Skip to content
الاستعانة بالتمويل المبني على النتائج لتحقيق الاستفادة القصوى من كلّ فلس
  • سيباستيان شاسكل وغابرييلا فارغاس وماتيو ساراتي وآنا ماريا بيريس ونيكولاس هيرنانديس
  • November 2024
تطبيق برنامج Voy a ser mamá (سوف أصبح أمًا). حقوق الصورة: مؤسسة سانتو دومينغو (Fundación Santo Domingo)

تشير الأدلة المجمعة في كولومبيا إلى أن التمويل المبني على النتائج هو أداة لا يتم استخدامها بالشكل الكافي في الاستجابة إلى النزوح القسري، إذ يمكن الاستعانة بنموذج التمويل هذا لاجتياز التحديات المرتبطة بتنفيذ السياسات، وتعظيم الأثر المحقق من البرامج والكفاءة من حيث التكلفة.

أُرغم نحو 7.7 ملايين فنزويلي وفنزويلية على مغادرة بلادهم خلال العقد الماضي وهاجر أكثر من 2.8 ملايين منهم إلى كولومبيا.[1] وقد عملت منظمة إنستيغليو (Instiglio) غير الربحية، والمتخصصة في دعم القطاع العام لاعتماد المقاربات المبنية على النتائج، إلى جانب الحكومات والجهات المانحة ومقدمي الخدمات الاجتماعية، من أجل تنفيذ نموذج التمويل المبني على النتائج في البرامج الداعمة للفنزويليين والفنزويليات في كولومبيا.

يمكن للمهاجرين والمهاجرات (بما في ذلك اللاجئين واللاجئات)[2] أن يعودوا بالفائدة على المجتمعات التي تستضيفهم إذا ما تم إدماجهم بالشكل المناسب. وتُعرف منطقة أمريكا اللاتينية والكاريبي على نطاقٍ واسع بمنحها صفة الهجرة الرسمية وتوفيرها الخدمات للأشخاص الفنزويليين النازحين. إلا أن ملايين النازحين والنازحات قسرًا يفتقرون إلى صفة الهجرة الرسمية ولا يمكنهم بالنتيجة الوصول إلى فرص التوظيف الرسمي والحصول على بعض الخدمات الحكومية. وفيما يتمتع عدد أكبر بكثير منهم بصفة الهجرة الرسمية، إلا أنهم يواجهون حواجز أخرى من حيث إدماجهم الاجتماعي والاقتصادي. فحتى عندما يقوم صناع السياسات بوضع سياسات الإدماج ذات الصلة، تمنع الصعوبات المرتبطة بتنفيذ هذه السياسات من تحقيق النتائج المرجوة. إلا أن اعتماد نموذج التمويل المبني على النتائج، الذي ينطوي على مكافأة المنظمات إذا ومتى تم تحقيق النتائج المتفق عليها، يسرّع الأثر الذي تحققه البرامج لدى المهاجرين والمهاجرات والمجتمعات المضيفة، ويساعد على معالجة المخاطر الشائعة ذات الصلة بتنفيذ سياسات الإدماج.

تنفيذ سياساتٍ تستفيد من منافع الهجرة

تنطوي الهجرة على منافع وتكاليف بالنسبة إلى المهاجرين والمهاجرات أنفسهم، وبلدان أصلهم والبلدان المضيفة لهم على السواء. وتعتمد هذه المنافع والتكاليف على عوامل مثل المهارات والصفات الشخصية التي يتمتع بها الفرد المهاجر، والظروف التي يصل فيها هذا الفرد إلى البلد المضيف، وسياسات الهجرة المعتمدة في هذا البلد. ومن أجل خفض التكاليف إلى الحد الأدنى وحصد منافع الهجرة، من الضروري أن يتمكن المهاجرون والمهاجرات من الاندماج في بلد المقصد. فتنخفض التكاليف التي يتكبّدها نظام الرعاية الصحية مثلًا على المهاجرين والمهاجرات عندما تتم إتاحة خدمات الرعاية الصحية الوقائية لهم. وتتعاظم مساهماتهم في الاقتصاد عندما يستفيدون من فرص التوظيف الرسمي ويستخدمون التعليم والمهارات والخبرات المكتسبة ويدفعون الضرائب. ويقتضي كل ذلك السماح للمهاجرين والمهاجرات بحيازة الوثائق الرسمية اللازمة، والتنقل في البلاد، والحصول على وظائف رسمية، والاعتراف بمؤهلاتهم العلمية والمهنية، وإتاحة فرص التعليم وخدمات الرعاية الصحية لهم.

