إجراءُ تقرير صفة اللاجئ لإعادة التوطين: الحاجة إلى الحماية الإجرائيّة

الحماية الإجرائية ضرورةٌ في كلِّ ما يحيط بتقرير صفة اللاجئ. وتَستَوجبُ أوجهُ القصور في الإجراءات التي يجري بها تقريرُ صفة اللاجئ، لأغراضِ بُلُوغِ إعادة التوطين والسبل التَّكميليَّة، تَستَوجبُ مزيدَ وُضُوحٍ وصراحة.

إعادةُ التوطين والسبل التكميلية (مثل الرعاية المجتمعية والمنح الدراسية وسمات الدخول الإنسانية ولمّ شَمْل الأسرة[1]) أدواتٌ ذات شأنٍ في حماية اللاجئين. فبها تأتي الحلول الدائمة، مع أنّها لا تفيد إلا عدداً قليلاً من اللاجئين. وعند كثيرٍ من اللاجئين، يُعدُّ بُلُوغُ تقريرِ صفة اللاجئ الذي تجريه مفوضيَّة اللاجئين والنَّزاهةُ الإجرائيّةُ داخلَ تقرير صفة اللاجئ أمراً ضرورياً للوصول إلى إعادة التوطين أو السبل التكميلية.

في سنة 2016، نشرت مفوضيَّة اللاجئين مذكرة بشأن الاتِّجاه الاستراتيجيّ لأنشطتها بموجب ولايتها على تقرير صفة اللاجئ. وأقرّت في المذكرة بأنه تاريخياً «دعت مفوضيَّة اللاجئين إلى إجراءِ [تقرير صفة اللاجئ] إجراءً إفراديّاً، ما أمكن، بعد إجراء فحص مُتعمِّق للظروف الإفراديّة لحالِ رافع الطلب».[2] (تشير مفوضيَّة اللاجئين إلى سنّة العمل القياسية هذه في تقرير صفة اللاجئ على أساس إفراديّ باسم «التقرير النظاميّ لصفة اللاجئ»[3]). وأعلنت المذكّرة عن إستراتيجية جديدة: أن مفوضيَّة اللاجئين لن تجري تقريرَ صفة اللاجئ إجراءً إفراديّاً إلا إذا كان لإجرائه كبيرُ أثرٍ في بُلُوغِ الفَرْدِ الحمايةَ. وعلى الخصوص، لن تسعى مفوضيَّة اللاجئين إلى إجراء التقرير النظاميّ لصفة اللاجئ (أي الإفراديّ) ما دام في الأمر بدائل، مثل الإقرار الجَمْعيّ (من أوّل وهلة)، تضمنُ حصول الفوائد نفسها.

وينبغي لمفوضيَّة اللاجئين أن تدعم بُلُوغَ الأفرادِ الذين أٌقِرَّ لهم جَمْعيّاً السُّبُلَ التكميلية. وينبغي لها أيضاً أن تضمن أنّ الأفراد الذين لا يمكنهم بُلُوغُ حلٍّ إلا إعادةَ التوطين أو السبل التكميلية أو بلوغَ الأمرين معاً، أن تضمن لهؤلاء إذا كان لهم ما يطلبون في تقرير صفة اللاجئ أن يستطيعوا بالفعل بلوغَ هذه السُّبل إلى الحماية. وأخيراً، حين تجري مفوضيَّة اللاجئين تقرير صفة اللاجئ على الأفراد، ينبغي لها التثبُّت من أنّها تتيحُ الإجراءات الوقائيّة الإجرائية الأساسيّة.

