تَبْديةُ مشاركة النازحين الداخليِّين في السَّوْقِ إلى الحلول

لا بدَّ من حِفْظ الأفضية التشاركية –مثل الأفضية التي هُيِّئت في مبادرة الذكرى العشرين للمبادئ التوجيهية في كولُمبيا– وتوسيعها حتّى يتمكن النازحون الداخليِّون من العمل مباشرةً مع صانعي القرار المحليِّين والوطنيِّين على تحديد الفرص واغتنامها لإيجاد حلول دائمة.

يستمرُّ مع استمرار كولُمبيا في تنفيذ السلام العُنْف والنِّزاع على طول ساحل المحيط الهادئ وفي المناطق الحدودية بينها وبين الإكوادور وفنزويلا. والحاصل من ذلك نحو 100 ألف مُهجَّرٍ جديد كلَّ سنة منذ وُقِّعت اتفاقية السلام سنة 2016. وقد نزح أكثر من ثمانية ملايين إنسانٍ نزوحاً داخليّاً من سنة 1985، هذا ما قالته وحدة الضحايا في كولُمبيا، التي أُنشِئت في سنة 2011 مع إنشاء سلطة تسجيل ضحايا النِّزاع المسلح.

فلكولُمبيا إطارٌ قانونيّ ومؤسسيّ فائق الصَّنعة لإعانة المُهجَّرين بالنِّزاع وحمايتهم، ومنه القانون ذو الرقم 387 لسنة 1997 المعنيّ بالمُهجَّرين، والقانون ذو الرقم 1448 لسنة 2011 المعنيّ بضحايا النِّزاع المسلح وباسترداد الأراضي، والحكم (ت 025) لسنة 2004 من المحكمة الدستورية، وهو حكمٌ –إلى اليومَ سارٍ– يحثّ المؤسَّسات المعنيّة على ضمان حقوق النازحين الداخليِّين. وأمّا اليوم، فأحد المُكوِّنات المهمّة لخطة التنمية الوطنية في كولُمبيا[1] هو تشريع المستوطنات غير الرسميّة، عملٌ لا يفيد المجتمعات المستضعفة في المناطق الحضرية فحسب، بل يفيد إلى ذلك النازحين الداخليِّين واللاجئين والمهاجرين الذين يعيشون في تلك المستوطنات. صحيحٌ أنّ هذا التقدُّم مهم، ولكن يمكن أن يُتقدَّمَ أكثر كثيراً ممّا تُقُدِّمَ حتّى يتمكن جلُّ النازحين الداخليِّين في كولُمبيا من بلوغِ حلٍّ دائم لمشكلاتهم.

واحتفالاً بالذكرى العشرين في سنة 2018 لمبادئ الأمم المتحدة التوجيهية في النُّزوح الداخليّ، أُطلِقَت خطة عمل الذكرى العشرين للمبادئ التوجيهيَّة لحَشْد ودَعْم ما يبذل من الجهود العالميَّة لتقليل النُّزوح الداخليّ والإعانة على شؤونه. فوضعت طائفةٌ من الهيئات والمُنظَّمات الدولية لها على المستوى القطري في كولُمبيا خطةَ عملٍ في الذكرى العشرين للمبادئ التوجيهية.[2] وفي خلال سنة 2018 وسنة 2019، نُظِّمت أحداث رفيعة المستوى في إطار هذه المبادرة لإعادة التركيز على النُّزوح الداخليّ في البلد. وعُمِدُ في ذلك إلى محاورة النازحين الداخليِّين والقادة في المناطق المتضرِّرة من النزاع محاورةً مباشرةً، لإبراز كفاحهم اليوميّ، ولتنشيط الدافع إلى إيجاد الحلول.

الحوار والمناصرة

وجعل شركاء مبادرة الذكرى العشرين للمبادئ التوجيهية في كولُمبيا أوّلوّيتهم أن يُتِيحُوا منصةً للنَّازحين الداخليِّين، يعبّرون فيها عم مخاوفهم ويقترحون سبلاً ليُوصِلوا ما يحتاجون إليه إلى الحكومة الوطنية. فنُظِمَت سلسلةٌ من الأحداث في سنة 2018 وسنة 2019، منها:

  • اجتماعان للحوار بين أعضاء مبادرة الذكرى العشرين للمبادئ التوجيهية في كولُمبيا وقادة حقوق الإنسان والنازحين الداخليِّين ومسؤولي حقوق الإنسان الحكوميين في بوغوتا.
  • ومنتدى وطنيّ عامّ يدور حول التَّهجير، وعقد بمعاونة الجريدة الوطنية إل إسبِكْتَدُور، وبمشاركة ممثلين عن المتضرِّرين من النِّزاع المسلح والسلطات الوطنية والمنظمات غير الحكومية وهيئات الأمم المتحدة والمجتمع المدني.
  • ومنتدى محليّ في مقاطعة نارينيو نَجَحَ في أثناء انتخابات المحافظين ورؤساء البلديات في جَمْع خمسة مرشحين ليناظروا قادةَ النَّازحين الداخليِّين والمجتمع المدنيّ والمؤسَّسات المحلية. وهذا الحدث إنما قَصَدَ إلى تيسير المناقشة المباشرة بين المرشحين وقادة النازحين الداخليِّين، والدعوة إلى إدراج السياسة العامة ذات الصلة بالنازحين الداخليِّين في خطط أولئك المرشَّحين ساعةَ يتولُّون مناصبهم.

