حظيت الإكوادور بأكبر نسبة من أعداد اللاجئين المعترف بهم في أمريكا اللاتينية. فمن بين أكثر من 230 ألف لاجئ وطالب لجوء في البلاد، حصل 60500 على التسجيل الرسمي، 90% منهم من كولومبياً[i] إذ يتمتع اللاجئون وطالبو اللجوء بالحرية في التنقل داخل البلاد والوصول إلى الخدمات والحقوق الأساسية وفقاً لقانون الإكوادور. وأظهرت دراسات عدة سَعيَ غالبية اللاجئين وطالبي اللجوء الكولومبيين للدمج المحلي، حثهم على ذلك السعي لمشاركتهم ثقافة البلد المضيف ولغته. ومع ذلك، فهم يواجهون عوائق مثل التمييز، وعدم الاعتراف بالوثائق بالإضافة إلى تردي الظروف الاجتماعية-الاقتصادية، وكل هذه العوامل تحول دون الدمج الكامل.
وفي عام 2013، تمشياً مع الخطة الوطنية لحكومة الإكوادور من أجل تحقيق مستوى معيشة كريم، وضعت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في الإكوادور مبادرة الحلول الشاملة استكملتها في عام 2016 باستراتيجية حلول متعددة السنوات ومتعددة الشركاء (2016-2018). وتُنفَّذُ الاستراتيجية متعددة السنوات بالتنسيق مع المؤسسات العامة، والمجتمع المدني والقطاع الخاص وتتميز هذه الاستراتيجية بأبعاد قانونية، واجتماعية، واقتصادية واضحة. ومن أجل تقييم أثر مبادرة الحلول الشاملة والاستراتيجية متعددة السنوات الخاصة بالدمج المحلي ونجاحها، وضعت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في الإكوادور مؤشر الدمج المحلي لغرض تحديد اللاجئين وطالبي اللجوء الأكثر استضعافاً ومساعدتهم.
تعريف الدم
أطلقت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في الإكوادور دراسة مستفيضة واسعة النطاق بهدف الحصول على معلومات إحصائية بشأن الأوضاع الاجتماعية-الثقافية، والاقتصادية، والقانونية للاجئين وطالبي اللجوء الكولومبيين. وتكوَّنت الدراسة الاستقصائية من 130 سؤالاً حول قضايا محددة كالوضع القانوني للمهاجرين، والوثائق، والعمل، والتعليم، والرعاية الصحية، والظروف الاقتصادية. وأظهرت البيانات الأساسية التي نتجت عن الدراسة الاستقصائية تمتع اللاجئين وطالبي اللجوء في الإكوادور بالحقوق والوصول للخدمات في حين ما زالت العوامل الاقتصادية تمثل تحديات أمام اللاجئين وطالبي اللجوء. وفي حين يعتمد نجاح الدمج المحلي إلى درجة كبيرة على معايير موضوعية (مثل: الوضع القانوني، وحرية التنقل، وكفاية فرص العمل، والوصول إلى الخدمات الأساسية) ثمة معيار ذاتي آخر وهو تصور الأفراد حول مفهوم الدمج المحلي. ويسعى مؤشر الدمج المحلي إلى الجمع والتوفيق بين المعايير والعناصر الموضوعية والذاتية وبذلك يمكن حساب مستوى الدمج المحلي من خلال الأبعاد القانونية، والاقتصادية، والاجتماعية-الثقافية.
وقد قرأ جميع المستجيبين لأسئلة الدراسة الاستقصائية تعريفاً للدمج المحلي يتضمن عناصر تعريفات مختلفة للدمج المحلي:
يعني الدمج المحلي: أن يمثل الفرد جزءاً من المجتمع الذي يعيش فيه ويحصل على التعليم، والرعاية الصحية، والإسكان، والعمل، وخدماتٍ أخرى وأن يتمتع الفرد بالقدرة على إقامة علاقات طيبة مع الأشخاص من حوله؛ في الحي ومنظمات المجتمع المدني.
ولتحديد تصورات الأشخاص الذاتية حول مفهوم الدمج، وُجِّهَتْ أسئلة للمستجيبين حول ما إذا كانوا يشعرون بالدمج أم لا. واُسْتُخْدِمَتْ الإجابات في تحديد مدى تأثير المتغيرات المختلفة (مثل: الوضع القانوني، والوصول إلى التعليم، والرعاية الصحية، ومستوى الدخل) على تصورات الأفراد الذاتية لمفهوم الدمج ومدى شعورهم به. وحمل كل متغير وزناً معيناً حسب درجة تأثيره على تصور الاندماج المحلي.