بُلُوغُ تقرير صفة اللاجئ للوصول إلى السُّبُلِ التَّكميليَّة

تتطلب بعض السبل التكميلية إثبات صفة اللاجئ عند مفوضيَّة اللاجئين. مثال ذلك: أنّ خطَّة الرعاية الخاصة في كندا التي اسمها «مجموعة الخَمْسة» تشترط إثباتاً للإقرار الرسميّ باللاجئيّة من قِبَل مفوضيَّة اللاجئين أو بلد اللُّجوء.[4] وفي هذه الحالة، لا يمكنُ مجموعةَ التكفُّلِ أن تتكفَّلأَ إلا الذي أٌقِرَّ لهم بلاجئيَّتهم إقراراً إفراديّاً. فإن كان أُقِرَّ للفرد بلاجئيَّته إقراراً جَمْعياً فقط، فلا يمكن تكفُّلهُ بموجب هذه الخطّة لإعادة التوطين في كندا. وفي البلدان التي لا تجري فيها مفوضيَّة اللاجئين عموماً تقريرَ صفة اللاجئ الإفراديَّ، ينبغي لها أن تضمن أن الأفراد الذين يستطيعون بلوغَ سبيلٍ تكميليّ إذا أُقِرَّ لهم بلاجئيَّتهم أن يمكنهم فعل ذلك. وينبغي لمفوضيَّة اللاجئين أن تُنشِئ إجراءً يمكن به أن يطلب المتكفِّلون المحتملون الراغبون في تكفُّلٍ فردٍ مُقَرٍّ له جَمْعيّاً أن يطلبوا تقريرَ صفة اللاجئ الإفراديَّ. وينبغي لها أيضاً أن تدعو الحكومات إلى تمكين الأفراد ذوي الصفة المُقرَّة لهم جَمْعيّاً من الوصول إلى السُّبُل التكميلية.

بُلُوغُ تقرير صفة اللاجئ للوصول إلى إعادة التوطين

تشترط مفوضيَّة اللاجئين قراراً بقَبُول المُطالِب في تقرير صفة اللاجئ قبلَ أن تُحِيلَهُ إلى إعادة التوطين.[5] ومع ذلك، ففي كثيرٍ من البلدان، حيث تجري مفوضيَّة اللاجئين تقريرَ صفة اللاجئ، فإنّ إجراءَ المفوضيَّة تقريرَ صفة اللاجئ النظاميَّ هو الاستثناءُ، والإقرار الجَمعيّ هو السائر. وفي هذه الحالات، تجري مفوضيَّة اللاجئين تقريرَ صفة اللاجئ في وقتٍ واحد مع تقدير الأهليّة لإعادة التوطين، وذلك في إجراءٍ يُعرَفُ باسم «التقرير المدمج لصفة اللاجئ وإعادة التوطين». فحتَّى في الحالة التي لا تَعُدُّ مفوضيَّة اللاجئين تقريرَ صفة اللاجئ النظاميَّ أمراً ضرورياً لحماية اللاجئين في بلد اللُّجوء، تجري المفوضيَّة تقريرَ صفة اللاجئ إجراءً إفراديّاً حين يُنظَرُ إلى حاجات الحماية عند الأفراد على أنها تُسوِّغ النظر في إعادة توطينهم.

الحماية الإجرائية في تقرير صفة اللاجئ في الإجراءات المدمجة

صحيحٌ أنهُ في أعمال إدماج إجراءات تقرير صفة اللاجئ وإعادة التوطين قرَّرت مفوضيَّة اللاجئين أن إجراءَها تقريرَ صفة اللاجئ الإفراديَّ ليس ضرورياً لحماية اللاجئين. وصحيحٌ أيضاً أنّ إعادة التوطين، بخلاف الإقرار للاجئين، ليست حقاً من الحقوق. ولكنّ هذا الإجراءَ المدمج شرطٌ أساسٌ لبلوغِ حلٍّ دائمٍ لإعادة التوطين، ولذا كان الوضوحُ والصراحةُ والإجراءاتُ الوقائيّةُ الإجرائيةُ ضرورةً.

وقد أطلقَت المعاييرُ الإجرائيّة لمفوضيَّة اللاجئين في تقرير صفة اللاجئ بموجب ولايتها –وهذه المعايير نُشرَت أوّلَ مرّةٍ في سنة 2003 ونُقِّحت في سنة 2020– أطلقَت المعايير الأساسيّة وأحسَنَ سُنَنِ العمل.[6] وتنصُّ المعايير الإجرائية لسنة 2020 على أنّ الحقَّ في استئناف قرارِ رَفْضٍ، والحقَّ في الاستعانة بممثِّل قانونيّ، لا يُعمَلانِ في الإجراءات المدمجة لتقرير صفة اللاجئ وإعادة التوطين، لأنّ طالبَ اللجوء «لا ينبغي رفضه في الإجراءات المدمجة». ومع ذلك، ينبغي لمفوضيَّة اللاجئين أن تستمرّ في مراعاة أن الإجراءات الوقائيّة، مثل الإجراءات والمعايير الصريحة الواضحة، وإعلامِ رافع الطلب سببَ رفضِ طَلَبِه، وإتاحة الفرصة للاستجابة للرفض، كلُّ هذه الإجراءات أساسيّةٌ لضمان وضوح الإجراءِ وإنصافهِ.