وقد عمد العديد من البلدان في أمريكا اللاتينية والكاريبي إلى تنفيذ سياسات الإدماج الاجتماعي والاقتصادي من أجل حصد منافع الهجرة. وكانت تشيلي وكولومبيا وكوستاريكا وبيرو من البلدان الرائدة في المنطقة في إعداد البرامج الناجحة لإدماج المهاجرين والمهاجرات. وتشمل هذه السياسات تبسيط عمليات التسجيل، وتسريع إصدار الصفة القانونية، والاعتراف بمهارات المهاجرين والمهاجرات ومؤهلاتهم عندما يكونون قد تلقوا التدريب في الخارج، وتوفير خدماتٍ عامة مراعية للثقافات الأخرى. إلا أن اعتماد سياسات الإدماج لا يشكّل إلا نصف المعركة، إذ يمكن أن يبرز العديد من التحديات في عملية تنفيذ هذه السياسات.

العوائق أمام تنفيذ السياسات الرامية إلى الإدماج الاجتماعي والاقتصادي

الصعوبات في الاستهداف والتتبُّع والمتابعة

لا تعكس قواعد البيانات الحكومية في غالب الأحيان تدفقات الهجرة وسماتها بالشكل المناسب. وينطبق ذلك خصوصًا على الأشخاص ذوي الوضع غير النظامي الذين لا تملك الحكومات أي بياناتٍ حولهم. هذا ويتم تخصيص التمويل للمدن المختلفة في العديد من البلدان بحسب عدد السكان. وعندما يكون عدد المهاجرين والمهاجرات المسجّل أدنى من العدد الفعلي، قد تتلقى المدن ميزانيةً أدنى من تلك التي تحتاجها لتوفير الخدمات اللازمة. وقد لا تنجح البرامج الرامية إلى تحسين النتائج لدى المهاجرين والمهاجرات في استهداف الأشخاص المستفيدين بالشكل المناسب نظرًا للنقص في المعلومات حول موقع هؤلاء وهويتهم. وتواجه الحكومات صعوبةً في متابعة هذه المجموعات المتنقلة بعد انطلاق البرامج المذكورة.

الصعوبات في تصميم سياساتٍ فعالة للإدماج

 قد لا تكون الحكومات على اطلاع على الاحتياجات المحددة للمجموعات المهاجرة أو قد لا تدرك ببساطة كيفية تقديم الخدمات لمجموعةٍ مختلفة عن تلك التي تعاملت معها في السابق. وقد يتعين على الحكومات منح مقدمي الخدمات المرونة اللازمة لتحقيق النتائج المرجوة من دون إلزامهم بشروطٍ صارمة. وقد ترغب أيضًا في نسخ نماذج تدخُّل قد أُثبتت فعاليتها مع المجموعات المهاجرة الأخرى.

التدخلات الناجحة على نطاقٍ ضيّق قد لا تكون فعالةً على نطاقٍ واسع

عندما تنجح التدخلات على نطاقٍ ضيّق، تنتقل الحكومات عادةً إلى توسيع نطاقها، ولكن غالبًا ما تجد أن البرنامج نفسه قد لا يفضي إلى النتائج الناجحة نفسها بعد توسيع نطاقه بالمقارنة مع المرحلة التجريبية. فقد تتمتع المجموعة السكانية الأوسع بمواصفاتٍ مختلفة، أو قد يكون من الأصعب الحفاظ على مستوى الاستهداف المناسب وعلى جودة البرنامج بعد عملية التوسع.

