذه العقبات عدم وجود معلومات شاملة ومفصلة عن التنقل في سياق التغيرات المناخية والكوارث، والحاجة إلى تحديد المجتمعات المُهَجَّرة بالفعل أو المعرضة لخطر التَّهجير بالإضافة إلى إحجام الدول وتخاذلها في الموافقة على أي تشريعات جديدة تخص الهجرة، وكثرة أعداد المنتديات المختلفة التي رغم ما تطلقه من مبادرات إيجابية، من الصعب تحويلها على أرض الواقع إلى عملٍ منسق وإجماع.

أما عن مبادرة مواطنة أمريكا الجنوبية فتساهم إسهاماً كبيراً في قضية حرية التنقل في المنطقة التي تسهل عملية استقبال المُهجَّرين لأسباب بيئية. ومع ذلك، فهي لا توفر حماية شاملة للمُهجَّرين. وعلى أرض الواقع، وإذا قُدِّمت مقترحات من أجل إبرام اتفاقية إقليمية عامة حول الهجرة فينبغي أن تتضمن قضية الهجرة لأسباب بيئية لكن من المحتمل فرض قيود على التنظيم المفصل والمعمَّق للقضية في اتفاقية الهجرة العامة. وقد يكون اعتماد اتفاقية إقليمية حول الهجرة البيئية أو إدراج بروتوكول محدد ضمن الإطار العام للاتفاقية الإقليمية حول الهجرة حلاً فعالاً. ولا ينبغي قصر الاتفاقية أو البروتوكول على قضية الاستقبال فقط بل ينبغي أن تتناول الاتفاقية أيضاً حماية الأشخاص المُهجَّرين لأسباب بيئية، ودمجهم، وعودتهم في ظل ظروف السلامة وصون الكرامة، وأن تقدم الاتفاقية حلول مستدامة بدلاً من الاستجابات قصيرة الأمد.

 

إيريكا بايريس راموس erikaprs@gmail.com

المُؤَسِّسَة وباحثة

 

فيرناندو دي ساليس كافيدون-كابديفيليcavedon.capdeville@gmail.com

مستشار مستقل وباحث

 

ليليان ياماموتو liukami2014@gmail.com

باحثة

 

ديوغو أندريولا سيراغيوdiogoaserraglio@gmail.com

باحث

 

شبكة أمريكا الجنوبية للمهاجرين البيئيين (RESAMA)

www.resama.net



[1] Intergovernmental Panel on Climate Change (2014) Climate Change 2014: Impacts, Adaptation, and Vulnerability.

(الهيئة المشتركة بين الحكومات حول التغير المناخي (2014) التغير المناخي 2014: الآثار والتكيفات والاستضعاف)

http://www.ipcc.ch/pdf/assessment-report/ar5/wg2/WGIIAR5-FrontMatterA_FINAL.pdf

[2] Rodríguez Serna N (2015) Human mobility in the context of natural hazard-related disasters in South America.

(رودريغيز سيرنا ن (2015) التنقل البشري في سياق الكوارث الطبيعية المرتبطة بالمخاطر في أمريكا الجنوبية)

ورقة خلفية قُدِّمت لاجتماع مبادرة نانسن لأمريكا الجنوبية التشاوري، كويتو، الإكوادور، يوليو/تموز 2015

https://www.nanseninitiative.org/wp-content/uploads/2015/12/14122015_FINAL_BACKGROUND_PAPER_SOUTH_AMERICA_screen.pdf

[4] معهد السياسات العامة في مجال حقوق الإنسان في السوق المشتركة لبلدان المخروط الجنوبي (IPPDH) تقرير الإدارة 2016

http://www.ippdh.mercosur.int/wp-content/uploads/2017/02/Informe_gestion_2016.pdf

[5] RESAMA (2016) Migración, medio ambiente y cambio climático: agenda 2030, buenas prácticas y desafíos para la región suramericana.

شبكة أمريكا الجنوبية للمهاجرين البيئيين (RESAMA)  (2016) الهجرة والبيئة وتغير المناخ: جدول أعمال 2030، الممارسات الجيدة والتحديات لمنطقة أمريكا الجنوبية.

http://csm-osumi.org/sites/default/files/documento_de_referencia_-_migracion_medio_ambiente_y_cambio_climatico.pdf

[6] CSM (2016) Towards free movement. Declaration of Asuncion

(المؤتمر الخاص بالهجرة (2016) نحو حرية الحركة. إعلان أسونسيون)

http://csm-osumi.org/sites/default/files/conferencias/2_declaracion_csm_ingles.pdf

 

إخلاء مسؤولية

جميع الآراء الواردة في نشرة الهجرة القسرية لا تعكس بالضرورة آراء المحررين ولا آراء مركز دراسات اللاجئين أو جامعة أكسفورد.