هذا، وتُوجِّه المعايير الإجرائية لسنة 2020 مكاتبَ مفوضيَّة اللاجئين التي تُنفِّذ إجراءاتٍ التقرير المدمج لصفة اللاجئ وإعادة التوطين، لتَعتَمِدَ «المُناسِبَ من الإجراءات الوقائية الإجرائية، ومنها إجراءات المراجعة...». وفي المعايير تفاصيلُ كثيرةٌ في إجراءات الاستئناف على التقرير النظاميّ لصفة اللاجئ، ولكنّها لا تُحدِّد ما يعنيه مصطلح «إجراءات المراجعة» في إجراءات التقرير المدمج لصفة اللاجئ وإعادة التوطين، ولا تُحدِّدُ هل هذا المصطلح يعني أن يُقِيمَ المراجعةَ مُشرِفٌ، أو يعني استئنافاً غيرَ رسميٍّ لرافع الطلب؟ وفي كلِّ حالٍ، لا تتطلب معايير سنة 2020 إعلامَ رافع الطلب سببَ القرار، وهذا يُقلِّل قيمةَ المراجعة أيّاً كانت.

ثم إنَّ المعايير الإجرائية لسنة 2020 تشير أيضاً إلى أنه إذا كان طَلَبُ طَالِب اللُّجوء غير مناسبٍ لإجراءات التقرير المدمج لصفة اللاجئ وإعادة التوطين، فيجب إحالة هذا الفرد إلى التقرير النظاميّ لصفة اللاجئ.[7] على أنه من غير الواضح أكانَ ذلك يعني أنه يجب إحالة كل شخصٍ أُلغِيَت أولويّة حالتهِ في الإجراءات المدمجة إلى التقرير النظاميّ لصفة اللاجئ، أم كان يعني إحالة بعضهم فقط؟ وليس من البيّن أيضاً كيف ستقرِّر مفوضيَّة اللاجئين مَن تُحِيلُ إلى التقرير النظاميّ لصفة اللاجئ ومَن لا تحيل؟

وتقول معايير سنة 2020 سامحةً: «يجوز لمكاتب مفوضيَّة اللاجئين أن تستوعب مشاركة المُمثِّلين القانونيِّين المعيَّنين في التقرير المدمج لصفة اللاجئ وإعادة التوطين، ما استُطِيعَ إلى ذلك سبيلاً، لمصلحة نزاهة الإجراءات وإنصافها»، ولكنّها لا تشترط ذلك ولا توصي به. وهذا يُناقِض قسماً آخر من المعايير، يُشِيرُ إلى أنّه يجب أن يكون لطالبي اللجوء حقّ أن يدافع عنهم محامٍ في «كلِّ مقابلةٍ تَجْمَعُ فيها المفوضيَّة معلوماتٍ لها صلة بتقرير صفة اللاجئ لرافع الطَّلَب أو بإلغاء صفة لاجئيّته أو بإبطالها أو بإنهائها».[8] ومن غير الواضح لمَ خَلَت تلك المعايير من إجراءِ مقابلةٍ في التقرير المدمج لصفة اللاجئ وإعادة التوطين؟

أخيراً، تنصُّ أيضاً إرشادات مفوضيَّة اللاجئين بشأن إجراءات التقرير المدمج لصفة اللاجئ وإعادة التوطين على وجوبِ أن تكون هناك إجراءات ومعايير واضحة، وتستوجب من موظَّفي المفوضيَّة النظرَ في العواقب المترتبة على حالِ كلِّ فردٍ قبل إلغاء أولويّة حالته لإعادة التوطين. ولكن لم تنشر مفوضيَّة اللاجئين المعاييرَ التي تقرِّر بها مَن تُسقِطُ عن حالته الأولويّةَ ومن لا تسقط عنه ذلك؟ ولا نَشَرَت البروتوكولات المتعلقة بكيفية اتِّخاذ هذه القرارات. ولذا، كان من غير الواضح كيف تُقرِّر مفوضيَّة اللاجئين لمَن تُقِرُّ بلاجئيَّته على أساس التقرير المدمج لصفة اللاجئ وإعادة التوطين، ومَن تسقط عن حالته الأولويّةَ؟

