Skip to content
الإنماء وتحديات الحماية في سياق أزمة اللاجئين السوريين

في إقليم يستضيف بالأصل ملايين اللاجئين الفلسطينيين والعراقيين، تفرض درجة الأزمة السورية مزيداً من التوترات على موارد البلدان المجاورة وقدراتها وكذلك قدرات منظومة المساعدات الدولية. ويصل قرابة 3300 لاجئ في المعدل إلى البلدان المجاورة كل يوم في عام 2014 ما يمثّل عبئاً كبيراً على قدرة البلدان المضيفة والفاعلين الدوليين في المنطقة على توفير الحماية، بل يزيد ذلك من الآثار السلبية السائدة أصلاً على النواحي الاجتماعية والاقتصادية والإنمائية البشرية. ومع عدم ظهور بوادر لتوقف الحرب الأهلية في سوريا أو لإحلال عملية للسلام تساعد على تشجيع اللاجئين على العودة، يُصبح التَّهجير مطوَّلاً.

تستهدف خطة الاستجابة الإقليمية السادسة 2014 المساعدات لتستمر مدة سنة كاملة وتغطي 2.85 لاجئ سوري في الأردن ولبنان والعراق وهي البلدان الثلاثة التي سوف يُنفّذ فيها برنامج الإنماء والحماية الإقليمي

[1] بالإضافة إلى 2.5 مليون من أبناء السكان المضيفين الذين يبلغ مجموعهم في البلدان المذكورة 45 مليوناً.  تقوم هذه المقالة على التخطيط والتحليل التجمعي الذين أُعدَّا  لبرنامج الإنماء والحماية الإقليمي بشأن تقييمات المشروع وتقارير الأوضاع وغيرها من الدراسات التي أنتجتها الهيئات العابرة للحكومات والحكومات المضيفة والمانحون والمنظمات الإنسانية عام 2013.[2]

الآثار الاقتصادية على اللاجئين وسبل كسب رزقهم

تواجه أسر اللاجئين ندرة في نشاطات در الدخل بل تُعد فجوة الدخل-المصروف لمعظم تلك الأسر فجوة كبيرة تتزايد يوماً بعد يوم. ومن هنا، تحتل مسألة سبل كسب الرزق المستدامة وتكاليف الحياة ومستويات أجور السكن بالإضافة إلى انعدام الأمن الغذائي وارتفاع المديونية هموماً رئيسية تشغل بال اللاجئين ومضيفيهم على حد سواء.

 ويجد اللاجئون السوريون العمل غير المنتظم غالباً في مجال الأعمال التي لا تتطلب المهارة متى استطاعوا لذلك سبيلاً. وفي لبنان والأردن والعراق، هناك قرابة 30% من اللاجئين في عمر العمل ينخرطون في أعمال مدفوعة الأجر ومتفرقة، لكنَّ ارتفاع حدة التنافس على العمل يؤدي إلى خفض المستويات العمرية المؤهلة للعمل. ومن العوامل المهمة أنَّ غالبية اللاجئين يعيشون في المناطق الحضرية لأنَّ ذلك يمكِّنهم من المشاركة في النشاط الاقتصادي إلى درجة أكبر من استطاعة اللاجئين في المخيمات. ومع ذلك، الفرص محدودة للغاية ولا تقل حدة استضعاف اللاجئين الحضريين عن استضعاف من يعيش في المخيمات.

وفي حين تمنح عملية تسجيل اللاجئين الحق في الوصول إلى المساعدات الإنسانية وبعض الخدمات العامة، لا يتمتع اللاجئون السوريون بأي حق قانوني للعمل في الأردن ولا في لبنان إلا بتصريح. وهذا الأمر يجعل القطاع غير الرسمي المصدر الوحيد لفرص توليد الدخل ومع ذلك تنخفض فيه الأجور كثيراً وتزداد الأجواء الاستغلالية إزاء العاملين. لكنّ اللاجئين السوريين في كردستان العراق، بالمقابل، لهم حق العمل ما داموا يتمتعون بحق الإقامة في الإقليم. وتشير الأدلة إلى أنَّ ظروفهم المعيشية أقل سوءاً مع أنَّ معظم اللاجئين موجودون في المخيمات (كما الحال في الأردن على سبيل المثال) الأمر الذي يجعلهم أوفر حظاً بشأن تسلم المساعدات الإنسانية.

