لا يوجد صك دولي تحمي المهجَّرين عبر الحدود بسبب تغير المناخ في يومنا هذا. وبزيادة معدل التَّهجير العابر للحدود في سياق الكوارث وتغير المناخ – مثلما هو متوقع – ستتسع الثغرات القائمة في نظام حماية المهجَّرين في هذه السياقات اتساعًا كبيرًا.
ومع أنَّ قانون حقوق الإنسان يكفل حقًا غير مباشر بقبول المهجرين والبقاء في الدولة عندما يتسبب ترحيل الشخص إلى موطنه في تعرضه لمعاملة غير إنسانية، لا يعالج هذا القانون جميع أشكال التَّهجير. وفي الوقت الذي تكفل فيه الاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم – على سبيل المثال – بعض الحماية للعمال المهاجرين، فهي لا تضمن لهم حق الدخول إلى الدول المضيفة أو الإقامة الدائمة فيها. وعلاوة على ذلك، لا يعالج باستمرار القانون الوطني والاتفاقيات الإقليمية عمومًا حالات البقاء المؤقتة، كما في أوقات تضرر موطن المهاجر بسبب الكوارث.
وتسمح قوانين الإغاثة في حالات الكوارث في بعض الدول بتقديم المساعدات الإنسانية لجميع الأشخاص في أعقاب الكوارث مباشرة بغض النظر عن وضعهم القانوني في الدولة وتصبح مع الوقت هذه المساعدات قاصرة على المواطنين وحسب. وعامة، ثمة ثغرة قانونية تتعلق بالتَّهجير العابر للحدود في سياق الكوارث. فمع وجود أمثلة فعلية على السماح بالإقامة الدائمة للمهجرين عبر الحدود في سياقات الكوارث وإدخالهم إلى البلاد إلا أن تلك الإجراءات وقتية وغير منسقة غالبًا.
في قضية عام 2014، رفضت محكمة الهجرة والحماية في نيوزيلندا المطالبة المتعلقة بتغير المناخ التي تقدمت بها أسرة توفالية للحصول على وضع اللاجئين بموجب اتفاقية اللاجئين لعام 1951. ومن بين حيثيات الأسرة ذات الأربعة أفراد، أنَّ آثار تغير المناخ – وخاصة ارتفاع منسوب مياه البحر – وغياب مياه الشرب النظيفة سيؤثر عليهم سلبيًا إذا ما أجبروا على العودة إلى موطنهم. ومع أن المحكمة أوقفت قرار ترحيلهم ومنحتهم حق الإقامة، كان ذلك بمثابة استخدام لسلطة المحكمة التقديرية لأسباب إنسانية نظرًا للروابط الأسرية القوية التي ترتبط بها هذه الأسرة في نيوزيلندا.[1] ولم تستند المحكمة في قرارها هذا إلى أي التزامات قانونية محلية أو دولية. |
[
إجراءات الحماية المؤقتة
في حالة السماح للمهجرين عبر الحدود بالبقاء في دولة جديدة أو بدخول أراضيها، من الأهمية بمكان توضيح حقوقهم ومسؤولياتهم أثناء مدة بقائهم مع مراعاة قدرة الدولة والمجتمعات المضيفة الاستيعابية. ويعتقد مكتب مفوض الأمم المتحدة السامي للاجئين أنَّ إجراءات الحماية المؤقتة أو البقاء قادرة على مواجهة هذا التحدي ووضع المبادئ التوجيهية بشأن ترتيبات الحماية المؤقتة أو البقاء في فبراير/شباط 2014 عقب اجتماعين للخبراء في 2012 و 2013. وتهدف المبادئ التوجيهية إلى مساعدة الحكومات في الاستجابة للأزمات الإنسانية وتحركات السكان المعقَّدة أو المختلطة في حالات تكون فيها الاستجابات الحالية غير مناسبة أو غير كافية. ولتشجيع عامل التوقعّية في الاستجابات، تدعو المبادئ التوجيهية إلى وضع "ترتيبات دائمة" يُتفق عليها على أساس متعدد الأطراف/إقليمي وتُفعل في إطار الاستجابة لحالات أو أحداث معينة متى وقعت. ويهدف الاهتمام بمثل هذه الترتيبات بدلاً من العمل الانفرادي أو العمل المؤقت إلى تشجيع اتساق معايير المعاملة في جميع الدول في المنطقة ذاتها ما يُقلص دوافع التحركات المستقبلية.
