في عام 2011، رُفعت أول دعوى رسمية من قبل عدد من المدعين لدى مكتب الحقوق والحريات المدنية في وزارة الأمن الوطني في الولايات المتحدة الأمريكية نيابةً عن 17 شخصاً من طالبي اللجوء من الـ (إل جي بي تي آي) وغيرهم من المهاجرين الذين خضعوا إلى ظروف تعسفية أثناء الاحتجاز المدني للهجرة في أمريكا. وكان من بين التظلمات الشكوى من انتشار ظاهرة حرمانهم من الرعاية الطبية إزاء الأمراض المزمنة وتعرضهم للاعتداء الجنسي والبدني على يد الحراس والأشخاص الآخرين في مرفق الاحتجاز وتطبيق المرفق المبالغ به لعقوبة الحجز الانفرادي.
ورداً على تلك التظلمات، أنشأ مكتب الحقوق والحريات المدنية وسلطة إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك أول وحدة رعاية مخصصة لحماية الأفراد المثليين ومغيري الجندر في مرفق احتجاز الهجرة في سجن مدينة سانتا آنا في ولاية كاليفورنيا[i] بطاقة استيعابية تصل إلى 64 من المثليين ومغيري الجندر. ومع أنَّه نادراً ما تصل نسبة إشغال الأسرة طاقتها الاستيعابية، تدفع إدارة الهجرة والجمارك أجور إشغال الأسرة الـ64 يومياً وذلك لضمان عزل ذلك السجن للأفراد المعنيين عن بقية النزلاء.
وفي نوفمبر/ تشرين الثاني 2012، عملتُ مع متطوعين زائرين من مؤسسة مبادرات المجتمع لزيارة المهاجرين المحتجزين على مقابلة الأفراد المحتجزين في وحدة الاحتجاز الوقائية، وفي حين كشف الرجال والنساء في سجن مدينة سانتا آنا عن عدد من المشكلات، انتاب طالبي اللجوء الخاضعين للمقابلات على وجه العموم شعورٌ أنَّ تخصيص تلك الوحدة لهم كان تحسُّناً ملموساً وأنَّ نوعية حياتهم أصبحت أفضل مما كانت عليه في مرافق إدارة الهجرة والجمارك.
وتنقسم وحدة الاحتجاز الوقائي نفسها إلى زنازين كل واحدة منها تتسع لشخصين يضاف إليها غرفة داخلية للمعيشة وإضاءة طبيعية ومساحة خارجية للترفيه. وبمقدور المثليين ومغيري الجندر من طالبي اللجوء استخدام غرفة المعيشة من الساعة السابعة صباحاً إلى الساعة الثانية عشر ظهراً ومن الساعة الثانية عصراً إلى الساعة الخامسة والنصف مساءً ومن ثمّ من الساعة السابعة مساءً إلى الساعة الحادية عشرة ليلاً. أما في بقية الأوقات فيبقون في زنازينهم المقفلة. ويقدم السجن عدداً من البرامج منها اللغة الإنجليزية كلغة ثانية ودروساً في الحاسوب. وجميع البرامج باستثناء دروس الحاسوب تُقدم إلى المثليين ومغيري الجندر في وحدة الاحتجاز الوقائي لمنع الاختلاط مع بقية النزلاء في السجن.
وفي كثير من الحالات، تحقق إدارة الهجرة والجمارك هدفها المتمثل في جعل وحدة الاحتجاز الوقائية في سجن مدينة سانتا آنا نموذجاً يحتذى به في البلاد. فعلى سبيل المثال، يُسمح بالزيارة سبعة أيام في الأسبوع حتى بالنسبة للأفراد الموضوعين ضمن "الفصل الإداري" (أي ما يعرف بالحجز الانفرادي) الذي يوقع على النزيل لأهداف انضباطية، وهذه الوحدة من ضمن قليل من مرافق الاحتجاز في الولايات المتحدة الأمريكية التي لا تجرّد النزيل المهاجر من مزايا الزيارة عند إحالته إلى الحجز الانفرادي. ومع كل ذلك، نرى أنه يوجد أربع مجالات للتحسين في هذه الوحدة:
تدريب الـ (إل جي بي تي آي): يشترط العقد بين إدارة الهجرة والجمارك مع سجن مدينة سانتا آنا توفير تدريب "متخصص في مجال الـ (إل جي بي تي)" مدة ثمان ساعات للكوادر العاملين في المرفق بحيث يغطي التدريب المحاور التالية: التعريف بقضايا الـ (إل جي بي تي) (هويات الجندر والميول الجنسية) والعلاقات بين الأشخاص ومهارات الاتصال (نبرة الصوت واستخدام الكلمات المحددة بالجندر وتجنب التعليقات المعبرة عن كراهية المثلية أو التعليقات الازدرائية) والاستضعاف والتعرض للإساءة الجنسية أو الاعتداء الجنسي ومناهج التدخل والحساسية في مناهج البحث واستخدام الضمائر المفضلة. لكن رغم ذلك، من غير الواضح ما إذا كان هذا التدريب قد أُجري أم لا وليس من المعروف بعد ما إذا كان الحراس يمتثلون لسياسات التدريب أم لا. فعلى سبيل المثال، ذكر طالبو اللجوء من مغيري الجندر ممن يعدون أنفسهم إناثاً أنَّ الحراس طلبوا منهم "استخدام صوتهم الذكوري" و"التصرف على أنهم ذكور" وكان ذلك الطلب على أساس يومي تقريباً وأنَّ كثيراً من الحراس يستخدمون الضمائر المذكرة للإشارة إلى النساء المغيرات للجندر. ولذلك، يجب على إدارة الهجرة والجمارك أن تضمن تلقي جميع المسؤولين العاملين في وحدة الاحتجاز الوقائية لتدريب الساعات الثمان حول القضايا الخاصة بالـ (إل جي بي تي).
