محدودية الصفة القانونية للاجئين من سوريا في لبنان

لمحدودية الصفة القانونية تبعات سلبية مباشرة على قدرة اللاجئين السوريين على الوصول إلى الحماية والمساعدات طيلة مدة إقامتهم في لبنان. تزيد محدودية الصفة القانونية  أيضاً من مخاطر الإساءة والاستغلال.

ينظر القانون اللبناني إلى اللاجئين من سوريا من غير الحاملين لوثائق الدخول أو الإقامة في لبنان على أنَّهم "غير شرعيين" وهذا ما يحد من صفتهم القانونية في البلاد. تنطبق هذه الحالة على من يعبر الحدود غير الرسمية أو من لم يتمكن من تجديد تأشيرة إقامته. ونتيجة لذلك، يشعر أولئك اللاجئون أنَّهم مُقحمون في وضع الوجود غير القانوني في لبنان ويشعرون أنَّهم مجبرون على الحد من تحركاتهم خشية تعرضهم للاعتقال أو الاحتجاز بل حتى التسفير إلى سوريا. ويشعر كثير من اللاجئين من سوريا في لبنان بالخوف من المخاطر المحتملة التي يمكن أن تواجههم بسبب هذه الوضع. فقدرة اللاجئين من ذوي الصفة القانونية المحدودة تصبح ضعيفة جداً للوصول إلى الخدمات الأساسية والعمل وإلى مواقع التسجيل الخاصة بمفوضية الأمم المتحدة السامية للاجئين ومواقع تسجيل الولادات وواقعات الزواج. أما بالنسبة للاجئين الفلسطينيين-السوريين فالوضع أكثر سوءاً إذ هناك أصلاً قيود على دخولهم إلى لبنان ناهيك عن تجديد إقامتهم القانونية الأشد صعوبة.

ليس لبنان من الدول الموقعة على اتفاقية اللاجئين لعام 1951 وهذا يعني محدودية الحماية القانونية الممنوحة للاجئين وطالبي اللجوء في لبنان مع أنَّ لبنان مُلزَم بالمبدأ القانوني العرفي المتعلق بمنع الإعادة القسرية  وبالالتزامات التي تفرضها معاهدات حقوق الإنسان التي وقعها والمُدخلة أحكامها في الدستور اللبناني. وتوصي المعايير الدولية في الحد الأدنى تبني تدابير الحماية المؤقتة لضمان سلامة قبول اللاجئين وحمايتهم من الإعادة القسرية واحترام حقوقهم الإنسانية الأساسية.

ومع أنَّ الحكومة اللبنانية سمحت لمفوضية الأمم المتحدة السامية للاجئين بتسجيل اللاجئين، ما زالت الحماية التي يمنحها ذلك التسجيل محدوداً. فالتسجيل لدى مفوضية الأمم المتحدة السامية للاجئين في لبنان يتيح بعض الحماية القانونية وهو مهم في تمكين الوصول إلى الخدمات لكنّها لا تمنح اللاجئين الحق في طلب اللجوء أو الحصول على الإقامة القانونية أو صفة اللجوء. وهذا ما يجعل اللاجئين في وضع لا يخلو من التحديات.

مواجهة التحديات

لمواجهة التحديات التي يواجهها اللاجئون من ذوي الصفة القانونية المحدودة، غالباً ما يتبنون آليات معينة للتكيف التي قد تقود بهم إلى مخاطر جديدة. ومن أهمها على سبيل المثال: العودة إلى سوريا في محاولة لدخول لبنان مجدداً من خلال المعابر الرسمية والحصول على قسيمة دخول جديدة مجاناً أو دفع مبالغ باهظة لقاء استعادة وثائق التعريف الشخصية من سوريا أو شراء الوثائق المزورة أو استخدام وثائق أشخاص آخرين. ومع قلة المال المتاح وارتفاع تكاليف التأشيرات، لا تتمكن كثير من العائلات من تجديد جميع تأشيرات أفرادها بل تمنح أولوية ذلك للشخص الذي يعيلها وغالباً ما يكون من أفراد الأسرة الذكور. وغالباً ما يترك ذلك بقية أفراد الأسرة دون وثيقة قانونية للإقامة.

