من مختبر في لوكسمبورغ إلى الأقمار الصناعية في جنوب السودان

ظهر برنامج جديد للاتصالات لاستخدامه في حالات الطوارئ الإنسانية في يناير/كانون الثاني 2012 في جنوب السودان وهو الآن منتشر في أماكن أخرى. ويهدف موقع emergency.lu لأن يكون أداة عالمية مشتركة بين الوكالات.

تمثل المطالب الواقعة على كاهل المجتمع الدولي في حالات الطوارئ تحدياً كبيراً. ويزداد ذلك التحدي حدةً غياب تكنولوجيا المعلومات والبنية الأساسية لوسائل الاتصال التي لها أهميتها في التنفيذ الفعّال لعمليات إنقاذ الحياة، رغم أن تكنولوجيا المعلومات أمر مفروغ منه في مستوى الإدارة العامة، وحتى في الأحوال التي توجد فيها مثل تلك البنى التحتية فغالباً ما تكون ذات جودة رديئة في الميدان، وبذلك تعيق جهود الإغاثة إعاقة شديدة.

وإقراراً بهذه الحاجة،  أقامت إدارة التعاون الإنمائي التابعة لوزارة الشؤون الخارجية بلوكسمبورغ في عام 2010 شراكة مبدئية مع ثلاث شركات في لوكسمبورغ هي: إتش آي تي إي سي لوكسمبورغ (HITEC Luxembourg) وإس إي إس تيك كوم (SES TechCom) والإسعاف الجوي بلوكسمبورغ (Luxembourg Air Ambulance).وقد سافر فريق من ممثلي كل شريك حول العالم لإجراء المناقشات مع مختلف منظمات الإغاثة حول كيفية استخدام خبرة القطاع الخاص في تلبية احتياجات العمليات الإنسانية. وكان أن نتج عن بعثة تقصي الحقائق هذه إنشاء موقع "emergency.lu"، الذي يقدم برنامج اتصالات متعدد الطبقات على الهاتف الجوّال والذي بإمكانه توفير الاتصال عالي السرعة بالإنترنت وخدمات الاتصالات الصوتية منذ لحظة بدء الكارثة الإنسانية. ويتكوّن emergency.lu من بنية أساسية ساتالية ويتمتع بقدرة توفير خدمات الاتصال الأساسية هذه، علاوة على إدارة المعلومات العالمية ونقل المعدات فعلياً إلى منطقة الكارثة.

كما يقدم emergency.lu "مجموعتين" مختلفتين للاتصالات: السريعة والمعتادة. تتضمن أداة الانتشار السريعة طَبَقَاً لاقطاً لإشارات السواتل قابل للنفخ ومحطة أرضية مدمجة لتقديم خدمات الإنترنت والاتصالات الصوتية وتوفير شبكة المنطقة المحلية LAN. ويسهل نقل هذه المجموعة (أي يمكن أخذها من قِبل عمال الإغاثة في رحلتهم الجوية) وتستهدف المرحلة الأولى من الاستجابة لحالات الطوارئ.

أما مجموعة الانتشار المعتادة فتتضمن طبقاً لاقطاً لإشارات السواتل وهو أكثر متانة ويُنشر في نفس وقت حالة الطوارئ كجزء من حل المرحلة الثانية. وتشبه مجموعة الأدوات المعتادة طبق الساتلايت المعروف، لكنها مصممة بشكل خاص لعمليات الطوارئ دون أي أجزاء مفككة، ويمكن تركيبه بكل سرعة وسهولة.

امتد emergency.lu منذ انطلاقه ليشمل المزيد من الشركاء، بمن فيهم برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة والذي يعد القائد العالمي لمجموعة الاتصالات في حالات الطوارئ[1]، والاتحاد الدولي للاتصالات ومكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية والاتحاد الأوروبي. كما ساهم أيضاً في تطوير ذلك الموقع ونشره كلٌ من فاعلي القطاع الخاص، بما في ذلك إريكسون ريسبونس (Ericsson Response) وسكايب (Skype). وخلال الاثني وسبعين ساعة الأولى الحاسمة بعد وقوع حالة ما من حالات الطوارئ، تحتاج مجموعة الاتصالات في حالات الطوارئ إلى إقامة الاتصال بالإنترنت من نقطة اتصال لاسلكي وخدمات الاتصال الصوتي بالإنترنت خلال 48 ساعة من تخليص المعدات اللازمة جمركياً، وموقع emergency.lu يلبي هذه المتطلبات.

الانتشار – النجاحات والتحديات

في ديسمبر/كانون الأول 2011، وبينما كان موقع emergency.lu قيد الإنشاء، كان الوضع في جنوب السودان يشهد تدهوراً سريعاً، وسارع المجتمع الدولي إلى زيادة العمليات كي تتماشى مع تدفق النازحين الجدد، إلى جانب استمرار قدوم العائدين من السودان. وقد أُعيقت جهود الإغاثة بشكل كبير ليس جراء انعدام الأمن بصفة مستمرة فحسب بل أيضاً نظراً لمحدودية البنية التحتية العامة وضعف تغطية الهواتف الجوّالة وعدم موثوقية خدمات الربط بقواعد البيانات.