اعتماد نموذج التمويل المبني على النتائج

لنتخيّل مشروعًا يسعى إلى ردم الفجوة اللغوية بين المهاجرين والمهاجرات والمجتمعات المضيفة. في هذه الحالة، سوف تعمد الحكومة بموجب آليات الشراء التقليدية بدفع مبالغ مالية لأحد مقدمي الخدمات لإنجاز جلسات التدريب وتقديم المواد التعليمية أو ببساطة، والأسوأ من ذلك، مقابل تقديم الإيصالات. بالمقابل، يقوم العقد المبني على الأداء باشتراط دفع جزء من المبالغ المدفوعة على الأقل عند تحقيق تحسيناتٍ في مجال إتقان اللغة. ويمنح ذلك مقدم الخدمات المرونة الكافية للاستثمار في العناصر التي تحقق الأثر الأكبر ووقف الإنفاق على الأنشطة التي لا تضيف القيمة. ويولّد توفير المرونة، إلى جانب تقديم الحوافز اللازمة، بيئةً حاضنةً لتحقيق الأثر.

هذا وأصبحت كولومبيا رائدةً بين البلدان ذات الدخل المتوسط والمنخفض في مجال اعتماد نموذج التمويل المبني على النتائج. فقد بدأت بتنفيذ سندات الأثر الاجتماعي (وهي أداة مبنية على النتائج تجمع بين التمويل العام والخاص) من أجل تحقيق نتائج التنسيب الوظيفي المرجوة. ووسّعت بعد ذلك هذه التجربة إلى العقود المبنية على النتائج التي تبلغ قيمتها ملايين الدولارات وتغطي آلاف المستفيدين (وتوظف الحكومة بموجب هذه العقود مقدمي الخدمات من دون إشراك المستثمرين وتربط جزءًا من التمويل بشرط تحقيق النتائج).

ويعتمد بعض الجهات الوطنية ودون الوطنية أيضًا نموذج الشراء المبني على النتائج في قطاعاتٍ متنوعة تشمل تنمية الطفولة المبكرة ومعالجة التشرد والرعاية الصحية. لذلك، من غير المفاجئ أن تلجأ كولومبيا لنموذج التمويل المبني على النتائج لتمويل وتحقيق نتائج الإدماج الاجتماعي والاقتصادي للمهاجرين والمهاجرات الفنزويليين.

تحسين البيانات وإدارة الأداء

يقتضي الدفع مقابل النتائج وجود بيئةٍ تضمّ بياناتٍ واضحة وموثوقة حول المجموعة المستهدفة والأثر المحقق من خلال البرنامج على السواء، إذ تعتمد المدفوعات على هذه البيانات. بالإضافة إلى ذلك، يعتمد نجاح هذه المقاربة على امتلاك الجهات المنفّذة البيانات الكافية حول الأداء من أجل فهم مدى فعالية البرنامج في منتصف الطريق، والتمكن بالتالي من تصحيح المسار. وغالبًا ما يقتضي ذلك ضرورة تحسين البرامج لقدرتها على جمع البيانات وإدارة الأداء منذ البداية. فيفضي وضع الترتيبات المبنية على الأداء إلى بناء أنظمة لإدارة الأداء والبيانات لدى المنظمات المنفّذة، غالبًا ما يستمر استخدامها ما بعد دورة حياة البرنامج.

ففي مدينة بارانكيا الكولومبية على سبيل المثال، عمل مشروع استدامة النظام الصحي المحلي التابع للوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، والمعروف في كولومبيا باسم Comunidades Saludables (أي المجتمعات الصحية)، بالشراكة مع مؤسسة سانتو دومينغو وجامعة سيمون بوليفار ومكتب عُمدة مدينة بارانكيا وشبكة Mi Red Barranquilla الخاصة للخدمات الطبية، من أجل إعداد مشروع مبني على النتائج يحمل اسم Voy a ser mamá (أي «سوف أصبح أمًا»). ويسعى المشروع إلى تحسين نتائج صحة الأمهات الفنزويليات المهاجرات غير المؤهلات للمشاركة في نظام التأمين الصحي الوطني نظرًا لأنهن يُعتبرن مهاجرات غير نظاميات. ومن خلال هذا المشروع الذي أُطلق عام 2023، وقّعت مؤسسة سانتو دومينغو عقدًا مع جامعة سيمون بوليفار التي أبرمت بدورها عقدًا مبنيًا على النتائج مع شبكة Mi Red Barranquilla لتقديم خدمات ما قبل الولادة للنساء المهاجرات. وتختلف المبالغ المدفوعة إلى الشبكة بحسب مقاييس محددة مثل عدد الزيارات الطبية ما قبل الولادة للمريضة الواحدة أو رصد حالات الزهري وفيروس نقص المناعة البشرية لدى الأمهات ومعالجتها في الوقت المناسب. والآن وقد تم إرساء الأنظمة ذات الصلة، سوف تواصل شبكة Mi Red Barranquilla ومكتب العُمدة جمع معلوماتٍ حول مؤشرات صحة الأمهات المهاجرات كما تم سابقًا، وهذا إرثٌ مهمّ تركه هذا المشروع.