ويتّبع السوريون استراتيجيات متنوعة وخطرة للغاية للتكيف مع الأوضاع. فينتشر بيع ما يمتلكونه وهذا لا يزيد من تفقيرهم الحالي فحسب بل يستنزف مواردهم التي قد تلزمهم عند العودة إلى سوريا وإعادة بناء حياتهم وسبل كسب أرزاقهم. لقد أثّر غياب الوظائف تأثيراً كبيراً على النساء واليافعين. وبالمقابل، هناك قلق متنام إزاء ارتفاع حالات ظاهرة عمالة الأطفال مع خضوع أسر اللاجئين إلى التفقير المتزايد خاصة فيما يتعلق بالرفاه المباشر لهؤلاء الأطفال ورفاههم في المدى البعيد وخسارة فرص التعلم وكل ذلك سوف يؤثر على فرصهم الحياتية في المنفى وعند العودة إلى سوريا.

فالصورة الإجمالية إذن تدل على استضعاف مزمن يتزايد عمقاً ومناعةً. ومع أنَّ التركيز الإنساني في نهاية المطاف ينصب على اللاجئين السوريين، هناك وضع اللاجئين الفلسطينيين والعراقيين المهجَّرين للمرة الثانية من سورياً وهو وضع سيء جداً. فآثار التَّهجير وتكاليفه على سبل كسب أرزاقهم كبيرة جداً وكذلك تهميشهم من برامج الاستجابة العامة من الأمور المقلقة على وجه الخصوص.

الآثار الاقتصادية على البلدان المضيفة والسكان فيها

من ناحية الآثار على الاقتصاد الجزئي تشهد مستويات أجور السكن ارتفاعاً حاداً ويجد السكان المحليون أنفسهم يُخرجون من السوق لتدني أجور العمل. وكذلك انتشرت ظواهر الارتفاع الحاد للبطالة وتدهور أجور العمل ومحدودية الفرص الوظيفية خاصة للعمالة غير الماهرة. ورغم القيود الرسمية المفروضة على العمل، تمكن بعض اللاجئين من الحصول على العمل وارتفع العرض على العمالة ما أثَّر في نهاية المطاف تأثيراً كبيراً على أسواق العمل وزاد من أسعار السوق بالنسبة للسلع الأساسية. وفي حين عززت التحويلات المالية/القسائم المقدمة للاجئين من قدرتهم الشرائية، فهي ذاتها سبب في رفع الأسعار في الأسواق المحلية ورفع مستوى استضعاف سبل كسب الرزق لعدد كبير متزايد من الأسر المحلية.

وبالإضافة إلى التوتر المالي الذي نشأ، هناك الآثار المترتبة على الإنتاج الاقتصادي التي كان وقعها كبير على السكان المضيفين وأدت إلى تفقير عدد لا يستهان به من الأسر (خاصة منها ذات الدخل المحدود والفقيرة). وحتى قبل الأزمة، كان 25% من اللبنانيين يعيشون أدنى من خط الفقر العلوي البالغ 4 دولارات في اليوم الواحد مع توقع دفع تدفق اللاجئين بما يقارب عدده 170 ألف لبناني إضافي إلى الفقر ومضاعفة معدلات البطالة بمعدل يفوق 20% مع حلول عام 2014.[3]  ومن المؤشرات على وجود هذا التوتر أنَّ 2.5 مليون شخص في البلدان المستضيفة يُتوقع حصولهم على المساعدات في خطة الاستجابة الإقليمية السادسة عام 2014 من خلال عدد من مشروعات الدعم المجتمعي وغيرها من التدخلات. لكنَّ ذلك لا يزيد على 5% من مجموع السكان في البلدان الثلاثة (حوالي 20% في الأردن ولبنان) ومن غير المحتمل أن يخفّض ذلك من الآثار السلبية  الواقعة على المجتمعات المضيفة لا على المدى القريب ولا على المدى البعيد.

