Skip to content
المخاطر والقيود ذات الصلة بتفتيش الهواتف المحمولة في عمليات اللجوء
  • كنان العجق (Kinan Alajak) وديريا أوزكول (Derya Ozkul) وكون لورز (Koen Leurs) وريان ديكر (Rianne Dekker) وألبرت علي صلاح (Albert Ali Salah)
  • May 2024
جهاز إلكتروني تستخدمه الشرطة وأجهزة إنفاذ القانون لاستخراج البيانات. حقوق الصورة: المؤلفون

تقوم السلطات الأوروبية بشكلٍ متزايد بتفتيش هواتف طالبي اللجوء على حساب حقوقهم الأساسية. في هذه المقالة، نقترح تحولًا إجرائيًا يعطي الأولوية للإنصاف في إجراءات اللجوء والتعاون الطوعي نحو تحقيق أهدافٍ موّجهة.[1]

يستخدم طالبو اللجوء الهواتف المحمولة لأغراضٍ مختلفة تشمل البقاء على اتصال مع أحبائهم، والتخطيط لرحلاتهم، والتنقل على طرق السفر، وتأمين السكن والوظائف. إلا أن الاعتماد على تكنولوجيا الهاتف المحمول جعل طالبي اللجوء عُرضةً بشكلٍ خاص للرقابة الحكومية لأن أجهزتهم تحتوي على معلومات حول تحركاتهم وأنشطتهم. وتستخدم السلطات الأوروبية بشكلٍ متزايد البيانات المستخلصة من الهواتف المحمولة لجمع أدلة يمكن استخدامها في القرارات المتعلقة بطلبات اللجوء، وفي بعض البلدان، لجمع المعلومات الاستخباراتية حول الجرائم المتعلقة بالهجرة والإرهاب.

تعرّضت ممارسة تفتيش الهواتف المحمولة لانتقادات شديدة من قبل مجموعات المجتمع المدني، شملت منظمة مجتمع الحقوق المدنية (Gesellschaft für Freiheitsrechte)ومؤسسة الخصوصية الدولية (Privacy International). فقد اعتبرت أن هذه الممارسة غير قانونية وتنتهك الخصوصية وتفتقر إلى الموافقة والضمانات الهادفة لتبرير ضرورتها وتناسُبها. علاوةً على ذلك، يمكن أن يؤدي الافتقار إلى الشفافية حول كيفية معالجة البيانات وبرمجيات الأدلة الجنائية الرقمية وتفاصيل عمل الخوارزميات المستخدمة أثناء هذه العملية إلى تقويض الإنصاف في إجراءات اللجوء.

على الرغم من هذه الانتقادات، لا يزال العديد من الدول الأوروبية يمارس تفتيش الهواتف المحمولة الخاصة بطالبي اللجوء. فبحسب تقرير شبكة الهجرة الأوروبية (European Migration Network) لعام 2017، كان تفتيش الهواتف المحمولة ممارسةً قياسيةً في هولندا وإستونيا، واختياريًا في كرواتيا وألمانيا وليتوانيا والنرويج. أما في لاتفيا ولوكسمبورغ، فصودرت الهواتف المحمولة في سياق الإجراءات الجنائية. وتظهر الأبحاث أنه تم تنفيذ تحليل بيانات محتوى الهواتف المحمولة في هولندا وألمانيا والنرويج، وإلى حد ما في الدنمارك والمملكة المتحدة، كما عدّلت بلجيكا والنمسا وسويسرا قوانينها للسماح بمثل هذه الممارسات.

في هذه المقالة، نقارن بين النتائج المستخلصة من دراستين متشابهتين أُجريتا بين عامَي 2021 و2023 حول انتشار عمليات تفتيش الهواتف المحمولة في ألمانيا وهولندا.[2] قدّم فريق البحث في هولندا طلبات حرية معلومات إلى سلطة دائرة الهجرة والتجنيس (Immigratie en Naturalisatie Dienst) وقسم شرطة الأجانب والتعرّف والاتجار بالبشر التابع لشرطة الحدود (Afdeling Vreemdelingenpolitie, Identificatie en Mensenhandel). وأجرى مقابلات مع 13 من الجهات الفاعلة الحكومية وممثلي المجتمع المدني ومسؤولي السياسات وممارسي القانون. أما في ألمانيا، فقدّمت ديريا أوزكول (Derya Ozkul) عدة طلبات لحرية المعلومات إلى المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين (Bundesamt für Migration und Flüchtlinge). تضمنّت كلتا الدراستين أيضًا مقابلات مع أفراد خضعوا لإجراءات اللجوء. فأجرى الفريق في هولندا مقابلاتٍ مع سبعة أفراد من سوريا وتركيا، بينما أجرى الفريق في ألمانيا مقابلاتٍ مع أحد عشر طالب لجوء ولاجئ من سوريا وأفغانستان. وبعد تقديم سرد موجز لممارسات التفتيش في ألمانيا وهولندا، نجادل بأن هناك عددًا من الافتراضات الخاطئة المبنية على «البيانات المزدوجة» (ملفات تعريف أفراد مؤلّفة من البيانات الرقمية المجمّعة) ونناقش ردود فعل طالبي اللجوء على استخدام تكنولوجيا التفتيش.

