Skip to content
خطط التكيف الوطنية والتنقل البشري

عندما لا يكون من الممكن تجنب التنقل، بمقدور تدابير التكيف أن تساعد الناس على التنقل طوعاً وبكرامة قبل أمد من وقوع حالة الأزمة. وبمقدور خطط التكيف الوطنية المؤسسة بموجب إطار كانكون للتكيف[1] أن تمثِّل دوراً مهماً في تحقيق ذلك الهدف بإدخال التنقل البشري ضمن استراتيجيات التغير المناخي الإقليمي.

وتوفّر عملية التخطيط الوطنية للتكيف الفرصة لضمان التعامل الكامل مع الهجرة والتَّهجير والانتقال المخطط له على اعتبار أنها تحديات محتملة وفرص محتملة في آن واحد. ويكتسب التنقل البشري أهمية لعملية التخطيط على التكيف من ناحية السعي وراء تجنب التَّهجير أو الهجرة التي تأتي على الرفاه البشري عندما يكون هناك خطر منظور بازديادها نتيجة آثار التغير المناخي. وهو من الأمور المهمة أيضاً عند السعي للتركيز على إمكانية وقوع الهجرة أو النقل المخطط له في الحالات التي تستدعي أحد الخيارين المذكورين على أنهما الأكثر قبولاً للتطبيق من استراتيجيات التكيف.

وتقوم خطط التكيف الوطنية على برامج عمل التكيف الوطنية التي رسمتها الدول الأقل نماءً قبل مؤتمر الاتفاقية الإطارية للأمم المتحدة بشأن تغير المناخ في كانكون. وأقرت كثير من برامج العمل تلك بأنَّ فقدان المساكن وسبل كسب الرزق قد تعجِّل في حدوث هجرة واسعة النطاق. واقترحت بعضها استراتيجيات للتكيف للتخفيف من وطأة الضغط على الهجرة والسماح للأفراد بالبقاء في ديارهم لأطول مدة ممكنة. وسعت الاستراتيجيات المقترحة عموماً إلى تكييف الممارسات الزراعية وإدارة الأراضي الرعوية والبنى التحتية مثل السدود والحواجز الشاطئية وأنماط صيد السمك وغيرها من الاستراتيجيات لخفض الضغوط القائمة على المنظومات البيئية الهشَّة ما يسمح ببقاء السكان في مكانهم.

وتركز المقاربات المتَّبعة في خفض التَّهجير في إطار الكوارث المرتبطة بالتغير المناخي في أغلب الأحيان على الإنذار المبكر والاستعداد لحالات الطوارئ أو على إعادة التوطين فيما بعد الكارثة وخطط الإنقاذ. وتعالج برامج عمل التكيف الوطنية أيضاً دور الانتقال المخطط له للأفراد كاستراتيجية تكيفية خاصة في سياق ارتفاع منسوب مياه البحار. وقليل من برامج عمل التكيف الوطنية تنظر إلى الحركة العفوية للناس من المناطق الريفية إلى المناطق الحضرية على أنها استراتيجية إيجابية للتكيف. بل كانت الحكومات على العموم قد انتقدت بعنف  الهجرة من الريف إلى الحضر وسعت إلى إقامة برامج لصد الناس عن مغادرة ديارهم بدلاً من تسهيل حركتهم.

ومع أنَّ الهجرة ظهرت كفكرة في برامج عمل التكيف الوطنية، لم تقدم الوثائق سوى القليل من التفاصيل حول استراتيجيات منع التنقلات أو تسهيلها وقت الحاجة.[2] لكنَّ العملية اللاحقة لخطة التكيف الوطنية توفر الفرصة لجعل خبراء الهجرة يفكرون في كلا جانبي معادلة استراتيجيات التكيف للحيلولة دون "الهجرة من العِوَز" غير المرغوبة ومنعاً للتَّهجير مع تسهيل التحركات المفيدة في الوقت نفسه إذا كانت تلك التحركات تمكّن من تحسين التأقلم مع آثار التغير المناخي.

وبرامج عمل التكيف الوطني حديثة العهد ولم تُنشَئ وتُقدَّم بعد. ويوصى إنشاء برامج التكيف الوطني من خلال عمليات تشاركية وشفافة ومراعية للجندر، كما ينبغي للحكومات أن تضع في حسبانها في الوقت المناسب معرفة العادات والتقاليد للشعوب الأصلية. وبمقدور برامج التكيف الوطني معالجة مسائل الهجرة المرتبطة بالتغير المناخي عن طريق خفض ضغوط الهجرة أو التَّهجير وكذلك عن طريق وضع تصور للهجرة ومدى الحاجة للنقل المخطط له كاستراتيجيات تكيفية.