تحديد سياسات وبرامج الإدماج المثلى

تنطوي عملية إعداد سياسات الإدماج وتنفيذها على التحديات. ويعود ذلك جزئيًا إلى افتقار الحكومات والجهات المنفّذة للخبرة اللازمة في التعامل مع المهاجرين والمهاجرات وفي برامج الإدماج عمومًا، بالإضافة إلى غياب الأدلة حول المقاربات الفعالة الخاصة بالمجموعة المعنية. ويولّد نموذج التمويل المبني على النتائج بيئةً من المرونة والحوافز لتحقيق الأثر المنشود تعزز الابتكار المبني على البيانات.

ففي مدينة بارانكيا على سبيل المثال، يدرك مقدّم الخدمات الصحية كيفية تحقيق مستوى عالٍ من الالتزام بالزيارات الطبية السابقة للولادة لدى الأمهات الكولومبيات. إلا أنه لا يعرف كيف يمكن تعزيز مستوى الالتزام هذا لدى الأمهات الفنزويليات اللواتي غالبًا ما يغيّرن مكان السكن ورقم الهاتف واللواتي قد لا يثقن بالنظام الصحي أو لا يفهمنه بالكامل. ولدى مقدمي الخدمات نظريات حول الحلول المحتملة لهذه المسألة، ومنها على سبيل المثال المتابعة عبر تطبيق «واتساب» أو التواصل مع الأمهات من خلال المنظمات المجتمعية أو تحسين التنسيق مع الأنظمة الصحية التابعة للبلديات المجاورة. ويسمح لهم العقد المبني على النتائج باختبار هذه النظريات بحثًا عن نتائج أفضل.

وعلى نحوٍ مماثل، تدعم حكومة مدينة ميديين الأسر المشرّدة لتوليد دخلٍ مستدام. وقد ارتفعت نسبة المشاركين والمشاركات من الجنسية الفنزويلية إلى 70% في السنوات الخمسة الأخيرة. لكن لاحظت المدينة خلال هذه الفترة تراجعًا في النتائج التي يحققها البرنامج، إلا أنها لم تكن تدرك السبب أو كيفية خدمة المهاجرين والمهاجرات على نحوٍ أفضل. وقد دعمنا المدينة في صياغة عقدٍ مبني على الأداء لمقدّم الخدمات من أجل بناء بيئةٍ من الابتكار المبني على البيانات لإعداد استراتيجيةٍ محسّنة. وبموجب العقد المذكور، لن يتم دفع جزء من المبلغ إلى مقدّم الخدمات إلا بعد تحقيق تحسيناتٍ في عددٍ من المؤشرات، مثل ما إذا كانت الأسر تجني مبالغ كافية لدفع بدل الإيجار بحلول نهاية البرنامج. وفي ظل عدم وضوح ماهية التدخل الأكثر فعاليةً، يؤدي إعطاء مقدّم الخدمات المرونة، والحوافز المناسبة، إلى فتح المجال للتجربة ضمن المؤشرات القائمة.

توسيع نطاق التدخلات الناجحة

عندما تحقق البرامج أداءً جيدًا، تعمل الحكومات والجهات المانحة والجهات المنفّذة على توسيع نطاقها للوصول إلى مجموعةٍ أكبر من المستفيدين. وغالبًا ما تجد في مسعاها هذا صعوبةً في تحقيق الأثر نفسه على نطاقٍ واسعٍ كما في المراحل التجريبية الأضيق. وفي هذا السياق، يمكن لتقديم الحوافز الملائمة من خلال التمويل المبني على النتائج أن يساهم في ضمان توسيع نطاق البرامج، مع الإخلاص للنموذج الأصلي، وأن يسمح أيضًا ببعض المرونة في تصميم البرنامج.