تفتيش الهواتف المحمولة في ألمانيا وهولندا

تستخدم سلطات الهجرة والحدود في ألمانيا وهولندا تفتيش الهواتف المحمولة لتحديد هوية طالبي اللجوء وبلدهم الأصلي. وضمن هذه العملية، يصادر المسؤولون الحكوميون الهواتف المحمولة وغيرها من الأجهزة الرقمية الخاصة بطالبي اللجوء ويقومون إما بتصفحها يدويًا أو باستخراج البيانات تلقائيًا من الهواتف وتحليلها واستخدامها أثناء تقييمات طلبات اللجوء.

وجدنا خلال عملنا الميداني أن البلدين يعتمدان على شركات خاصة لتزويدهما بالأجهزة والبرمجيات والدعم والصيانة. فتعتمد السلطات الألمانية على شركة أتوس (Atos) لتكنولوجيا المعلومات التي تركز على التحول الرقمي وتدمج المنتجات والخدمات من شركتين مختصتين بالأدلة الجنائية على الهواتف المحمولة هما إم إس إيه بي (MSAB) وتي 3 كيه فورنزكس (T3K-Forensics) لأجل قراءة وتحليل البيانات من الأجهزة الإلكترونية. أما في هولندا، فأنتجت الشرطة برمجيتها الخاصة لأتمتة عملية تحليل البيانات من خلال الاعتماد على شركات مثل شركة الاستخبارات الرقمية الإسرائيلية سيليربرايت (Cellebrite) لتزويدها بالأجهزة (مثل جهاز استخراج الأدلة الشرعية العالمي (UFED)) والبرامج التي تستخرج البيانات قبل التحليل.

على الرغم من العديد من أوجه التشابه في الممارسة، تبرز أيضًا بعض الاختلافات المهمة بين البلدين. ففي ألمانيا، يتم إجراء عملية التعرف على الهوية كجزء من إجراءات اللجوء. أما في هولندا، فيتم إجراؤها قبل بدء طلب اللجوء. لذلك، في ألمانيا، كان تقع مسؤولية تحليل بيانات الهاتف على الهيئة المعنية باللجوء، أي المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين (BAMF). لكن في هولندا، كان تحليل بيانات الهاتف من مسؤولية قسم شرطة الأجانب والتعرّف والاتجار بالبشر التابع لشرطة الحدود (AVIM)، وليس الهيئة المعنية باللجوء (أي دائرة الهجرة والتجنيس) (IND).

تختلف القوانين مرعية الإجراء أيضًا في هذا الصدد. ففي هولندا، يخضع تفتيش الهواتف المحمولة لقانون الأجانب لعام 2000، وهو قانون يلتزم بموجبه جميع طالبي اللجوء البالغين بالتعاون مع عملية تفتيش الأمتعة، وهي عملية تشمل حاملات البيانات (بما في ذلك الهواتف المحمولة والأجهزة الرقمية الأخرى). في المقابل، في ألمانيا، يخضع تفتيش الهواتف المحمولة لقانون اللجوء، ولا يلزم إلا الأشخاص الذين ليس لديهم جواز سفر ساري المفعول أو بديل لجواز السفر بتقديم حاملات البيانات الخاصة بهم.

