الاعتراف بحقوق الأرض للسكان الأصليين والمجتمعات الريفية

تضع التوجهات العالمية الحالية ضغوطاً اقتصادية متزايدة على الأرض والموارد الطبيعية، مما يزيد من مخاطر أن تكون القوى المشتركة للتغيُّر المناخي والاستثمار واسع النطاق في الزراعة سبباً في التيارات الجديدة للنزوح الداخلي.

عند إقرار المعايير التوجيهية حول النزوح الداخلي في عام 1998، كانت بعض المعايير تدريجية نسبياً في توصياتها حيث عمدت إلى تقديم تفسيرات للقانون الدولي التي تعكس أفضل الممارسات بدلاً من الممارسات العالمية المُطبّقة في ذلك الوقت بغرض التشجيع على تفعيل استجابات الدول تجاه النزوح. ومن بين هذه المبادئ، اتسم المبدأ (9) بالحداثة في وضع الالتزام بمنع النزوح من خلال حماية حقوق الأكثر استضعافاً من خسارة أراضيهم:

يقع على عاتق الدول التزام خاص بحماية نزوح الشعوب الأصلية والأقليات والفلاحين والرعاة والجماعات الأخرى ذات الاعتماد الخاص على أراضيها والارتباط بها.

ومن الناحية العملية، تتضمن هذه الحماية اعتراف الدول بحقوق امتلاك الأراضي الخاصة بالشعوب الأصلية والمجتمعات الريفية وحمايتها. إلا أن دعم القانون الدولي في ذلك الوقت لتلك الإجراءات لم يكن قوياً حتى في حالة الشعوب الأصلية التي تتناسب بشكل واضح مع معيار "الاعتماد الخاص على أراضيها والارتباط بها". وكان المصدر الأساسي للدعم القانوني للمبدأ (9) هو اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم (169) بخصوص الشعوب الأصلية والقبلية التي الزمت الأطراف الموقّعة على "احترام الأهمية الخاصة للثقافات والقيم الروحية للشعوب المعنيّة بعلاقتها مع الأراضي أو الأقاليم".[1]

ومنذ تبني المعايير التوجيهية، تنامى الدعم في القانون الدولي لحقوق الأرض الخاصة بالشعوب الأصلية. وربما كانت الخطوة الأكثر أهمية في عام 2007 من خلال الإعلان الذي تبنته الجمعية العامة للأمم المتحدة حول حقوق الشعوب الأصلية الذي ينص على أن هذه الشعوب "لا يجب أن تُهجّر قسراً من أراضيها أو أقاليمها" دون "موافقتهم والمسبقة والمستنيرة" إلى جانب تعويضهم العادل وتزويدهم بخيار العودة، متى أمكن ذلك.[2]

وعلى المستوى الإقليمي، أصدرت محكمة الدول الأمريكية لحقوق الإنسان مجموعة منتظمة من القرارات خلال العقد الأول من القرن الواحد والعشرين والتي تقتضي الاعتراف بحقوق الأرض الخاصة بالشعوب الأصلية واحترامها. وفي أوائل عام 2010، تمت إحالة العديد من هذه الأحكام إلى اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب، عندما أصدرت قراراً رائداً يتطلب أن تستعيد كينيا الأراضي المأخوذة من الشعب الإندوروي قبل حوالي أربعين عاماً. وتشير أحكام هذا القرار إلى أن "الالتزام الخاص" بحماية هذه الجماعات من النزوح المُشار إليه في المعيار التوجيهي رقم (9) قد يستلزم اعتراف الدولة بملكية الأراضي بصورة فعلية:

تلاحظ اللجنة الأفريقية أنه إذا أريد للقانون الدولي أن يقتصر على منح حق الوصول فستبقى الشعوب الأصلية مستضعفة وعرضة لحالات جديدة من الانتهاكات/ انتزاع الملكية من قِبل الدولة أو من قبل أطراف أخرى. وتضمن الملكية أنه بإمكان الشعوب الأصلية مشاركة الدولة والأطراف الأخرى كأصحاب مصالح فاعلين وليس كمستفيدين سلبيين.[3]

وفي حين أصبح من الواضح الآن أن حقوق الأرض للشعوب الأصلية محمية بموجب القانون الدولي، فماذا عن المجموعات الأخرى التي ينص المعيار التوجيهي رقم (9) على أن لها أيضاً "اعتماد خاص على أراضيها وارتباطها بها) كالأقليات والمزارعين والرعاة؟ فلقد أكدت التوجهات العالمية الأخيرة على حكمة الأسلوب المُتبع في المعايير التوجيهية والذي يركز على التعرُّض لأثار فقدان الأرض (فيما يتعلق بكسب العيش والهوية) بدلاً من الوضع (كعضو في إحدى الجماعات الأصلية، على سبيل المثال).

