رغم أن الخطة الحضرية الجديدة لبرنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية (موئل الأمم المتحدة) تتبنى لغة حقوق الإنسان وتشير باستمرار إلى مبدأ عدم التمييز "بغض النظر عن وضع هجرتهم"، [i] خلافاً للخطة السابقة (موئل 2)، تطالب الخطة بإدماج اللاجئين الحضريين ضمن بنى المدينة لكنَّها ما زالت وثيقة غير ملزمة تفتقر إلى آليات التنفيذ.
وفي أثناء التحضيرات للموئل الثالث (مؤتمر الأمم المتحدة المعني بالإسكان والتنمية الحضرية المستدامة الذي عقد في أكتوبر/ تشرين الأول 2016) تشارك كل من مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ومفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان والمنظمة الدولية للهجرة بطرح ورقة مناقشة تؤكد أهمية المناطق الحضرية في حماية اللاجئين. [ii] بما أنَّ غالبية اللاجئين والنَّازحين داخلياً يعيشون في المناطق الحضرية، تقر الخطة بالتعقيدات التي تكتنف الاعتراف القانوني بالمهاجرين واللاجئين وبأهمية منح الوضع القانوني كشرط مُسبَّق للحماية والمساعدة. كما استنتجت الورقة وجود حالة من الانفصام بين البلديات وسياسات الهجرة الوطنية وناقشت أهمية تضمين التطوير والتخطيط الحضري للقضايا المتعلقة باللاجئين في تمكين البلديات من توفير الخدمات بغض النظر عن الوضع القانوني. ومع ذلك، لا تقتصر دعوة الورقة على توفير الخدمات وفق نهجٍ قائمٍ على حقوق الإنسان وإنما تركز أيضاً على تخطيطٍ أقوى لتحركاتِ السكانِ ضمن مستوى البلديات.
وتنص المادة 28 من الخطة الحضرية الجديدة على ما يلي: "رغم أنَّ توجه عدد كبير من السكان نحو البلدات والمدن يطرح تحديات متنوعة، فهو قادر على أن يجلب للحياة الحضريّة إسهاماتٍ اجتماعية واقتصادية وثقافية معتبرة ونحن… نلزم أنفسنا بدعم السلطات المحلية في وضع أُطر عمل تمكّن من المساهمة الإيجابية للمهاجرين وتعزز الروابط الريفية- الحضريّة."
لكنَّ إدراج اللاجئين كجماعة واحدة فقط ضمن قائمة أكبر من الأنواع المختلفة من الفئات السكانية ’المستضعفة‘ يؤكد على افتقار الخطة إلى المشاركة المحددة مع الاحتياجات الخاصة باللاجئين والنازحين، إذ إنّ كل ما يشير إلى اللاجئين والنازحين يفتقر إلى المادة الرئيسية التي تدعو للوصول إلى المأوى والخدمات العامة، بما في ذلك عبارة: " بغض النظر عن حالة ترحيلهم". فضلاً عن ذلك، وجَّهت منظمات المجتمع المدني انتقاداً للخطة على أساس أنَّها حالها حال الخطة التي سبقتها غير ملزمة قانونياً وتفتقر إلى أي إشارة إلى التقييم والرصد المستقلّين. ورغم مشاركة كثير من الحكومات في الموئل الثاني والثالث، كان موقف كثير منها يعتريه التشكك مع تفضيلها لحلول المخيمات.
ومن أجل إقناع مزيد من الحكومات بأن تضع جانباً شكوكها نحو اللاجئين الحضريين والسياسات الحضريّة الشاملة هناك حاجة ملحّة لمزيدٍ من المبادرات التعاونية بين المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين وموئل الأمم المتحدة. أما في سياق الأزمة السورية، ركز موئل الأمم المتحدة في لبنان تركيزاً متزايداً على قضايا اللاجئين الحضريين والمأوى خلال الأربعة أعوام السابقة. كما تولّت كل من مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين وموئل الأمم المتحدة إضافة إلى شركاء آخرين دراسة مشتركة تتناول قضايا الإسكان والأرض والملكية في لبنان وأثر التهجير القسري. [iii] وتنتقد الدراسة تركيز الجهات الإنسانية على جانب الوقت فيما يتعلق بالمأوى قصير الأمد، كما تدعو إلى اتباع نهج أكثر توجهاً نحو التنمية. وتجسّدَ التعاون الوثيق بين الهيئتين في كينيا، إذ وقّعت كل من المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين وموئل الأمم المتحدة مذكرة تفاهم في يوليو/ تموز 2016. وركّزت إحدى المشروعات الرئيسية التابعة للتعاون الجديد بين الهيئتين على تطوير وتنفيذ التخطيط المكاني وتصميم البنية التحتية للمستوطنة الجديدة في مقاطعة توركانا.[iv] وفي نهاية المطاف، إنّ تعاوناً كهذا يجمع بين خبرتي كلا الهيئتين ويقدم نموذجاً يُرجَى اتباعه.
رافائيل باير Raffael.Beier@rub.de
ياسمين فريتسشه Jasmin.Fritzsche@rub.de
مرشحان لنيل درجة الدكتوراه في قسم زمالة الدراسات والأبحاث الإنمائية الدولية في معهد الأبحاث الإنمائية والسياسات الإنمائية، جامعة الرور في بوخوم http://development-research.org
[i]الخطة الحضرية الجديدة
[ii] (2015) الهجرة واللاجئين في المناطق الحضرية، أوراق موضوعات الموئل 3، العدد 2
(Migration and Refugees in Urban Areas)
[iii] موئل الأمم المتحدة والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (2014) أوراق موضوعات الإسكان والأرض والممتلكات في لبنان: مضمونات أزمة اللجوء السوري
(Housing, Land & Property Issues in Lebanon: Implications of the Syrian Refugee Crisis)
[iv] انظر مقالة في هذا العدد كتبتها يوكا تيرادا وديفيد إيفانز ودينيس موانيكي.