في هولندا، تتمثل الأهداف الرئيسية لتفتيش الأجهزة الرقمية في التحقق من الهويات وجمع الأدلة المتعلقة بالأمن القومي. ولذلك، لا يمكن لسلطات الهجرة استخدام المعلومات المستخلصة من معالجة حاملات البيانات للتحقق من طلبات طالبي اللجوء. ولم يقترح البرلمان التحقق من طلب لجوء شخص ما إلا مؤخرًا باعتباره هدفًا إضافيًا، مما يجعل تفتيش الهواتف الذكية جزءًا من إجراءات اللجوء لدى دائرة الهجرة والتجنيس (IND) أيضًا. ونظرًا إلى أن المعالجة تشكّل جزءًا من إجراءات اللجوء في ألمانيا، يمكن استخدام المعلومات التي تم الحصول عليها على نطاقٍ أوسع في تقييم طلبات اللجوء.

النتائج المشتركة: تفتيش الهواتف المحمولة في الممارسة العملية

يشكّل تفتيش الهواتف المحمولة وفق الممارسات الحالية انتهاكًا لحقوق الإنسان الأساسية مثل تلك المحمية بموجب المادة 7 (احترام الحياة الخاصة والعائلية) والمادة 8 (حماية البيانات الشخصية) من ميثاق الحقوق الأساسية للاتحاد الأوروبي، وكذلك المادة 8 من الاتفاقية، لكن يُسمح لسلطات الدولة بتنفيذ ممارسات اقتحامية مماثلة بموجب القوانين نفسها باسم الأمن القومي.

ففي كل من ألمانيا وهولندا، تتمثل الأهداف الرئيسية المعلنة لتفتيش الهواتف المحمولة في التحقق من الهويات وتسجيل طالبي اللجوء. إلا أنه في هولندا، يُذكر أيضًا أنه يرتبط ارتباطًا مباشرًا بحماية الأمن القومي. وعندما سئل طالبو اللجوء في كلا البلدين عن رأيهم في تفتيش الهواتف المحمولة، وافق معظمهم على الأهداف التي تسعى سلطات الدولة إلى تحقيقها. فكانت السلطات في هولندا قلقةً بشكلٍ خاص من حصول مجرمي الحرب على الحماية بدلاً من مواجهة العدالة بسبب الفظائع التي ارتكبوها في بلدهم الأصلي. أما في ألمانيا، فلم يُثر جميع المشاركين مخاوف بشأن هذه الممارسة، لكن لم يعتقد أي منهم أن هذه العملية هي الطريقة الأفضل لتحقيق هذه الأهداف.

كشف عملنا الميداني عن العديد من المسائل التي تشير إلى أن تفتيش الهواتف المحمولة هو وسيلة غير فعّالة لتحقيق الأهداف المعلنة. ويشمل ذلك المشاكل الفنية بسبب كون البيانات غير قابلة للاستخدام أو محدودة أو ملوثة، وخطر القيام بافتراضات خاطئة حول الأفراد على أساس البيانات الرقمية المجمّعة عنهم. واتّبع طالبو اللجوء تكتيكات مختلفة لتجنّب انتهاك خصوصيتهم وصون حقوقهم.

البيانات غير القابلة للاستخدام أو المحدودة أو الملوثة

تبيّن في ألمانيا أنه لا يمكن استخدام إلا بعض البيانات المستخرجة من الهواتف المحمولة. فقد فشل حوالي ربع عمليات القراءة على المستوى الفني (23% في الربع الأول من عام 2019 و26% في عام 2018). ومن بين القراءات الناجحة، لم يكن هناك أي نتائج مفيدة في غالبيتها (55% في الربع الأول من عام 2019 و64% في عام 2018). ومن بين الهواتف التي تحتوي على بيانات قابلة للاستخدام، تعارضت نسبة 1% فقط من التقارير (أي 12 حالة فقط) مع المعلومات التي قدّمها طالبو اللجوء. ولم يُبلّغ في هولندا عن أي أعطال فنية، ولكن لم يُسفر جمع المعلومات الاستخباراتية لأغراض الأمن القومي، وبالأخص لتحديد المشتبه في تورطهم في الإرهاب، عن أي حالات مطابقة. بالإضافة إلى ذلك، أوعز مجلس الدولة الهولندي أنه يجب أن يُعرّف القانون بوضوح أكبر الأغراض التي يمكن أن تُستخدم فيها بيانات الهواتف الذكية ومدة الاحتفاظ بها، حيث تحتوي الهواتف الذكية على كميات كبيرة من البيانات تشمل البيانات الحساسة شخصيًا.

