Skip to content
القضاء على ظاهرة انعدام الجنسية في الأمريكيتي

باعتماد إعلان وخطة عمل البرازيل في عام 2014،[i] التزمت 28 بلداً وثلاثة أقاليم في منطقة أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي بالقضاء على حالات انعدام الجنسية في المنطقة وفقاً للمبادئ التوجيهية لخطة العمل العالمية التي وضعتها المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين لإنهاء ظاهرة انعدام الجنسية.[ii] لهذه الغاية، وافقت الدول على منع وقوع أي حالة جديدة من انعدام الجنسية في المنطقة وعلى وجوب حصول جميع الأشخاص عديمي الجنسية أو استعادتهم للجنسية. واتفقت أيضاً على ضرورة تمكين الأشخاص الواقعين تحت خطر انعدام الجنسية من تذليل العثرات والعوائق القانونية أو العملية ليثبتوا أنَّهم مواطنون في بلد معين. واتفقت تلك الدول أيضاً على وجوب حماية الأشخاص عديمي الجنسية إلى أن يتمكنوا من الحصول على جنسية. ومن هنا، تدرك خطة عمل البرازيل بأن النهج الأساسي لإنهاء انعدام الجنسية هو أحد الحلول، إلا أنها تقترح أن تعتمد الدول تدابير في المجالات الثلاثة التالية: الوقاية والحماية وحل المشكلة إذا وقعت.

التقدم المُحرَز في المنطقة منذ عام 2014

الوقاية: فيما يتعلق بمنع انعدام الجنسية، تقترح خطة عمل البرازيل انضمام الدول إلى اتفاقية عام 1961 بشأن خفض حالات انعدام الجنسية،[iii] ومواءمة قوانينها الوطنية المتعلقة بالجنسية مع المعايير الدولية، وتيسير تسجيل المواليد.
وفي الوقت الحاضر، لا يوجد سوى 16 دولة من الدول الأطراف في اتفاقية عام 1961 من بين الدول الأعضاء في منظمة الدول الأمريكية البالغ عددها 35 دولة، وأصبحت ثلاثة من هذه البلدان وهي الأرجنتين وبليز وبيرو أطرافاً في الاتفاقية منذ عام 2014، في حين قررت هايتي مؤخراً الانضمام إلى الاتفاقية (وستصبح الدولة العضو السابعة عشر). وفي الوقت نفسه، أدخلت كولومبيا وتشيلي إصلاحات للحد من نطاق الاستثناءات الدستورية للمبدأ القانوني جوس سوليس (حق الأرض)،[iv] ما يحد من إمكانية حدوث حالات انعدام الجنسية على أراضيها، وغيرت بنما سياستها المتعلقة بالتسجيل لتسهيل تسجيل ولادة الأطفال المولودين في كوستاريكا للوالدين البنميين.

الحماية: من أجل حماية الأشخاص عديمي الجنسية، تطلب خطة عمل البرازيل من الدول الانضمام إلى اتفاقية عام 1954، المتعلقة بوضع الأشخاص عديمي الجنسية، واعتماد أطر الحماية المحلية، ووضع إجراءات لتحديد حالات انعدام الجنسية. وحتى الآن، 19 دولة من بين 35 دولة عضو في منظمة الدول الأمريكية هي دول أطراف في اتفاقية عام 1954. ومن بين هؤلاء، انضمت السلفادور إلى الاتفاقية بعد عام 2014، وألغت المكسيك تحفظها على المادة 31 المتعلقة بطرد الأشخاص عديمي الجنسية. كما وافق البرلمان في هاييتي على الانضمام للاتفاقية، ووعد الرئيس باشليت في تشيلي بالتحرك نحو الانضمام إلى كلا اتفاقيتي انعدام الجنسية. وفيما يتعلق بإجراءات تحديد حالات انعدام الجنسية، أصدرت محكمة البلدان الأمريكية فتوى تشير إلى أنه يتعين على الدول، في سياق الهجرة، أن تحدد وضع الجنسية أو انعدام الجنسية لأي طفل على أراضيها؛ وتحقيقاً لهذه الغاية، ينبغي لها أن تضع أو تعزز الإجراءات المناسبة، مع التسليم بالاحتياجات المتباينة للأطفال والمراهقين.

