الأطفال المولودون للاجئات المغتصبات وانعدام الجنسية في مصر

إنَّ تيسير إجراءات تسجيل واقعات الولادة للأطفال الناتجين عن حوادث الاغتصاب يُعَدُّ من الأمور الحيوية و الضرورية لمنع حالات انعدام الجنسية.

شهادة الميلاد في القانون المدني  المصري هي الوثيقة القانونية الوحيدة التي تثبت وجود الإنسان بل يعتمد على تلك الوثيقة إصدار الوثائق الأخرى، فشهادة الميلاد تحدد جنسية الشخص ونَسَبَه. وتسجيل الأطفال الناتجين عن الاغتصاب من أدق وأصعب المشاكل التي تواجه اللاجئات اللواتي وقعن ضحية للاغتصاب سواء أكان ذلك داخل دولة اللجوء أم في أثناء توجههن إلى دولة اللجوء. وفي كلِّ من اتفاقية حقوق الطفل والقانون المصري، يُعدُّ تسجيل واقعات الولادة حقاً لجميع الأطفال دون استثناء ومن بينهم المولودون خارج إطار العلاقات الزوجية. ومع ذلك، يشير الواقع إلى وجود كثير من العراقيل التي تعيق تفعيل هذا الحق. وفي مصر، تختص مكاتب السجل المدني بتسجيل الأطفال المولودين للمواطنين المصريين وغير المصريين أمَّا في حالة الولادات خارج إطار الزوجية، فللأم الحق في تسجيل ولادة طفلها ومنحه شهادة ولادة يُنسَب فيها الطفل لأمِّه.

ويفرض قانون الأحوال المدنية  المصري التزاماً على الأطباء والقابلات بإصدار  تبليغ ولادة  يُذكَر فيها أسم الأم و تاريخ الواقعة وجنسه. لكنَّ الممارسة العملية على أرض الواقع لا تتوافق وهذا الحق القانوني إذ ينتقل التركيز من حقوق الطفل إلى طبيعة العلاقة التي جاءت به إلى الدنيا. وهنا، يتبين أحد أهم المعوّقات التي تواجه ضحايا الاغتصاب نتيجة عدم دراية المسؤولين بالإجراءات واجبة التطبيق لإصدار هذا النوع من شهادات الميلاد، خاصةً أنَّ تسجيل واقعات الولادة خارج إطار الزوجية ليس أمراً شائعاً في المجتمع المصري ناهيك عن نظرة المجتمع لهذا الموضوع بالذات ما يجعل المسؤولين غير مستعدين لتقديم الخدمة. أما في حالة أنجبت اللاجئة طفلها من الاغتصاب داخل مصر، فتختلف آلية التسجيل إذا كانت المرأة مغتصبة والأب مجهولاً عن إذا كان الأب معروفاً لكنَّه أنكر أبوَّته أو اختفى من حياة الأم وعما إذا كانت واقعة الاغتصاب  داخل مصر أم خارجها.

وأول عقبة تواجه ضحية الاغتصاب هي نوع وثائق التعريف الشخصية التي تحملها، فإذا كانت تنتمي لأحد فئات الأجانب الأخرى  بأن تكون مهاجرة مثلاً،  سوف يُعتَمَد جواز سفرها كإثبات لشخصيتها أمَّا إذا كانت الضحية تحمل بطاقة التعريف الخاصة باللاجئين  كطالبة للجوء أو لاجئة فعلى الأرجح سيُرفَضُ طلب تسجيلها للطفل ومَردُّ ذلك أنَّ موظفي التسجيل في مصر يفتقرون إلى المعرفة اللازمة حول صلاحية هذه الوثائق عدا عن أنَّه قد لا يكون هناك أصلاً أي دليل على وقوع الاغتصاب مثل محضر للشرطة بشأن الاغتصاب.

إذن هناك بعض المصاعب التي تواجه اللاجئة أو المهاجرة في توثيق ولادة طفلها من الاغتصاب. والطفل المحروم من شهادة الميلاد يصبح معدوم الجنسية، وإذا قررت الأم في أي وقت مغادرة مصر (للانتقال إلى بلد آخر أو العودة إلى بلادها الأصلية) فلن تتمكن من اصطحاب طفلها بل ستضر إلى تركه في مصر لأنه أصبح معدوم الجنسية ومحروماً من شهادة الميلاد الضرورية لإصدار وثيقة السفر.

على ضوء ذلك، ينبغي تسهيل آليات تسجيل وقائع ولادة أطفال الاغتصاب لأنَّ ذلك شرط أساسي لمنع التبعات غير المرغوب بها. ولغايات تخفيض خطر تفشي ظاهرة انعدام الجنسية، على السلطات المصرية أن تنفِّذ الشرط القانوني المتعلق بتسجيل كل واقعة ولادة ناتجة عن الاغتصاب أو خارج إطار الزواج مع إنكار الأب للطفل وتحدد بياناته ومنها اسم والدته وجنسه.

 

محمد فرحات farahat_3@hotmail.com

 المؤسسة المصرية لحقوق اللاجئين، www.efrr-egypt.org

 

إخلاء مسؤولية

جميع الآراء الواردة في نشرة الهجرة القسرية لا تعكس بالضرورة آراء المحررين ولا آراء مركز دراسات اللاجئين أو جامعة أكسفورد.