إلى جانب الأعطال الفنية، تعتمد فعالية عملية تفتيش الهواتف المحمولة بشكلٍ طبيعي على توافر البيانات. فيمكن أن تكون البيانات المتوفرة محدودة نتيجة عدم استخدام الهاتف المحمول لفترة طويلة أو في الحالات التي يكون قد تم استخدامه فيها لفترة وجيزة فقط. ويمكن أن يعود ذلك لواقع أن طالبي اللجوء غالبًا ما يخافون من السلطات وقد يختارون شراء هاتف جديد قبل مقابلتها. وقد لوحظ ذلك لدى العديد من الأشخاص الذين تم إجراء مقابلات معهم في البلدين.

على سبيل المثال، قالت إحدى المستجيبات في هولندا، وهي سورية الجنسية وتبلغ من العمر 29 عامًا:

«بصراحة، يعرف الناس أنهم يقومون بهذه الإجراءات، ولذلك لا يأخذون هواتفهم الشخصية معهم. يأخذون هواتف جديدة مثل هاتف مستعمل حديثًا، لأنهم لا يحبون أن يتمكن الآخرون من الوصول إلى بياناتهم الشخصية بهذه الطريقة.»

تقول مستجيبة أخرى في ألمانيا، وهي سورية الجنسية وفي العشرينات من عمرها إنها اشترت هاتفًا جديدًا قبل تسجيل طلب اللجوء لأنها «لم تثق بأنهم لن يتجسسوا عليها وعلى محادثاتها وصورها الخاصة.» وأضافت قائلةً إنها فعلت ذلك فقط لأجل: «الانتهاء من هذه العملية ولذلك قررت دفع ثمن هاتف آخر».

علاوةً على ذلك، قد تكون بيانات الهاتف المحمول نفسها ملوثةً. وقد يحدث ذلك لأن العديد من الأفراد يستخدمون جهازًا واحدًا أو لأن الفرد يستخدم جهازًا مستعملًا. كان العديد من طالبي اللجوء الذين تحدثنا إليهم في ألمانيا وهولندا يستخدمون الهواتف المحمولة المستعملة، وأعربوا عن مخاوفهم بشأن النتائج المحتملة المتعلقة بمالكي الهواتف المحمولة السابقين وخطر رفض طلب لجوئهم نتيجةً لذلك.

وأوضح أحد المستجيبين في هولندا: «ربما يكون الهاتف الذي تحصل عليه هاتفًا قديمًا، لا أعرف. ربما يكون لشخص ما ارتكب جرائم حرب والآن بعد أن أصبح بحوزتك تأتي إلى هولندا وأنت تحمله. وسيسبب لك ذلك مشكلة.»

في هذه الحالات، يمكن أن تتسبب البيانات الملوثة بإثارة شكوك خاطئة لدى السلطات تجاه المتقدمين بطلب اللجوء. ففي هولندا، يمكن استجواب المتقدمين بالطلب بذريعة الأمن القومي، مما قد يؤدي إلى حرمانهم من فرصة تقديم طلب لجوء. وحتى لو لم يؤدِّ التحقيق الإضافي إلى الرفض، من المحتمل أن يؤخر إجراءات اللجوء. و في ألمانيا، يمكن استجواب المتقدمين بطلب بشكلٍ أكبر في سياق معالجة طلب اللجوء. لكن للأسف، لا يزال كشف التلوث في الأدلة الجنائية الرقمية يشكّل مهمةً صعبةً، ما يعني أنه قد يتم استجواب المتقدمين بطلب بدون داعٍ، مما يثبط الإنصاف في إجراءات اللجوء بشكلٍ أكبر.

إساءة تفسير محتويات البيانات

في الحالات التي تكون فيها البيانات المتاحة قابلة للاستخدام وغير ملوثة، يبقى التفتيش عرضةً لخطر إساءة التفسير من جانب سلطات الدولة. فمن الممكن أن تُشكك سلطات الدولة على سبيل المثال في بلد الأصل المعلَن لشخصٍ ما لأن بيانات هاتفه المحمول تظهر أن الشخص قد اتصل مرارًا بأرقام في بلدٍ مختلف، متجاهلةً أنه قد يكون لدى الشخص عدة أسباب للقيام بذلك. فعلى سبيل المثال، يمكن لطالبي اللجوء الذين تكون مكالماتهم الهاتفية غير متسقة أن يكون لديهم أقارب يقيمون في مكانٍ مختلف عن بلد الأصل المذكور.