تحتاج مفوضيَّة اللاجئين إلى ضمان أنّ تقرير صفة اللاجئ هو بمنزلة أداةِ حمايةٍ فعّالة، وأنّ يُجرَى إجراءً نزيهاً. نعم، قد لا يكون التقرير النظاميّ لصفة اللاجئ ضرورياً لنَيْل الحماية في بعض بلدان اللُّجوء، ولكنّ التقرير المدمج لصفة اللاجئ وإعادة التوطين ضروريٌّ لبُلُوغِ إعادةِ التوطين، ولإعادةِ التوطين تأثيرٌ عظيمٌ في نَيْلِ الفردِ الحمايةَ. فالحالُ اليومَ مُهيّأةٌ لاتِّخاذ قرارات تعسفية. فينبغي لمفوضيَّة اللاجئين أن تتيح الإجراءات الوقائية لبإجرائية الأساسيّة، مثل المعايير والبروتوكولات الواضحة، واتِّخاذ محامٍ ما أمكن ذلك، وينبغي لها أن تُعلِمَ الأفراد أسبابَ رَفْضِهم، وتَسمَحَ لهم بالاستجابة لذلك. ثم ينبغي لها أن تُنعِمَ الرَّصد لتتثبَّت من أنّ أعمالها تُنفِّذ هذه الإجراءات الوقائيّة الضروريّة.

وبعدُ، فالحماية الإجرائية ضروريةٌ لضمان أن يثقَ الأفراد الذين تُقرَّرُ مصائرهم بنظام اللُّجوء، ولتعزيز اتِّخاذ قراراتٍ دقيقة، ولصَوْغِ مثالٍ حَسَن تحتذيه الدول في إجراءات اللُّجوء والهجرة عندها. وينبغي أن تَضْمَنَ مفوضيَّة اللاجئين أنّ إجراءاتِها التي تستعملها لتقرير صفة اللاجئ، ومنها إجراءات التقرير المدمج لصفة اللاجئ وإعادة التوطين، صريحةٌ وواضحةٌ ومَصُونةٌ بحمايةٍ إجرائيّةٍ أساسيّة.

 

بِتْسِي فِشَر bfisher@refugeerights.org 

مديرةٌ في الإستراتيجيّة، في المشروع الدوليّ لإعانة اللاجئين (International Refugee Assistance Project)

 https://refugeerights.org

 

[1] www.unhcr.org/complementary-pathways

[2] تقرير صفة اللاجئ، في مفوضيَّة اللاجئين، الفقرة الثانية (EC/67/SC/CRP.12)، في 31 أيار/مايو 2016

www.refworld.org/docid/57c83a724.html

[3] UNHCR Aide-Memoire & Glossary of Case Processing Modalities, Terms and Concepts Applicable to Refugee Status Determination [RSD] Under UNHCR’s Mandate, 7

(مذكرة ومسرد لطرائق معالجة الطلبات والمصطلحات والمفاهيم المعمول بها في تقرير صفة اللاجئ بموجب ولاية مفوضيَّة اللاجئين)

www.refworld.org/docid/5a2657e44.html

 اقرأها بالعربية:

 www.refworld.org/cgi-bin/texis/vtx/rwmain/opendocpdf.pdf?reldoc=y&docid=5bcd9d544

[4] www.rstp.ca/en/refugee-sponsorship/groups-of-five

[5] (2011) UNHCR Resettlement Handbook, p73

(دليل مفوضيَّة اللاجئين في إعادة التَّوطين)

www.refworld.org/docid/4ecb973c2.html

[6] www.refworld.org/docid/42d66dd84.html

[7] Procedural Standards for Refugee Status Determination under UNHCR’s Mandate, 4.11.2.c

(المعايير الإجرائيّة لتقرير صفة اللاجئ بموجب ولاية مفوضيَّة اللاجئين)

[8] Procedural Standards for Refugee Status Determination under UNHCR’s Mandate, 2.7 Legal Representation in UNHCR RSD Procedures, 2.7.4(a) para 4

(المعايير الإجرائيّة لتقرير صفة اللاجئ بموجب ولاية مفوضيَّة اللاجئين، الفقرة السابعة من الباب الثاني: التمثيل القانوني في إجراءات تقرير صفة اللاجئ عند مفوضيَّة اللاجئين)

www.refworld.org/rsdproceduralstandards.html

إخلاء مسؤولية

جميع الآراء الواردة في نشرة الهجرة القسرية لا تعكس بالضرورة آراء المحررين ولا آراء مركز دراسات اللاجئين أو جامعة أكسفورد.