الأثر الواقع على اللاجئين من سوريا بسبب محدودية صفتهم القانونية هائل ويؤثر على كثير من جوانب حياتهم. فأكثر من 73% من اللاجئين وعددهم الإجمالي 1256 لاجئاً ولاجئة ممن خضعوا للمقابلة في تقييم أجراه مؤخراً المجلس النرويجي للاجئين[1]  ذكر أنَّ حرية الحركة كانت التحدي الأكبر الذي واجهه اللاجئون ذوي الصفة القانونية المحدودة. وقالوا إنَّهم لم يتمكنوا من الحركة في المكان الذي كانوا يعيشون فيه إذ شاع بينهم الخوف من عبور نقاط السيطرة خاصة في المواقع التي شهدت ارتفاعاً في نقاط السيطرة العشوائية. وأدت محدودية حركتهم أيضاً إلى منع وصولهم إلى الخدمات وعلى الأخص منها الرعاية الصحية.

وبما أنَّ الرجال (حسب المنطقة الجغرافية الموجودون فيها في لبنان) أكثر عرضة للاعتقال، فقد تقلصت حركتهم ما اضطر النساء إلى زيادة وتيرة تحركاتهن. وذكرت بعض النسوة محدودات الصفة القانونية إنَّ أزواجهن يفضلون أن يرسلونهم إلى أماكن تلقي المساعدات لأنهم أنفسهم كانوا خائفين من الاعتقال في نقاط السيطرة، وينطبق هذا الأمر خاصةً على شمال لبنان. ومع أنَّ القصد من ذلك تمكين الأسرة من الحصول على المساعدات، فهو يعرض النِّساء إلى مخاطر التحرش الجنسي والاستغلال أثناء الطريق، على سبيل المثال، أو في مواقع توزيع المساعدات الإنسانية. ونظراً لمحدودية صفهم القانونية، فنادراً ما يلجؤون للشرطة أو السلطات الأخرى للإبلاغ عن التحرش الذي تعرضن له خوفاً من تعرضهن للاعتقال.

وكذلك البالغون ذوي الصفة القانونية المحدودة فغالباً ما يرسلون أطفالهم إلى العمل بدلاً عنهم لضعف احتمال تعرض هؤلاء للاعتقال. وبالنتيجة، يُحرم الأطفال من الذهاب إلى المدرسة وتزداد احتمالية تعرضهم للإساءة والاستغلال.

أما فيما يخص اللاجئين الفلسطينيين-السوريين في لبنان فكثير منهم يواجهون مشكلات كبيرة نتيجة محدودية صفتهم القانونية بما في ذلك الحد من قدرتهم على طلب الانتصاف والوصول إلى النظام العدلي. ومع رجحان استمرار تزايد عدد اللاجئين من سوريا (السوريين والفلسطينيين) في لبنان إضافة إلى الموجودين هناك حالياً ممن ستستمر على الأرجح إقامتهم لمدة أطول مما كان متوقعاً،  تظهر الحاجة الماسة لحل التحديات المرتبطة بالصفة القانونية للاجئين.

 

داليا عرنكي dalia.aranki@nrc.no  مديرة برامج المعلومات والاستشارات والمساعدة القانونية وأوليفيا كاليس olivia.kalis@nrc.no مستشارة في شؤون المناصرة والمعلومات في لبنان لدى المجلس النرويجي للاجئين. www.nrc.no



[1]  المجلس النرويجي للاجئين-لبنان (أبريل/نيسان 2014) تبعات محدودية الصفة القانونية على اللاجئين السوريين في لبنان، الجزء الثاني www.nrc.no/arch/_img/9176603.pdf

(The Consequences of Limited Legal Status for Syrian Refugees in Lebanon)

 

إخلاء مسؤولية

جميع الآراء الواردة في نشرة الهجرة القسرية لا تعكس بالضرورة آراء المحررين ولا آراء مركز دراسات اللاجئين أو جامعة أكسفورد.