من لوحة الرسم إلى الأدغال

عملت دائرة البحث والتطوير التابعة لنا على موضوع حلول المأوى وفقاً لمتطلبات تحسين الخدمات اللوجستية ونصب المآوي ومرونتها واستخدام الموارد الطبيعية وقبل كل ذلك تحسين ظروف المعيشة ما دفعنا في النهاية إلى العودة لنظم معمارية أكثر تقليدية وجمعها مع مواد تكنولوجية متقدمة.

تعلمت شركتنا أمرين رئيسيين بعد أول تجربتين لها في التعامل مع المآوي في أوضاع التَّهجير. فأولاً، ارتفع مستوى وعينا بالتعقيدات المتعلقة بتسهيل الحصول على السكن الملائم، فتلك التعقيدات من شأنها أن تُصعِّبَ وصول معظم السكان للسكن. وثانياً، أدركنا أنَّ المعرفة التراكمية المتعلقة بالبناء المستدام الذي يُقصَد منه استخدام المواد المحلية والمحافظة على البيئة، بدأت تفقد زخمها إزاء نماذج البناء غير المستدامة. وهذا ما دفعنا إلى قبول تحدي استرجاع كثير من هذه الجوانب المنسية والكيفية التي نشأت بها نظم سوريكاتا كمشروع متعدد المجالات يوفر حلول السكن التي يمكنها تحسين الظروف المعيشية للأشخاص المتأثرين بالتَّهجير.

وكانت التجربة الأولى عام 2011 عندما ضرب الزلزال مدينة لوركا الواقعة جنوب إسبانيا إذ أرسلت شركة أوربانا آي دي آر (Urbana IDR) المتخصصة بأعمال ترميم المباني وإصلاحها وصيانتها فريقاً للكشف على البيوت والمباني المتضررة أو تقويتها أو إخلاء الناس منها إذ كانت تلك المباني جزءاً من التراث المعماري للمدينة. وأدى ذلك العمل إلى إجراء اتصالات مع منظمة رجال الإطفاء في العمل (Bomberos en Acción) التي دعتنا بعد أشهر للمشاركة في مشروع لبناء المآوي في هاييتي. فكانت تلك هي تجربتنا الثانية التي أتاحت لنا الفرصة للتثبُّت في المكان من الظروف التي وجد المتضررون أنفسهم فيها، فضلاً عن التعرف على ظروف العمل الصعبة التي سوف تواجه هيئات المساعدات.

ولا تلبّي الهياكل المؤقتة المستخدمة في العادة الحاجات البرنامجيّة والثقافية والبيئية المتعددة الموجودة في أوضاع التَّهجير والنزوح، ومن المؤسف أنَّ غالبية المستوطنات التي تُنشَأ كمستوطناتٍ مؤقتة ينتهي بها المطاف بأن تصبح دائمة. وفي أحسن الأحوال، يكون الحل لهذ المستوطنات الأكثر ديمومة بتبديل الخيام إلى حاويات معدنية يؤخذ عليها أنها مكلفة ويصعب نقلها وتركيبها وتتطلب معدات ومرافق إضافية gتوفر الحد الأدنى من ظروف الحياة الجيدة. ووجدنا أنه ما من حل شامل للتصدّي للتحديات المتعددة التي يواجهها المصممون. كما صادفنا كثير من الأفكار والمشروعات الرائعة والصور الرقمية لكنَّ قليلاً منها تمكن من تخطي العقبات ليتحقق ويصبح واقعاً.  

ولذلك وضعنا لأنفسنا بعض الأهداف التي عليها طلب كبير كتحسين الخدمات اللوجيستية ونصب المآوي والمرونة واستخدام الموارد الطبيعية وقبل كل شيء تحسين ظروف المعيشة. وخلال السنوات الماضية القليلة، عملنا من أجل التوصل إلى حل وفقاً لهذه المتطلبات، وانطوى ذلك في النهاية على العودة إلى نظم معمارية أكثر تقليدية والجمع بينها وبين المواد التكنولوجية المتقدمة.

وركزنا في البداية على تطوير المساكن لمخيمات اللاجئين عام 2013، ثم المساكن للعساكر والأطباء والموظفين في بعثات السلام عام 2014، ثم توصلنا أخيراً إلى حل التعمير المعياري المُجزَّأ عام 2015. وخلال هذه الفترة تلقينا دعماً من المنظمات العامة والخاصة. واشتملت قائمة المتعاونين في التطوير الفعلي على قسم الهندسة المعمارية في جامعة أليكانتي للعمل على التصميم والتحليل الهيكلي والاختبار، إضافة إلى إيمبلاس (المعهد التكنولوجي للدائن) الذي وفر المساعدة الفنية في مجال المواد والعمليات والمُورِّدين.