من الأمثلة على إشكالية أكبر في هذا السياق هي الحالات التي تتجاهل فيها سلطات الدولة السياق الثقافي وتسيء تفسير المحتويات. فعلى سبيل المثال، يمكن أن يؤدي وجود صور للأسلحة إلى ربط الشخص بارتكاب الجرائم، بينما كما أوضح أحد المشاركين لدينا ما يلي: «في بعض الأماكن، تُعتبر صور الأسلحة وسيلةً للإشارة إلى المكانة الاجتماعية للشخص.» وعلى هذا النحو، يمكن أن تحدث إساءة تفسير عندما يتم استخراج مجموعة البيانات من السياق واستخدامها كبديل لقصة حياة طالب اللجوء. ويتفاقم هذا الخطر عندما يتم استخراج بيانات الهاتف الذكي وتحليلها تلقائيًا من دون تدخل بشري. وتُعد الأتمتة جزءًا من المشكلة، ولكن تتطلب التحيزات الأساسية المتأصلة في النظام على وجه التحديد إجراء المزيد من التدقيق.

في غياب المعلومات الرسمية حول تفتيش الهواتف المحمولة، يتخذ طالبو اللجوء مبادراتٍ لحماية أنفسهم من الاتهامات المحتملة الناجمة عن أوجه الانحياز المنهجية. فكما يخبرنا أحد المستجيبين الآخرين، وهو سوري الجنسية ويبلغ من العمر 28 عامًا:

«عندما أخبرني شخص ما بأنهم أخذوا هواتفهم، كان الشيء الوحيد المثير للقلق بالنسبة لي هو التحقق من أصدقائي البالغ عددهم ألفًا على فيسبوك للتحقق من أي جهة اتصال يمكن أن تكون غريبة بالنسبة للسلطات. فعلى سبيل المثال، يوجد أشخاص في بعض الأحيان يغيّرون صورهم ليبدوا أكثر رجولةً أو أنهم من الشرق الأوسط وأمور كهذه… ولذلك قمت بحذف هؤلاء. لم أكن أريد أن أواجه أي مشكلة».

ردًا على التحيزات العنصرية المتصورّة من قبل السلطات، حذف المستجيب جميع أصدقائه الذين يبدون «شرق أوسطيين» ذوي اللحى والذين كان لديهم «مظهر رجولي». إلا أن ردود الفعل هذه قد تزيد من شكوك سلطات الدولة إزاء طالبي اللجوء بشكلٍ أكبر.

فيمكن أن يكون لسوء التفسير أثناء معالجة حاملات البيانات عواقب غير مقصودة على طلبات اللجوء. ويمكن للسلطات أن تشك في ادعاءات مقدم الطلب إذا كانت بيانات هاتفه تتعارض أو لا تقدّم الأدلة الكافية لدعم تصريحاته. فعلى سبيل المثال، قد ينم رفض طلب اللجوء في ألمانيا إذا كانت المطالبة تتعلق بكونه عضوًا في مجتمع الميم الموسّع ولم تقدّم بيانات هاتفه الأدلّة الكافية على ذلك. لكن في بعض البلدان مثل إيران وسوريا وروسيا، يحظر القانون تطبيق غرايندر (Grindr)، وهو تطبيق مواعدة شهير للمثليين والمثليات. بالإضافة إلى ذلك، يؤدي السياق الثقافي دورًا مهمًا في هذا الصدد. فكما شرح أحد المشاركين معنا في بعض البلدان: «لم يجرؤ الناس على تنزيل تطبيق غرايندر (Grindr) أو الاحتفاظ بصور شخصية وحميمة على هواتفهم» خوفًا من الملاحقة القضائية. وفي مثل هذه الحالات، قد تخلص السلطات بناءً على عدم وجود مثل هذه التطبيقات أو المواد في بيانات الهاتف الذكي إلى عدم وجود الأدلة الكافية لمنح اللجوء بناءً على الانتماء إلى مجتمع الميم الموسّع.