وكان للأزمة أيضاً أثر ضار جداً على جميع الخدمات العامَّة خاصة في القطاعين الصحي والتعليمي بالإضافة إلى آثار حادة على الخدمات كإمدادات الماء والكهرباء. وازدادت أيضاً  أوجه القصور الموجودة سابقاً والكبيرة في القدرات ازدياداً حاداً رغم المساعدات التي قدمها برنامج الاستجابة الإقليمية لدعم تطوير البنية التحتية.

تتضمن الآثار السلبية الاقتصادية الكلية الخسائر الكبيرة التي وقعت من ناحية الأداء الاقتصادي والواردات العامة والضرائب والعوائد والاستهلاك الخاص والاستثمار وانخفاض النمو وارتفاع البطالة وزيادة العجوزات المالية الوطنية.

فعلى سبيل المثال، قدّر البنك الدولي أنَّ أثر الأزمة خفّض من نمو لبنان الاقتصادي (الناتج المحلي الإجمالي) بنسبة 2.9% سنوياً عن معدل النمو الذي كان يتوقع أن يكون 4.4% في الأعوام 2012-2014 في حين كان التوقع بانخفاض الاستثمار الأجنبي المباشر بأكثر من النصف مقارنة بتلك المعدلات في الأعوام الماضية. وأدى الأثر التجمعي إلى تخفيض الواردات الحكومية بـ 1.5 مليار دولار أمريكي مع ارتفاع متزامن في المصروفات الحكومية بمبلغ وصل إلى 1.1 مليار دولار أمريكي ونمو في الطلب على الخدمات العامة.[4]

وكان هناك انقطاع شديد في أنماط التجارة الإقليمية وآلياتها المؤثرة على أداء الاستيراد والتصدير وأسعار السلع للمستهلكين. وسوف يؤدي تغير مسار التجارة الدولية على الأمد البعيد إلى زيادة سوء وضع الاستثمار المتدهور وارتفاع البطالة وحالات نقص السلع في المنطقة. لقد ولّد النِّزاع وضعاً أمنياً وسياسياً غير مستقر وأدى إلى آثار وتبعات خفّضت من ثقة المستثمرين والمستهلكين وأدت إلى تدهور النشاط الاقتصادي وفرض الضغوط المتزايدة على التمويلات العامة.

وبالمقابل، يمكن للأزمات الإنسانية أن تشعل فرصاً إنمائية[5]  رغم عدم إدراك الجميع لذلك، بل هناك تقارير تسلط الضوء على الآثار الإيجابية للأزمات في المنطقة فازدادت العمالة الرخيصة التي تستحوذ على اهتمام أصحاب العمل، وهناك ارتفاع في الطلب والاستهلاك من اللاجئين. وهناك فوائد يحصل عليها أصحاب المشروعات الزراعية الكبيرة ومالكو العقارات والتجار المحليين والمنشآت التجارية وباعة التجزئة ومقاولو الإنشاءات بالإضافة إلى موردي البضائع والسلع إلى البرنامج الإنساني. وفي بعض المواقع، تمكن بعض اللاجئين المهنيين والمتعلمين كالمهندسين والأطباء والمعماريين الماهرين والحرفيين من تعظيم القدرات الاقتصادية المحلية. وازدادت الصادرات من لبنان إلى سوريا ازدياداً كبيراً ولأول مرة أصبح للبنان ميزان تجاري موجب مع سوريا.

حدود حماية اللاجئين

مع أنَّ لبنان والعراق والأردن لم توقّع على اتفاقية اللاجئين لعام 1951 أو بروتوكول ـ 1976 فقد أبديا بعض التضامن الملموس تجاه جموع اللاجئين. لكنَّ المفارقة في الضيافة بين البلدان المستضيفة والسكان فيها تتزايد مع تزايد الضغوط الواقعة على سبل كسب الرزق ومستويات المعيشة.