وفي عام 2016، اعتمدت كوستاريكا لوائح تسمح بالحماية الشاملة للأشخاص عديمي الجنسية. وفي مكان آخر، ينظم قانون إكوادور الأساسي للحراك البشري وقانون الهجرة في البرازيل اللذين اعتُمِدَا في عام 2017 حقوق الأشخاص عديمي الجنسية، ويتطلبان وضع إجراءات لتحديد حالات انعدام الجنسية. وبالإضافة إلى ذلك، تعمل الأرجنتين وأوروغواي وباراغواي وبنما والسلفادور حالياً على وضع لوائح لمعالجة هذه المسألة، في حين أعربت كل من كولومبيا وغواتيمالا وبيرو عن اهتمامها بذلك.

حل المشكلة عند حدوثها: فيما يتعلق بتأكيد الجنسية، نفذت تشيلي (من خلال مشروعها تشيلي تُقرُّ‘[v]) وكوستاريكا وبنما (من خلال مشروع شيريتيكوس[vi]) مشاريع للتحقق من تسجيل المواليد أو مراجعته، وضمان التسجيل المناسب، والحصول على الوثائق التي تثبت الجنسية، وعلاوة على ذلك، وضعت بوليفيا والبرازيل والإكوادور لوائح لتسهيل تجنس الأشخاص عديمي الجنسية، في حين تنظم الأرجنتين والسلفادور وباراغواي قوانين مماثلة.

الدروس المستفادة

أتاحت عملية قرطاجنة +30 التي أدت إلى إعلان البرازيل وخطة عملها للدول الاعتراف بأن انعدام الجنسية مسألة من مسائل حقوق الإنسان لا في العالم بأسره فحسب، بل أيضاً في الأمريكيتين، وأن استئصاله يتطلب عموماً استثمار عدد قليل من الموارد. وتحبذ هذه العملية تولي الدول المُلكِيَّة نحو هدف إنهاء حالات انعدام الجنسية، وتشجيع تحديد الإجراءات المناسبة لتحقيق هذا الهدف.

ويمكن للأشخاص عديمي الجنسية أن يكون لهم دور رئيسي في توعية المسؤولين الحكوميين وزيادة الوعي بالمشكلة داخل المجتمع ككل. فعقب اعتماد خطة عمل البرازيل، كان للدورات التدريبية والاجتماعات الإقليمية التي نظمتها المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أثر أكبر عندما شملت أشخاصاً عديمي الجنسية مثل مها مامو، وهي لاجئة عديمة الجنسية في البرازيل[vii]، التي يمكن أن تفسر الأثر الإنساني لانعدام الجنسية، ومسوغات الحاجة إلى حلول للمشكلة كالتجنس. وبالإضافة إلى ذلك، وبالنظر إلى أن انعدام الجنسية مسألة جديدة نسبياً بالنسبة للعديد من المسؤولين الذين كانوا يركزون تقليدياً على قضايا اللجوء وحماية اللاجئين، أثبتت ’الطريقة الإبداعية‘ في التصدي لانعدام الجنسية أنها نقطة دخول مفيدة للتحدث عن الموضوع وزيادة الوعي.

ولا تؤدي المشاريع الثنائية القومية إلى الحد من انعدام الجنسية فحسب، بل أيضاً إلى تعزيز التعاون بين البلدان. وفضلت العلاقات الودية التقليدية بين كوستاريكا وبنما تنفيذ مشروع شيريتيكوس المشترك الذي يسعى إلى تحديد جنسية المهاجرين المقيمين مؤقتاً في المناطق الحدودية، وأي من أبنائهم مولودين في كوستاريكا.  وفي تنفيذ المشروع، ارتفع مستوى التعاون بين الدولتين من خلال تبادل المعلومات والعمل الميداني والتعاون الثنائي.