فتحديد أوزان المتغيرات عنصر أساسي في مؤشر الدمج المحلي لأن تلك الأوزان تتعلق بسياق خاص من العملية المطروحة في السؤال المعني بها. فعلى سبيل المثال، في بعض البلدان يولي المستجيبون للدراسة أهمية (وزناً) أكبر للوضع القانوني في حين يضع غيرهم الأولوية على فرص العمل. وتبين لنا أنَّ دمج اللاجئين وطالبي اللجوء الكولومبيين في الإكوادور الاجتماعي-الثقافي أكبر من دمجهم الاقتصادي ما يعني بالضرورة أنَّه أكبر من دمجهم القانوني. ومن النتائج المهمة التي خلصنا بها من الدراسة الاستقصائية وجود ترابط بين عدم تمتع اللاجئين بوضعٍ قانوني سليم ووجودهم تحت خط الفقر. وعندما طُبِّقَتْ هذه الأوزان على البيانات الأساسية للدراسة الاستقصائية، كانت نتيجة مؤشر الدمج المحلي 61% للاجئين وطالبي اللجوء الكولومبيين في الإكوادور، ومتوسط مستوى الدمج المحلي 50.6%، والدمج الاجتماعي-الثقافي 62.3%، والدمج الاقتصادي 59.5%.[ii]
ويتيح تنوع نتائج مؤشر الدمج المحلي الفرصة في إجراء تحليلات على مستوى المجموعة والفرد ما يُمَكِّنُ بدوره من إجراء تدخلات أكثر دقة تستهدف الأشخاص الأكثر استضعافاً الموجودين عند الطرف الأدنى من مؤشر الدمج. ويمكن تحقيق ذلك الهدف، على سبيل المثال، من خلال تضمين هذه الفئات المستضعفة في نموذج التخريج[iii] الذي يعمل به مكتب المفوضية في الإكوادور منذ عام 2016 والذي حقق نتائج واعدة ومبشرة إذ يستند اختيار المشاركين إلى عدم أمور أهمها مستوى ظروفهم المعيشية والأسرية على مؤشر الدمج المحلي. وجاءت فكرة نموذج التخريج (أو مقاربة التخريج) من عالم المساعدات الإنمائية ويهدف إلى ’تخريج‘ الأشخاص من الفقر. ويتكون النموذج من مجموعة من التدخلات المتسلسلة التي تتضمن دعم الاستهلاك، والتدريب على المهارات، والإرشاد، والتدريب المالي، وإدراج اللاجئين في شبكات عمل آمنة ضمن المجتمع. والإكوادور واحد من البلدان القليلة التي تطبق هذا النموذج على وضع اللاجئين. ويمكن وصف عائلة ما بأنَّها ’تخرجت‘ من تحت خط الفقر في الإكوادور إذا حققت أربعة معايير هي حصول هذه العائلة على الأقل على ثلاث وجبات ذات قيمة غذائية وأن يكون لها دخل أعلى من خط الفقر وأن تستطيع ادخار 5% من الدخل في البنك وأن تنتمي إلى شبكة عمل مجتمعية أو اجتماعية مثل المنظمة الكنسية. ومن أصل 1810 أسرة تدعمهم المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في الإكوادور، ويمكن القول إنَّ 59% من هذه الأسر حققت معايير التخرج الأربعة. وبالإضافة إلى استخدام مؤشر الدمج المحلي كأداة اختيار، يمكن استخدامه أيضًا لقياس مستوى تقدم الأسر المشاركة في نموذج التخرج نحو تحقيق الدمج المحلي.
الخلاصة
في الإكوادور، أظهر مؤشر الدمج المحلي، المستند إلى البيانات المُجَمَّعة في 2014، أنَّ اللاجئين وطالبي اللجوء الكولومبيين حققوا مستوياتٍ عالية جداً نسبياً من الدمج.[iv]وفي الوقت نفسه، لا بد من تحقيق التقدم لنسبة كبيرة جداً من السكان. وفي الوقت الحالي، تُجرَى دراسة انتصافية سوف تستخدم مؤشر الدمج المحلي لقياس مستوى التقدم الذي أحرزته المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين من خلال استخدامها لاستراتيجية الحلول متعددة السنوات ومتعددة الأشخاص. وبالنظر إلى تعدد استخدامات مؤشر الدمج المحلي، سيُستخدَم أيضًا للمساعدة في تقديم برامج تهدف إلى تحسين دمج فئة معينة من السكان، بما يتعلق بنوع معين من الدمج لقطاع معين من السكان. وسوف تُظهِرُ الحسابات المنتظمة لتحديث مؤشر الدمج المحلي اتجاه تطور الدمج المحلي مع مرور الوقت ضمن عملية محددة.
سانتياغو كوردوفا cordova.santiago@gmail.com
مسؤول إدارة البيانات (سابقاً)
بيتر جانسين janssen@unhcr.org
نائب الممثل
مفوضية الأمم المتحدة السامية للاجئين، الإكوادور www.acnur.org
[i] حسب بيانات وزارة الشؤون الخارجية والتنقل البشري الإكوادورية.
[ii] للانتقال من مستوى الدمج في كل محور إلى المستوى العالمي LII، لا بد من تطبيق أوزان محددة تُحتَسَب لكل محور على المستوى الفردي وبعدها يُحسَب المعدل على أساس الفئة السكانية كاملة. لمزيد من المعلومات عن المنهجية وكامل النتائج، يرجى الاتصال بسانتياغو كوردوفا.
[iv] تشير كلمة ’نسبياً‘ إلى مقياس LII بحيث تمثل 0% عدم وجود الدمج كما الحال على سبيل المثال في مخيم اللاجئين المغلق الذي يعتمد بنسبة 100% على المساعدات الإنسانية في جميع القطاعات، بينما تشير 100% إلى الدمج الكامل مثل التجنيس.