الطفولة المأسورة

على الدول أن تضع بدائل لاحتجاز اللاجئين لتضمن حرية الأطفال بالعيش في ظروف مجتمعية طيلة المدة التي تستغرق الدولة لاتخاذ القرار الخاص بوضعهم بوصفهم مهاجرين.

لا ينبغي احتجاز الأطفال لغايات الهجرة. بل هناك بدائل، وقد استحدث تحالف الاحتجاز الدولي[i] نموذجاً لمنع احتجاز المهاجرين الأطفال اعتماداً على ثلاثة مبادئ:

  • الأطفال اللاجئون أو طالبو اللجوء منهم أو من هم من المهاجرين غير الشرعيين، أولاً وقبل كل شي، أطفال.
  • يجب أن تُولى المصالح الفُضلى للطفل الاهتمام الأساسي في أي إجراء يُتَّخذ بشأن الطفل.
  • حرية الطفل حق إنساني أساسي.

و تحوِّل هذه المبادئ الانتباه من حق الدولة في احتجاز الأطفال إلى حق الأطفال اللاجئين وطالبي اللجوء والمهاجرين غير الشرعيين في التحرر من خطر الاحتجاز الناتج من رغبة الدولة في السيطرة على الهجرة.

وترجع هجرة الأطفال إلى أسباب عدة: منها خوفهم على حياتهم وحرياتهم، حيث أُبعدوا عن بلدانهم إمّا لخوف ذويهم وأقاربهم على أمنهم، أو لعيشهم في فقر يهدد حياتهم أو لسعيهم إلى فرص أفضل لحياتهم، فيترك الأطفال في بعض الأحيان بيوتهم وبلدانهم بمفردهم وبإرادتهم، ويترك آخرون بلدانهم مع عائلاتهم، دون علمهم بالسبب أو بوُجهتهم أو بطبيعة رحلتهم.

وتتسم رحلات هؤلاء الأطفال غالباً بالخوف وفقدان الحماية الرسمية؛ فانتقالهم عبر الحدود بدون أوراق أو تصاريح رسمية محفوف بالمخاطر. وفي كثير من الأحيان، ينضم الأطفال إلى المهربين ممن هم على صلة بالجريمة المنظمة، ويقع الأطفال في بعض الأحيان بأيدي المتاجرين بالبشر أو غيرهم ممن يستغلون ضعفهم. والإضافة إلى المخاطر التي يواجهها جميع المهاجرون غير الشرعيين، هناك أوجه من الاستضعاف يواجهها، على وجه الخصوص، الأطفال اللَّاجئون أو طالبوا اللجوء منهم نظراً لمراحل النمو التي يمرون بها والحدود المجتمعية أو الثقافية التي تمس قدرتهم على التأكيد على حقوقهم.

وتحتجز الدول هؤلاء الأطفال لعدد من الأسباب، منها: الفحص الصحي والدواعي الأمنية، والتحقق من هوياتهم وتسهيل إزالتهم من أراضٍ محددة. وفي بعض الأحيان، يُحتجز الأطفال لقرار صادر عن مسؤولي الدولة ممن يرونه الخيار الأفضل بدلاً من بقائهم دون دعم المجتمع لهم أو بحد ضئيل من الدعم. في حين يُحتجز آخرون بسبب إهمال المسؤولين، فعلى سبيل المثال، يُحتجز الأطفال في حالة عدم التمييز بين المهاجر الطفل والمهاجر البالغ، أو في حالات عدم كشف الأطفال عن أعمارهم الحقيقية أو عندما لا يتمكن المسؤولون من تخمين أعمارهم. وقد يُحتجز الأطفال أيضا بسبب ميل ثقافة ما إلى الاحتجاز أو بسبب انتشار الفساد فيها. إلّا أن الدلائل تشير إلى أنّ الإحتجاز لا يردع الهجرة غير الشرعية المحتملة، ولا يضمن منع قدوم المهاجرين غير الشرعيين أو عودتهم. بل هناك مناهج أكثر فاعلية وإنسانية بدلاً من الاحتجاز لتحقيق غايات تلك السياسات.

الخطوات الخمس لنموذج يراعي حاجات الأطفال

وضع تحالف الاحتجاز الدولي نموذجاً لتقييم مجتمع يُراعي حاجات الطفل ولتصنيفه؛ حيث يُمكَّن ذلك النموذج الحكومات والمنظمات غير الحكومية والجهات المعنية من اتخاذ القرارات لمنع الاحتجاز.