الرعاية الصحية: ينبغي لإدارة الهجرة والجمارك أن تحسن من مستوى الرعاية الصحية البدنية والعقلية خاصة لضمان النقل السلس للمراسلات والسجلات الطبية عند نقل الشخص من أحد مرافق الاحتجاز إلى سجن مدينة سانتا آنا أو عند إيداعه في البداية في الحجز لدى إدارة الهجرة والجمارك. ووفقاً لسجن مدينة سانتا آنا، فلن تقبل أي شخص من تلك الدائرة ما لم يتوافر من الدواء ما يكفي لتغطية خمسة أيام له. ومع ذلك، قال طالبو اللجوء الذين خضعوا للمقابلة إنَّهم عند نقلهم من مرفق آخر، لم تصل سجلاتهم الطبية قبل 35 إلى 45 يوماً ما أخّر علاجهم مدة تصل إلى ما بين شهر وأربعة أشهر. وبالإضافة إلى ذلك، ذكرت واحدة من طالبات اللجوء المغيرات للجندر اللواتي تعرضن إلى وحشية الشرطة في بلادهن الأصلية أنها لم تتمكن من لقاء مزوّد لخدمات الرعاية الطبية العقلية منذ احتجازها في الولايات المتحدة الأمريكية قبل ستة أشهر من وقت المقابلة.
الزيارة: مع أنَّ الزيارة متاحة سبعة أيام في الأسبوع فإنَّ الزيارات في سجن مدينة سانتا آنا تضع حواجز بلاستيكية بين النزيل والزائر ويكون الحديث بينهما من خلال الهاتف. أما الزيارات الأسرية والمجتمعية فلا يمسح بها إلا في غرفة على شكل قاعة صفية حيث يُسمح للزائرين والنزلاء بالتواصل الجسدي فيما بينهم. وبالإضافة إلى ذلك، قد يساعد تقديم برنامج للزيارات المجتمعية في تخفيض المصاعب العاطفية التي يعاني منها المثليون ومغيرو الجندر من طالبي اللجوء الذين يعيشون في عزلة وغيرهم من المهاجرين المحتجزين ممن نادراً ما يزورهم أحد إما لأنهم لا يعرفون أحداً في الولايات المتحدة الأمريكية أو لبعد مكان إقامة أفراد أسرتهم أو أصدقائهم.
النقل: بما أنَّ سجن سانتا آنا يبقى المرفق الوحيد للاحتجاز المتعلق بالهجرة في البلاد والذي يحتوي على وحدة احتجاز خاصة بالمثليات والمثليين ومغيري ، فغالباً ما يُنقل المهاجرون الأخرون من المثليين ومغيري الجندر من الولايات الأخرى إلى ذلك المرفق. ولعمليات النقل هذه تبعات سلبية كبيرة على حق الأفراد في خضوعهم لمعاملات عادلة للهجرة ناهيك عن تأثر علاقاتهم الأسرية ورعايتهم الاجتماعية. فعلى سبيل المثال، قد يتسبب النقل العابر للولايات بانفصام العلاقة بين الموكل والمحامي (الوكيل) وقد يفصل المهاجرين عن الأدلة والإثباتات التي يحتاجون تقديمها للمحكمة لإثبات حسن سلوكهم الأخلاقي والفوز باللجوء. وإضافة إلى ذلك، قد يجعل النقل زيارة العائلات لأبنائها في مرافق الاحتجاز الجديدة أمراً مكلفاً مادياً ما قد يدفعهم إلى الإحجام عن مثل تلك الزيارات إلا ما ندر. ومن هنا، ينبغي للمستشارين المستقلين التابعين إلى المنظمات غير الحكومية أن يحققوا في نجاح أو فشل وحدة الاحتجاز الوقائي والنظر في إمكانية نقل تلك التجربة إلى مرافق احتجاز الهجرة الأخرى لضمان قرب المهاجرين المثليين ومغيري الجندر من عائلاتهم ومنظومات دعمهم.
تمثّل الولايات المتحدة الأمريكية لآلاف من المثليات والمثليين ومزودجي الميل الجنسي ومغيري الجندر ومزدوجي الجنس حول العالم على أنها الملاذ الذي يمكنهم فيه العيش بحرية وانفتاح دون خوف من الاضطهاد. ومع ذلك، هناك عدد كثير من طالبي اللجوء من الـ (إل جي بي تي آي) الذين يواجهون شهوراً بل سنوات من المعاناة المطوَّلة والعزلة في مرافق الاحتجاز قبل منحهم حق اللجوء. ومن الممكن أن تكون وحدة الاحتجاز في سجن مدينة سانتا آنا الوقائية نموذجاً يُحتذى به للبلاد في حالة طبقت ما يفوق التوصيات. ومع ذلك، بمقدور الولايات المتحدة الأمريكية أن تمثل أنموذجاً للعالم أجمع إذا ما أنهت احتجاز طالبي اللجوء عموماً و الـ (إل جي بي تي آي) على وجه الخصوص.
كريستينا فيآلو CFialho@endisolation.org مؤسسة مشاركة/ مديرة تنفيذية لمبادرات المجتمع لزيارة المهاجرين المحتجزين www.endisolation.org ومحامية مرخَّصة في ولاية كاليفورنيا.