التفكير في بدائل خارج أسوار الاحتجاز

تحدد الطريقة التي نفكر بها في الاحتجاز مدى قدرتنا على البحث عن بدائل له. ومن هنا تظهر ضرورة تخلينا عن التفكير القائم على الرقابة المفروضة في المكان واعتماد تقييم المخاطر والإدارة والإنفاذ المستهدف.

الجدران العالية والأسوار والأقفال والحرس الصورة الأولى التي تُرسَم في أذهاننا عند التفكير باحتجاز المهاجرين، ولتلك الصورة النمطية ما يسوِّغها. فحبس المهاجرين وحصرهم في مراكز تشبه السجون ظاهرة عالمية متزايدة تثير المخاوف من العواقب الوخيمة للاحتجاز على صحة الإنسان ورفاهه، وتتزايد ظاهرة احتجاز المهجّرين قسراً أيضاً في مراكز مغلقة أثناء رحلات فرارهم وتهجيرهم.

ومع أنَّه لا يوجد تعريف واحد للاحتجاز، يكمن المضمون الأساسي لذلك المصطلح في الحرمان من الحرية بتقييد الأماكن التي يُسمح للناس التنقل بها بحرية. وغالباً ما يؤدي ذلك إلى تقييد تحركاتهم باحتجازهم في غرفة واحدة مغلقة أو في مبنى أو في موقع. وتتخذ الأماكن التي يُحتجز فيها المهاجرون أشكالاً متعددة، مثل: مراكز احتجاز المهاجرين المخصصة لهذا الغرض أو مناطق العبور في المطارات أو مراكز الفحص المغلقة أو السجون أو أقسام الشرطة أو الغرف الفندقية أو المنشآت المعدلة لهذه الغاية، مثل: حاويات البضائع. ولذلك المفهوم المرتكز إلى المكان دلالات للعاملين على إيجاد بدائل للاحتجاز. وعلى وجه الخصوص، قد يعيق هذا التركيز على الجانب المكاني للاحتجاز فهمنا لبدائل الاحتجاز التي لا تستند إلى الجانب المكاني بل تقدم مجموعة من الأدوات أو الاستراتيجيات التي يمكن تطبيقها على الفرد أياً كان موقعه في المجتمع المحلي.

وفي بحثي عن بدائل للاحتجاز، الذي أجريته مع تحالف الاحتجاز الدولي[i]، حددنا سلسلة من الآليات التي من شأنها المساعدة على إنجاح إدارة حالات الهجرة دون اللجوء إلى الاحتجاز. ويعتمد كثير من تلك البدائل على سلسلة من الاستراتيجيات لضمان متابعة الأفراد لإجراءات هجرتهم مع تمكينهم من العيش في المجتمع المحلي. ومع أنّ تلك البرامج تستخدم في بعض الأحيان المرافق السكنية ضمن نظام إدارة الاحتجاز، لا يشكِّل مكان إقامة الأفراد مصدراً كبيراً للقلق بالنسبة لها، بل ينصب تركيز تلك البرامج على تقييم كل حالة والتأكد من توافر البنى والظروف اللازمة في البيئة المحلية بما يسمح للشخص المعني بأقصى درجة ممكنة من الوصول إلى حل لوضع هجرته لدى السلطات، ويعتمد ذلك على خمس خطوات أعددناها في نموذجنا الخاص بتقييم المجتمع المحلي وتصنيف الأشخاص فيه، وتتلخص تلك الخطوات فيما يلي:

1. افتراض أنَّ الاحتجاز غير ضروريّ.

  1. فحص كل حالة فردية على حدة وتقييمها.
  2. تقييم البيئة المجتمعية.
  3. تطبيق الشروط في المجتمع المحلي حسب الضرورة.
  4. النظر إلى الاحتجاز على أنه الملاذ الأخير وأنه لا يجوز استخدامه إلا في الظروف الاستثنائية.

وعلي سبيل المثال، يتبين من البرامج المتَّبعة في دول، مثل: أستراليا وكندا، أنّه يمكن إدارة شؤون الفرد الذي تقرر ترحيله بعد انتهاء إجراءات طلبه في المجتمع بطريقة فعالة وملائمة في حالة قُيّمت ظروفه الفردية، بل من الممكن أن يحصل في المجتمع على الدعم في إدارة حالته وعلى المشورة القانونية وتُلبى احتياجاته الرئيسية، ويمكنه المشاركة أيضاً في إجراءات الاستعداد للرحيل، وقد يُطلب منه كذلك المثول بانتظام أمام ضابط الإقامة الجبرية وأن يخضع للرقابة الحثيثة متى كان ذلك ضرورياً.

وفي تلك الحالات، قد يُطلب تحقيق أمرين اثنين: 1) أن يُستبدَل بمفهوم ممارسة الرقابة من خلال الاحتجاز في موقع معين نوع من أنواع الإدارة القائمة على الإشراف الملائم. وينطوي ذلك على الابتعاد عن طريقة التفكير التي ترتكز على الجانب المكاني والانتقال إلى التفكير بتقييم المخاطر وإدارة الحالة والتركيز على الإنفاذ المستهدف و2) يجب التركيز على إنجاح البرامج القائمة على المجتمعات المحلية علماً أنَّ ورقتنا البحثية تُظهر وجود بدائل موثوق بها وغير مكلفة اقتصادياً بل يمكن تحقيقها أيضاً. وتحافظ برامج إدارة المجتمعات المحلية على معدلات امتثال تتراوح ما بين 80 - 99.9% من سلسلة من المجموعات (تتضمن الأشخاص الذين تقرر عودتهم)، وتعود كذلك بالنفع الملحوظ على الجانب المتعلق بتكلفة الإجراءات الممنهجة والعملية، وتحمي صحة المهاجرين الخاضعين لهذه الإجراءات ورفاههم. فبإيجاد بديل أقوى من برامج الاحتجاز، يمكن للحكومات أن تتعلم الإدارة الفعالة للأغلبية الساحقة من حالات الهجرة خارج أسوار الاحتجاز.

 

روبن سامبسون robyncsampson@gmail.com مرشح لنيل درجة الدكتوراه في كلية العلوم الاجتماعية في جامعة لا تروب.

http://latrobe.academia.edu/RobynSampson



[i] انظر تقرير "هناك بدائل: دليل لمنع احتجاز المهاجرين غير الضروري" (There are Alternatives: A Handbook for Preventing Unnecessary Immigration Detention) 2011، www.idcoalition.org/cap

 

إخلاء مسؤولية

جميع الآراء الواردة في نشرة الهجرة القسرية لا تعكس بالضرورة آراء المحررين ولا آراء مركز دراسات اللاجئين أو جامعة أكسفورد.