فبمقدور السوريين الدخول إلى الأردن بجواز سفر دون الحاجة لتأشيرة أو تصريح بالإقامة. ووفق شروط معينة، يُسمح لهم البقاء في المجتمعات الحضرية. ولا بد من الحصول على بطاقة سارية المفعول صادرة عن مفوضية الأمم المتحدة السامية للاجئين للحصول على المساعدات والخدمات العامة لكنَّ اللاجئين قد يفقدون صفتهم بسرعة ويفقدون معها القدرة على الوصول إلى المساعدات إذا انتقلوا إلى خارج البلاد على سبيل المثال. وكثير منهم يخفق في التسجيل بسبب عدم وجود المعلومات لديه ولأسباب أمنية وخوفاً من تعرف الفصائل المتصارعة في سوريا عليهم.

وفي لبنان، يُطلب وجود تصريح بالإقامة ساري المفعول لما لا يقل عن ستة أشهر مع إمكانية تجديده ستة أشهر أخرى. ومع ذلك، ليس بمقدور كثير من اللاجئين تمديد الإقامة لاحقاً ما يحرمهم من وضعهم القانوني نتيجة ذلك. وفي العراق، هناك فراغ في الإطار العام التشريعي للحماية، ولا يوجد توحيد في الممارسات في مختلف المحافظات. وتحد هذه الظروف من حرية الحركة وتقيد الوصول إلى العمل والخدمات والسكن. أما الفلسطينيون-السوريون المغادرون لسوريا ممن سعوا إلى الحماية في البلدان المجاورة فهم مستضعفون على وجه الخصوص، لأنهم يعلقون بين ظروف الإقامة المشددة والموارد المستنزفة للغاية في وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (أونوروا) المعنية بمساعدتهم. ومن الناحية العملية، تبقى تركيا منذ منتصف عام 2014 الدولة الوحيدة المجاورة لسوريا التي ما زالت تسمح بدخول اللاجئين الفلسطينيين-السوريين.

ويبدو أنَّه رغم التركيز الكبير لبرنامج المساعدات الإنسانية على الحماية، هناك كثير من السوريين الفارين ممن لا يعرفون شيئاً عن حقوقهم وواجباتهم.  وعبور الحدود هو أكثر قضايا اللاجئين إلحاحاً من ناحية الحماية. وإغلاق الحدود من وقت لآخر  من الجانب اللبناني استجابة للعنف والمخاطر العابرة للحدود وتقييد حركات اللاجئين يضعهم في خطر. والأردن ولبنان يمنعان من وقت لآخر دخول اللاجئين العراقيين من سوريا وغيرهم من الفئات الأخرى إذا لم يكن بحوزتهم وثائق التعريف الشخصية.

وتفيد التقارير بحدوث حالات من الاعتقال والاحتجاز التعسفيين في البلدان الثلاثة (مع أنَّ ذلك أقل ظهوراً في لبنان). والفلسطينيون أيضاً كانوا عرضة للاحتجاز التعسفي.   تشير الأدلة إلى أنَّ الهجرة الثانوية مع تنقل اللاجئين في مختلف أنحاء بلد اللجوء أو المشاركة في الهجرة الدوّارة إلى سوريا تزيد من المخاطر المحتملة وتضاعف استضعاف الأسر خاصة عندما يفقد اللاجئون صفتهم النظامية. ومن مصادر القلق المتنامية عدد السوريين الذين يقعون في شباك صفة الهجرة غير النظامية بسبب عجزهم عن دفع النقود اللازمة لتجديد تأشيراتهم. [6]

. وتزيد العوامل الاجتماعية والاقتصادية وغياب الصفة القانونية من تعرض اللاجئين لعدد من انتهاكات حقوق الإنسان وحالات الاستضعاف سواءً في المخيمات أم في المناطق الحضرية. وبحسب التقارير، ارتفعت حالات الزواج القسري والمبكر مقارنة بما كان عليه الوضع قبل الأزمة وكذلك ازدادت حالات العنف الأسري والجنسي والقائم على الجندر ضد الأطفال. وفي الأماكن الحضرية، تحمل احتمالية الطرد والإخلاء مخاطر مهمة تتعلق بالحماية خاصة بعد أن بدأت بعض السلطات المحلية بقمع اللاجئين العاملين في القطاع غير الرسمي. وزاد طول الأزمة من استضعاف المجتمعات المضيفة كما زادت التوترات بين مجتمعي اللاجئين والمضيفين من سوء مخاطر الحماية.

