تغادر الأقليات الجنسية بلادها نظراً للعديد من الأسباب، لكن مغادرتهم ترجع في الغالب إلى العنف القائم على الهوية والتمييز والمضايقات التي تواجههم على يد الفاعلين الحكوميين والأسرة والمجتمع. وعلى الرغم من أنه لا يوجد أي صك قانوني دولي لحماية حقوق الإنسان الخاصة بالأشخاص من المثليات والمثليين ومزدوجي الميل الجنسي ومغيري الجندر ومزدوجي الجنس (إل جي بي تي آي)، أوّلت الجهات القانونية الدولية في السنوات الماضية مؤخراً أحكام حقوق الإنسان الأساسية على أنها واجبة التطبيق على فئة المثليات والمثليين ومزدوجي الميل الجنسي ومغيري الجندر ومزدوجي الجنس.
وأكدت على هذه الرسالة الهيئات المختلفة للمعاهدات في الأمم المتحدة هذه الرسالة، بما فيها لجنة حقوق الإنسان التي نصت على أنَّ مبادئ العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية تنطبق بشكل متكافئ على الجميع دون تمييز بمن فيهم الأشخاص الـ (إل جي بي تي آي)، مؤكدة أن الإشارة إلى "الجنس" في المادة 26 (البند الرئيسي المتعلق بعدم التمييز في العهد الدولي المذكور) تتضمن الميل الجنسي[1]. وبالمثل، تحظر اللجنة الخاصة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية (وهي الجهة التأويلية المفوّضة للعهد الدولي حول الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية) أي صور للتمييز على أساس الميل الجنسي[2]. وبالتالي، يجب أن تضمن الدول الأطراف في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والعهد الدولي حول الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية حماية الحقوق المنصوص عليها في العهدين لجميع الأشخاص الـ (إل جي بي تي آي)، بمن فيهم المهاجرين، داخل حدود بلادهم الجغرافية، كما هو موضّح في كلا العهدين.
فيما وراء هذه الحمايات القانونية الدولية للأفراد الـ (إل جي بي تي آي)، أكدت جهات حقوق الإنسان الإقليمية أيضاً أنه يلزم تطبيق قانون حقوق الإنسان على من تم التمييز ضدهم على أساس الميل الجنسي أو الهوية الجندرية. ومؤخراً، أقرت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان أن فصل المحتجزين الـ (إل جي بي تي آي) يشكل انتهاكاً لحقوق الإنسان الخاصة بهم ويرتقي إلى مستوى التعذيب أو المعاملة غير الإنسانية أو المهينة، وذلك في حال منعهم ذك الفصل من الحصول الكافي على خدمات مركز الاحتجاز أو إذا ارتقى لأن يكون مساوياً لظروف الحبس الانفرادي الجنائي[3]. وقد قضى الفقه القانوني للجنة ما بين الأمريكيتين لحقوق الإنسان حول حقوق الـ (إل جي بي تي آي) للمرة الأولى أنَّ الاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان تحظر التمييز القائم على الميل الجنسي[4].
وبالإضافة إلى معايير حقوق الإنسان هذه، وفي عام 2006، صاغت مجموعة من الخبراء القانونيين مبادئ يوغياكارتا، وهي الإرشادات التوجيهية التي تتناول الكيفية التي ترتبط بها أسس حقوق الإنسان الأساسية بالأقليات الجنسية[5]. ورغم أن هذه المبادئ غير إلزامية بالنسبة للدول، فإنها تعبر عن الحمايات الأوليّة للقانون الدولي للأقليات الجنسية، كما أنها ترشد الدول حول أفضل الممارسات لضمان حقوق الإنسان الخاصة بالأشخاص الـ (إل جي بي تي آي).
شانا تاباك shanatabak@gmail.com ممارسة مقيمة في العيادة القانونية لحقوق الإنسان الدولي التابعة للجامعة الأمريكية. وراتشيل ليفيتان rslevitan@gmail.com مستشارة رئيسية (اللاجئين والهجرة) HIAS www.hias.org.
[1] انظر تونين ف. استراليا، رسالة لجنة حقوق الإنسان رقم 488/ 1992، وثيقة الأمم المتحدة CCPR/C/50/D/488/1992، الفقرة 8-7 (1994).
[2] انظر لجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، التعليق العام رقم 14، الحق في الحصول على أعلى معايير الصحة التي لمكن الحصول عليها، 11 أغسطس/آب 2000، E/C.12/2000/4.
[3] المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، الإصدار العاشر، تركيا (التطبيق رقم 24626/09)
[4] www.cidh.oas.org/basicos/english/basic3.american%20convention.htm لا توجد نسخة عربية
قضية: اتالو ريفو وبناته ضد التشيلي، أساس الدعوى والتعويضات والتكاليف، الحكم، اللجنة بين الأمريكيتين لحقوق الإنسان 83 – 84 (24 فبراير/شباط 2012)
[5] مبادئ يوغياكارتا حول تطبيق قانون حقوق الإنسان الدولي فيما يتعلق بالميل الجنسي والهوية الجندرية، 2006 www.yogyakartaprinciples.org/principles_ar.pdf