الخاتمة

لقد ناقشنا في هذه المقالة ممارسة تفتيش الهواتف المحمولة وأظهرنا أن الإجراءات الحالية قد تُقوّض فعاليتها وقانونيتها. فتفترض هذه الممارسة أنه يمكن استخدام أنشطة الشخص عبر الإنترنت للتحقق من هويته ودعم ادعاءاته، لكن من دون مراعاة السياق الثقافي والقيود الفنية ذات الصلة. علاوةً على ذلك، قد ينتهك تفتيش الهواتف المحمولة حقوق طالبي اللجوء في الخصوصية وحماية البيانات الشخصية وإجراءات اللجوء المنصفة. وتناولنا أيضًا التكتيكات التي يلجأ إليها طالبو اللجوء لوقف هذه الممارسة وحماية خصوصيتهم. وبالنظر إلى محدوديّات هذه الممارسة، من الضروري التساؤل عن سبب استمرار تنفيذها. ويجب أن تركّز الأبحاث المستقبلية على تقييم ما إذا كانت هذه الممارسة تستحق بذل المخاطر المحتملة المرتبطة بتفتيش الهواتف والتوتر الذي تسببه للمتقدمين بطلب اللجوء، وما إذا كان التمسك بمبدأ «إبقاء الإنسان في الحلقة» الذي يضمن تفسير البيانات من قِبل البشر في سياقها المحدد قد يكون شرطًا كافيًا للتخفيف من التحيزات المنهجية المضمّنة في عمليات اتخاذ القرار المستندة إلى الخوارزميات.

وفي هذا السياق، نقترح الانتقال إلى تقديم الهواتف المحمولة طوعًا إلى سلطات اللجوء فقط إذا رأى مقدمو الطلبات أنها مفيدة لدعم مطالبتهم. ومن شأن هذا النهج أن يحترم حقوقهم الأساسية ويضمن عدم إخضاعهم للتدقيق غير الضروري.

كنان العجق (Kinan Alajak)
مساعد أبحاث، قسم الإعلام والدراسات الثقافية، جامعة أوتريخت k.alajak@uu.nl  X: @KinanAlajak

ديريا أوزكول (Derya Ozkul)
أستاذة مساعدة، قسم علم الاجتماع، جامعة ووريك
derya.ozkul@warwick.ac.uk  X: @DeryaOzkul

كون لورز (Koen Leurs)
أستاذ مشارك، قسم الإعلام والدراسات الثقافية، جامعة أوتريخت
k.h.a.leurs@uu.nl  X: @koenleurs

ريان ديكر (Rianne Dekker)
أستاذة مساعدة، كلية الحوكمة، جامعة أوتريخت
r.dekker1@uu.nl  X: @RianneDekker_

ألبرت علي صلاح (Albert Ali Salah)
أستاذ، قسم علوم المعلومات والحوسبة، جامعة أوتريخت
a.a.salah@uu.nl  X: @SzassTam

تنزيل الصفحة

[1] نحن ممتنون لعمل مارتن بولهوس (Maarten Bolhuis) وإيفيليان بروير (Evelien Brouwer) ومريم تويخت (Mirjam Twigt) الذين كان لأبحاثهم مساهمةً في إثراء هذه المقالة. تم جمع النتائج المذكورة في هذه المقالة في سياق مشروع الإنصاف الخوارزمي وطالبي اللجوء واللاجئين (Algorithmic Fairness and Asylum Seekers and Refugees Project) الذي تموّله مؤسسة فولكسفاغن (Volkswagen) ومشروع التصميم المشترك لإجراءات اللجوء الرقمية العادلة (Co-Designing a Fair Digital Asylum Procedure project) الذي تموّله مؤسسة كوميت (COMMIT) وجامعات هولندا.

[2] للمزيد من المعلومات حول القضية في هولندا، راجع إدارة تفتيش السلامة والعدالة (Veiligheid & Justitie). (21 كانون الأول/ديسمبر 2016). التعرف على طالبي اللجوء في هولندا (De Identificatie van Asielzoekers in Nederland). بحث تابع يدرس تسجيل وتعريف طالبي اللجوء من قبل الشرطة والشرطة العسكرية الملكية (Vervolgonderzoek naar de registratie en identificatie van asielzoekers door politie en Koninklijke Marechaussee). وزارة العدالة والأمن (Ministerie van Justitie en Veiligheid)، لاهاي. للاطلاع على القضية في ألمانيا، راجع بيسيلي أ. (.Biselli, A) وبيكمان ل. (.Beckmann, L). 2020. غزو هواتف اللاجئين (Invading Refugees’ Phones؛ بالميوتو ف. (.Palmiotto, F) وأوزكول د. (.Ozkul, D) 2023 “وكأنني أسلم حياتي بأكملها”: حكم المحكمة الإدارية الفيدرالية الألمانية التاريخي بشأن استخراج بيانات الهاتف المحمول في إجراءات اللجوء (”Like Handing My Whole Life Over“: The German Federal Administrative Court’s Landmark Ruling on Mobile Phone Data Extraction in Asylum Procedures)، فيرفبلوغ (VerfBlog) ،2023/2/28.

تبرعاشترك