ويدعم برنامج Semillas de Apego (أي بذور الارتباط)، التابع لجامعة لوس أنديس، الآباء والأمهات الذين مرّوا بصدمات لتجنُّب انتقال الصدمة من جيلٍ إلى آخر إلى أطفالهم. وتم إطلاق النسخة الأولى من هذا البرنامج في عام 2015 وشمل الأشخاص النازحين داخل كولومبيا. وأشار تقييمٌ للأثر المحقق من خلال البرنامج على نطاقٍ متوسط إلى تحقيق نتائج إيجابية من حيث الصحة النفسية للأمهات والعلاقات بين الطفل والأم/الأب والصحة النفسة في مرحلة الطفولة المبكرة. وتعمل الجامعة اليوم على توسيع نطاق البرنامج ليغطي الأشخاص المهاجرين من الجنسية الفنزويلية وأُسرهم. إلا أنه يتم توسيع البرنامج ليشمل 6 آلاف عائلة بدلًا من 450 عائلة. وقد تهدد هذه العملية الإخلاص للبرنامج الأساسي، إذ قد يؤدي توسيع نطاق المشروع بالاستعانة بجهات منفّذة شريكة جديدة إلى ارتفاع معدلات دوران الموظفين وانخفاض معدلات استبقاء المشاركين بالمقارنة مع تلك المسجلة خلال المراحل التجريبية. إلا أن اعتماد ترتيبٍ يتم بموجبه دفع جزءٍ من مستحقات الجهات المنفّذة بناءً على قدرتها على إبقاء معدلات الدوران منخفضةً ومعدلات الاستبقاء مرتفعةً سوف يساعد على ضمان الإخلاص للنموذج الأساسي خلال مرحلة التوسع.

متى وكيف يمكن الاستعانة بنموذج التمويل المبني على النتائج

يمكن للتمويل المبني على النتائج أن يشكّل وسيلةً فعالةً لمعالجة مجموعة محددة من التحديات، إلا أنه ليس حلًا شاملًا بنفسه. فقد لا يحصد صناع السياسات، الذين يواجهون قيودًا سياسيةً تحدّ من أنواع التدخلات المتاحة، منافعَ كبيرةً من التمويل المبني على النتائج. في المقابل، يمكن لنموذج التمويل هذا أن يوفر طريقةً سهلةً نسبيًا لتحسين النتائج المحققة في الحالات التي تكون فيها العوائق مرتبطةً بعملية التنفيذ. وفي حين تقتضي هذه المقاربة توفر قدراتٍ دنيا معينة، مثل القدرة على جمع البيانات المهمة، يمكن أن توفر أيضًا حافزًا للجهات المعنية لتطوير هذه القدرات.

وبعد اتخاذ القرار باعتماد نموذج التمويل المبني على النتائج، سوف تحدد عدة خيارات تصميمية مدى نجاح المبادرة. وتشمل بعض القرارات الواجب اتخاذها في هذا الصدد تحديد نسبة التمويل التي سيتم ربطها بالنتائج، واختيار مؤشرات الأداء المناسبة، ووضع مستهدفات طموحة ولكن قابلة للتحقيق لكل مؤشر. ومن الضروري إعداد أداة تمويلية مبنية على النتائج تتماشى مع مستوى نضج التدخل، وقدرة مقدمي الخدمات على تنفيذ البرنامج وإدارة المخاطر ذات الصلة، ومدى سيطرة مقدمي الخدمات على النتائج من أجل ضمان نجاح المبادرة في معالجة التحديات القائمة.

التوصيات

يواجه العالم ضغوطًا متناميةً لإدارة الهجرة وخفض التكاليف إلى حدٍ أدنى وحصد المنافع ذات الصلة، وكل ذلك بتمويلٍ محدود. وتقع البلدان المضيفة في صلب هذه العملية، إذ إنها هي التي تقرر من يدخل أراضيها وتحدد الحقوق والمنافع المقدّمة لهؤلاء القادمين. ولسوء الحظ، ما من أدلةٍ كافية حول التدخلات الأكثر نجاحًا في إدماج المهاجرين والمهاجرات. ولا تكون عملية تنفيذ هذه التدخلات بالسهلة في أي سياق، حتى عندما يختار صناع السياسات ويموّلون أفضل السياسات.