الخطوة الأولى: المنع

الخطوة الأولى قرينة ضد احتجاز الأطفال، وتُطبق قبل وصول أيٍ من الأطفال اللاجئين أو طالبي اللجوء أو المهاجرين غير الشرعيين إلى أراضي الدولة.

الخطوة الثانية: التقييم والإحالة

تحدث الخطوة الثانية، التقييم والإحالة، خلال ساعات من اكتشاف الطفل على حدود أراضي الدولة أو داخلها، وتشتمل على فحص الفرد لتخمين العمر، وتعيين وصي على الأطفال غير المصحوبين ببالغين أو الأطفال المنفصلين عن ذويهم، وتخصيص موظف للعمل على قضية الأطفال المسافرين مع عائلاتهم، وإجراء تقييم أوَّلي لظروف العائلة ونقاط قوتها وحاجاتها، ومن ثَمَّ وضع الطفل أو العائلة في بيئة مجتمعية.

الخطوة الثالثة: الإدارة والمعالجة

الخطوة الثالثة عنصر جوهري لنموذج التقييم والتصنيف المراعي للطفل والتي تتضمن "إدارة الحالة" بما في ذلك استكشاف خيارات الهجرة المتاحة للأطفال والعائلات، وتحديد "المصالح الفضلى" وتقييم حاجات الأطفال و/أو أسرهم للحماية .

الخطوة الرابعة: المتابعة والحماية

تتضمن الخطوة الرابعة ضمان حماية حقوق الأطفال ومصالحهم الفُضلى، والمراجعة القانونية للقرارات المتخذة مُسبّقاً بشأن الأطفال وعائلاتهم، بما في ذلك القرارات المتعلقة بأماكن إيوائهم ووضعهم القانوني، وتتيح أيضاً الفرصة للدول لمراجعة الظروف المرتبطة بوضع الطفل أو العائلة في المجتمع اعتماداً على قرار وضع الهجرة النهائي.

الخطوة الخامسة:  الفصل في الحالات

في الخطوة الخامسة تُنفَّذ حلول الهجرة المستدامة.

(لمزيد من المعلومات حول تلك الخطوات، يُراجَع تقرير الطفولة المأسورة 2012 [ii] لتحالف الاحتجاز الدولي)

تُظهر الأبحاث الدولية أن دعم إدارة القضية وطالبي اللجوء والمهاجرين غير الشرعيين يزيد من احتمالية الامتثال للقرارات المتعلقة بأوضاعهم ويرفع مستوى تقبلهم إمّا للعودة إلى أوطانهم أو للاندماج في المجتمع بفضل ما حظوا به من دعم وتمكين طوال رحلة الهجرة. ويُعدّ كلٌّ من بناء الثقة واحترام كل شخص وتقديره ومعاملته على أنه فرد يتمتع بالكرامة والمهارات والحقوق والحاجات أمراً أساسياً لنجاح تلك الرحلة. ومن الأمور الحساسة توفير دور داعم يتصف بالواقعية والاستدامة على حد سواء الإضافة لكونه وجداني ومتسق طيلة انتظار الفرد للنتيجة النهائية. وينطبق ذلك على البالغين، وبقدر أكبر من الأهمية على الأطفال. ويأخذ نموذج الخطوات الخمس للتقييم والتصنيف المُراعي للطفل مصالح الدول على محمل الجد في إدارتها للهجرة ويُقرُّ في الوقت نفسه أنّ المصلحة الفضلى للأطفال لن تكون أبداً في احتجازهم.

دايفيد كورليت corlett.d@gmail.com زميل باحث مساعد في معهد سوينبيرن www.sisr.net وكان في السابق باحثاً ومؤلفاً رئيساً (بمشاركة غرانت ميتشيل ولوسي باورنغ وجيروين فان هوف) لتقرير تحالف الاحتجاز الدولي الموسوم بـ "الطفولة المأسورة" (Captured Childhood) المنشور على الإنترنت على الرابط التالي: http://idcoalition.org/ccap/



[i] تحالف الاحتجاز الدولي (IDC) شبكة مجتمعية مدنية مقرها ملبورن/أستراليا وتضم في عضويتها 300 منظمة غير حكومية وجماعات مبنية على العقيدة وأساتذة جامعيين وممارسين وأفراد يعملون في خمسين بلداً في العالم. http://idcoalition.org

 [ii] Captured Childhood (الطفولة المأسورة)، 2012، http://idcoalition.org/ccap/

 

 

 

 

إخلاء مسؤولية

جميع الآراء الواردة في نشرة الهجرة القسرية لا تعكس بالضرورة آراء المحررين ولا آراء مركز دراسات اللاجئين أو جامعة أكسفورد.