وفي يناير/كانون الأول 2012، سافر فريق من الفنيين وعمال الإغاثة من برنامج الأغذية العالمي وإريكسون ريسبونس وحكومة لوكسمبورغ وإدارة الحماية المدنية بلوكسمبورغ إلى جنوب السودان. وبعد الاختبار المبدئي في جوبا، كان الانتشار الأول لحل الاستجابة الخاص بمجموعة الاتصالات في حالات الطوارئ، باستخدام أداة الانتشار السريع، في مدينة بانتيو بمقاطعة روبكونا، حيث سُجلت أغلبية العائدين الذين ساعدتهم الحكومة والعائدين بصورة تلقائية. وأقيمت مجموعة أدوات الانتشار المعتادة في مقاطعات مابان ورينك وبيبور. وللمرة الأولى، تمكن عمال الإغاثة في هذه المواقع البعيدة الأربعة بشكل موثوق من الاتصال الصوتي والبياني. وخلال ستة أشهر فقط، استفاد من ذلك أكثر من 3000 عامل إغاثة في جنوب السودان من 156 منظمة.

وبالتأكيد، لم يخل الأمر من وجود بعض التحديات التي صاحبت انتشار أحد أكثر حلول التوصيلية حداثة في دولة جنوب السودان وهي أحدث دولة أُنشئت في العالم. فعلى سبيل المثال، كانت الظروف الجوية قاسية في بانتيو لكنها في الوقت نفسه مثلت عامل اختبار لقوة مجموعة أدوات الانتشار السريع وأظهرت أن المحطة المتضمنة للمودم والسيرفرات في حاجة لغطاء واقٍ ووجوب تنظيف المرشحات باستمرار. كما تم إدارة الانقطاع المستمر في التيار الكهربي من خلال تشغيل مولّدين في كل موقع، إلى جانب الاحتفاظ بالبطاريات في حالة حدثت المزيد من الانقطاعات.

وقد اشتملت استجابة مجموعة الاتصالات في حالات الطوارئ على تطبيق إدارة نطاق البيانات الذي يرصد الغرض الذي تُستخدم من أجله المحطات وفي حالة تجاوز ذلك النطاق يمكن أن يقتصر على الاستخدامات ذات الأولوية.. وقد شكل تنفيذ سياسة الاستخدام الفاعل لنطاق البيانات تحدياً، ذلك لأن كل مستخدم يمتلك قيماً مختلفة وفقاً لاحتياجاته. وفي كل مرة تُركب فيها الأدوات، يعلم القائمون عليها درساً يستفاد منه للتطبيق في المستقبل.

ومنذ ذلك الحين، انتشرت مجموعة أدوات emergency.lu في مالي، بإطلاق أداة الانتشار المعتادة في موبتي في شمال البلاد (وذلك وقت الكتابة في أكتوبر/تشرين الأول 2012). ويُنتظر نشر أداة أخرى في مستودع برنامج الأغذية العالمي في باماكو. وسيتم نشر المزيد من الأدوات في نيبال وفنزويلا خلال الأسابيع القادمة.

المستقبل

تعد الاستعدادية لحالات الطوارئ مرحلة أساسية للاستجابة. وقد تمت إقامة سبع عشرة من مجموعات أدوات موقع emergency.lu مسبقاً حول العالم، بما في ذلك في لوكسمبورغ ودبي من أجل سهولة الانتشار عند حدوث الكارثة القادمة. وتعلّم الدورة التدريبية "Let's Net" التي ينسقها برنامج الأغذية العالمي، عمال الطواريء لتكنولوجيا المعلومات كيفية إطلاق emergency.lu وحل الاستجابة المتكامل لمجموعة الاتصالات في حالات الطوارئ[2]. وحتى الآن، نجح 46 عامل من عمال الطوارئ من ثمان منظمات إنسانية مختلفة في إكمال هذه الدورة، وهم الآن في وضع الانتظار إلى أن تقتضي الضرورة الانتشار.

وبالإضافة إلى الدورات التدريبية العملية والنظرية، يستمر emergency.lu وبرنامج الأغذية العالمي وإريكسون ريسبونس في التعاون في تطوير وتوسعة حل الاستجابة لمجموعة الاتصالات في حالات الطوارئ. ومن المتوقّع أن يتم أيضاً دمج مركز تكامل الاستعدادية لحالات الطوارئ[3] في برنامج مستقل للاتصالات حول الاستجابة لحالات الطوارئ الإنسانية والتنسيق لها.

وعلاوة على الرغبة في التعلُّم من الانتشارات التي تمت حتى الآن، فإنَّ للتعاون المنفتح والصريح بين الشركاء من القطاعات العامة والخاصة والحكومية أهميته في تطوير هذه الأدوات، مع ضرورة التزام كافة الأطراف على حدٍ سواءٍ بالمساهمة بخبراتها ومعرفتها الخاصة.

ماريان دونفين marianne.donven@mae.etat.lu رئيسة مكتب المساعدات الإنسانية في إدارة التعاون الإنمائي التابعة لوزارة الشؤون الخارجية بلوكسمبورغ www.emergency.lu. في حين تعمل ماريكو هول mariko.hall@wfp.org محلل اتصالات في فرع الاستجابة والاستعدادية لحالات الطوارئ الخاصة بتكنولوجيا المعلومات ببرنامج الأغذية العالمي www.wfp.org.



[1] http://ictemergency.wfp.org/web/ictepr/emergency-telecommunications-cluster. ولمزيد من المعلومات حول خدمات مجموعة الاتصالات في حالات الطوارئ، يُرجى مطالعة مقال ماريكو هول "الثابت الوحيد هو التغيير"، عدد نشرة الهجرة القسرية رقم 38، www.fmreview.org/technology/hall.html

 

إخلاء مسؤولية

جميع الآراء الواردة في نشرة الهجرة القسرية لا تعكس بالضرورة آراء المحررين ولا آراء مركز دراسات اللاجئين أو جامعة أكسفورد.