 

وبهذه الأحداث، وبالصَّوت القويّ، استطاع النازحون الداخليَّون توسيع المدارك في المستمرّ من مخاطر الحماية، ومناقشة الخطوات التي ينبغي اتخاذها لمعالجة هذه المخاطر. وقد كان النازحون الداخليُّون في هذه الأحداث صريحين، وطرحوا أفكارهم في كيفيةِ إيجادِ حلولٍ للنُّزوح الداخليّ. وقدَّموا في رسائلهم على الخصوص دعوةً شديدةً وحازمة أن: «لا تتركونا وحدَنا». إذ كان النازحون الداخليُّون قادرين على الإسهام في خطط التنمية المحلية إسهاماً ملموساً، مع الدعوة إلى إدماج السياسة العامة المتفق عليها في شأن النازحين الداخليِّين في هذه الخطط. فكان النازحون الداخليُّون، في حالة نارينيو، فعّالينَ في إدخال مسائلهم على جدول أعمال الانتخابات.

فألقت نتائج سلسلة الذكرى العشرين للمبادئ التوجيهية الضوءَ على الحاجة إلى:

  • استنجاح وتقوية التنسيق بين الهيئات للخروج باستجابةٍ شاملةٍ للتَّهجير، ولا سيَّما دعم التوجه نحو إيجاد الحلول.
  • تعزيز وجود المؤسَّسات الحكومية في المناطق التي يصعب الوصول إليها وفي ظل حالات الطوارئ المتكررة.
  • تَبدِيَةُ وتَقْويةُ إيصال السلع والخدمات في المناطق التي تُضِيفُ النازحين الداخليِّين، واللاجئين والمهاجرين الفنزويليين، لأنهم سُكَّانٌ يتعرضون لمخاطر وعواقب النِّزاع والعنف نفسها.

 

وبعدُ، فللشركاءِ في مبادرة الذكرى العشرين للمبادئ التوجيهية في كولُمبيا الهدف نفسه: تحسين الإحساس بالمجتمعات المحليَّة والأفراد المُتضرِّرين بالنِّزاع وتحسين مشاركتهم. فإن حدث ذلك، فسيُعِينُ على دَعْمٍ أكثرَ فعّاليّة للحكومة في ما تبذله من جهد لضمان استجاباتٍ مناسبة وناجحة للنُّزوح الداخليّ: من مَنْعِ حصول التَّهجير إلى الحماية وإيجاد الحلول.

ثم يُحتاجُ إلى أن تستمرّ الأفضية التشاركية وأن تُوَسَّعَ، مثل التي هُيِّأت برعاية مبادرة الذكرى العشرين للمبادئ التوجيهية في كولُمبيا. ولا بدّ من تيسير عملِ النازحين الداخليِّين مباشرةً مع صانعي القرار المحليِّين والوطنيِّين في تحديد فرص التي بها يُتوصَّلُ إلى الحلول واغتنامها، وذلك جَرْياً على المبادئ التوجيهية بشأن النُّزوح الداخليّ ودعماً للإطار المعياريّ والمؤسَّسي في كولُمبيا المعنيِّ بالنُّزوح الداخليّ.

 

مبادرة الذكرى العشرين للمبادئ التوجيهية في كولُمبيا echeverr@unhcr.org

 

[1] https://www.dnp.gov.co/DNPN/Paginas/Plan-Nacional-de-Desarrollo.aspx

bit.ly/Colombia-PND

[2] تتألّف مبادرة الذكرى العشرين للمبادئ التوجيهيّة في كولُمبيا من مكتب المنسّق المقيم، ومفوضيَّة اللاجئين، والمنظمة الدولية للهجرة، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، ومجلس اللاجئين النرويجيّ، والجمعية اليسوعية لخدمة اللاجئين (JRS-COL)، ومكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، والصندوق الاستئمانيّ الدوليّ لتعليم اللاجئين.

إخلاء مسؤولية

جميع الآراء الواردة في نشرة الهجرة القسرية لا تعكس بالضرورة آراء المحررين ولا آراء مركز دراسات اللاجئين أو جامعة أكسفورد.