ومصطلح الحماية المؤقتة مفهوم عمره عقود وطُبق في حالات مختلفة كثيرة ودول عديدة وخاصة في حالات التدفق الجماعي. وتقر المبادئ التوجيهية الجديدة بالإنجازات الكثيرة في مجال توفير الحماية المؤقتة على مدار السنين في سياقات كثيرة مختلفة إلا أنَّنا قلقون بشأن استمرار الالتباس المخيم على نطاق هذا المفهوم ومعناه. وبالإضافة إلى ذلك، ندرك الحاجة لوجود استجابات متوقعة ومتسقة وكذلك مرنة للأزمات الإنسانية وتحركات السكان المعقَّدة. ولهذا السبب، توضح المبادئ التوجيهية المقصود بالحماية المؤقتة/البقاء، وما لا يُقصد بها، وما لا ينبغي أن يُقصد بها.
وتوضح المبادئ أيضاً أربعة سيناريوهات يستحيل في ضوئها تطبيق تحديد وضع اللاَّجئ الفردي ولا يصلح معها إلا المبادئ التوجيهية بشأن ترتيبات الحماية المؤقتة أو البقاء، وهي:
- تدفقات واسعة النطاق من طالبي اللجوء أو أي أزمات إنسانية أخرى مشابهة.
- تحركات السكان المعقَّدة أو المختلطة، مثل: سيناريوهات الوصول بالقوارب الإنقاذ في البحار
- السياقات المتغيرة والانتقالية.
- الظروف الاستثنائية والمؤقتة الأخرى في الموطن التي تستلزم الحماية الدولية والتي تمنع العودة في أمان وكرامة.
وتدعو المبادئ التوجيهية أيضاً إلى تخطي الحماية المؤقتة أو الإقامة إلى الأوضاع والحلول الأخرى. وفي المبادئ التوجيهية، تُحدد منهجية إنهاء الحماية المؤقتة بحالات معينة أو تعتمد على ظروف معينة ولا تستند إلى إطار زمني محدد مسبقًا. وفي اجتماع الخبراء الأول، ساد الاتفاق على ضرورة ألا يتجاوز الحد الأقصى لهذا النوع من الحماية الثلاث سنوات. ومع ذلك، لم يتطرقوا في الوقت نفسه إلى الحد الأدنى نظراً لصعوبة تحديد مدة الإقامة اللازمة تحديدًا دقيقًا وخاصة في المراحل الأولية للأزمات الإنسانية وتحركات السكان المعقَّدة. وعلاوة على ذلك، قد يُثبط وضع حد أدنى من تفعيل النظام إذا كانت مدته طويلة.
ولوضع درجة حماية مناسبة للمستفيدين لضمان إقامة كريمة لهم، تغطي المبادئ التوجيهية أيضاً الجوانب العملياتية والعملية للمبادئ التوجيهية بشأن ترتيبات الحماية المؤقتة أو البقاء الخاصة بدخول الدول واستقبال الوافدين لها ومعايير الحماية الدنيا والتعاون الدولي وتقاسم الأعباء والتشاور والتنسيق. وتبين المبادئ كذلك تحسن معايير الحماية بامتداد فترة الإقامة.
والأهم من ذلك، توضح المبادئ التوجيهية أنَّ المبادئ التوجيهية بشأن ترتيبات الحماية المؤقتة أو البقاء لا تخل بالتزامات الدول بموجب القانون الدولي، وخاصة اتفاقية اللاجئين لعام 1951 و/أو بروتوكولها لعام 1976 وكذلك حقوق الإنسان الأخرى و/أو صكوك اللاجئين الإقليمية التي تمثل الدول أطرافًا فيها. ولكنها جاءت مكملة للنظام الدولي لحماية اللاجئين وبانية عليه. ووفقًا لتوصيات مبادرة نانسن بشأن التَّهجير العابر للحدود المستحث مناخيًا في 2015، يؤمل أن تستغل الدول الفرصة – عند وضعها جدول الأعمال المستقبلي بشأن الحماية – وتولي اهتمامًا جادًا لقيمة اتخاذ إجراء وقائي بالاتفاق على ترتيبات متوقعة للحماية المؤقتة والبقاء وتنفيذها وتضمينها في تشريعاتها الوطنية. وقد صارت الحاجة لفعل ذلك ملحة في المناطق المعرضة فعليًا للكوارث أو التي ستتعرض لها بما فيها الكوارث المرتبطة بتغير المناخ.
فولكر تورك turk@unhcr.org المفوض السامي المساعد (المعني بالحماية)، مقر مفوضية الأمم المتحدة السامية للاجئين. www.unhcr.org
لمبادئ التوجيهية متاحة على: http://refworld.org/docid/52fba2404.html
[1] قرار المحكمة, 4 يونيو/حزيران، 2014, متاح على: https://forms.justice.govt.nz/search/IPT/Documents/Deportation/pdf/rem_20140604_501370.pdf