إدارة النزوح المرتبط بالتغيرات المناخية

وجد الكثيرون ممن حاربوا النزوح أنفسهم الآن دعاة لإعادة التوطين وإعادة النقل. ومع العلم بأن النزوح سيحدث نتيجة للتغيرات المناخية، يتعين على المجتمع الإنساني العمل بصورة استباقية وفقاً الحلول القائمة على الأرض والتي قد تُتاح لهم مع المجتمعات المعرضة للخطر .

للمكان أهميته. ومع تزايد الاعتراف بفهم الأهمية المحورية لمكان الشخص والمأساة المرتبطة بإخراج الأشخاص من منازلهم، رغم تأخره، فقد نمت الحركة بشكل مستمر، مع التركيز على المعايير المتعلقة بمنع الأشخاص من فقدان منازلهم وأراضيهم.

ومؤخراً، رأينا زيادة في ضبط القواعد المصممة لمنع النزوح القسري وعمليات الإجلاء وآليات الأمم المتحدة للتعامل مع هذه الممارسات ومشاركة المنظمات الأهلية في منع النزوح والاعتراف المتنامي بالضرورة القصوى لضمان إنفاذ الأمن في حقوق التأجير للسكان والمجموعة المتزايدة من الاختصاصات على جميع المستويات والتي تدين النزوح القسري (وتطالب بعلاجه). وباختصار، فإن للمكان أهميته ضمن الحقوق الأوسع المستحقة للجميع.

لكن يبدأ المهتمون بحماية حقوق النازحين في مواجهة التحديات الجديدة والصادمة إلى حد ما نتيجة النزوح الناتج عن التغيرات المناخية. وخلال السعي للسلامة من كوارث التغيرات البيئية الشديدة أو الدائمة وعن المكان الذي يمكن فيه تأمين حقوق الأشخاص، خاصة السكن وحقوق الأرض والملكية، فإننا الآن في وضع حرج نسبياً لدعم إعادة نقلهم بصورة فاعلة.

وفي العديد من الحالات، سيحتاج الفاعلون الإنسانيون إلى المساعدة في إيجاد موارد الأرض الحيوية وإشراك المجتمعات المضيفة المحتملة وتحديد خيارات كسب العيش والإقامة اللازمة لضمان الفرصة للجماعات النازحة جراء التغيرات المناخية حول العالم لإقامة حياة كريمة مرة أخرى. وفي هذا الشأن، فإنه يمكن للفاعلين الإنسانيين منع النزوح غير محدد الزمن "والخالي من الحقوق".

بنجلاديش وبابوا غينيا الجديدة وكيريباتي وتوفالو

لقد تناسبت حلول النزوح الخاصة بالمنظمات الأهلية مع الجماعات المحلية في العديد من الأماكن للتعامل مع مضمونات النزوح المتعلقة بالتغيرات المناخية. وتشير جميع تقديرات النزوح الناجم عن التغيرات المناخية المستقبلية إلى احتمالية مواجهة القليل من الدول لنفس نطاق النزوح مثلما هو الحال مع بنجلاديش. ووفقاً لبعض الجماعات المناصرة للتغيرات المناخية، فإن هناك أكثر من ستة ملايين شخص غير قادرين بالفعل على العودة إلى منازلهم التي فقدوها بسبب أمواج البحر العاتية والإغراق الدائم. وتركز أغلب البيانات العامة حول هذه القضية على توسيع خيارات الهجرة الدولية للبنجلاديشيين، مع تولية الاهتمام الأقل إلى المعايير اللازمة لإيجاد الحلول الداخلية القائمة على الحقوق لعدد كبير من الأشخاص النازحين نتيجة للتغيرات البيئية الهيكلية. كما تُبذل الجهود حالياً لتحديد المواقع التي قد تكون مناسبة لإقامة المستوطنات الجديدة لنسبة منهم على الأقل، ثم بعد إيجادها، سيُستحوَذ على المواقع ونقل ملكية الأرض أيما كانت وتحويلها إلى هياكل ائتمانية واضحة للمجتمع المحلي. وللأخيرة أهميتها من أجل المحافظة على إبعاد الأرض عن الحُمَّى المتوقعة التي قد تصاحب تدابير إعادة التوطين ولضمان قدرة المجتمعات الراغبة على إعادة التوطين.