التنفيذ والتكييف

تُعدُّ وحدات المآوي سريعة التنصيب من المنتجات غير المكلفة في الإسكان المُجزَّأ إذ تُنشَأ مع مراعاة الاستدامة بما يسمح بسرعة تأسيس المجتمعات ويضمن بقاءها على المدى البعيد. وهي مصممة لضمان ظروف المعيشة الجيدة منذ البداية، فهي قوية هيكلياً ومقاومة للماء وسهلة التركيب ومهويّة ومزودة بإضاءة طبيعية كما يسهل تكييفها مع البيئة كحل مؤقت أو لتصبح بيتاً دائماً. وإضافة إلى ذلك، تتميز هذه الوحدات السكنية بخفَّة وزنها وسهولة نقلها وتجميعها وكفاءة استخدامها للطاقة كما أنها متعددة الاستعمالات وقابلة للإزالة بما يسمح بإعادة استخدامها مع مرور الوقت.

ثم أخرجنا ذلك من نطاق نشاطنا الرئيسي إلى قطاع المعونة الإنسانية وبعد أن تبيّن لنا أن معظم المنظمات غير مستعدة لاستقبال الإسهامات الصغيرة والمبتكرة، لا سيما من خارج القطاع، تولينا أمر التنفيذ الأولي لتصميمنا في هذا القطاع في مخيم الغابة السابق في كاليه، الذي كانت تستخدمه منظمة صغيرة غير حكومية اسمها بناة جيرسي للاجئين (Jersey Builders for Refugees) كمأوٍ للأطفال الذين فقدوا والديهم. وبسبب قسوة الظروف الجوية، كان علينا تكييف الأجزاء الداخلية للمآوي بإضافة معدات شتوية مقاومة للماء وعازلة وسهلة التركيب وصالحة للتنفس، بما يحسّن السلوك الحراري للوحدات السكنية ويقلل من الفقدان الحراري والمشكلات المتعلقة بالرطوبة والطين، كما يزيد من راحة السكّان.  

وفي أثناء تركيب أولى الوحدات السكنية في كاليه رصدنا العمل عن كثب، إذ كانت تلك المرة الأولى التي تُستَخدم بها تلك الوحدات في بيئة إنسانية. وتحدثت منظمة بُناة جيرسي للاجئين في تقاريرها عن توظيف المستخدمين لها وأنَّها بعد تسلُّم المنتج في حالة جيدة اتصلت بنا مجدداً لتشييد مرك لتعليم اللغات في مخيم لا لينيير في دونكيرك. وبهذه المناسبة، رُكِب مأويَان متصلان بزاوية قائمة لإيجاد مساحة تتسع لإيواء مجموعتين تتكون كل واحدة منهما من 15 فرداً. ونظراً لتشابه الظروف الجوية مع ظروف كاليه، اشتملت الوحدات السكنية على معدات شتوية، وفي هذه الحالة طُليَت الأجزاء الداخلية من الجدران العمودية بمادة مناسبة لاستخدامها كسبُّورات التَّعليم.

ولرصد أداء التركيب وملاءمته للمستخدمين، حافظنا على التواصل مع المسؤولين عن إدارة المركز وزرنا الموقع للتحقق من ظروفه وحصلنا على تقارير من فريق التعليم والطلاب. ونحن حالياً نطور مشروعات مختلفة مع عدة منظمات غير حكومية بعد أن أصبح المنتج إنجازاً منظوراً إثر تطبيقه في المخيمات في شمال فرنسا وعلى ضوء الدروس التي تعلمناها في تصميم هذه الحلول وتنفيذها.

 

بيدرو سايز psaez@suricattasystems.com

مدير

 

كارمين غارسيا cgarcia@suricattasystems.com

مديرة المنتجات

 

نُظُم سوريكاتا (Suricatta Systems) www.suricattasystems.com

إخلاء مسؤولية

جميع الآراء الواردة في نشرة الهجرة القسرية لا تعكس بالضرورة آراء المحررين ولا آراء مركز دراسات اللاجئين أو جامعة أكسفورد.