إنّ الطريقة التي تُبرم بها الحكومات عقود الخدمات بعيدةٌ كلّ البُعد عادةً عن المقاربة اللازمة لتحسين النتائج المحققة، سواء أكانت هذه الحكومات تدفع مبالغ مالية لمقدمي الخدمات مقابل المدخلات، أو تسدّد المبالغ لهم بالاستناد إلى إيصالاتٍ تعكس النفقات المخططة، وهذه الممارسة الأخيرة تدعو إلى القلق بشكلٍ أكبر. وفي هذا السياق، يتعين على صناع السياسات إيجاد طرقٍ عاجلة لتحسين الأثر المحقق من كلّ فلسٍ يتم إنفاقه من أجل تحقيق نتائج أفضل للمهاجرين والمهاجرات والمجتمعات المضيفة، حيث الحاجات ضخمة والتمويل محدود.

وقد يحسّن التمويل المبني على النتائج الكفاءة من حيث التكلفة في العديد من الحالات. وكما أثبتت تجربة كولومبيا، يمكن لهذه المقاربة أن تعزز بيئةً مواتيةً للابتكار، وأن تحسّن ممارسات إدارة البيانات والأداء، وتشكّل حافزًا لتوسيع نطاق التدخلات المثبتة، مع الإخلاص إلى نماذجها الأساسية. وعليه، وفي إطار تقييم صناع السياسات للاستراتيجيات التي يجب اعتمادها لتحقيق نتائج أفضل، يمكن للاستعانة بنموذج التمويل المبني على النتائج أن تحسّن تنفيذ سياسات وبرامج الإدماج بشكلٍ ملحوظ، وأن تعود في نهاية المطاف بالفائدة على المهاجرين والمهاجرات والمجتمعات المضيفة على السواء.

 

سيباستيان شاسكل
شريك معاون، منظمة إنستيغليو، كولومبيا
sebastian.chaskel@instiglio.org

غابرييلا فارغاس
معاونة، منظمة إنستيغليو، كولومبيا
gabriela.vargas@instiglio.org

ماتيو ساراتي
طالب ماجستير في الإدارة العامة في كلية الشؤون الدولية والعامة في جامعة كولومبيا بالولايات المتحدة
mateo.zarate@columbia.edu

آنا ماريا بيريس
طالبة ماجستير في الإدارة العامة في كلية الشؤون العامة والدولية في جامعة برينستون بالولايات المتحدة
ap1647@princeton.edu

نيكولاس هيرنانديس مونيوس
معاونة، منظمة إنستيغليو، كولومبيا
nicolas.hernandez@instiglio.org

يود المؤلفون والمؤلفات التقدّم بخالص الشكر إلى الزملاء والزميلات والعاملين والعاملات في الخدمة المدنية والممارسين والممارِسات في كافة أنحاء كولومبيا الذي يعملون على دعم الإدماج الاجتماعي والاقتصادي للمهاجرين والمهاجرات في المجتمع الكولومبي.

 

[1]انظر منظمة الهجرة الدولية (2024) «المهاجرون الفنزويليون يحفزون تقديم دعم بقيمة 529.1 مليون دولار أمريكي لاقتصاد كولومبيا» (Venezuelan Migrants Drive USD 529.1M Boost to Colombia’s Economy) www.iom.int/news/venezuelan-migrants-drive-usd-5291m-boost-colombias-economy-iom-study

[2] نستخدم في هذه المقالة مصطلح «المهاجر(ة)» للإشارة بصورةٍ عامة إلى اللاجئين واللاجئات (أي الأشخاص الذي تم منحهم الحماية الدولية) ومصطلح «المهاجرين والمهاجرات المنكوبين» (أي الأشخاص الذين انتقلوا إلى بلدٍ آخر تحت ظروفٍ منكوبة ولكن لا يتمتعون بصفة اللجوء). وقد تمت استعارة هذه التسميات من التقرير عن التنمية في العالم 2023: المهاجرون واللاجئون والمجتمعات الصادر عن البنك الدولي.

READ THE FULL ISSUE
DONATESUBSCRIBE