وفي نهاية المطاف، سيتعين على أغلب أو جميع سكان الجزيرة المرجانية من جزر كارتريت ببابوا غينيا الجديدة إلى إعادة التوطين. وللأسف، فإنَّ العرض الذي سهلته جهة مستقلة لبيع حوالي 2800 هكتار من الأراضي الخاصة إلى حكومة بوجانفيل المستقلة، شريطة أن تُخصص الأرض إلى ساكني الجزيرة، لم يكن جذاباً لأي دعم مادية من الحكومة المحلية أو الوطنية. فبيعت قطعة الأرض إلى مطوّر عقارات أجنبي خطط لاستخدام الأرض في السياحة وربما الزراعة مقابل مبلغ يقل عن المبالغ المخصصة ضمن مخصصات الموازنة الوطنية لإعادة توطين ساكني جزر كارتريت. لقد كان من شأن تلك القطعة أن تتسع بسهولة لسكان كارتريت بأكملهم لقاء نسبة بسيطة من السعر الذي ستتكلفه الآن للاستحواذ على الأراضي اللازمة للقيام بذلك. وقد فُقدت الفرصة المثالية لتأمين الأرض لبعض أكثر المتأثرين في العالم من الأشخاص النازحين جراء التغيرات المناخية.

وقليل من مثل هذه الخيارات متاح لسكان كيريباتي وتوفالو في المحيط الهادئ. وتبقى المستويات الحالية لتمويل التكيُّف المكتسب من قِبل هذه الدول ضئيلة نسبة إلى الحاجة ولا يبدو أن الزيادة في التمويل المتاح ممكنة. وفي حين نرى أن السكن طويل الأجل لكيريباتي ميكرونيزيا وتوفالو بولينيزيا ممكناً إذا أمكن إيجاد الموارد للحلول التقنية الممكنة، وبذلك يتم تفادي النزوح، فنحن نرى أن الوقت قد حان لاتباع الأسلوب العملي الحكيم.

والسؤال الآن: إذا كان الفرار من كلتا الدولتين حتمياً، فكيف ستتم إدارة ذلك، وأين سيذهب المواطنون وكيف سيمكن تحديد وضعهم في بلدانهم الجديدة؟ هل سيُمنح السكان حق الانتقال بالجملة إلى جزيرة أخرى، وفي هذه الحالة، أين سيكون الانتقال؟ أم هل سيلزم تعزيز التوجه الفردي مع مخاطرة أن يتحمل البعض أفضل نتائج الهجرة، في حين يُترك الأخرون لإعالة أنفسهم بأنفسهم؟ أم هل سيتعين تشجيع الدول الأغنى في المنطقة لإيجاد مساحة لاحتواء هذه الفئة الجديدة من المهاجرين؟

وكما تكشف لنا هذه الأمثلة الأربعة المختصرة، فقد وضعت التغيرات المناخية الأشخاص المهتمين بالنزوح في وضع غير مألوف للبحث عن الحلول قبل حدوث النزوح، وأصبحوا باحثين عن الأراضي من أجل المجتمعات النازحة في المستقبل ومناصرين فاعلين لإعادة التوطين عندما لا يكون البقاء في المكان خياراً مناسباً.

سكوت ليكي scott@displacementsolutions.org مؤسس ومدير مبادرة حلول النزوح  http://displacementsolutions.org/

لمزيد من المعلومات حول هذه القضايا وغيرها، طالع مشروع "حلول الأرض الخاصة بالنزوح الناجم عن التغيرات المناخية" التابع لمبادرة حلول النزوح (Displacement Solutions’ Land Solutions to Climate Displacement) http://displacementsolutions.org/ds-initiatives/climate-change-and-displacement-initiative/

إخلاء مسؤولية

جميع الآراء الواردة في نشرة الهجرة القسرية لا تعكس بالضرورة آراء المحررين ولا آراء مركز دراسات اللاجئين أو جامعة أكسفورد.