- May 2024
تُحدث التقنيات الرقمية تحوّلًا في تجربة التنقل البشري وإدارته عبر الحدود. يقدّم هذا العدد المرئيات حول الطرق المختلفة التي تغيّر بها التكنولوجيات البيئات المتعلقة بالنزوح من حول العالم: من النمذجة التنبُّئية الرامية لتوقّع الهجرة الناجمة عن المناخ، وجمع بيانات القياسات الحيوية في سياق العمليات الإنسانية وتجارب طالبي اللجوء في استخدام تطبيق «سي بي بي وان» (CBP One) في المكسيك، إلى استخدام بيانات الهاتف المحمول من قبل السلطات الهولندية والألمانية، والفرص والتحديات المترتبة على اقتصاد المنصات الرقمية. توضح هذه الأمثلة الطبيعة المتناقضة للتكنولوجيا في الكثير من الأحيان، وأهمية السياق والفروق الدقيقة في فهم آثارها.
نقف اليوم أمام مفترق طرق. ويتم اليوم اتخاذ الخيارات المتعلقة بالقيم والضمانات التي نُدخلها في البنية الرقمية الناشئة. وستساهم طريقة تضمين التنقل البشري في لوائح تنظيم التكنولوجيا الناشئة، مثل تنظيم الذكاء الاصطناعي أو البنية التحتية العامة الرقمية، في تحديد كيفية إدارتنا للمخاطر المهمة المتعلقة بقضايا الأمن والخصوصية والرقابة الديمقراطية. وتبرز أيضًا إمكانية وجود تحيّز في الخوارزميات أو تكريس أوجه عدم المساواة القائمة والعنصرية وغيرها من أشكال التمييز الهيكلي من خلال الأنظمة الآلية.
ويمكن للبنية التحتية الرقمية للتنقل البشري، متى كانت مصممةً بشكلٍ مسؤول، أن تضع الأساس لنظامٍ أكثر انسجامًا مع واقع النزوح والهجرة اليوم، وأن تشكّل الركيزة لأدواتٍ أكثر مرونةً وقابليةً للتكيّف يمكن أن تستجيب بسرعة للقواعد والمطالب المتغيرة. فعلى سبيل المثال، يمكن أن تسمح رقمنة عمليات التأشيرات بتسهيل دمج المتطلبات الجديدة، أو الاستجابة للتغيرات في متطلبات العمل، أو التكيف مع الكوارث أو الأزمات المفاجئة.
نركّز في مؤسسة روبرت بوش على التكنولوجيات الرقمية والهجرة باعتبارها إحدى مجالات عملنا الأساسية، ونعمل عن كثب مع أصحاب المصلحة والشركاء الرئيسيين من أجل الإجابة على السؤال التالي: كيف يمكننا استخدام التكنولوجيات الرقمية بصورةٍ مسؤولة في مجالات الهجرة والنزوح؟ يجب أن تتضمن الإجابة بالضرورة تحديد الخطوط الحمراء حيث تكون المخاطر عاليةً جدًا، وفهم الغرض أو الدافع وراء نشر واستخدام التكنولوجيات الرقمية، والتقييم النقدي للجهة التي تتخذ القرارات بشأن القواعد التي تحكم هذه التكنولوجيات. ويعني ذلك أيضًا رؤية الإخلال الذي أحدثته الرقمنة على أنه طريقة لتغيير طرق التفكير القديمة أو الأساليب القديمة التي لم تعد تخدم الغرض المرجو في إدارة التنقل البشري في عالم اليوم سريع التغير.
نأمل أن يكون هذا العدد خطوةً أخرى نحو بناء مجتمع يشارك في معالجة هذه الأسئلة المهمة من منظورٍ نقدي، ونحو الاقتراب من الصيغة المحتملة واللازمة للنهج المسؤول والمتمحور حول الإنسان لاستخدام التقنيات الرقمية في سياقات الهجرة أو النزوح في الممارسة العملية.
جيسيكا بايثر (Jessica Bither)، خبيرة أولى في التكنولوجيا والهجرة
جاسين إرشايد (Jassin Irscheid)، مدير مشروع الهجرة
مؤسسة رروبرت بوش محدودة المسؤولية (Robert Bosch Stiftung GmbH)، برلين، ألمانيا