ووضع الهجرة ضمن التخطيط التكيفي الوطنية ضروري لضمان فعالية التنفيذ.[3] وسيحتاج صانعوا السياسات والمزاولون إلى إرشاد ملموس وواضح حول كيفية ربط التنقل البشري بالتكيف مع التغير المناخي. ويوصى أيضاً بأن تقدم الإرشادات التوجيهية لبرامج التكيف الوطني الدعم في تماسك السياسات وترابطها عبر سياسات الهجرة  والتكيف وينبغي أن تخضع للتجريب في عدد من الدول.

ولكن، هناك عدد من الثَّغرات في القاعدة المعرفية التي سيساهم ردمها في التخطيط للتكيف الوطني حول التنقل البشري. وتتضمن هذه الثغرات ما يلي:

  • العلاقة بين التنقل وعمليات التكيف بما في ذلك الدرجة التي تكون فيها مختلف أشكال التنقل إيجابية أو سلبية للذين يتنقلون بالإضافة إلى مجتمعاتهم في بلدانهم الأصلية وفي بلدان المقصد.
  • ما أنواع المبادلات التي يمكن عملها وما العلاقة بين التحركات البشرية المرتبطة بالتغير المناخي والعمليات الإنمائية المستدامة وبالأخص منها ما يتعلق بقضايا ضعف القدرة على مسايرة الظروف (التي لها أثر سلبي على الاستدامة بعيدة الأمد) واللدونة.

مستقبل  التخطيط للتكيف والتنقل البشري

مع استعداد المتفاوضين للمناخيين لإبرام اتفاقية باريس 2015 المهمة للغاية[4] سيكون على الدول أن تتولى مسؤوليتها لتمنع ما أمكن من أي تهجير مستقبلي مرتبط بآثار التغير المناخي. ومع ذلك، على الدول المتأثرة أيضاً أن تتلقى المعلومات الفنية والمساعدات المالية الضرورية لتنفيذ مسؤوليتها تلك.

وعلى وجه الخصوص، لضمان فعالية برامج التكيف الوطني كآليات في التعامل مع التنقل البشري ضمن سياق التغير المناخي، لا بد من معالجة أربعة تحديات  نلخصها بما يلي:

  1. توفير المشورة الفنية والإرشاد العملياتي للحكومات حول كيفية إدخال التنقل البشري
  2. إمداد الحكومات بمزيد من البيانات حول مختلف الطرق الخاصة التي سوف يؤثر التغير المناخي بها (ويتأثر بـ) التنقل البشري لأنها بناءً على ذلك سوف تحدد ملامح برامج التكيف الوطني اللازمة.
  3. ضمان استعانة الحكومات للخبراء والمزاولين المناسبين حول التنقل البشري وإشراكهم في صياغة برامج التكيف الوطني
  4. ضمان قدرة الحكومات على الوصول إلى قائمة بالممارسات الجيدة للتأكد من أن تشتمل برامج التكيف الوطني على الاستراتيجيات اللازمة لمعالجة جانبي العلاقة الاعتمادية بين التغير المناخي والتنقل البشري.

كوكو وارنر warner@ehs.unu.edu مسؤول أكاديمي في جامعة الأمم المتحدة. www.unu.edu ووالتر كالينkaelin@nanseninitiative.org مبعوث رئاسة مبادرة نانسنwww.nanseninitiative.org وسوزان مارتن Susan.Martin.ISIM@georgetown.edu  بروفيسورة الهجرة الدولية في جامعة جورج تاون. www.georgetown.edu ويوسف ناصيفynassef@unfccc.int منسق التكيف في اتفاقية الأمم المتحدة المبدئية بشأن التغير المناخيwww.unfccc.int

هذه المقالة مبنية على إحدى إحاطة سياسات جامعة الأمم المتحدة. رقم 9 (2014) "دمج قضايا التنقل البشري ضمن خطط التكيف الوطنية"http://ehs.unu.edu/file/get/11786.pdf. كُتِبت هذه المقالة بمشاركة مشكورة لـ: سين لي وسوزان ميلدي ومارين فرانك وتامر عفيفي.

 


[1] تُبنيَّت كجزء من اتفاقيات كانكون في مؤتمر التغير المناخي لعام 2010 في كانكون/ المكسيك. http://unfccc.int/adaptation/items/5852.php

[2] جميع برامج التكيف الوطني التي راجعها الكاتبون لإعداد التقرير الذي بُنِيت عليه المقالة متاحة على الرابط التالي: http://unfccc.int/adaptation/workstreams/national_adaptation_programmes_of_action/items/4585.php.

[3] لمزيد من التفاصيل، انظر الحوار الدولي حول الهجرة (2011). متاح على الرابط التالي:www.iom.int/idmclimatechange

(International Dialogue on Migration)

 

DONATESUBSCRIBE