ولقد قادت الأنماط المعاصرة للاستثمار الزراعي واسع النطاق في الدول النامية (والمُشار إليه في بعض الأحيان بالاستيلاء العام على الأراضي) والضغط على الموارد الطبيعية في الغالب إلى إفقار المجتمعات الريفية وحتى نزوحها، سواء أرأت أنفسها على أنها شعوب أصلية أم لا.

وتتضمن القوى الموجهة لهذه التطورات العمران الحضري والتغيُّرات المناخية وارتفاع أسعار الغذاء. ونظراً لأن هذه التوجهات العالمية لا يُحتمل أن تهدأ، فقد ينجم عن الاستثمار والنزوح المتعلق بالتنمية إلى إثارة القلق الدولي خلال العقد القادم بصورة تشبه ما يحدث بالنسبة للنزوح المرتبط بالصراعات في تسعينيات القرن الماضي والكوارث الطبيعية بعد حدوث الموجات الزلزالية (تسونامي) في المحيط الهندي عام 2004. ورغم أن الحديث عن النزوح الداخلي لم يرتبط بعد بالمناقشات حول استثمار الأراضي وتطويرها، يقدم المعيار (9) نقطة انطلاق ممتازة لمراعاة كيفية منع أو تقليل النزوح المرتبط بهذه التوجهات.

وقد استند مناصرو منع الأثار السلبية للاستثمار الزراعي واسع النطاق إلى حق المجتمعات الريفية الإنساني في الحصول على الطعام الكافي، بما في ذلك وسائل إنتاج غذائها الخاص. ومن الناحية العملية، فإن تنفيذ هذا الحق يستلزم الاعتراف بالملكية القانونية لهذه المجتمعات في أراضيها وحمايتها. وهذا الاعتراف هو نوع الإجراء الذي يؤكد المعيار (9) على التزام الدول الخاص بتنفيذه من أجل حماية الجماعات المعرّضة لفقدان أراضيها. إلا أن الدعم المتناسق حول هذه النقطة سيضمن منح المعيار (9) الأثر الوقائي الذي قصده واضعوه.

رودري سي. ويليامز rcw200@yahoo.com استشاري لحقوق الإنسان في ستوكهولم بالسويد. وهو مؤلف مدونة تيرانوليوس (TerraNullius): http://terra0nullius.wordpress.com/



[1] منظمة العمل الدولية، الاتفاقية رقم (169) (1989)، المادة 13(1)

www.ilo.org/indigenous/Resources/Publications/WCMS_100897/lang--en/index.htm

(((Note from the translator: Here is the link to the Arabic document: http://www1.umn.edu/humanrts/arabic/ilo-c169.pdf))) All ILO Arabic documents are available at Minnesota University Site here http://www1.umn.edu/humanrts/arabic/ilo.html)))

[2] الجمعية العامة للأمم المتحدة، الإعلان حول حقوق الشعوب الأصلية (2007)، المادة (10)

www.un.org/Docs/journal/asp/ws.asp?m=A/RES/61/295

[يحتوي عنوان موقع الإنترنت هذا علامات لأربع لغات حتى يمكن استخدام هذه في الأعداد الأربعة]

[3] اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب، القضية رقم 276/ 2003 – مركز تنمية حقوق الأقلليات (كينيا) والمجموعة الدولية لحقوق الأقليات، بالنيابة عن مجلس رفاه الشعب الإندوروي في كينيا (2010)، الفقرة 204.

www.hrw.org/sites/default/files/related_material/2010_africa_commission_ruling_0.pdf

 

إخلاء مسؤولية

جميع الآراء الواردة في نشرة الهجرة القسرية لا تعكس بالضرورة آراء المحررين ولا آراء مركز دراسات اللاجئين أو جامعة أكسفورد.