استراتيجيات التكيُّف بين السوريين المستوطنين ذاتياً في لبنان

اللاجئين أنفسهم يقولون إنَّهم يفضلون العيش خارج المخيمات حيث تُتاح لهم فرص أفضل للتأثير على وضعهم.

مرت ثلاثة أعوام على النِّزاع وما زال السوريون المهجَّرون في لبنان يعانون من تناقض بي نظرة الحكومة ونظرة اللبنانيين من وجودهم في لبنان. ومن وجهة نظر المجتمع الإنساني الدولي، يصعِّب غياب المخيمات الرسمية في لبنان من سبل ضمان حماية اللاجئين وتنسيق المساعدات والإغاثة. لكنَّ اللاجئين أنفسهم يقولون إنَّهم يفضلون العيش خارج المخيمات حيث تُتاح لهم فرص أفضل للتأثير على وضعهم.                                         

وللبنان تجربة في التعامل مع اللاجئين الفلسطينيين منذ عام 1948، وأثّرت هذه التجربة على الممارسات والسياسات المتبعة إزاء السوريين المهجَّرين. ولذلك رفضت السلطات اللبنانية إقامة المخيمات خوفاً من أن يعيد التاريخ نفسه. فتأسيس الجماعات الفلسطينية المسلَّحة في المخيمات كان من أسباب اندلاع الحرب الأهلية التي امتدت بين عامي1975  إلى 1990، وتخشى السلطات اللبنانية من أنَّ تأسيس أي مخيمات جديدة قد يزيد من احتمالية بقاء السوريين وتشكيلهم لبؤر المقاومة للسوريين في المنفى.

وهناك أكثر من 400 مكان أشبه بالمخيمات غير الرسمية مسجلة في شتى أنحاء لبنان لإيواء اللاجئين السوريين. وفي قرية ببنين، حيث يعيش 40 ألف شخص في شمالي منطقة عكار الفقيرة، هناك مخيمات غير رسمية وتجمعات للخيم البلاستيكية البسيطة المبنية مباشرة على الأرض دون ماء ولا كهرباء أو إصحاح. وقد بدأت هذه المخيمات تظهر في عدة أماكن. وفي العادة، يصل السوريون من المناطق الريفية والحضرية فقراءَ من منطقة حمص خاوين الوفاض ومعرضين لصدمة نفسية وينتهي الحال بهم إلى الانتقال إلى أمكان مؤقتة للإيواء في المتاجر والكراجات وغرف التخزين والأروقة بل حتى في المسالخ.

وكان كثير من السوريين اللاجئين يعيشون في بلدهم بالقرب من الأقرباء. وبعد فرارهم إلى لبنان، تمزقت أواصر الأسر ما أسهم في فقدان الدعم الاجتماعي أو إضعافه. وأقام بعض السوريين علاقات اجتماعية مع أفراد من غير أقربائهم كالأسر المضيفة أو اللاجئين الآخرين ومضوا قدماً في تطبيق فئات القرابة عليهم كالأم والأب والأخت والأخ للتأكيد على التزاماتهم وأدوارهم المرتبطة بالأسرة القريبة.

وفي حين انتشرت ممارسات الضيافة المحلية إزاء اللاجئين السوريين في لبنان، استُخدِم السوريون ككبش الفداء عند مناقشة قضايا اختلال الأمن الاقتصادي والسياسي. وتتمثل استراتيجية التكيف ذات الأثر الأكبر التي يستخدمها اللاجئون السوريون في التوظيف في سوق العمالة غير الماهرة في مجال الزراعة والإنشاءات والمشروعات الصغيرة. وقبل الأزمة، اعتاد العمال المهاجرون السوريون على قبول أجور أقل من أجور اللبنانيين نظراً لانخفاض تكاليف المعيشة النسبية في سوريا. ويتنافس الآن اللاجئون مع اللبنانيين على أجور أقل مما كانوا يقبلون به في السابق فهم يتلقون المساعدات إضافة إلى الأجور، ويمثل ذلك استراتيجية للعيش لا يحظى بها الفقراء اللبنانيون. وتعتقد الأغلبية الساحقة من اللبنانيين[i] أنَّ السوريين ينتزعون الوظائف من اللبنانيين وأنَّهم يعملون على تخفيض مستويات الأجور.[ii]

يذكر اللاجئون حوادث تتعلق لتعرضهم للعنف الجسدي. وحاول بعض السوريين تغيير لكنتهم أو أي من السمات المميزة لهم لتجنب المضايقة والتحرش. ومثال ذلك سلمى التي هربت من إدلب مع زوجها وأطفالها الخمسة، فتقول: "فررنا إلى هنا لكنني لا أشعر بأمان.  نأمل أن نعود إلى ديارنا قريباً."

 

كاثرين ثورلايفسون cathrine@thorleifsson.com زميلة في دراسات ما بعد الدكتوراه في جامعة أوسلو، قسم الأنثروبولوجيا الاجتماعية. www.sv.uio.no/sai/english/



[i] البيانات من مسح وطني بلغ عدد أفراد عينتها البحثية 900 شخص.

[ii] كريستوفر م، وثورلايفسون ك، وتيلتنس آ (2013)، استضافة ذات وجهين متناقضين، واستراتيجيات التكيف والاستجابات المحلية للاجئين السوريين في لبنان، مؤسسة فافو للدراسات الدولية التطبيقية

(Ambivalent Hospitality. Coping Strategies and Local Responses to Syrian Refugees in Lebanon)

www.fafo.no/pub/rapp/20338/20338.pdf

 

إخلاء مسؤولية

جميع الآراء الواردة في نشرة الهجرة القسرية لا تعكس بالضرورة آراء المحررين ولا آراء مركز دراسات اللاجئين أو جامعة أكسفورد.