الاستجابة لتحديات الإنماء والحماية

يتمثل التحدي أمام الفاعلين الإنسانيين والإنمائيين في إعادة الاستقرار إلى الوضع الاقتصادي السابق وتأسيس الانتقال من المساعدة إلى الإنماء والترويج للاستراتيجيات الإنماء الاقتصادي التي تدعم مجتمعي الاستضافة واللاجئين على قدم المساواة وتخفف من احتمالات الآثار الاقتصادية السلبية على تدهور التوترات المحلية والإقليمية. وفي الوقت نفسه، تتطلب الضرورة المحتومة ضمان "بيئة حمائية" وتعزيزها للاجئين.

ولبناء قاعدة أكثر أمناً من الأدلة والبينات للاعتماد عليها في تصميم التدخلات الأفضل استهدافاً، لا بد من وضع بعض النواحي على قائمة الأولويات. على المستوى الاستراتيجي، هناك حاجة لمزيد من التحليلات حول تحسين تنسيق ومواءمة استراتيجيات المساعدة الإنسانية والإنمائية لتخفيض الآثار السلبية وتعظيم الفرص الإنمائية. وبالمثل، لا بد من توفير مزيد من التحليلات حول الآثار البنيوية لأزمة اللاجئين على التجارة الإقليمية وكيفية تخفيضها. وعلى مستوى الاقتصاد الجزئي، لا بد من توفير فهم أكثر تفصيلاً لعوامل سوق العمل وفقاً لظروف العمل التي تتسم بصدمة اقتصادية هائلة وعرض فائض. وسيكون من المفيد توفير تحليل أكثر عمقاً عن العلاقة المتبادلة بين انعدام الأمن ومخاطر الحماية ونطاق الحماية المبنية على المجتمع لأنَّ ذلك سيساعد في تعزيز أهداف الحماية التي جاءت بها خطة الاستجابة الإقليمية السادسة.

 

لمعالجة التكاليف والآثار وسبل كسب الرزق وحاجات اللاجئين والسكان المضيفين، سيكون من المفيد توفير برنامج تجريبي من مشروعات الأثر السريع المستهدف محلياً بالشراكة مع السلطات المحلية والقطاع الخاص ومنظمات المجتمع المحلي لأن مثل هذه البرامج سوف تمكّن توفير مشروعات العمالة المكثفة في المناطق المأهولة باللاجئين. ويمكن دعم المبادرة بآليات تمويل المشروعات المتناهية بالصغر وبرامج النقد مقابل العمل وتدريب  تطوير المهن والمهارات. وسيكون من أهم الأمور أنَّ تستهدف هذه الأفعال المجموعات المستضعفة في كل من مجتمعي المضيفين واللاجئين ولا بد من ضمان تفادي التسبب بتهميش السكان المضيفين مالياً بسبب هذه المبادرات.

وعموماً، يجب الانتقال نحو النقد ووضع البرامج المبنية على الأسواق لتدخلات المساعدة في كسب الرزق لأن ذلك يساعد في التصدي للفقر المتنامي الذي يعيشه اللاجئون ومضيفوهم بالإضافة إلى إجراءات التسجيل التي سوف تتيح للاجئين الحق في العمل وإنشاء أعمالهم. وينبغي أن ترتكز هذه المبادرات إلى تحسين تقييمات الأسر واستضعاف سبل كسب الرزق ومعايير الاختيار.

للتصدي للآثار على المستوى الوطني والضغط المالي الحاصل على الخدمات العامة لا بد من توفير الدعم الفني للحكومة الوطنية ووزارتي المالية والتخطيط لتعزيز قدرات التخطيط الإنمائي على المستوى الاقتصادي الكلي لكل من عملتي ترسيخ الاستقرار قصير الأمد والاستشفاء واللدونة بعيدتي الأمد.