وساهم تحسين إمكانية وصول الأشخاص عديمي الجنسية إلى التجنس في تحقيق تحسن مماثل في الوصول إلى هذا الحل للاجئين غير عديمي الجنسية. وتنص المادة 32 من اتفاقية عام 1954 والمادة 34 من اتفاقية عام 1951 على معاملة عديمي الجنسية من غير اللاجئين وكذلك اللاجئين من غير عديمي الجنسية على قدم المساواة من ناحية التجنيس. وينبغي للدول أن تسعى إلى تيسير التجنس في الحالتين. وبالرغم من أنه كان من الأسهل على الدول أن تفهم وتعزز فكرة تيسير التجنيس للأشخاص عديمي الجنسية، تعمل بلدان مثل الأرجنتين وباراغواي على وضع أطر حماية مخصصة للأشخاص عديمي الجنسية، تشمل أيضاً تسهيلات تجنيس اللاجئين من غير عديمي الجنسية. وسبقتها في ذلك بوليفيا التي وضعت بالفعل لوائح تنظيمية لتلك الظاهرة. ومن هنا، كان للهدف المنشود في حل ظاهرة انعدام الجنسية أثر غير مباشر يمكن أن يفيد اللاجئين.

التحديات المتبقية

بعد مرور ثلاث سنوات على اعتماد خطة عمل البرازيل، أُحرِزَ تقدم كبير تجاه القضاء على ظاهرة انعدام الجنسية. وبالمثل، ظهرت دروس مهمة ستكون مفيدة في مواصلة تنفيذ خطة عمل البرازيل على الصعيد الوطني.

لكن من حيث التحديات، تجدر الإشارة إلى أنه بالرغم من انضمام بليز إلى اتفاقية عام 1961 والموافقة الأخيرة على انضمام هاييتي إلى كلتا الاتفاقيتين بشأن انعدام الجنسية، فعدد بلدان منطقة البحر الكاريبي التي هي أطراف في الاتفاقيات لا يزال منخفضاً. وبالمثل، ففي الأمريكيتين، لا يزال هناك قوانين للجنسية التي تميز على أساس الجندر في منطقة البحر الكاريبي، حيث يتعرض أكبر عدد من الناس لخطر انعدام الجنسية، ويوجد آلاف الأشخاص الذين حُرِموا تعسفاً من حقهم في الجنسية. وفي عام 2020، ستجري المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين تقييماً آخر لتنفيذ خطة عمل البرازيل. وإذا أُريد للأمريكيتين أن تصبح أول منطقة عالمية رئيسية للقضاء على ظاهرة انعدام الجنسية، كما تأمل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين[viii]، سيكون من الضروري مضاعفة الجهود في هذه البلدان الكاريبية على مدى السنوات الثلاث المقبلة.

 

خوان إنياسو مونديلي mondelli@unhcr.org

مسؤول أول في الحماية الإقليمية (انعدام الجنسية)، مكتب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين للأمريكيتين، الوحدة القانونية الإقليمية، كوستاريكا.www.acnur.org/costa-rica



[ii] UNHCR (2014) Global Action Plan to End Statelessness 2014-2024

(المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (2014) خطة العمل العالمية للقضاء على ظاهرة انعدام الجنسية 2014-2024)

www.unhcr.org/statelesscampaign2014/Global-Action-Plan-eng.pdf

[iv] ’حق الأرض‘ مبدأ قانوني يمنح الشخص حق الجنسية لبلد ما إذا وُلِدَ على أراضيها.

[v]Chile recognises’

http://chilereconoce.cl

[vi] https://youtu.be/SwrQXGEwTBU

[viii] 'Out of the Shadows: Ending Statelessness in the Americas’, November 2014

(أنطونيو غوتيرس، المفوض السامي للاجئين (سابقاً) يتحدث في منتدى ’الخروج من الظلال: إنهاء ظاهرة انعدام الجنسية في الأمريكيتين‘)

www.youtube.com/watch?v=VAf3MV8Hxf8

 

 

DONATESUBSCRIBE