لحماية وتعزيز حقوق اللاجئين وتضمين التوجه المبني على الحقوق في بنى الحوكمة للبلدان، يجب رفع مستويات قدرات البرامج وتوسيع نطاقاتها. وسيتطلب ذلك: ضمان الاتساق والكفاءة في ممارسات الحماية، وتوفير التدريب ورفع الوعي بين أفراد قوى الأمن الوطني بمن فيهم الموظفون العامون والحكوميون حول مفهومات حماية اللاجئين وممارساتهم، ودعم بناء استراتيجيات شاملة لاستقبال اللاجئين وحمايتهم، ودعم جماعات المجتمع المحلي المحلية في مجال حقوق الإنسان وحماية اللاجئين، وإطلاق حملات المناصرة مع أصحاب المصلحة المعنيين حول حقوق اللاجئين.

من الممكن توفير مؤشرات معيارية قانونية أقوى وتغطية أفضل لثغرات الحماية في الأطر القانونية الوطنية من خلال تشجيع السلطات والهيئات المعنية على: توفير الوثائق إلى اللاجئين الفلسطينيين والعراقيين بحيث توضح تلك الوثائق وضعهم القانوني وتُمكِّنهم من الوصول إلى الخدمات وتحديد مواقع اللاجئين غير المسجلين وتحديدهم مع عدم إغفال حساسية هذه العملية، والامتناع عن ممارسات التَّرحيل/ الإعادة القسرية والاحتجاز التَّعسفي.

وأخيراً، لا بد من الترويج لاحترام حقوق اللاجئين ومنع الانتهاكات والإساءات تجاه اللاجئين وخفض الاستضعاف بما يتضمنه ذلك من تنفيذٍ لاستراتيجيات الحماية المبنية على المجتمعات والمناصرة لإشراك المجتمعات المضيفة وشملها في توفير الخدمات والبنى التحتية للاجئين.

 

روجير زيتر roger.zetter@qeh.ox.ac.uk أستاذ شرف في مركز دراسات اللاجئين، جامعة أكسفورد www.rsc.ox.ac.uk وإيلويش رواديل heloise.ruaudel@gmail.com محللة للسياسات الإنسانية والحماية.

نتقدم بجزيل الشكر لسارة ديردوف-ميلر وإيفيلين ليتنين وكاميرون ثيبوس على إجرائهم للمسح الذي بُنيت عليه هذه المقالة والتقرير الرئيسي.



[1]  برنامج الإنماء والحماية الإقليمي هو برنامج إقليمي يُنفّذ على مدى ثلاث سنوات في لبنان والأردن والعراق بدعم من ثلة من المانحين الإنسانيين والإنمائيين بمن فيهم الاتحاد الأوروبي والدانمارك وإيرلندا والمملكة المتحدة وهولندا وجمهورية التشيك.

[2]   أزمة التَّهجير السورية وبرنامج الإنماء والحماية الإقليمي: التخطيط والتحليل التجميعي للدراسات الحالية حول التكاليف والآثار والحماية. أعدت الدراسة لوزارة الشؤون الخارجية الدانماركية. التقرير الكامل متاح على الرابط التالي:

data.unhcr.org/syrianrefugees/download.php?id=4780

(The Syrian displacement crisis and a Regional Development and Protection Programme: Mapping and meta-analysis of existing studies of costs, impacts and protection)

[4]   لبنان، تقييم الآثار الاقتصادية والاجتماعية للأزمة السورية، البنك الدولي، التقرير رقم 81098-LB، سبتمبر/أيلول 2013

(Lebanon, Economic and Social Impact Assessment of the Syrian Conflict)

http://tinyurl.com/WB-EconomicSocialImpact-Leb

[5]   راجع "إعادة تأطير أزمات التَّهجير كفرص إنمائية"، ورقة عمل اعدها روجير زيتير لحلقة الطاولة المستديرة لمبادرة حلول التَّهجير، كوبنهاغن، 2-3 أبريل/نيسان 2014 على الرابط التالي:

www.endingdisplacement.org/wp-content/uploads/2014/02/Concept-note.pdf

(Reframing Displacement Crises as Development Opportunities)

[6]   انظر أيضاً مقالة داليا عرنكي وأوليفيا كاليس في الصفحة ….

 

DONATESUBSCRIBE